هنأ الدكتور سيد عبد الباري، من علماء الأزهر الشريف، الأمة الإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

التهنئة واجبة للعالم الإسلامي والعربي

وقال العالم الأزهري: «التهنئة واجبة للعالم الإسلامي والعربي، والأمة المصرية خاصة بحلول الشهر العظيم الفضيل والضيف الكريم الجليل، شهر رمضان المعظم».

واختتم كلمته، قائلًا: «أعاد الله شهر رمضان علينا وعلى الإنسانية جمعاء بخير ويمن وتوفيق وحسن دين».

دعاء لمصر وللأمة الإسلامية

ودعا للأمة الإسلامية: «وأسأل الله تعالى للأمة المصرية قيادة وحكومة وشعبا بدوام التوفيق والإعانة فداء للدين وللوطن العزيز».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: شهر رمضان قناة الناس الأزهر الشريف

إقرأ أيضاً:

النقلات النوعية السبع في مشروع النهوض الحضاري

ثمة سبع نقلات نوعية تحتاجها الأمة المسلمة لتحقيق النهوض الحضاري المنشود؛ واستئناف دورها الريادي العالمي الإنساني، والقيام بالشهادة على الناس. ونحن هنا نستعرض أبرز النقاط والمؤشرات في تلك النقلات، مراعين الحجم الذي يسمح به هذ المقال.

أولا: الانتقال من "الصنمية" إلى الربانية:

شهادة "لا إله إلا الله" هي أكبر شهادة للتحرر الإنساني، وهي الشهادة التي تخرجه من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. إنها المدخل الأساس لصناعة الإنسان، الذي يدعو إلى الله على بصيرة، ولديه بوصلة واضحة في الطريق إلى الله والدار الآخرة. ويدخل تحت هذا العنوان تبني الإسلام عقيدة وفكرا ومنهجا وسلوكا؛ والتحرر من "عبادة" أصنام الهوى والشهوة والمال وتقديس الزعماء، أو أي "أصنام" مادية أو معنوية أخرى.

عندما يؤمن الإنسان أن الحياة والموت بيد الله وأن الرزق بيد الله، وأن النفع والضر بيد الله، وأنه لن يحدث أمر في السماوات والأرض إلا بقضاء الله. عند ذلك لا يخشى على نفسه زعيما ولا ملكا ولا مديرا ولا خصما ولا عدوا، وعند ذلك يمتلك عناصر القوة والكرامة والشجاعة والصبر والتضحية والتوكل والاحتساب؛ ويمتلك عناصر التفكير والمبادرة والإبداع الإيجابي، بعيدا عن روح الهزيمة والخوف والكسل والجبن.

إن هذه النقلة هي القاعدة الأساس لأي نهوض حضاري ولأي بنية حضارية متوازنة، لأنها تضع قواعد الانسجام بين الروح والمادة، وقواعد العلاقة بين الإنسان وخالقه، وبين الإنسان والكون، وتحدد أولوياته ومهامه الكبرى في الحياة الدنيا.

ثانيا: الانتقال من الاستضعاف إلى الاستخلاف:

إنها النقلة المعنية بامتلاك عناصر القوة والارتقاء بالمواصفات والشروط والمعايير الذاتية والموضوعية، لاستحقاق القيام بمهمة الاستخلاف في الأرض. لقد عانت الأمة قرونا من التدهور السياسي والاجتماعي والعسكري والاقتصادي والعلمي.. ودفعت أثمان الملك العضوض والملك الجبري، وأثمان الانقسام والتشرذم السياسي، وعانت من الجمود الفقهي وتراجع فقه الأولويات وفقه النوازل وفقه الواقع، كما عانت من مظاهر الترف والترهل والعزوف عن الجهاد؛ وفقدت دورها الريادي وقدرتها على الإبداع الحضاري. وخضعت معظم بلدانها، خصوصا في القرنين الماضيين للاستعمار الغربي، وعانت من الاستلاب الحضاري.

وقد آن لهذه الأمة أن تمتلك عناصر القوة المرتبطة بالتمكين لدين الله، وتحقيق الاستخلاف. وهي عناصر لا تحقق إلا بنوعية "القوي الأمين"، وبعباد الله أولي البأس الشديد، وبالقيادة المؤمنة، والبنى المؤسسية الشورية. كما لا تتحقق إلا بالخروج من عقدة الانبهار بالغرب، وبالثقة بالنفس، وبالقدرة على تقديم أرقى نموذج حضاري إنساني، مع الإشارة إلى أن الاستخلاف لا يقتصر على الجانب السياسي، وإنما يمتد للجوانب الحضارية المختلفة الإيمانية التربوية والفكرية والثقافية والاجتماعية والعلمية.. وغيرها.

