الخشت: لا يوجد أي معيار موحد ومتفق عليه بين علماء الملل والفرق لتقسيم الفرق الإسلامية وكل منهم له منهجه في تعيين المعيار
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
أكد الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، خلال كلمته الرئيسية في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" والذي أقيم بمكة المكرمة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على أن من أخطاء علم العقائد (علم الكلام) تقعيد القواعد وتفريع الفروع، وتكفير المخالفين؛ حتى تحول "الإيمان البسيط" إلى "كهنوت غامض" بعيد عن طابع الإسلام الأول، لصالح منظومات عقائدية متناحرة تدفع الأمة إلى حرب الجميع ضد الجميع.
وشارك الدكتور الخشت، بورقة بحثية بعنوان "من التنوع المميت إلى التنوع الخلاق"، خلال المؤتمر الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بدعوة خاصة من الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى الأمين العام ورئيس هيئة علماء المسلمين ورابطة الجامعات الإسلامية، بمشاركة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ورجال الدين وكبار العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية، ومن مختلف دول العالم.
وقال الدكتور الخشت، إن (الفرقة الدينية) تُطْلَق على الجماعات التي لها موقف عقائدي يميزها عن غيرها، وليس المقصود مذاهب الفقهاء الذين اختلفوا في فروع الفقه مع اتفاقهم على أصول الدين؛ ونحن نرى تعددية الصواب فيما اختلف فيه المسلمون من فروع الفقه قياسا على إقرار النبي لصواب الفريقين من الصحابة في طريقة تنفيذ أمره: "ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة".
وأضاف الدكتور الخشت: إذا كان البعض يزعم أن الأمة الإسلامية قد انقسمت إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة تحديدا، اعتمادًا على خبر صحته محل اختلاف، فإن استقصاء الفرق في الواقع يكشف أنها تزيد على ذلك أضعافا مضاعفة، مما يضعف متن هذا الحديث لمخالفته للواقع الفعلي المتحقق في التاريخ من حيث عدد الفرق، موضحا أنه رغم شهرة "حديث الافتراق"، فإن من العلماء من حكموا بعدم صحته مثل ابن حزم، والشوكاني وابن الوزير.
وأشار الدكتور الخشت إلى أنه من أكبر الأخطاء المميتة لعلم العقائد، تحول التنوع معه إلى تنوع مميت مهلك قائم على التكفير والإقصاء، والفشل فشلًا ذريعًا في الوصول إلى تنوع خلاق، وكيف يمكنه أن يصل لهذا وهو يقوم على التكفير للمخالف، والتبديع لكل من أتى بجديد؟، وأنه لا يوجد أي معيار موحد ومتفق عليه بين علماء الملل والفرق لتقسيم الفرق الإسلامية، وكل منهم له منهجه في تعيين المعيار الذي يستند إليه ويميز به طبيعة الخلافات بين الفرق الإسلامية.
وأكد الدكتور الخشت، خلال كلمته، أن الخلاف في حد ذاته ليس رذيلة عند الذين يتمتعون بـ "العقلانية التواصلية"، ويعرفون معنى "العقل المشترك"، لكن الرذيلة الحقيقية هي عدم احترام الرأي الآخر، وعدم الإيمان بالسنة الإلهية الكونية في "التنوع"، وادعاء كل فصيل امتلاك الحقيقة المطلقة، ومن ثم تكفير الآخر، ثم استحلال دمه وماله وعرضه وأرضه، مشيرا إلى أن المعايير العقائدية يتم توظيفها سياسيًّا في الصراع الدائر قديمًا حول "الإمامة السياسية"، والدائر حديثًا حول "الحاكمية الإلهية".
ودعا الدكتور محمد الخشت، إلى غلق صفحة تعارك الفرق العقائدية القديمة، والخروج من حرب الخنادق التي تحصنت بها الفرق المتصارعة منذ فتنة سيدنا عثمان بن عفان وحتى الآن، ونخرج منها نحو رؤية جديدة للعالم نقوم فيها معا ببناء الجسور بين المتنوع والحي منها حتى الآن، إذا كانت لدينا النية والإرادة لتأسيس خطاب ديني جديد يقوم على التنوع الخلاق لا التنوع المميت.
ووجه رئيس جامعة القاهرة، التحية إلى المبادرة الجديدة التي تدعو لبناء الجسور بين المذاهب على أساس من التنوع الخلاق بين المذاهب، لكنه ليس التنوع المميت على طريقة الأخوة الأعداء، وإنما هو تنوع أعضاء الجسد الواحد، تنوع الجزر التي تربط بينها جسور تقوم على المشترك الديني والإنساني، مضيفا: فلا يجب أن نكون متفقين حتى نعيش في سلام.
IMG-20240319-WA0006 IMG-20240319-WA0007 IMG-20240319-WA0005المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأمير محمد بن سلمان الجامعات الحرمين الشريفين الإسلامية المذاهب الإسلامية الملك سلمان بن عبدالعزيز جامعة القاهرة علماء المسلمين الدکتور الخشت
إقرأ أيضاً:
منتدى الشارقة يناقش معيار تسديد الديون في ظل التضخم من منظور الاقتصاد الإسلامي
الشارقة (وام)
نظم المنتدى الإسلامي في الشارقة طاولة مستديرة علمية متخصصة تحت عنوان: «معيار تسديد الديون في ظل التضخم النقدي»، وذلك ضمن رؤيته الثقافية الاستراتيجية الرامية إلى دعم الاقتصاد الإسلامي وتقديم حلول فقهية معاصرة للتحديات المالية الراهنة.
أخبار ذات صلةوعقدت الطاولة صباح أمس بمقر المنتدى، بمشاركة نخبة من الباحثين والمختصين في الفقه المالي والاقتصاد الإسلامي، حيث ناقش المشاركون تأثير تغير القيمة الشرائية للنقود على العقود المالية، وسبل تحقيق التوازن والعدالة في المعاملات الشرعية، في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية.
واستهل الجلسة عيسى البلوشي، مدير قسم البرامج المجتمعية بالمنتدى، مؤكداً أن هذه الطاولة تأتي ضمن جهود المنتدى لتقديم حلول شرعية أصيلة تتماشى مع الواقع الاقتصادي، وتسعى لمعالجة أبرز الإشكاليات الناجمة عن التضخم النقدي، بما في ذلك تأثيره على حقوق الدائنين والمدينين.
وأوضح البلوشي أن الطاولة تمثل منصة للحوار العلمي والتأصيل الفقهي، وتهدف إلى تفعيل دور الاجتهاد الجماعي، وبلورة توصيات قابلة للتطبيق ترفع للجهات المعنية، بما يسهم في تطوير المنظومة المالية وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية.
واستعرض علاء فتحي بركات، خلال مشاركته، الإطار النظري للأطروحة العلمية المقدمة، مشيراً إلى التطورات المعاصرة في التعاملات المالية وانعكاسات التضخم على العقود المؤجلة، كما ناقش المعايير التي أقرها مجمع الفقه الإسلامي الدولي في هذا المجال، ومدى الحاجة إلى تطويرها لمواكبة المتغيرات الاقتصادية مع الحفاظ على مقاصد الشريعة.
وأكد بركات أن «معيار تسديد الديون في ظل التضخم النقدي» يعد من أبرز القضايا التي تجمع بين التحدي الفقهي والبعد الاقتصادي، لما لها من تأثير مباشر على استقرار المعاملات المالية، مشدداً على أهمية إعداد دراسات معمقة تجمع بين التحليل الاقتصادي والرؤية الشرعية.