الدكتور بنطلحة يستعرض سياقات “سوء الفهم الكبير” بين المغرب وجنوب إفريقيا
تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء
العلاقات بين المملكة المغربية ودولة جنوب إفريقيا ترجع إلى بداية ستينيات القرن الماضي، حين زار الزعيم الجنوب إفريقي “نيلسون مانديلا” المغرب سنة 1962 طلبا للدعم المالي والسلاح، وهو ما استجابت له الرباط آنذاك.
وفي سنة 1990 زار “مانديلا” المغرب تعبيرا عن شكره على ذلك الدعم، فتقررت بعد ذلك إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.
في البداية يجب أن نسجل أن ثمة سوء فهم كبيرا من طرف صانعي القرار الجنوب إفريقي، إذ يحملون العديد من الأفكار المسبقة ويجهلون تاريخ المغرب وتركيبته الاجتماعية والسياسية، لاسيما أنهم عانوا تاريخيا من الصراع ضد نظام “الأبارتايد” الذي ساد جنوب إفريقيا طويلا، وبالتالي ساد خطاب ينتصر للمظلومية، ساهم في إذكائه الإعلام الجنوب إفريقي وكثير من جمعيات المجتمع المدني والحقوقي، وأموال البترول الجزائري التي أنفقت دون حدود؛ فضلا عن الامتيازات الاقتصادية التي استفاد منها الطرف الجنوب إفريقي من طرف جنرالات الجزائر، ما أدى إلى اتخاذ حكومة المؤتمر الوطني الإفريقي سنة 2004 قرارا يؤدي إلى الاعتراف بجمهورية الوهم المزعومة.
إن هذا يستدعي مواكبة التطورات وفق جدول زمني لا تخطئ ساعته مواعيدها، وانخراط الدبلوماسية الموازية، والمراكز البحثية، لأننا في حاجة إلى التعرف أكثر على منظومة التفكير وطبيعة صناعة القرار في جنوب إفريقيا، مع ضرورة استحضار التمثلات الحاضرة عند هذا المجتمع بقوة ومحاولة سبر أغوارها، كونه يستقوي بالمكانة الرمزية لشخصية “نيلسون مانديلا”، وكونه الأمة التي ناضلت ضد الميز العنصري. دراسة هذه التمثلات نعتبرها بمثابة جواز سفر تواصلي للتعرف على كينونة المجتمع الجنوب إفريقي.
ويجب أن نستحضر كذلك أن دولة جنوب إفريقيا تعاني هي الأخرى من حركة انفصالية.
محافظة كيب الغربية التي تبلغ مساحتها حوالي 130 ألف كيلومتر مربع، ويقدر عدد سكانها بـ6,5 ملايين نسمة، كما تحتضن مدينة كيب تاون، ثالث أكبر مدن جنوب إفريقيا، يتطلع شعبها إلى الاستقلال، لذلك انبرى فيها «حزب كيب» إلى المناداة بالانفصال عن دولة جنوب إفريقيا وسط دعم شعبي يتزايد مع الأيام.
ويرتكز هذا الحزب على الدستور الجنوب إفريقي لإعلان مطالبه بطرق سلمية، وتحديدا المادة 235 التي تسمح للشعوب المتميزة ثقافيا ولغويا بإنشاء دولة مستقلة، وهو ما دفع زعيمه جاك ميلر إلى وصف جنوب إفريقيا بـ«الدولة الاستعمارية». لذلك يطالب هذا الحزب بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو ما يرفضه الحزب الحاكم في بريتوريا، بل رفض (حزب المؤتمر الوطني الإفريقي) مجرد نقل سلطات معينة إلى حكومة المقاطعة، مثل مجالات الشرطة والنقل العام.
شعب منطقة كيب الغربية، الغني بموارده، يعاني أزمة اقتصادية واجتماعية مسّت كل جوانب الحياة وشملت جميع القطاعات، رغم القوة الاقتصادية لهذه المحافظة التي لا تتحكم حتى في ضرائبها، ما أدى إلى بلوغ معدل البطالة بها ما يزيد عن 25 بالمائة، وتفشت الجريمة بها بشكل كبير، حيث يسجل أعلى معدل جرائم القتل في العالم، كما انهارت البنية التحتية والخدماتية، بل وصل الأمر إلى انقطاع التيار الكهربائي يوميا، ما أدى إلى خنق النمو الاقتصادي.
