دبي- سارة محمود:

أفاد التقرير الصادر مؤخراً عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية بأن عدد حالات الإصابة بسرطان البروستاتا المسجلة قبل عامين وصلت 5 مليون حالة في العالم، وينمو عادة هذا النوع من السرطان ‏تدريجياً وببط شديد دون ظهور أعراض غير طبيعية، وغالباً ما يكون قابلاً للشفاء شرط اكتشاف وتشخيص المرض في المراحل المبكرة.

وفي هذا الصدد علق الدكتور ربيع ماضي، رئيس قسم جراحة الروبوت وجراحة الكلى والمسالك البولية في مستشفى مركز كليمنصو الطبي في دبي في حديث لصحيفة “الوطن”: “إن سرطان البروستاتا من الأكثر السرطانات شيوعاً لدي الرجال، ويعتبر السبب الرئيسي الثاني لحالات الوفيات بعد سرطان الرئة، إذ تقدر نسبة الإصابة بهذا المرض عالمياً نحو 15‎%‎، ومن هنا نشدد على أهمية حملات التوعية والكشف المبكر لسرطان البروستاتا، وضرورة قيام الرجال ممن تزيد أعمارهم عن 50 عاماً بالفحص الروتيني، أما في حال وجود تاريخ مرضي عائلي فمن الضروري إجراء الفحص المبكر ببلوغ سن الأربعين عاما”.

وقال د.ماضي: “في بدايات المرض لا تظهر أعراض، وفي مراحل متقدمة قد تتشابه شكوى مريض سرطان البروستاتا مع أعراض التضخم الحميد مثل الاضطرابات البولية المختلفة، والألم المستمر في العظام والإحساس بضغط على العمود الفقري، لذا يطلب الطبيب من المريض إجراء الفحوصات التشخيصية كاختبار الدم المستضد للبروستاتا النوعي PSA، والتصوير بالموجات فوق الصوتية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، بالإضافة إلى جمع عينة من البروستاتا للتأكد من وجود أو عدم وجود خلايا سرطانية فيها وقياس مدى تغير أنسجتها، ومعرفة نوع السرطان إذا كان من النوع الأكثر عدوانية أم لا”.

وأضاف: “عند تشخيص رجل بسرطان البروستاتا، هناك عدة خيارات للعلاج يطرحها الطبيب المعالج على المريض إما الاكتفاء بالمراقبة الدقيقة أو العلاج الإشعاعي أو التدخل الجراحي إما  استئصالاً كلياً أو جزئياً، حيث يتم تحديد خطة العلاج لكل مريض وفقاً لمرحلة المرض ونوع السرطان، وفي ظل تطور الأساليب الجراحية المعتمدة والجراحة الروبوتية الذي يعد الخيار الأكثر استخدامًا وفعالية في زيادة معدلات الشفاء وسرعة التعافي”.

واستطرد الدكتور ربيع ماضي: “على الرغم من التطور الجراحي يعاني 5% من الرجال من السلس البولي بعد الجراحة الروبوتية، كما يتسبب علاج البروستاتا الجراحي أو الإشعاعي في حدوث ضغف جنسي لدي 20-50% من الرجال، ولأننا في مستشفى مركز كليمنصو الطبي دبي نسعى دائما إلى توفير أفضل سبل الرعاية الصحية وتقديم أفضل الخدمات والتكنولوجيا الطبية  لمرضانا استحدثنا ولأول مرة في الوطن العربي والإمارات علاج سرطان البروستاتا بجهاز الـ HIFU، ومن المتوقع بدء استخدامه نهاية الشهر الجاري.

وتفصيلاً عن تقنية الـHIFU الحديثة أوضح رئيس قسم جراحة الروبوت وجراحة الكلى والمسالك البولية، أن تقنية HIFU هي موجات فوق الصوتية المركزة عالية الكثافة، تعمل على التوغل باستخدام موجات صوتية عالية التردد تستهدف الأنسجة السرطانية وتدميرها بدقة، كما ويعد هذا العلاج بديل واعد لعلاج سرطان البروستاتا التقليدي كالجراحة والعلاج الإشعاعي.

