حكاية «الست فوزية».. عاشت بمفردها وغادرت العالم وحيدة
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
ترأس الأنبا مكاريوس أسقف المنيا جنازة "الست فوزية" (٨١ عامًا) والتى كانت وحيدة بلا أب ولا أم ولا أخوة ولا أخوات، ولا أصدقاء.
حيث نزلت من القطار منذ سبع سنوات آتية من مكان بعيد، ملقاة بجانب سور المحطة، بدون طعام ولا غطاء، أبلغ عنها أحد الأحباء، فأخذت إلى دار رعاية المسنين وهنا عاشت هادئة صائمة مصلية ومطيعة، حيث حصلت على محبة كل من حولها، حتى فارقت اليوم عالمنا.
ونشرت صفحة إيبارشية المنيا على فيس بوك الآتي عن قصتها: "أنا لست الآن في معرض لوم ذويها، فأنا لا أعرف لماذا تنقلت بين أماكن كثيرة حتى خرجت لا تلوي على شيء إلى أن باركت ابروشيتنا ولكني فقط أقول أنها استراحت، وإن الله سيعوضها عما لم تنعم به هنا مثل بقية البشر، ولم تتقن شيئا ولم تعرف معنى الترفيه ولا العزوة ولا دفء الأسرة.
وتابعت: لقد باركتنا الست فوزية يونان عبد الملاك، بوجودها، وزارنا يسوع المسيح من خلالها، وهي وإن لم تكن لها فرصة لأن تعيش حياة كريمة، فقد اجتهدنا أن تجد كرامة في موتها ودفنها وودعها معي مجموعة كبيرة من كافة الأعمار، لا يعرفونها بالطبع، ومنهم عدد كبير من الأطفال، مع خمسة من الآباء الكهنة، لا تمت لهم بصلة أيضا، أن كل واحدًا من الحضور يساوي ألفًا ممن يحضرون عادة لمجاملة آخرين يعرفونهم، وأما هؤلاء فنبل المشاعر هو الذي جاء بهم، صلي لأجلنا، مثلما نصلي نحن كي يعوضك الله عن كل ما كابدتيه في هذا العالم الفاني.
واطلب من الرب أن يكافئ كل من تعب معها، وكل من اهتم سواء برعايتها، أو بوداعها بكل شكل من الأشكال.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأنبا مكاريوس اسقف المنيا الكنيسة
إقرأ أيضاً:
السموع.. حكاية بلدة كنعانية تنبض بالحجارة والزيت والسمن والكرامة الفلسطينية
بلدة غنية بالآثار والخرب يعود تاريخها إلى العرب الكنعانيين وتمتاز بزيتها الذي لا مثيل له وبحجارتها التي تستخدم في البناء، وتعتبر البلدة قلعة البساط البلدي الفلسطيني حيث يتجلى جمال الفن في كل زاوية من زواياها. وهي تتبع محافظة الخليل بالضفة الغربية، وتبعد 18 كم جنوب مدينة الخليل، وتربطها بها طريق معبدة عن طريق يطا، وهناك طريق أخرى فرعية تصلها بطريق الخليل الظاهرية بئر السبع.
وتقع على بعد 45 كم جنوب مدينة القدس القديمة، وتحدها كل من بلدة يطا ودورا والظاهرية من الشمال والغرب، بينما يحدها الجدار العازل، جدار الفصل العنصري، من الجنوب، وهي آخر التجمعات السكانية أقصى جنوب الضفة الغربية.
وتقع فوق رقعة جبلية تنحدر أراضيها نحو الجنوب الغربي حيث تبدأ المجاري العليا لبعض الأودية المتجهة نحو بئر السبع.
ويتبع بلدة السموع عدد من الخرب الصغيرة مثل، رافات والسيميا ووادي العماير وأم غانم، فيما تعتبر جبال السموع أخر سلسلة جبلية من جبال الضفة الغربية، وهي مصدر جريان وادي غزة في الشتاء.
يوجد في البلدة مواقع أثرية كثيرة منها: مبنى قديم لكنيسة رومانية، وسجن أثري، وبقايا برج وكنيس، وأبنية متهدمة، وقطع منقوشة في القرية، ومدافن، وعدد من المغر الكنعانية حيث بنيت البلدة على عدة مغارات وإنفاق أثرية كنعانية وإسلامية عثر فيها على عدة مقابر وقطع أثرية وفخارية.
برج السموع أحد بقايا آثار المدينة الكنعانية.
وتبلغ مساحة أراضي السموع نحو 138,782 دونما، وأهم المحاصيل الزراعية التي تزرع في البلدة هي: الحبوب بأنواعها والعنب والتين والزيتون، ويعتمد السكان على تربية المواشي لتوفر المراعي في المناطق الوعرة.
وبلغ غدد سكان السموع في عام 1922 في الإحصاء الذي أجرته سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين نحو 1600 نسمة جميعهم العرب.
وفي عام 1945 بلغ العدد 2520 نسمة، فيما يبلغ عدد سكان السموع حاليا نحو 26 ألف نسمة.
تشتهر البلدة بالسمن البلدي، ويعتبر الزيت المستخرج من زيتونها الأفضل في فلسطين نظرا لكمية الأمطار القليلة الساقطة، بينما ينافس حجر المقالع المستخرج منها كل من حجر بيرزيت وصور معين والشيوخ.