ورغم هذه المعاناة يستمر نظام دولة جنوب إفريقيا في فرض الحصار على أحلام هذا الشعب، متحججا بكون دستوره ينص على تقرير المصير في إطار سيادة الدولة! في وقت يتبجح مسؤولوه بالعديد من العنتريات السياسوية والشعارات البلهاء الفارغة حيث ينصبون أنفسهم حماة للعديد من الأوهام التي تجعلهم يتدخلون في سيادة الدول.
وبعيدا عن البعد الأنثربولوجي والسوسيولوجي، يجب أن نستحضر كذلك أن الدينامية الإيجابية للعلاقات الاقتصادية والسياسية بين المغرب والدول الإفريقية، خاصة الواقعة غرب القارة، وطبيعة شراكاته الإستراتيجية المتعددة وموقعه الجغرافي واستقراره السياسي، تزعج مجتمع رجال الأعمال في جنوب إفريقيا، على اعتبار أنهم يتماهون مع كون دولتهم تشكل قطب الرحى الإفريقي، وأنها قوة مهيمنة على مجالها الجغرافي، كما تعتبر محيطها القاري مجال نفوذها الحيوي، بحيث تشكل القوة الاقتصادية الأولى في إفريقيا، وبالتالي فهي تتوجس من القوة الاقتصادية المتنامية للمغرب. ولعل خير مثال على ذلك أن شركة جنوب إفريقيا للخدمات المالية Rand Merchant Bank نشرت طبعتها التاسعة من تقريرها “أين تستثمر في إفريقيا 2020″ في 18 شتنبر 2019، الذي يهدف إلى رصد الأسواق الإفريقية التي تتوفر بها أفضل الفرص الاستثمارية، وقد أظهر أن المغرب يحتل المرتبة الثانية في 2019 بعد مصر التي تحتل المرتبة الأولى في التصنيف، ما أدى إلى ردود فعل واسعة من طرف وسائل الإعلام الجنوب إفريقي.
إن المغرب وجنوب إفريقيا دولتان محوريتان في القارة الإفريقية، ويشكلان قطبين مهمين للاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية، وقد وصل حجم التبادل التجاري الإجمالي بينهما إلى 634 مليون دولار عام 2022؛ لذا يجب علينا القيام بمقاربة إستراتيجية جديدة، تنهل من مدرسة الواقعية السياسية، ونبادر بفتح قنوات تواصل جديدة تستند إلى الجرأة في طرح الأفكار والحلول المبدعة، وتخطط لمجموعة من الاحتمالات والسيناريوهات، وتتعامل مع المستقبلات وليس مع المستقبل.
نعم إننا نلاحظ أنه حاليا ليست هناك من بوادر لهدنة دبلوماسية مع النظام الحاكم في بريتوريا استنادا إلى مجموعة من المعطيات، ولا تقارب يلوح في الأفق، حيث إن مندوب جنوب إفريقيا لدى الأمم المتحدة في جنيف جدد دعم بلاده لـ”حق شعوب الأراضي الاستعمارية السابقة في تقرير المصير والاستقلال”. كما أن رئيس جنوب إفريقيا “سيريل رامافوزا” أكد دعم حكومته “الحازم” لجمهورية الوهم، خلال زيارة أجراها “ابن بطوش” مؤخرا إلى بريتوريا، مرددا أكثر من مرة كلمات نعتبرها مفاتيح لدراسة الاتجاه السلوكي لدى صانع القرار الجنوب إفريقي، وجواز سفر تواصلي يؤدي بنا إلى اكتشاف طبيعة شخصيته (النضال، تقرير المصير، التعبير بصوت عال، نحن الجنوب إفريقيون: واضحون، حازمون…).
إنه ورغم كل ما ذكرناه، ورغم هذه الأسطوانة المشروخة التي بات يرددها النظام الجنوب إفريقي بشكل هستيري، ورغم كل هذا الحقد والتآمر على الوحدة الوطنية المغربية، نسجل أن الدبلوماسية المغربية ربحت جولات مهمة في مواجهتها دولة جنوب إفريقيا. إن الكل يتذكر الخيبة السياسية لنظام هذا البلد سنة 2017 عندما كان الاتحاد الإفريقي يناقش عودة المغرب، إذ حصلت الرباط على 42 صوتا، بينما جنوب إفريقيا والنظام الجزائري لم يحصلا إلا على 12 صوتا رغم حملتهما الشرسة المسنودة بمال البترول الجزائري.
