جعفر خضر: في نقد منهج الدين في مدارس الإنقاذ
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
كان رائي خلال سنوات الإنقاذ الباهظة أن نقد المعارضين للنظام في جبهة التعليم بالذات كان "فليعاً من خارج الحوش". فتجد من استنكر تكاثر الجامعات حتى زرتم الركاكة، أو ضاق بهرج التعريب، أو اثقال أولياء الأمور بالمصاريف، أو كآبة المنظر من جهة إجلاس الطلاب. وهذا كله نقد يمكن تصويبه من خارج الحوش.
من القلة التي اقتحمت قلعة تعليم الحكومة واستبطنته الدكتور صديق أم بدة، والسيدة أم سلمى الصادق المهدي، وحسن منصور سوركتي، وسعيد محمد النوراني، وبشير أبو سن، وحسنية يسن، ونادر السماني، وندي أحمد البدوي، ومصطفى عبده داؤود. وأكثر شغلهم رسائل جامعية. وبالطبع حبيبنا جعفر خضر. وكان جعفر المعلى أرسل لي بحثاً عن منهج التربية الدينية في التعليم العام اطلع عليه فاستحسنته. وكتبت عنه كلمة قصيرة أعيدها عليكم في وقت تتجه الأنظار الآن إلى إصلاح التعليم وقد ساء حتى لن تجد من يدافع عنه إلا مغرور مأفون.
إلى كلمتي القديمة:
قال الأستاذ محمد إبراهيم نقد إنه يدعو للدولة المدنية. ويفرق هنا بين دعوته هذه والدولة العلمانية. فدولة المرحوم للمجتمع المدني والديمقراطية. وهي اجتهاد في ظرف تاريخي وثقافي مغاير للعلمانية الأوربية التي نصح ألا "يلصقوها فيهم ساكت". فدولته مثلاً سَتٌدرس الدين في مدارسها بينما الدولة العلمانية لا تفعل ذلك. وقول نقد بتدريس الدين يفتح باباً كبيراً للريح. ومن ذلك: أي دين ندرس في بلد متعدد الديانات؟ وبأي نهج؟ وقد أثار سؤال النهج باكراً أستاذنا عبد الخالق محجوب في كتابه "فكر الإخوان المسلمين" (1968). وقد أثاره منذ أيام السيد الوزير كمال عبد اللطيف بقوله إن "مناهج التربية الإسلامية في المدارس لا تساهم في بناء الفرد السوداني" وأنهم يراجعون المسألة مع جامعة بخت الرضا.
من دواعي الحسرة فشل المشروع الإسلامي التربوي بعد ربع قرن. وسيبقى علينا تحليل هذا الإخفاق وبلوغ أسبابه. وقد برني صديقي جعفر خضر، المرشح السابق بتشريعي القضارف، باطلاعي على مبحث يعده لمؤتمر التربية القادم عن التربية الدينية في التعليم العام. وهو بحث غير مسبوق ممن حسن إسلامه بلا اعتقاد في المشروع الحضاري الإنقاذي. وقد قرظته قائلاً: " أعجبني روح المقال بجعل الدين مسئولية تربوية ننافح عنها حتى بوجه "مدعيّ" الأسلمة لا نحيد عن ذلك بسبب التضييق السياسي الذي مارسوه بجفاء. أنت هنا على الطرف النقيض من اليسار الذي لا يريد ان يسمع عن الدين وتعليمه بالمرة" قبل حديث نقد.
غطى جعفر في نقده أبواب المنهج كلها بما في ذلك تناوله لمدراس تفسير القرآن وتحيز المنهج لتفسير سيد قطب بغير مواربة. وليس بوسعنا بالطبع التفصيل في كل ما تناوله جعفر ولكننا نتوقف عند نقده لتناول الكتب المقررة لسيرة النبي (ص) والصحابة. فقال إنها ركزت على الجانب الجهادي فيها. فسيرته (ص) في كتاب "المنهل" للصف الرابع عبارة عن غزوات فقط. بل حتى الموضوعات الأخرى عن مسلمين مرموقين ركزت على المعاني الجهادية.