ثالثا: الانتقال من الغثائية إلى النوعية الرسالية:

وهي الحالة التي تتطلب نقلة نوعية في التكوين النفسي للإنسان المسلم، وخصوصا في مجال الاهتمامات والأولويات واستغلال الأوقات والطاقات والقدرات.

وكما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أصبحنا أمة تتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، ونحن كثيرون جدا (نحو مليارين و55 مليونا في سنة 2025)، ولكننا "غثاء كغثاء السيل" بعد أن سيطر الوهن على قلوبنا بسبب حب الدنيا وكراهية الموت.

هذه الأمة المنكوبة بحكوماتها الفاسدة المستبدة الخاضعة للنفوذ الخارجي، تعاني من انتشار "التفاهة" بكافة أشكالها، ومن انحدار المعايير السلوكية، وسيادة النزعة المادية الاستهلاكية، وثقافة الترفيه الفارغ، وطغيان المظهر على الجوهر؛ ومن انتشار ثقافة اللذة، ومن تجريد الإنسان من معنى وجوده ورسالته في الحياة، وتفريغه من المرجعية الأخلاقية؛ ومن تحويل حياته إلى حياة مستهلكة غير منتجة. وبالتالي جعله قابلا للهيمنة، قابلا للاستعمار، قابلا لسيطرة الخصوم والأعداء، يسهل توجيهه من الأنظمة أو السوق أو الإعلام.. ليصبح مجرد رقم.. مجرد أداة.. مجرد سلعة.. غثاء.

وعلى ذلك، فالنقلة النوعية هنا تقتضي نقلة من الحالة السطحية الغثائية إلى الحالة الرسالية التي يحقق فيها الإنسان مقاصد وجوده من عبودية لله، وإقامة للعدل ونشر للحق وإعمار للأرض. وهي حالة تنقله من الإنسان الفارغ المستهلك إلى صاحب الرسالة الذي يتجاوز ذاته، وهي تلك الحالة التي يسير فيها على خطى إبراهيم عليه السلام فيكون رجلا بأمة "إن إبراهيم كان أمة"، وحالة تقترب به إلى ذلك الرجل الذي يأخذ أجر خمسين شهيدا من الصحابة رضي الله عنهم كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي حالة رأينا بشائرها في غزة.

رابعا: الانتقال من النخبوية إلى الجماهيرية:

لا بدّ لقوى النهوض الحضاري ألا تقتصر على النخب المثقفة، ولا على صالونات النقاش الفكري والترف المعرفي، وإنما عليها أن تعيش حياة الناس وهمومهم وتعبر عن نبضهم ومعاناتهم؛ وأن تُبسّط خطابها الفكري والأيديولوجي ليتحول إلى أفكار ورؤى وشعارات يسهل تداولها وتبنيها، وإلى حالة إلهام يمكن تحشيد الجماهير حولها، وتُعزّز استعدادها للتضحية من أجلها.

وعلى "النخبة" أن تقدم نماذجها الحية وسط الناس، إذ إن تعافي الأمة من أمراضها وجراحها لا يكون إلا باختلاط وتفاعل حقيقي، ومن خلال منارات توضح الطريق وروادٍ يوجهون البوصلة ويقودون الناس، وهي الحالة التي توفر القاعدة الشعبية اللازمة والضرورية للعبور نحو مسارات التغيير.

إنها دعوة للعلماء والدعاة والمفكرين للنزول إلى الميدان، وإلى وراثة الأنبياء، وإلى أن يتَعبُّدوا الله سبحانه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الخير، ورفع الظلم، ومواجهة الفساد، واستخراج أفضل ما في الناس من قدرات وإمكانات، والصبر على أذاهم. وهي دعوة تكسر حصار الأنظمة الفاسدة، وإلغاء محاولاتها لتشويه الإسلام ودعاته.

خامسا: الانتقال من المجتمع إلى الدولة:

خلال العقود الماضية نجحت الحركات والاتجاهات الإسلامية في أن يصبح التيار الإسلامي هو الأكثر قوة وشعبية، وأن تنتشر حالة التديّن بدرجات متفاوتة في الأوساط الشعبية، وأن تتطلع الغالبية إلى تحقيق النموذج الإسلامي في حياتنا المعاصرة. وتمكَّن التيار الإسلامي في العديد من البلدان من تصدّر الانتخابات الطلابية والنقابية والبرلمانية، خصوصا في بيئات التنافس الحر النزيه. غير أن قدرة هذه التيارات على تقديم رؤية ناضجة لمشروع الدولة المسلمة المعاصرة، وإنفاذها العملي على الأرض ظلت ضعيفة منقوصة؛ وعندما أتيحت لبعضها فرص الحكم أظهرت ارتباكا أو وقعت في ثغراتٍ سهَّلت على الخصوم والأعداء الانقضاض عليها وإفشالها.

