فيصل بسمة

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

و كأننا ناقصين مَغَصَة و غَبِينَة و الفِينَا ما مِكَفِينَا ، فهاهم الدعاة الببغاوات و الدجالون المحترفون من المتأسلمين و المنافقين يعاودون من جديد الترويج لأحاديث الإثارة:
- السحابة تظلل المجاهدين من الهجير و تمدهم بنسآئم الجنة و روآئح المسك ، و تمطر المن و السلوى ، و تبلل العروق ، و تطفيء الظمأ بمآء مزاجه زنجبيل.

..
- الغزالة تقبل و تجعل رقبتها جهة القبلة و تقول لأحدهم:
أذبحني يا عبدالله و ترفق...
- القرود الكاسحة للألغام و المُفَجِّرَة لمعسكرات الخوارج...
- أبو دجانة الغَنَّى معانا ، و في إيدو دانة ، و على رأسه عصابة:
أمريكا و روسيا دنا عذابها...
عليَّ إن لاقيتها ضرابها...
- ظهور الصحابة في الغابة...
- رؤية جبريل في أويل...
- زيارات الرسول عليه الصلاة و السلام في المنام و في معيته الخلفآء الراشدين الأربعة...
هذا غير أحاديث الأمور الربانية و بيض الجنة المسلوق ، و أدآء الصلوات الخمس في الحرمين المكي و المدني من على البعد ، و مؤانسة كتآئب الحور العين المَدَخَنَات/المَكبرَتَات في خيام المعسكرات ، و غيرها من أحاديث التشويق و الإثارة التي تنزل برداً و همبريباً على الحواس و الأنفس و الأجسام المكتوية: بالحروب و الحرمان و كشات النظام العام و ناس جهاز الأمن و المخابرات و صفوف البنزين و الغاز و الرغيف و قطع الموية و النور و لظى شمس الظهيرة و سَمُوم رياح الهبوب و ألم الكَتَاحَات و فَسوَات إبليس...
و يبدوا أن أحاديث/أوهام النصر الكاذب و المعجزات الوهمية هي جنس الأحاديث التي تجذب/تعجب/تطرب السذج و الغافلين و الحالمين و بعضاً من المتعلمين ، و الشاهد هو أن هذه الأحاديث قد لاقت و ما زالت تلاقي إقبالاً عظيماً بدليل الإنتشار الواسع ، و يبدوا أنها الأكثر رواجاً و قبولاً لدى جماهير العاطلين الذين أدمنوا الخمول و الحَش بالدقون ، و الذين تميل أفئدتهم و تهفو عقولهم كثيراً/دوماً إلى الحلول الجاهزة و الخيارات السهلة ، و الذين يجدون في هذه الخيارات/الخيالات راحة عظيمة و متنفس و ملاذ...
و بينما الشعوب السودانية تعاني/تقاسي من ويلات الحروب و النزوح و اللجوء و ملحقاتهم ، و بينما هي في قمة إبتلآءاتها و محناتها أبى الفريقان المتحاربان إلا أن يُنَشِّطَا غرف عملياتهما الأسفيرية و يتسابقا في إصدار التسجيلات و الڨيديوهات و البودكاستات و اللايفات النابحة بالإنتصارات أو الناعقة/الداعية إلى الدعم أو الشجب أو القتل و البَل و الجَغِم و المَتِك و الرَّدِم حسب الحال و المقام و نوعية الحضور/المستمعين/المتابعين/المشاركين...
و الملاحظ و الملفت للنظر أن الفريقين يستخدمان الدين و يستغلان العاطفة الدينية عند الشعوب السودانية ، فتجدهما يستهلان عمليات القتل و الإبادة و القتل العشوآئي و الخطاب الجماهيري بالتكبير و التهليل و الصلاة و السلام على النبي المصطفى صلى الله عليه و سلم!!!...
الشاهد هو أنه هنالك مخططات مدروسة من قبل أفراد و تنظيمات الجماعة المتأسلمة (الكيزان) المتدثرين بغطآء الجهاد و الإستنفار و الكرامة و أولئك المتسربلين بلباس مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) تهدف إلى ضمان إستمرارية الحرب و عمليات التدمير و الخراب في بلاد السودان بحسبان أنها السبيل الوحيد الذي يضمن الإفلات من العقاب و الحفاظ على المصالح و إستعادة السيطرة التآمة على السلطة و أركان الدولة و من ثم معاودة/مواصلة/ممارسة البطش و الفساد المشترك...
