متى يجوز مخاصمة القاضي في الدعاوى التأديبية بمجلس الدولة؟.. الإدارية العليا تجيب
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
أكدت المحكمة الإدارية العليا ، أن قضاء هذه المحكمة استقر على أنه لا يتصور أن تكون مسئولية مجلس التأديب عن التعويض عما يقع، من أخطاء فيما يصدره من قرارات بشأن ما يحال إليه من دعاوى تأديبية ضد الموظفين، وفقا لقواعد المسئولية التقصيرية القائمة على الخطأ والضرر وعلاقة السببية أو على نحو مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية العادية الصادرة منها أيا كان حجم الخطأ وقدر الضرر الواقع من هذا الموظف .
إلا أنه ليس معنى ذلك هو إعفاء مجالس التأديب من المسئولية عن التعويض عما يصدر منها من قرارات أو أحكام أو جزاءات ضد الموظفين على وجه الإطلاق .
وإذا كان المشرع قد وضع أسباب وحالات مساءلة القضاة استثناء المسماة " بالمخاصمة " وهي في حقيقتها دعوى تعويض عما يقع منهم من أخطاء جسيمة تضر بالخصوم ، فإنه من باب أولى تنعقـد مسئولية مجالس التأديب عن التعويـض عما يصدر منها من قرارات جزاء، يشوبها الخطأ الجسيم الذي قد يصل إلى درجة الخطأ الشخصي الذي ينطوي على هوى طائش ورغبة جامحة من هذا المجلس التأديبي، يتغيا بها الكيد والنكاية إضرارًا بالموظف الذي تمت مساءلته التأديبية وإساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها .
واعتبار أن ذلك من العيوب القصدية التي تشوب القرار وتنحدر به إلى درك الانعدام ويكون الهدف منه الإضرار والكيد بالموظف دون ثمة مقتضى لذلك.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
هل يجوز بيع بلازما الدم بمقابل مادى؟.. الإفتاء تجيب
ما حكم استغلال بعض المتعافين حاجة المرضى بطلب مقابل مادي لإعطاء البلازما المستخلصة من دمه؟ سؤال ورد الى دار الإفتاء المصرية
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: إن لجوء البعض إلى بيع البلازما المستخلصة من دمائهم محرم شرعًا؛ لما في ذلك من التخاذل والاستغلال لجائحة مجتمعية وحاجة إنسانية، وتقديم للمنفعة الخاصة على المصلحة المجتمعية والحياة الإنسانية، ولا يخفى ما في ذلك من التخلي عن جميل الصفات التي أمر بها الشرع من التعاون والإيثار والتراحم بين الناس والتحلي بقبيحها من الأنانية والشح والاستغلال، كما أن في ذلك الفعل بيعًا لما لا يحل بيعه؛ إذ إن حق الإنسان في جسده ودمه ليس حقًّا ماليًّا يباح له البيع منه، وإنما جاز بذله عند عدم الضرر والحاجة الشديدة إليه إحياءً للنفوس وإعلاءً للصلة الإنسانية.
حث الشرع على التراحم والتعاون والنهى عن التخاذل والاستغلال
حث الشرع الشريف على التراحم والتعاون، ونهى عن كل ما يؤول إلى التخاذل والاستغلال، فأما الحث على التعاون؛ فقد قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، وأما النهي عن التخاذل والاستغلال؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَا مِن امْرِئ يَخْذُلُ امْرَءًا مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنَ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند" وأبو داود في "السنن".
واستغلال الإنسان لحاجة أخيه بطلب مقابل مادي لدفعها عنه، أو ترك معاونته هو من التخاذل المنهي عنه شرعًا:
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (16/ 120، ط. دار إحياء التراث): [وأما (لا يخذله) فقال العلماء: الخذل، ترك الإعانة والنصر، ومعناه: إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه لزمه إعانته إذا أمكنه، ولم يكن له عذر شرعي] اهـ.
وقال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (8/ 49، ط. دار الوفاء): [في هذا فضل معونة المسلم للمسلم في كل خير، وفعله المعروف إليه، وستره عليه] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر في "فتح الباري" (5/ 97، ط. دار المعرفة): [وقوله:(وَلَا يُسْلِمُهُ) أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه؛ بل ينصره ويدفع عنه.. وقد يكون ذلك واجبًا وقد يكون مندوبًا بحسب اختلاف الأحوال] اهـ.
وكلما زادت حاجة الإنسان وكربته كان الأمر بإعانته ومساندته في تخطيها أوجب وألزم، وغير خفي أن أشد الحاجات وأصعب الكربات هي حاجة الإنسان إلى ما به نجاته وقوام حياته، وأن التخاذل في دفعها أو استغلالها من أقبح الأفعال وأشدها إثمًا ووزرًا.
ويزيد ثواب الإنسان وأجره إذا اختصه الله تعالى بما لم يختص به غيره من القدرة على إعانة من أوشك على الهلاك، فبادر إلى ذلك وبذل ما في وسعه لإنقاذهم، بينما يزيد إثمه ووزره إن استغل تلك الحاجة فتراخى عن الإعانة، أو استأثر بما حباه الله تعالى من فضل على نفسه وشح به على الآخرين.