وأشار البروفيسور ربيع ماضي إلى أنه يتم تسليط شعاعان مركزاً من الموجات الفوق صوتية عالية الكثافة لتوليد حرارة شديدة داخل الأنسجة ‏المستهدفة ‏للبروستاتا، ‏مما يؤدي إلى تدمير الخلايا السرطانية بشكل فعال مع الحفاظ على الأنسجة المحيطة سليمة، إذ يتم إرسال الموجات فوق الصوتية من خلال مسبار متخصص يتم إدخاله في المستقيم مما يتيح استهداف الغدة نفسها بدقة.

وذكر ماضي أن هذا النوع من العلاج يتم في جلسة واحدة قد تستمر من 60 إلى 90 دقيقة  ولا يحتاج المريض إلى إقامة في المستشفى، ويقسم هذا الإجراء إلى 3 خطوات رئيسية هم: استخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية لرسم خريطة دقيقة لغدة البروستاتا وتحديد المنطقة المستهدفة للعلاج، يلي ذلك إدخال المسبار المتخصص في المستقيم مما يسمح بتوصيل الموجات فوق الصوتية بدقة إلى البروستاتا، وأخيرًا تنشيط الشعاع البؤري حيث يولد جهاز HIFU شعاع مركز من الموجات فوق الصوتية ما يؤدي إلى تسخين الخلايا السرطانية المستهدفة وتدميرها دون حدوث أضرار في الجلد كالتحسس أو حروق بخلاف العلاج الإشعاعي.

وأكد د.ربيع ماضي على مميزات تقنية HIFU في علاج سرطان البروستاتا والأورام الحميدة بالبروستاتا، حيث يتم السيطرة على المرض والشفاء منه دون حدوث مضاعفات أو آثار جانبية مثل مشكلة السلس البولي والعجز الجنسي كما هو في العلاج التقليدي سواء الجراحي أو الإشعاعي، لافتاً إلى أن ليس كل حالات التي تم تشخيصها ‏بسرطان البروستاتا يمكن استخدام هذا الاجراء معهم، وإنما يمكن تطبيق هذا النوع من العلاج مع المرضى بالمراحل الأولى، كمايعتمد على نوع السرطان ومكان الورم.

وتابع د. ماضي في ظل التطور العلمي والتكنولوجي، كذلكتقدم التشخيص والتصوير الإشعاعي أصبح بالإمكان تحديد مكان وجودالسرطان داخل غدة البروستاتا بدقة عالية، حيث تتيح هذه التقنيات بتوفير علاج واعد دون التدخل الجراحي، وقد تجنب الرجل مضاعفات العلاج التقليدي ونحن نوعد عملائنا في مستشفى مركز كليمنصو دبي بأن نكونأحد رواد العلاج بالهايفو كما هو الحالمع الجراحة الروبوتية.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

إنجاز طبي غير مسبوق.. تقنية “كريسبر” تنقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي نادر

الولايات المتحدة – حقق فريق من الأطباء إنجازا غير مسبوق باستخدام علاج مخصّص بتقنية “كريسبر”، أنقذ حياة رضيع، وُلد بحالة وراثية نادرة وخطيرة.

ويعد هذا الرضيع، الذي يُشار إليه بـ”كاي جيه”، أول مريض في العالم يتلقى علاجا مصمما خصيصا لحالته باستخدام تقنية تعديل الجينات، ويُظهر الآن مؤشرات صحية واعدة بعد تلقيه 3 جرعات من العلاج. وبلغ عمر “كاي جيه” 9 أشهر ونصف، وينمو بشكل جيد، وفقا لفريقه الطبي في مستشفى الأطفال بمدينة فيلادلفيا وجامعة بنسلفانيا.

وُلد الطفل مصابا بنقص حاد في إنزيم كاربامويل فوسفات سينثيتاز 1 (CPS1)، وهو اضطراب استقلابي وراثي نادر يصيب نحو واحد من كل 1.3 مليون شخص حول العالم، ويؤثر على قدرة الجسم في التخلص من النيتروجين الزائد.

ويؤدي هذا الاضطراب إلى خلل في “دورة اليوريا”، وهي عملية حيوية في الكبد تزيل النيتروجين السام الناتج عن تكسير البروتينات. فعند وجود خلل في جين CPS1، يتراكم مركب الأمونيا المُحتوي على النيتروجين في الجسم ويسبب مضاعفات خطيرة، أبرزها تلف الدماغ.