كما يجب أن نستحضر الانتصارات التي سجلتها الدبلوماسية المغربية مؤخرا، إذ فشل نظام جنوب إفريقيا خلال قمة البريكس الأخيرة في الإساءة إلى الوحدة الترابية للمملكة المغربية رغم أنها انعقدت بأراضيه، وفشلت بريتوريا والجزائر في تمرير توصية ضد الوحدة الترابية للمملكة في البيان الختامي لقمة دول عدم الانحياز التي انعقدت في يناير 2024 بكامبلا، بينما فاز المغرب برئاسة مجلس حقوق الإنسان بجنيف بفارق كبير في الأصوات على جنوب إفريقيا.
ورغم ذلك، تذكرنا البراغماتية دائما ألا شيء مستحيل في ميدان السياسة والدبلوماسية، فقط يلزمنا النفس الطويل والحلول الملهمة التي تمتح من إحدى أفكار مانديلا: “لصنع السلام مع عدو يجب على المرء أن يعمل مع هذا العدو، ويصبح هذا العدو شريكه”.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: دولة جنوب إفریقیا الجنوب إفریقی ما أدى إلى یجب أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
مجموعة مصر .. تعرف علي قوائم المجموعة الثانية فى أمم إفريقيا
أيام قليلة وتنطلق بطولة الأمم الأفريقية فى نسختها رقم 35 بالمغرب خلال الفترة من 21 ديسمبر حتى 18 يناير المقبل بمشاركة 24 منتخبا .
وتقام البطولة على الأراضي المغربية في نسخة تُعد من بين الأكثر ترقبًا، في ظل التطور الكبير الذي تشهده كرة القدم الأفريقية، وارتفاع سقف الطموحات لدى المنتخبات المشاركة.
وتحمل النسخة الحالية أهمية خاصة، سواء من حيث المستوى الفني المتوقع أو من حيث التنظيم، في ظل امتلاك المغرب بنية تحتية متميزة وملاعب حديثة تستوفي أعلى المعايير الدولية خاصة أن المغرب من الدول التى ستسضيف بطولة كأس العالم 2030 مع اسبانيا والبرتغال .
وتشهد البطولة مشاركة نخبة من النجوم المحترفين في كبرى الدوريات الأوروبية، ما يرفع من القيمة الفنية للمنافسات ويزيد من حدة الصراع على اللقب.
نظام بطولة الأمم الأفريقية
تُقام البطولة بنظام دور المجموعات، حيث يتم تقسيم المنتخبات الـ24 إلى 6 مجموعات، تضم كل مجموعة 4 منتخبات.
يتأهل إلى دور الـ16:
أصحاب المركزين الأول والثاني من كل مجموعة
بالإضافة إلى أفضل 4 منتخبات حاصلة على المركز الثالث
ثم تُستكمل البطولة بنظام خروج المغلوب بداية من دور الـ16، مرورًا بربع النهائي ونصف النهائي، وصولًا إلى المباراة النهائية التي تحدد بطل القارة.