وحدث التركيز على الجهاد دون غيره في كتاب المورد للصف الخامس أيضاً. وزاد بأن ربط جهاد المسلمين بواقع الحال في السودان، فقد جاء في المنهج بعد سؤال عن الخنساء، في موضوع نساء خالدات، السؤال التالي: كيف تستقبل السودانيات أنباء استشهاد أبنائهن؟ وفي كتاب الينبوع للصف السادس استخدم المنهج الأسئلة في توجيه المواضيع لخدمة موقف النظام الحاكم من الحرب الأهلية. فبعد تدريس غزوة تبوك سأل الكتاب: في هذه الغزوة صورة من صور دعم المجهود الحربي وضِّحها؟ ومفهوم "المجهود الحربي" هو ما يسمعه الطالب من خلال أجهزة الإعلام عن حرب الجنوب فيتبنى موقف النظام الحاكم باعتبارها جهاداً بصورة مباشرة. وهذا مخالف لأهداف المنهج التي عرضها جعفر وليس بينها حمل الطالب للاعتقاد أن الحروب التي تخوضها السلطة الحاكمة جهاداً إسلامياً مما يضر بتقوية روح الوحدة الوطنية.
كما ركزت سيرة الصحابة في منهج الدراسات الإسلامية للصف الثاني الثانوي أكثر على الجانب الجهادي من حياتهم. ويضيف جعفر بأنه بقدر ما أنَّ الجانب الجهادي مهم لتنغرس في نفس الطالب الرغبة في محاربة الظُلم والدفاع عن النفس والوطن فإنَّ هنالك جوانب أُخرى لا تقل أهميَّة، بل تكون أكثر أهميَّة في ظروف السودان الحالية، وهي الجوانب التي تعكس الأُخوة الإسلامية من خلال حياة الصحابة كسيرة "بلال بن رباح" الحبشي، و"صهيب" الرومي، و"سلمان" الفارسي، و"مصعب بن عمير" العربي، رضي الله عنهم وأرضاهم.
ما ينبثق من جعفر إلا الخير يستبق الشك بيقين البحث.
حتى القرآن لا يحسنون تدريسه:
في جريدة الراي العام بتاريخ 20 نوفمبر 2014 خبر صفحة ثانية عن اكتشاف الدكتورة تحية عبد الله لواحد وعشرين خطأ في منهاج القرآن الكريم للصف الأول في المرحلة الثانوية.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
"آراء طلاب الثانوية الأزهرية بالفيوم: صعوبة في الديناميكا وسهولة في الإستاتيكا.. والامتحان من داخل المنهج"
عبر عدد من طلاب الثانوية الأزهرية بمحافظة الفيوم عن آرائهم عقب أداء امتحان مادة الرياضيات التطبيقية ( الديناميكا والاستاتيكا)، والذي امتد لثلاث ساعات متواصلة، اليوم السبت، مؤكدين أن مستوى الأسئلة جاء متباينًا بين فرعي المادة.
وأشار الطالب عبد الرحمن عبد الله، إلى أن الامتحان بشكل عام كان في متناول الطالب المتوسط، وأن معظم الأسئلة جاءت من داخل المنهج الدراسي، دون خروج عن المحتوى المقرر. وأضاف زميله أحمد محمد الأزهري أن ورقة الامتحان اتسمت بالوضوح، وأن الأسئلة كانت مباشرة دون أي تعقيدات، وهو ما ساعد على تنظيم الوقت نسبيًا.
وفي المقابل، أوضح الطالب محمود ربيع أن فرع الديناميكا تضمن بعض الأسئلة التي تحتاج إلى تركيز عالٍ وجهد مضاعف، ما جعل الجزء الخاص بها يمثل صعوبة ملحوظة لكثير من الطلاب. وشاركه الرأي زميله إبراهيم سيد، الذي أكد أن الاستاتيكا كانت أسهل نسبيًا وأكثر وضوحًا من الديناميكا.
واتفق الطلاب على أن طلاب الثانوية الأزهرية لا يمكن مقارنتهم بنظرائهم في الثانوية العامة، نظرًا لما يتحمله الطالب الأزهري من عبء كبير نتيجة كثرة المواد الدراسية، وتنوع الفروع العلمية والدينية التي يتعين عليه دراستها وامتحانها.
طلاب أزهر الفيوم: أسئلة "المطالعة والنصوص" تعجيزية وغياب الاختيارات زاد الضغط