فبعض هذه التيارات لم تكن لديه قراءة واقعية للقوى الفاعلة وللدولة العميقة ولتأثير القوى الإقليمية والدولية؛ وبعضها لم يستطع أن يبرز مزايا المشروع الإسلامي، فقدم برامج تحسينية ترقيعية و"فقاعات" في ماكينة وبيئة علمانية؛ وبعضها دخل في تحالفات وحالات استرضاء للآخرين أفقدته هويته وجوهر مشروعه، كما أفقدته بوصلته، وأفقدته طعمه ولونه وتميّزه، فلم يَعد المواطن يُفرّق بين هذا التيار وغيره. وبعضها بعد أن نجح في الثورة، فشل في استكمال عناصرها، فلا سيطر على مفاصل القرار والتوجيه السياسي والأمني والإعلامي، ولا قام بتشكيل قوة وبيئة لحماية الثورة، ولا أقام عدالة انتقالية تجتث النظام السابق، ولا تفاعل نع نبض الجماهير وزخم الثورة بالشكل الأفضل لتظل درعه ورافعته، ولا كانت لديه قرارات حازمة ولا برامج قوية تُحدث فرقا نوعيا يستشعره الناس منذ البداية.

ولذلك، ما زال أمام التيارات الإسلامية شوط طويل في استكمال متطلبات القيادة والريادة للدولة الإسلامية المعاصرة.

سادسا: الانتقال من القُطرية إلى الأمة:

الأمة هي أساس الانتماء كما في قوله تعالى "إن هذه أمتكم أمة واحدة"، وقوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، وكما جاء في وثيقة/ دستور المدينة "المؤمنون أمة واحدة من دون الناس"؛ والمؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يدٌ على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم.

لقد خلَّف الاستعمار، مدعوما بعناصر الضعف والتخلّف والانقسام في الأمة، منظومات قُطرية تتوزع على عشرات الدول، التي أقامت جدرانا من الحدود الجغرافية والمعنوية بين أبناء الأمة، وبالغت أكثر من الأنظمة الغربية في مسائل الإقامة والعمل والتملك والجنسية. وأصبح لكل دولة مُحدداتها وأسقفها وأولوياتها الخاصة، التي صارت معايير حاكمة ومهيمنة مُقدّمة على المعايير والاعتبارات التي وضعها الإسلام للأمة. وانعكس ذلك حالة من الأنانية وانكفاء على الذات، وانعداما في تحمّل المسؤولية تجاه قضايا الأمة الكبرى مثل قضية فلسطين. وتحت شعارات الأولوية القطرية الوطنية جرى التطبيع مع العدو باعتبار ذلك خدمة للاستقرار والتنمية؛ كما جرى تجريم العمل المقاوم، والتنازل عن أرضٍ مقدسة مباركة.

وفي البيئات القُطرية فقدت أمتنا مئات الآلاف من الأدمغة التي وجدت سبيل إبداعها في الغرب، بينما عانت أقطار المسلمين من منظومات فاسدة ومستبدة، كان من السهل على القوى الكبرى إخضاعها وابتزازها و"حَلبُ" ثرواتها، وإبقاؤها في دوائر الضعف والتخلف والتشرذم، وفرض سياسات تتعارض مع المصالح العليا للأمة ونهضتها.

إن العودة إلى الأمة ضرورة لا يجب أن تنتظر الوحدة الاندماجية لبلدان المسلمين، وإن كان ذلك طموحا مشروعا على المدى البعيد؛ ولكنها يجب أن تبدأ على الأقل على مستوى السلوك والمشاعر، وتتسع إلى كافة أشكال الإخوة الإسلامية العابرة للأقطار، وتتقوَّى بمظاهر التعاون والتضامن والتناصر في مواجهة التحديات. ويمكن أن ترتقي تدريجيا لإعطاء أبناء الأمة أولوية في سهولة التنقل والإقامة والعمل والتملُّك والجنسية، وإعطاء دول المسلمين أولوية في الاقتصاد والتجارة، واستقواء بلدان المسلمين ببعضها سياسيا واقتصاديا وعسكريا في مواجهة القوى الكبرى الاستعمارية؛ وتيسير البيئات والأرضيات اللازمة لمشاريع الوحدة.

