يُعتبر مدفع الإفطار من مظاهر احتفال المصريين بقدوم شهر رمضان، بعد أن أصبحت تلك العادة الرمضانية محببة إلى قلوب المصريين وبخاصة إلى الأطفال الذين يحبون سماعه بعد قراءة قرآن المغرب إعلانًا بفك الصيام، وقد توارث المصريون تلك العادة جيلًا بعد جيل دون أن يُعرف تحديدًا تاريخ بداية تلك العادة التي اختلفتِ الروايات المختلفة في تفسيرها.

ومدفع رمضان هو مدفع كان يُستخدم كأسلوب إعلان عن موعد الإفطار وإخبار العامة عن موعده، وهو تقليد متبع في العديد من البلدان الإسلامية يختص فيها جيش كل بلد بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس.

وتُعتبر القاهرة أول عاصمة ينطلق منها مدفع الإفطار، وتقول إحدى الروايات إنه في أول يوم من رمضان عام 885 هجرية أراد السلطان المملوكي أن يجرب مدفعًا جديدًا وصادف ذلك قدوم المغرب في رمضان فظن أهل القاهرة أنه من أجل الإعلان عن موعد الإفطار فذهبوا للسلطان ليشكروه، وعندها فرح السلطان لسرورهم وأمر بإطلاق المدفع يوميًا عند الإفطار وعند الإمساك.

وفي رواية أخرى أن الفرنسيين عندما دخلوا مصر سنة 1798 واستقروا بها ثلاث سنوات سعى خلالها بونابرت ورفاقه إلى استمالة الأزهر إلى جانبهم وأخذوا يذهبون إلى صلاة القيام بشهر رمضان، وأنهم هم الذين شاركوا بمدافعهم في الاحتفال مع المصريين ليلة رؤية هلال رمضان، ثم أصبحت تلك العادة محببة إلى المصريين. حتى جاء محمد علي بك الكبير عام 1805 عندما عيَّنه الشعب واليًا على مصر، وبعدها سعى إلى تكوين جيش مصري كبير مزود بأحدث الأسلحة عندما اشترى عددًا من المدافع التي شاهدوها مع الفرنسيين، وأثناء تجربة أحدها في وقت صادف غروب الشمس بشهر رمضان اعتقد العامة بالقاهرة بأنه قد أعد ذلك لهذا الغرض، فذهبوا اليوم التالي وطالبوا الوالي بإطلاقه لمعرفة موعد الإفطار حتى وافق علي إطلاقه يوميًا من على سطح القلعة الموجودة بمنطقة مصر القديمة، ولهذا يرجَّح بأن تلك العادة بدأت مع دخول الفرنسيين مصر.

أما الرواية الأخيرة التي ساقها لنا أحد الكتاب المصريين المهتمين بدراسة مثل تلك الظواهر فتقول بأنه في عهد الخديو إسماعيل 1863: 1879م وفي قصره وأثناء تنظيف الجنود لأحد مدافع الحراسة بالقصر انطلقت منه قذيفة بالخطأ وصادفت وقت أذان المغرب في رمضان، فظن أهل القاهرة بأنه أُعد لهذا الغرض، وفي اليوم التالي ذهبوا إلى القصر وطلبوا استمرار تلك العادة، وعندما سمعت بذلك الحاجة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل أمرت بأن تستمر تلك العادة خلال شهر رمضان فسُمي مدفع الإفطار باسم الحاجة فاطمة.ويرى المؤرخ المصري إبراهيم عناني في إحدى كتاباته عن مدفع الإفطار أن أول قذيفة أُطلقت لهذا الغرض تنتمي إلى ما يُسمى بمدفع كروب الذي يزن نصف طن، وهو ما ينطبق على مواصفات المدفع الموجود بمتحف المقتنيات الفنية التابع لمجموعة متاحف تتبع المتحف الزراعي بالدقي الذي أقيم على قصر الأميرة فاطمة بعد أن تنازلت عنه وتم تسليمه لوزارة الزراعة عام 1930 بعد قرار إنشائه، ويوجد المدفع بالطابق الأرضي به.

وأيًّا كانتِ الروايات فقد ظل المدفع يطلق قذائفه من فوق القلعة لسنوات طويلة حتى توقفت تلك العادة عام 1992 الذي صادف عام الزلزال، وبسبب الازدحام السكاني بالمنطقة وحرص وزارة الآثار على الخوف من تصدع القلعة ومحيطها التراثي بسبب ما يُحدثه الانفجار في منطقة محيطه، وعادة ما كان يقوم من على القلعة أربعة جنود للقيام بتلك العملية، اثنان منهم يهتمان بتعبئة البارود ويُلقَّب الواحد منهم بالمعايرجي، واثنان منهم يقومان بعملية الإطلاق. ومع توقف تلك العادة، مازال المدفع موجودًا للفرجة بساحة بانوراما متحف الشرطة بالقلعة.

