بوابة الوفد:
2025-12-13@13:29:59 GMT

سلطان القراء

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

نزل القرآن فى مكة وقرىء فى القاهرة وكتب فى إستانبول -
ظل الغواصون فى بحر النغم يبحثون عن لؤلؤة مكنونة تكون درة التاج أخيرا وجدوا ضالتهم فى فلتة زمانه الذى جاءهم على حين غرة بسخاء موهبته ترصعها أفانين مدهشة من النغم الشجى، وتصرفات عجيبة فى المقامات المختلفة لا قبل لهم بها، نابعة من فطرة سليمة تغلفها موهبة صادقة سبحان العاطى الوهاب فهو لم يدرس الموسيقى ولم يتلق أصول التطريب عن أحد ومع ذلك صوته مكتمل بقوة الجلال ورقة الجمال بالاضافة إلى أسلوبه الفريد فى التمهيد الاستهلالى الرصين ووقفاته المدروسة تبهرك مع سلاسة الانتقال بين الطبقات بسبب حنجرته الذهبية التى تصل به إلى جواب الجواب يزين تجويده بعرب ذات حليات إعجازية ثم يا ساتر على قفلاته الحراقة المفاجئة التى تاخذ الألباب إلى حيث فيظل المتيمون يصرخون من حرارة الوجد ويهللون من سكر النعيم فهو يحبر تلاوته تحبيراً لذا كل مرة ينجلى من سماء الملكوت يزلزل الأرض زلزالًا شديداً فيملأ الدنيا عبيراً فواحاً وهو ما حير وشغل المتخصصين فى كينونة هذا الصوت العجيب فقال موسيقار الأجيال عبقريته تكمن فى مقدرته الفائقة فى تركيب السلالم الموسيقية بالرغم من مواظبته على سماعه لمدة أربعين سنة يفشل كل مرة فى ضبط أذنه مع نغمة صوته بسبب فيضه المتجدد وقد وصفته كوكب الشرق ام كلثوم وهى من خريجى مدرسة التلاوة المصرية بجملة بليغة بان صوته تخت موسيقى كامل.

 
مثل الشيخ مصطفى اسماعيل كمثل الصحابى الجليل أبو موسى الأشعرى كلاهما أوتى مزمارا من مزامير داود وهذا فضل الله يؤتيه لمن يشاء، بعد أن استوى صوته على عرش التلاوة وذاع صيته إلى عنان سماء الدلتا قال له مريدوه من صفوة السميعة اهبط مصراً فان لك ما سالت فيها من شهرة غير مسبوقة ومكانة مرموقة بين نجوم دولة التلاوة. 
لم تخطف أضواء العاصمة أنظار الشاب الريفى عن غايته النبيلة وهذه بركة تلقى العلم فى رحاب المسجد الأحمدى، رهبةً مدينة الألف مئذنة التى تموج بكم مخيف من الأصوات الجبارة سواء فى القراءة أو الإنشاد مقسمين فنياً إلى طبقات ودرجات تحت معيار ليس منا من لم يتغن بالقرآن فهل يستوى الذين يبدعون والذين لا يبدعون، لقد أنعم المنان على اولئك الافذاذ برخامة الصوت وجمال الاداء الذى يدخل إلى القلوب المهمومة بلا استئذان فتطرب له الأذان وتطمئن به النفوس حتى تخشع لذكر الله.
سيدنا مصطفى كان فنان الشعب وقارئ الملوك فى نفس الوقت فتن جمال حسه العرب والعجم لذا استحق لقب سلطان القراء بلا منازع ومع كل هذا الفخار والمجد كان رحمه الله ايه فى البساطة والتواضع.
للأسف لم تعد الأذن المصرية إلا من رحم ربى تطرب لهذا الفن الراقى لا تميز بين الغث والسمين بعد أن حوصرت حتى اعتادت سماع أصوات نشاز غريبة مثل الصحراء القاحلة تصرخ ببكاء مصطنع فرضت علينا فرضا من خلال أشرطة كاسيت توزع مجاناً على وسائل النقل المختلفة وفى الاسواق، هذه الحملة الممنهجة نجحت فى افساد الذائقة المصرية، وهو ما انعكس على الفهم الصحيح للدين الحنيف فطغى التشدد والتنطع على السماحة والرحابة، أعتقد أن ثمة علاقة بين جمال الصوت ورقى الاخلاق وتهذيب السلوك فثمّة طاقة علوية تسرى من هذا الكتاب الذى لا تنتهى عجائبه، لذا قال الرسول الكريم زيّنوا القرآن بأصواتكم.

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

«السيسى» وبناء الدولة

تستحق مصر برلماناً يليق بتاريخها النيابى، الذى يعود إلى قرابة قرنين من الزمان، وتحديداً منذ عام 1824، منذ إنشاء المجلس العالى بموجب الأمر الصادر فى 27 نوفمبر 1824، ثم إنشاء مجلس الثورة عام 1827، ومجلس شورى الدولة عام 1854، ومجلس شورى النواب عام 1866، ومجلس شورى القوانين عام 1883، والجمعية التشريعية عام 1913، التى فاز فيها سعد باشا زغلول فى دائرتين، وتوقفت الحياة النيابية فى مصر بسبب الحرب العالمية الأولى، لتعود بعدها بصدور دستور 1923، وقد خص المجلس النيابى بغرفتين «مجلس النواب» و«مجلس الشيوخ».

