إنتقلت عدوى التأجيل إلى ملف التلامذة المقبولين في مباراة الدخول إلى الكليّة الحربية، بعد تأخير وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، إعلان لائحة المقبولين، بسبب اعتراضه «على المعايير التي اعتُمدت لاختيار الناجحين لجهة المستوى العلمي والكفاءات الشخصية». ووسط الجدل القانوني والإداري الذي رافق المسألة وتداعياتها السلبية على الناجحين ومستقبلهم من جهة، والمؤسسات العسكرية والأمنية التي أعلنت «حاجتها الملحّة لهذا التطويع» من جهة أخرى، دخل مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة (19/3/2024) على خطّ القضية.
فكيف تعامل مع هذه الإشكالية المطروحة بين قيادة الجيش ووزارة الدفاع؟ ومن هي الجهة التي ارتكن إليها رئيس الحكومة للفصل في النزاع، كي يبنى على الشيء مقتضاه؟ في هذا السياق، يكشف محضر الجلسة عن كتاب وجّهه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الوزير سليم، استند فيه إلى القرارات السابقة الصادرة عن مجلس الوزراء ذات الصلة، منها؛ «القرار رقم 7 بتاريخ 7/8/2023 الذي وافق على تطويع وتعيين تلامذة ضبّاط لصالح الجيش، المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، المديرية العامة للأمن العام، المديرية العامة لأمن الدولة وإدارة الجمارك من بين العسكريين (ذكور وإناث) والمدنيين (ذكور) بواسطة الإعلان وبطريق المباراة، وموافقة وزارة الدفاع الوطني على تعميم الإعلان حول تطويع التلامذة الضباط والذي نُشر على موقع الجيش الرسمي بتاريخ 14/9/2023». وذكّر كتاب ميقاتي أنه «بتاريخ 2/11/2023 وافق المجلس العسكري على قبول طلبات الترشيح للاشتراك في مباراة الدخول إلى الكلية الحربية، كما وافق على اقتراح قائد الجيش بقبول الناجحين في امتحانات الدخول إلى الكليّة الحربية بصفة تلميذ ضابط وذلك عملاً بالبند الثاني من المادة /27/ من قانون الدفاع الوطني التي تولي المجلس العسكري الموافقة على لائحة الناجحين في مباراة الدخول إلى المدرسة الحربية والمقبولين منهم في هذه المدرسة». وتبيّن أنه «بتاريخ 1/3/2024، أصدر وزير الدفاع بياناً توضيحيّاً أشار فيه إلى أن «نتائج مباراة التطوّع لم تراعِ كلّها المعايير والأسس الواجب توافرها في من سيكون ضابطاً لجهة المستوى العلمي أو الكفاءات الشخصية التي تحفظ للضابط اللبناني ما تميّز به من قدرات تؤهّله لتولّي مهمّات عسكرية على مستوى الوطن». كما أوضح (وزير الدفاع) بموجبه أنه «طلب من قائد الجيش إعادة النظر في هذه النتائج مشيراً إلى أنه سيتابع البحث معه للوصول إلى نتائج عمليّة تستند إلى الاعتبارات المشار إليها». في المقابل، و»لما يترتّب عن ذلك التأخير من تداعيات ومسؤوليات قد تطال الوزير وتنسحب أيضاً على رئيس الحكومة والحكومة برمّتها»، شدّد كتاب ميقاتي على أنّ «اجتهاد مجلس شورى الدولة قد استقرّ على اعتبار أن سلطة الإدارة هي سلطة مقيّدة بإعلان النتائج التي تقرّرها اللجنة الفاحصة وتكرّسها، وعلى انتفاء أي دور للوزير في تقييم نتائج المباراة، باعتبار أنّ هذا الدور هو حصريّاً للجان الفاحصة على النّحو الذي ورد في قرار مجلس القضايا لدى مجلس شورى الدولة رقم 526/2020- 2021 تاريخ 27/5/2021 الذي قضى بأنّ «اللجنة الفاحصة مستقلّة تماماً في ممارسة مهامها، وأن الصلاحيات المعطاة للوزير تنحصر في ما نصّ عليه القانون ولا تمتدّ لتشمل ممارسة سلطة الوصاية عليها، فلا يستطيع تعديل نظام المباراة بعد إعلان النتائج». وأضاف أنّ «المادة 27 من قانون الدفاع الوطني قد جعلت من المجلس العسكري صاحب الصلاحية الحصريّة في الموافقة على لائحة الناجحين في مباراة الدخول إلى المدرسة الحربية وتالياً نشوء حقّ الناجحين بالتطوّع، وإنها قد حصرت دور وزير الدفاع في الإعلان عن هذه اللائحة وإصدارها بقرار منه». ولفت الكتاب إلى أنه «ليس أدلّ على ذلك، ما ورد في متن المادة عينها حول موضوع التشكيلات، حيث حُدّدت آلية لحلّ الخلاف الذي قد ينشأ نتيجة عدم موافقة المجلس العسكري على اقتراح قائد الجيش بحيث يعرض الأمر على المجلس الأعلى للدفاع، الذي يقرّر إما الموافقة على اقتراح قائد الجيش أو إعادته إلى قائد الجيش ليقدّم اقتراحاً آخر، وأنه وبعد استنفاد هذه الآلية يُصدر وزير الدفاع الترقيات، بمعنى أنّ الخلاف بين الوزير والمجلس العسكري لا يُطرح أصلاً وإلا لكان المشرّع نظّم هذه الحالة بشكل واضح وصريح في البند الأول من المادة 28 المومأ إليها، ما يؤكّد الطابع الإعلاني لقرار الوزير في السياق المعروض». في إطار المراسلات بين ميقاتي وسليم، أوضح الأخير أنّ «قيادة الجيش أعلنت قبولها طلبات المرشّحين للاشتراك بمباراة الدخول من دون الاستحصال على قرار من وزير الدفاع. كما أجرت اختبارات الدخول وأصدرت نتائجها بموافقة المجلس العسكري خلافاً لنظام الدخول إلى الكليّة الحربية (القرار رقم 550 تاريخ 11-5-2022)»، وأنّ «وزارة الدفاع حرصت على تطويع العدد الكامل من التلامذة الضبّاط الذي حدّد في قرار مجلس الوزراء وليس الاقتصار على نصفه جرّاء عدم توافر المستوى العلمي والجدارة حيث إنّ هذا النصف لم يتجاوز نسبة 2.5% من عدد الذين تقدّموا للاشتراك بالمباراة».