و لذلك يعمد الفريقان الناشطان في الحرب إلى خلط الحقآئق و الأوراق حول حقيقة الحرب و مسبباتها و إطالة أمدها مع تمييع الجهود الشعبية المطالبة/المنادية بوقف الحرب و مقاومة الظلم و العدوان كخطوط نضال و كفاح أصيلة و مشروعة ، و يتنافسان في جذب المؤيدين بالدعاوى و الأكاذيب و الإدعآء بأنهم على حق بينما الآخرين على باطل...
و من أجل ذلك الغرض تحاول المليشيات المتمردة (الدعم السريع) جاهدة التمويه و تغيير جلدها و إنكار طبيعتها الباطشة القاتلة و المخربة و إرتدآء لباس الديمقراطية و الثورية و التغيير كعبآءة تخفي بها طموحاتها/أطماعها في الأمارة و السلطة و نهب المواطنين و الموارد...
أما أبواق دعاية الجماعة المتأسلمة (الكيزان) فهي كعادتها تلجأ إلى حيل: نصرة الدين و إقامة شرع الله و ”إحيآء سنة الجهاد“ و دمغ و نعت المعارضين لسياساتها و أفكارها من: قوى الحرية و التغيير (قحت) و تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) و كل من ينادي بوقف الحرب بالكفر و العلمانية و الإلحاد و الخيانة و العمالة/الإرتهان للأجنبي و حضانة المليشيات المتمردة...
و تتعمد الجماعة تذويب الجهود الشعبية و زجها قسراً في خط الخطاب التعبوي الجهادي/الإرهابي المستند إلى الأباطيل و الدجل الديني و الأكاذيب و الأوهام ، إعتقاداً منها أن ذلك المسعى يخدم أهداف الجماعة في عرقلة مسيرة الثورة و التغيير و إعاقة/تعطيل/منع المحاسبة و تحقيق العدالة...
و قد أفلح الفريقان المتحاربان في تجنيد فئات من المتسكعين و أرتال من المتعطلين و المتبطلين و رد السجون و تعليمهم في وقت وجيز فنون البطش و القتل و النهب و السلب ، و قد تَخَيَّرُوهم من بين الذين إنسدت أمامهم أفاق التوظيف و العمل و الذين عجزوا عن الإنجاز و تحقيق الأهداف و لم تتبقى لهم سوى خيارات: التجنيد أو السَّنَابِك/المراكب العابرة للبحار و أحلام اليقظة و الأماني و سلاح الدعآء و ترقب المعجزات في الحياة الدنيا أو إستعجال الموت طمعاً في الشهادة و وعود النعيم الدآئم في الحياة الآخرة...
الخلاصة:
الشاهد هو أن الشعوب السودانية ليست في حوجة إلى الأحلام و الوعود ، و المأكد هو أنها في حوجة إلى حلول توقف الحرب و تضمن السلام و إقامة دولة المؤسسات الفاعلة التي تقيم القانون و تعاقب المسيء و توفر الأمن و الإستقرار و الغذآء و الكسآء و المسكن ثم النمآء و الرفاه ، و حتماً لن يتأتى ذلك عن طريق الأماني أو الخطاب الدعوي الجهادي أو الحرب أو البل أو الجغم أو المتك...
الشعوب السودانية في حوجة إلى عقول واعية و إرادات راسخة و قيادات حكيمة تتقدم و تقدم الحلول و ترسم طريق المستقبل و تجتهد في خدمة مصالح الشعوب السودانية...
و حتماً سوف تنهزم قوى الشر و الظلم و البغي و العدوان ، و سوف يصيبها الخذلان و الخزي و العار ، و ذلك لأن الشر و الظلم لن ينتصران أبداً ، و ستطال العدالة الظالمين...
و سوف تعود الثورة قوية و ظافرة ، و ستظل شعاراتها الخالدة:
أي كوز ندوسو دوس...
و العسكر للثكنات...
و الجنجويد ينحل...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة
[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشعوب السودانیة