قوائم المجموعة الثانية فى أمم افريقيا
قائمة مصر
حراسة المرمى: محمد الشناوي – أحمد الشناوي – مصطفى شوبير – محمد صبحي
الدفاع: محمد هاني – أحمد عيد – رامي ربيعة – خالد صبحي – ياسر إبراهيم – محمد إسماعيل – حسام عبد المجيد – محمد حمدي – أحمد فتوح
الوسط: مروان عطية – حمدي فتحي – مهند لاشين – محمود صابر – محمد شحاتة – إمام عاشور – أحمد سيد زيزو – محمود حسن تريزيجيه – إبراهيم عادل – مصطفى فتحي – عمر مرموش – محمد صلاح
الهجوم: مصطفى محمد – صلاح محسن – أسامة فيصل
قائمة جنوب أفريقيا
حراسة المرمى: رونوين وليامز - ريكاردو غوس - سيبو تشايني
الدفاع: خوليسو موداو - تابانغ ماتولودي - تايلون سميث - نكوسيناتهي سيبيسي - أوبري مودييبا - خولوماني نداماني - سيا بونغا نغيزانا - ساموكيلو كابيني - مبكيزيلي مبوكازي
الوسط: تيبوهو موكوينا - باتوسي أوباس - ثالينتي مباثا - سيبهيبيلو سيتول
الهجوم: أوسوين أبوليس - موهاو نكوتا - تشيبانغ موريمي - إفيدانس ماكغوبا - لايل فوستر - سيبو مبولي - إيلياس موكوانا - شاندر كامبل - ريليبوهيلي موفوكيج
قائمة أنجولا
حراسة المرمى: نيبلو (بريميرو دي أجوستو) - هوجو ماركيز (بترو أتلتيكو) - أنطونيو دومينيك (إيتوال كاروج السويسري)
الدفاع: روي مودستو (أودينيزي الإيطالي) - إيدي أفونسو (بترو أتلتيكو) - تو كارنييرو (الجيش الملكي المغربي) - نوريو فورتونا (فولوس اليوناني) - بيدرو بوندو (فاماليساو البرتغالي) - دافيد كارمو (ريال أوفييدو الإسباني) - جوناثان بواتو (جيل فيسينتي البرتغالي) - كيالوندا جاسبار (ليتشي الإيطالي) - كلينتون ماتا (ليون الفرنسي).
الوسط: بيني موكيندي (فيتوريا جيماريش البرتغالي) - مانويل شو (كوجالي سبور التركي) - فريدي (بودروم التركي) - أنطونيو ماييسترو (ألانيا سبور التركي) - مانويل كيليانو (أخمات جروزني الروسي) - ماريو بالبورديا (بولو سبور التركي).
الهجوم: زيتو لوفومبو (كالياري الإيطالي) - مانويل بنسون (سوانزي سيتي) - ميلسون (ريد ستار بلجراد الصربي) - شيكو بانزا (الزمالك) - جيلسون دالا (الوكرة القطري) - راندي نتيكا (رايو فايكانو الإسباني) - آري بابل (الأخضر الليبي) - كريستفاو مابولولو (أهلي طرابلس) - مبالا نزولا (بيزا الإيطالي) - أمبروسيني زيني (آيك أثينا اليوناني).
قائمة زيمبابوي
حراسة المرمى: واشنطن أروبي (مارومو جالانتس الجنوب إفريقي) - إلفيس تشيبزيزي (ماجاسي الجنوب إفريقي) - مارتين مابيسا (مووس الزيمبابوي).
الدفاع: سيان فوسيري (شيفيلد وينزداي الإنجليزي) - موناشي جارانانجا (كوبنهاجن الدنماركي) - جودكنوس مورويرا (سكوتلاند الزيمبابوي) - إيمانويل جالاي (ديناموز الزيمبابوي) - جيرالد تاكوارا (اتحاد مصراتة الليبي) - إشيانيسو ماوتشي (سيمبا بورا الزيمبابوي) - براندون جالواي (بلايموث الإنجليزي) - تيناجي هاديبي (سينسيناتي الأمريكي) - أليس موديمو (فلينت تاون الويلزي) - ديفين لونجا (صنداونز الجنوب إفريقي).
خط الوسط: تاواندا تشيريوا (ولفرهامبتون الإنجليزي) مارفيلوس ناكامبا (لوتون الإنجليزي) - جونا فابتش (إرزجبيرج الألماني) - أندرو رينوموتا (ريدينج الإنجليزي) - بروسبير باديرا (سينا جوكي الفنلندي) - نوليدج موسونا (سكوتلاند الزيمبابوي).
الهجوم: برينس دوبي (يانج أفريكانز التنزاني) - بيل أنتونيو (ميتشيلين البلجيكي) - إشماعيل وادي (كابس يونايتد الزيمبابوي) - تاواندا ماسوانهيس (موثرويل الأسكتلندي) - دانييل مسيندامي (مارومو جالانتس الجنوب إفريقي) - واشنطن نافايا (تيل وان الزيمبابوي) - ماكاولي بوني (مالدون الإنجليزي) - جونيور زيندوجا (جالاكسي الجنوب إفريقي) - تاديواناشي تشاكوتشيتشي (سكوتلاند الزيمبابوي)