وقد ظهرت أعراض المرض لدى “كاي جيه” خلال أول 48 ساعة بعد الولادة، بما في ذلك خمول غير طبيعي واضطراب في التنفس ورفض الرضاعة والتعرض لنوبات قد تنتهي بغيبوبة. وأظهرت التحاليل الجينية أنه ورث طفرتين مرضيتين من والديه، بما في ذلك طفرة تعرف باسم Q335X، كانت قد رُصدت في حالات سابقة.

واستُخدمت بداية تقنيات تصفية الدم وأدوية لامتصاص النيتروجين، إلى جانب نظام غذائي صارم منخفض البروتين. وفي عمر 5 أشهر، أُدرج الرضيع على قائمة انتظار زراعة كبد، لكنه لم يكن بعد في حالة تسمح بالخضوع للجراحة.

وفي هذه الأثناء، عمل الدكتور كيران موسونورو من جامعة بنسلفانيا والدكتورة ريبيكا أهرينز-نيكلاس من مستشفى الأطفال بفيلادلفيا، على تطوير علاج جيني شخصي مصمم خصيصا لمعالجة طفرة “كاي جيه” باستخدام تقنية “تحرير القواعد”، وهي إحدى أدوات “كريسبر” التي تعدّل حرفا واحدا في الشيفرة الوراثية.

وبعد 6 أشهر فقط من ولادته، أصبح العلاج جاهزا، وتلقى الرضيع أولى جرعاته في فبراير 2025، تلتها جرعتان في مارس وأبريل. ولم يُظهر العلاج أي آثار جانبية خطيرة، وبدأت حالة “كاي جيه” في التحسن تدريجيا، حيث أصبح قادرا على تناول كميات أكبر من البروتين، وقل اعتماده على أدوية إزالة النيتروجين، وبدأ يحقق معالم نمو حركي طبيعية، مثل الجلوس دون دعم.

وقالت والدته خلال مؤتمر صحفي: “إن رؤيته يحقق إنجازات طبيعية بالنسبة لأي رضيع يدهشنا أكثر، لأننا نعرف جيدا ما كان متوقعا لحالته من البداية”.

ومن جانبه، علّق الدكتور موسونورو قائلا: “نأمل أن يتمكّن كل مريض من الاستفادة من نتائج مماثلة. إنّ الوعد الذي حمله العلاج الجيني على مدى عقود بدأ يتحقّق الآن، وهو يغيّر شكل الطب كما نعرفه”.

ورغم نجاح التجربة، أكدت الدكتورة أهرينز-نيكلاس أن “كاي جيه” سيظل بحاجة إلى متابعة طبية دقيقة مدى الحياة، لمراقبة أي تطورات مستقبلية.

كما أشار عالم الوراثة الإسباني ميغيل أنخيل مورينو-ماتيوس، في تصريحات لصحيفة الغارديان، إلى أن هذه التجربة تعد إثباتا ملموسا على أن العلاجات الوراثية الشخصية لم تعد حلما علميا، بل واقعا بدأ يتشكل.

نشرت الدراسة في مجلة “نيو إنغلاند” الطبية. كما عُرضت النتائج في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية للعلاج الجيني والخلوي في نيو أورلينز هذا الأسبوع.

المصدر: لايف ساينس

مقالات مشابهة

  • الإعلان عن إصابة بايدن بنوع عدواني من سرطان البروستاتا.. و ترامب وأوباما يعلقان
  • بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟
  • ما رد فعل ترامب على تشخيص إصابة بايدن بمرض السرطان؟
  • امتد إلى العظام.. إصابة بايدن بنوع عدواني من سرطان البروستاتا
  • بايدن مصاب بنوع عدواني من سرطان البروستاتا.. في مراحله الأخيرة
  • مكتب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن يعلن أصابته بنوع “عدواني” من سرطان البروستاتا
  • هيئة الدواء تعقد ملتقى للتعريف بالدليل الاسترشادي عن دور صيدلي الأورام في العلاج الإشعاعي
  • تفاصيل الدليل الاسترشادي عن دور صيدلي الأورام في العلاج الإشعاعي
  • شابة تثير الجدل بعد تجربة علاج نفسي مع “شات جي بي تي”
  • إنجاز طبي غير مسبوق.. تقنية “كريسبر” تنقذ حياة طفل مصاب بمرض وراثي نادر