وبالتأكيد، فالتحديات كبيرة، لكن الانتقال نحو الأمة واجب شرعي وضرورة استراتيجية.

سابعا: الانتقال من فقه غير ذات الشوكة إلى فقه ذات الشوكة:

في الدورات الحضارية، فإن الظروف القاسية الصعبة تُنشئ رجالا أشداء أقوياء، ثم إن الرجال الأقوياء يُنشئون دولا قوية مزدهرة، فإذا ما انشغلت الدولة بالاستمتاع بازدهارها وترفها وبطرت معيشتها؛ نشأت أجيال من الغثاء الضعفاء، فكان ذلك إيذانا بالتدهور والسقوط والوقوع تحت وطأة القوى المنافسة والمتربصة.

وفي بيئاتنا المعاصرة، وبالرغم من قسوة الظروف وشدتها، فإن أنظمة الفساد والاستبداد وأصحاب العجز والهوى يدفعون باتجاه مزيد من الترف والتفاهة، ليكون ذلك إيذانا بمزيد من السقوط والاندثار.

إن بيئات "الإخشوشان" التي نشأت في السنوات الماضية في عدد من بلداننا أعطت فرصا (بالرغم من قسوتها) لوجود أجواء استنهاض حضاري لمن عاشوا تلك البيئات، بحيث يجب الاستفادة منها بالشكل الأمثل. وإن نموذج غزة المحاصرة المستهدفة على مدى 17 عاما بالتدمير والقتل والتجويع، عندما تعاملت معه المقاومة بروح التحدي الإيجابي فصنعت إنسانها وصنعت حاضنتها الشعبية، نجح في تقديم نموذج عالمي في الصبر والتضحية، وإثبات إمكانية هزيمة العدو، والقدرة على إلهام الأمة والإنسانية جمعاء، وقلب الموازين.

من ناحية ثانية، فإن أي مشروع حضاري يحتاج تلك النماذج القوية الأمينة الجادة العزيزة، المستعدة للتضحية دفاعا عن مقدساتها وأوطانها وكرامتها وحريتها واستقلالها، حتى تكون مؤهلة للتخلص من الاستعمار المباشر وغير المباشر، ولصناعة قرارها بعيدا عن الهيمنة الخارجية.

إن فقه ذات الشوكة لا يعني بالضرورة، المسارعة في خوض الحروب والمواجهات، ولكن التربية الإيمانية الجهادية، والروح الرجولية، والتعوّد على ثقافة الإخشوشان يجب أن يكون جزءا طبيعيا في تكوين الإنسان المسلم، خصوصا في مثل هذه الظروف والأوضاع. ويتحدد بعد ذلك القدر المناسب للمشاركة في مواجهة الأعداء، كلٌّ بحسب ظروفه وبيئته السياسية وإمكاناته وأولويات المرحلة.

* * *

وأخيرا، فإن المشروع النهضوي يقتضي أن نأخذ الكتاب بقوة، وأنه جدٌّ وليس هزلا، وأنه طريق معبّد بالتضحيات والمعاناة، وليس بالأمنيات والرغبات، ولا بكثرة الجدل وقلة العمل. إنه ليس ترفا في تقرير الخيارات، بل ضرورة لا بدّ منها، حتى تستعيد الأمة عزتها ومجدها، ودورها في الريادة الحضارية الإنسانية.

x.com/mohsenmsaleh1

مقالات مشابهة

  • الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة.. «فَظَلِلْتُ أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ سَنَةً»
  • النقلات النوعية السبع في مشروع النهوض الحضاري
  • ما هي صحة حديث شاوروهن وخالفوهن؟.. عالم أزهري يوضح
  • أجمل رسائل التهنئة والمعايدة بمناسبة رأس السنة الميلادية 2026
  • أجمل كلمات التهنئة بشهر رجب الفضيل 1447
  • سيف بن زايد يهنئ محمد بن سليم بمناسبة إعادة انتخابه رئيساً للاتحاد الدولي للسيارات
  • محمد فراج يهنئ بسنت شوقي بعيد ميلادها.. استحملتي سخافتي وقت الشغل
  • حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة.. عالم أزهري يوضح
  • حكم الدين في عدم الإنجاب.. أزهري: الشخص الذي يرفض النعمة عليه الذهاب لطبيب نفسي
  • المسلماني يهنئ أسرة الفضائية المصرية بعيدها الـ35: عميدة الفضائيات العربية