ومع ذلك مازالتِ الإذاعة المصرية حريصة من خلال بعض التسجيلات والاعتماد على المؤثرات الصوتية وكذلك التليفزيون المصري على إطلاق صوت مدفع الإفطار مع مقولة مشهورة تسبق صوت المدفع وهي: مدفع الإفطار اضرب، وعندها يفرح الكبار قبل الصغار إعلانًا وابتهاجا بقدوم لحظة الإفطار. وقد انتشرت تلك العادة أواخر القرن التاسع عشر إلى بلاد الشام وبخاصة إلى دمشق والقدس ثم إلى بغداد، وإلى الكويت عام 1807م، ثم باقي أقطار الخليج واليمن والسودان وغيرها من دول إفريقيا، ثم إندونيسيا عام 1942، ليظل صوت هذا المدفع مظهرًا من مظاهر الاحتفال بقدوم شهر رمضان وبخاصة عند المصريين.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأزهر مصر مدفع الإفطار مدفع الإفطار مدفع ا

إقرأ أيضاً:

سفير الهند: نعمل على ربط شركات التكنولوجيا الهندية بمصر والانطلاق نحو الأسواق العالمية

أكد السفير الهندي لدى القاهرة، سوريش ك. ريدي، أن مصر تمثل محورًا استراتيجيًا يربط بين قارات عدة، موضحًا أن موقعها الجغرافي يجعلها بوابة مثالية للوصول إلى إفريقيا، وأوروبا، والولايات المتحدة، مما يشجع الشركات الهندية على التوسع من خلالها نحو الأسواق العالمية.

عقب العاصفة.. السفير الهندي في احتفالية اليوم العالمي لليوجا بشاطئ ستانلي الاقتصاد المصري ديناميكي ويجذب المستثمرين الهنود

أشار السفير خلال لقائه في برنامج "العالم شرقا" على قناة "القاهرة الإخبارية" إلى أن الاقتصاد المصري يتمتع بديناميكية عالية، تجذب مزيدًا من الاستثمارات، مؤكدًا أن الهند، بصفتها دولة رائدة في التكنولوجيا، ترى مصر شريكًا استثماريًا واعدًا.

 الشباب ركيزة للتعاون التكنولوجي بين البلدين

أوضح ريدي أن وجود نسبة كبيرة من الشباب في كل من مصر والهند يوفر أرضية مشتركة لتعزيز الابتكار والتكيف مع التطورات التكنولوجية، مؤكدًا وجود أكثر من 100 ألف شركة ناشئة في الهند يمكن أن تتعاون مع نظيراتها المصرية.

خطة لربط القطاع الخاص والانطلاق من مصر نحو العالم

اختتم السفير تصريحاته بالتأكيد على أن ربط شركات التكنولوجيا الخاصة بين البلدين يمثل أولوية، مشيرًا إلى أن خطته المستقبلية تركز على التعاون في مجالات الاستثمار والتدريب، والانطلاق المشترك من مصر إلى السوق العالمية.

طباعة شارك السفير الهندي إفريقيا وأوروبا الأسواق العالمية

مقالات مشابهة

  • القهوة السادة… طقوس العيد الأصيلة في كل بيت
  • دمية على فوهة مدفع
  • جمال شعبان يحذر: هذه العادة تدمر صحة القلب
  • بعد رصد إصابات بالحمى القلاعية بالمنطقة.. خطط احترازية لحماية الثروة الحيوانية بمصر
  • سفير الهند: نعمل على ربط شركات التكنولوجيا الهندية بمصر والانطلاق نحو الأسواق العالمية
  • ظهور عبد الحليم في موازين يثير الجدل بمصر
  • مظاهر العيد في الثمانينيات.. إرث الماضي وامتداد للحاضر وتمسك بالعادات والتقاليد الأصيلة
  • ارتفاع محدود في أسعار الذهب بمصر.. وهذه قيمة عيار 21
  • إبراء .. وجهة واعدة تستقطب الأفواج الأوروبية لاكتشاف العمارة العُمانية الأصيلة
  • آخر تحديث لـ سعر الذهب الآن داخل محلات الصاغة بمصر