إزاء هذه القضية، و»تفادياً للضّرر الذي قد يلحق بالناجحين في المباراة وانعكاسه على مستقبلهم، وتأميناً لحاجة الأجهزة الأمنية المُلحّة لهذا التطويع، وعملاً بأحكام المادّة 57 من نظام مجلس شورى الدولة، التي تُجيز لمجلس الوزراء استشارة مجلس الشورى في أيّ موضوع مهم»، قرّر مجلس الوزراء «إحالة الطلب إلى شورى الدولة لإبداء الرأي بمصير نتائج المباريات التي وافق عليها المجلس العسكري بتاريخ 19/12/2023 ولم تصدر بقرار من وزير الدفاع».(نداء الوطن)
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ما الذي تخطط له العدل الإسرائيلية بشأن العفو الرئاسي عن نتنياهو؟
تتهيأ وزارة العدل في دولة الاحتلال الإسرائيلي لاتخاذ قرار بشأن الطلب الذي تقدم به رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للعفو الرئاسي من المحاكمة التي قد تفضي إلى سجنه حال إدانته بتهم الفساد الموجهة إليه.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر رفيعة في النظام القضائي الإسرائيلي قولها، إنه من غير المتوقع أن توصي إدارة العفو بوزارة العدل الرئيس إسحاق هرتسوغ بقبول طلب العفو المقدم من نتنياهو دون إجراء تعديلات.
وأضافت المصادر التي وصفتها الصحيفة بـ"العليا" أنه في حال إجراء تعديلات على الطلب، فقد يؤثر ذلك على القرار النهائي لإدارة العفو. مشيرة إلى أن قسم العفو في وزارة العدل الإسرائيلية طلب مؤخراً من مكتب المدعي العام للدولة رأياً قانونياً رسمياً بشأن طلب العفو كجزء من عملية التقييم.
ويبدو أن النيابة العامة، التي تتولى حاليًا محاكمة نتنياهو الجنائية ، ستعارض العفو عنه، وهو ما يُرجّح أن يؤثر على توصية دائرة العفو للرئيس هرتسوغ. ويُتهم رئيس الحكومة بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهو ينفي ارتكاب أي مخالفة.
وقالت المصادر، إنه بإمكان هرتسوغ العفو عن نتنياهو حتى لو نصحت إدارة العفو بعدم القيام بذلك. إلا أن مثل هذه الخطوة قد تثير معارضة شعبية شديدة، وقد تُشكّل أساساً للمحكمة العليا الإسرائيلية لإلغاء قرار الرئيس.
وذكرت "هآرتس" أن هرتسوغ من المرجح أن يعقد اجتماعاً بين ممثلين عن دائرة العفو ونتنياهو ومحاميه لمناقشة طلب العفو الذي قُدِّم الشهر الماضي. ولا يُتوقع صدور قرار نهائي بشأن توصية دائرة العفو قبل أسابيع أو حتى أشهر.
ولا يتضمن الطلب، الذي يحمل رسالة من نتنياهو نفسه، أي اعتراف بالذنب أو إبداء ندم من جانبه. ويستند رئيس الوزراء إلى موقف مفاده أن الرئيس يملك صلاحية منحه العفو حتى دون إدانة في القضية، لأن المحاكمة لا تزال جارية. كما أن رسالة نتنياهو لا تشير إلى أي نية لديه للاعتزال من العمل السياسي.
قال هرتسوغ إنه سينظر في الطلب "بمسؤولية وجدية تامة". وأفاد مسؤولون في مقر إقامة الرئيس بأن الإجراءات ستستغرق عدة أسابيع. ويمكن أن يتخذ العفو الرئاسي بموجب القانون أشكالاً عديدة، منها تخفيف الغرامات، وعقوبات السجن، ومتطلبات الخدمة المجتمعية، ومحو السجل الجنائي للمتهم.
قبل البتّ في طلبات العفو، التي يأتي بعضها من أشخاص يقضون حالياً عقوبات سجن، يستشير الرئيس إدارة العفو في وزارة العدل. وتستشير الإدارة، قبل إصدار توصيتها، جميع المسؤولين المعنيين، بمن فيهم موظفو مصلحة السجون الإسرائيلية، والشرطة الإسرائيلية، ومكتب المدعي العام، وموظفو الرعاية الاجتماعية، فضلاً عن ضحايا الجرائم.
ويقوم محامو إدارة العفو بعد ذلك بإصدار تحليل مفصل يأخذ في الاعتبار الظروف الشخصية للشخص الذي يطلب العفو وتفاصيل القضية. ويُرفع هذا التحليل إلى الرئيس مصحوباً ببيان حول موقف وزير العدل من القضية.
ولفتت الصحيفة إلى أن طلب نتنياهو يأتي في وقت تواجه فيه الوزارة عددًا متزايدًا من طلبات العفو بسبب الوضع الأمني منذ هجوم حماس السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والحرب التي أعقبت ذلك.