إقرأ أيضاً:

الأرقام تثبت …ترامب يُعدّ الأكثر شفافية

صراحة نيوز -قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يُعدّ “الأكثر شفافية وتواصلًا مع الإعلام في تاريخ الولايات المتحدة”، مؤكّدًا مشاركته في مئات الفعاليات الإعلامية منذ عودته إلى البيت الأبيض.

وأوضح البيت الأبيض، وفق ما نقلته شبكة “فوكس نيوز” عن بيانات مكتب كاتبي محاضر البيت الأبيض، أن ترامب شارك في 433 فعالية إعلامية مفتوحة تضمنت مؤتمرات صحفية ولقاءات عفوية وبيانات رسمية، مشيرًا إلى أنه “يجيب على أسئلة وسائل الإعلام التقليدية وينشر مباشرة عبر منصة تروث سوشال حول أبرز القضايا اليومية”.

وأضاف أن “الشعب الأميركي لم يشهد علاقة مباشرة مع رئيس كما هي مع الرئيس ترامب”، لافتًا إلى أن ترامب تحدث خلال هذه الفعاليات بما مجموعه 2.4 مليون كلمة، وهو ما يعادل قراءة عدة مجلدات من الأعمال الأدبية العالمية.

وبيّنت البيانات أن مشاركات ترامب تضمنت 156 فعالية صحفية قصيرة، و13 مؤتمرًا صحفيًا، و32 لقاءً على متن مروحية “مارين وان”، و41 لقاءً على متن الطائرة الرئاسية، إلى جانب ثلاث مؤتمرات صحفية رسمية. وشهد بعضها جلسات طويلة تجاوزت الساعة، منها اجتماع لمجلس الوزراء استمر 197 دقيقة، وُصف بأنه الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.

وفي المقابل، أشارت تقارير مشروع انتقال البيت الأبيض إلى أن السنة الأولى للرئيس السابق جو بايدن شهدت “قيودًا” على الوصول للإعلام، إذ عقد 37 مؤتمرًا صحفيًا فقط مقابل ارتفاع واضح في وتيرة ظهور ترامب، الذي بلغ متوسط تفاعلاته الإعلامية اليومية 1.9 خلال أول 100 يوم من ولايته الثانية، مقارنة ببايدن 1.3، وأوباما 1.1، وبوش الابن 1.1.

ويُعرف ترامب بمواجهاته المباشرة مع وسائل الإعلام وانتقاداته المتكررة لتغطيتها، إضافة إلى دخوله في خلافات مع عدد من الصحفيين ووسائل الإعلام، وصلت إلى حد رفع دعاوى قضائية وفرض قيود على مراسلين خلال فترة رئاسته.

مقالات مشابهة

  • الأرقام تثبت …ترامب يُعدّ الأكثر شفافية
  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • كاسبرسكي تحذر من المجرمين السيبرانيين الذين يستخدمون الكتب التركية والعربية الرائجة كطعمٍ لسرقة البيانات الشخصية
  • الفيل … وضل الفيل
  • تطبيقات جديدة تحوّل الحروب إلى سلع.. ومصير الشعوب إلى مقامرة رقمية
  • كواليس مثيرة| كيف يتم تقسيم سوريا وفق خرائط دولية؟
  • بالأسماء… هؤلاء هم اللبنانيون الذين أُخلي سبيلهم من سوريا
  • غزّة.. بين مطر الشتاء ووعد السماء
  • ما وراء الخبر يناقش أثر العقوبات الأميركية على مسار الحرب السودانية
  • من أنور السادات إلى ناديا مراد وعمر ياغي.. من هم العرب الذين فازوا بجائزة نوبل؟