استحقاق مصر لهذا البرلمان القوى الذى نرنو إليه فى تمثيل الشعب المصرى تمثيلاً حقيقياً للقيام بسلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ليس من باب الأمانى لأن مصر دولة كبيرة، أقدم دولة عرفها التاريخ، نشأت بها واحدة من أقدم الحضارات البشرية وقامت فيها أول دولة موحدة حوالى 3100 سنة قبل الميلاد، تمتلك أطول تاريخ مستمر لدولة فى العالم، وهى مهد الحضارات القديمة وملتقى القارات وأول دولة فى العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة، وابتدعت الحروف والعلامات الهيروغليفية، حكمت العالم القديم من الأناضول للجندل الرابع حين بدأ العالم يفتح عينيه على العلوم والتعليم، فقد جاءت مصر، ثم جاء التاريخ عندما قامت مصر حضارة قائمة بذاتها قبل أن يبدأ تدوين التاريخ بشكل منظم.

هى دى مصر التى تعرضت لموجات استعمارية عاتية، ثم عادت لحكم أبنائها، محافظة على لغتها العربية، حاربت وانتصرت فى أعظم حرب عرفها التاريخ، حرب أكتوبر، ثم تعرضت لمحنة كادت تعصف بها على يد جماعة إرهابية لا يعرفون قدرها، وتعاملوا معها على أنها حفنة تراب، وكادت تضيع لولا أن هيأ الله لها جنداً أخذوا بيدها إلى بر الأمان على يد أحد أبنائها المخلصين الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أخذ على عاتقه مهمة بنائها من جديد حتى تبوأت مكانتها المرموقة بين الدول المتقدمة التى يحسب لها ألف حساب، أنقذ «السيسى» مصر من حكم الظلام، ثم أنقذها من الإرهاب المدعوم من الداخل والخارج والذى أرهقها عدة سنوات، ولم يكن «السيسى» طامعاً فى السلطة، ولكنه نفذ أمر الشعب الذى نزل بالملايين إلى الميادين يطالبه باستكمال مسيرة البناء. قبل «السيسى» المهمة الصعبة رئيساً للبلاد، فى وقت صعب وانحاز للشعب الذى انحاز له، وجعل «السيسى» الشعب له ظهيراً، لم ينتم لحزب، ولم يكن له حزب من الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، وطبق الدستور كما يجب، وعندما لاحظ ارتباك الأحزاب السياسية بسبب التخمة الموجودة هى الساحة قدم نصيحة كم ذهب لو أخذت بها الأحزاب لكانت أوضاعاً كثيرة تغيرت أقلها نشأة البرلمان القوى الذى ننشده وتستحقه مصر، عندما اقترح الرئيس السيسى على الأحزاب أن تندمج، وأن يبقى على الساحة السياسية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أحزاب قوية يتنافسون فى الانتخابات البرلمانية ليظهر منها حرب الأغلبية، ولكن الأحزاب الى أصبحت تزيد على المائة فضلت المظاهر والمناصب الحزبية على العمل الحزبى الحقيقى.

انحياز «السيسى» للشعب عندما أصدر «ڤيتو» لأول مرة يتخذه حاكم مصرى منذ فجر التاريخ، وهو تصحيح مسار الانتخابات البرلمانية هو انحياز للدستور الذى أكد أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات، والبرلمان هو الضلع الثالث فى مثلث الحكم مع السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والمسار الذى حدده «السيسى» هو ألا يدخل مجلس النواب إلا من يختاره الناخبون من خلال انتخابات حرة نزيهة، تحية لرئيس مصر الذى يبنى دولة الحضارة من جديد.

مقالات مشابهة

  • برنامج دولة التلاوة يحتفي بـ"الصوت الملائكى".. قصة حياة الشيخ محمود علي البنا
  • مستشار الرئاسة اليمنية: المملكة مرجعية جميع الفرقاء وأكبر ضمان لعدم تكرار أحداث حضرموت
  • أوقاف كفر الشيخ: مقارئ الجمهور تستهدف ترسيخ التلاوة الصحيحة
  • «فخ» كأس العرب
  • دراسة جديدة تهز الأفكار التقليدية: الخصوبة لا تعتمد على ملامح الجاذبية الأنثوية
  • رحيل صوت الأقصى .. وفاة الشيخ ياسر قليبو إمام المسجد المبارك
  • الوجوه الثلاثة!!
  • «السيسى» وبناء الدولة
  • صوتك لا صدى غيرك!
  • من همس متقطع إلى صوت يصل إلى الجميع.. رحلة شفاء من التأتأة بالكتابة