يعود تاريخ البلدة للفترة الكنعانية، وذكرت في سفر يشوع حيث كانت مستوطنة تسمى "اشتموع" وفي العهد الروماني حرف الاسم إلى "استيمواع"، بمعنى طاعة .
خضعت السموع مثل بقية فلسطين لحكم الدولة العثمانية في عام 1517، وبحسب سجلات الضرائب العثمانية ظهرت القرية على أنها تابعة لناحية الخليل من لواء القدس، وكان عدد سكانها يتألف من 16 أسرة مسلمة. دفعوا ضريبة ثابتة نسبتها 33,3٪ على المنتجات الزراعية، كالقمح والشعير والكروم وأشجار الفاكهة، بالإضافة إلى رسوم على الماعز وخلايا النحل، ورسوم أخرى متفرقة، وهو ما مجموعه 3000 آقجة.
في عام 1838، وصف الباحث الأمريكي إدوارد روبنسون، مؤسس علم الآثار الكتابي، السموع كقرية "لها اعتبارها ومليئة بالطيور والحيوانات على أجمل ما يرام"، وذكر أن فيها بقايا جدران مبنية من الحجارة الكبيرة جدا .
وفي أعقاب نكبة فلسطين عام 1948، وبعد اتفاقيات الهدنة عام 1949، وقعت السموع تحت الحكم الأردني.
اشتهرت البلدة بمعركتها الشهيرة التي وقعت بين الجيش الأُردني وجيش الاحتلال الإسرائيلي في عام 1966 حيث زعم الاحتلال وجود قاعدة للعمل الفدائي في بلدة السموع في الضفة الغربية الواقعة تحت الحكم الأردني آنذاك، وأنها قامت بعدة عمليات عسكرية في العمق الإسرائيلي الأمر الذي دعاها إلى مهاجمة البلدة.
إلا أن بعض الخبراء يرون أن هذه العملية كانت لاستدراج الجيش الأردني للحرب، و حشد اللواء المدرع الإسرائيلي السابع، قواته على الحدود الأردنية واجتاز خطوط الهدنة برتلين من الدبابات و٤٠٠ مقاتل محمولين في عربات نصف مجنزرة تساندها عدة أسراب من الطائرات المقاتلة. تحرك أحد الأرتال باتجاه بلدة السموع والآخر باتجاه بلدة يطا التي تبعد كيلومترات عن السموع بهدف التضليل.
في موازاة ذلك، تحركت قوتان من الجيش الأردني باتجاه السموع عبر طريقين مختلفين الأولى عن طريق بلدة الظاهرية وهي تبعد مسافة قصيرة عن السموع، والثانية عن طريق يطا تحت قصف الطيران الإسرائيلي واصطدمت القوة الأردنية بالقوات الغازية في قتال ضاري.
تمكنت القوات الإسرائيلية من وصول مرتفعات السموع لحظة وصول القوات الأردنية، التي كان يشارك معها في القتال سرب طائرات وقد تصدت الطائرات المقاتلة الأردنية لها في معركة جوية فوق سماء السموع.
مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا في بلدة السموع.
استشهد في المعركة 13 جنديا أردنيا إضافة إلى الرائد محمد ضيف الله الهباهبة، والملازم الطيار موفق بدر السلطي، وجرح في المعركة قائد لواء حطين العقيد بهجت المحيسن، إلى جانب 22 عسكريا وتراجعت القوات الإسرائيلية بعد مقتل قائد لواء المظليين الإسرائيلي العقيد يواف شاهام وهزيمتها الجوية.
وشاركت طائرات الاحتلال في المعارك وأسقط الجيش الأردني 3 طائرات إسرائيلية، وقد تعرضت البلدة إلى الغزو الإسرائيلي قل ذلك في عام 1965 حيث اجتاح بلدة رافات ونسفت أكثر من خمسين منزلا للمواطنين.
وصدر قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 228 بإدانة الهجوم الإسرائيلي على بلدة السموع.
بعد حرب عام 1967، وقعت السموع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأقيمت على أراضيها عدة مستوطنات منها "بيت يتير"، "شمعة"، "عتنائيل"، "سوسيا"، "شاني ليفنه"، " اشتمواع"، "كفار لصيفر".
وقد استلمت السلطة الوطنية الفلسطينية البلدة عام 1996 في إطار اتفاقية أوسلو.
تنبض السموع بروح الصمود والمقاومة، فقد شهدت معارك عديدة وصمودا بطوليا منذ الانتفاضة الأولى والثانية حتى اليوم على وقع طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واستطاعت أن تحافظ على هويتها وتراثها رغم الظروف الصعبة التي مرت بها.
المصادر:
ـ مصطفى الدباغ، موسوعة بلادنا فلسطين، الجزء الخامس، القسم الثاني،1991.
ـ الجهاز المركزي للإحصاء، السلطة الوطنية الفلسطينية، رام الله.
ـ عوض الرجوب، "56 عاما على معركة السمّوع..دامت 5 ساعات فقط ولكنها مفصلية ومهدت لاحتلال الضفة"، الجزيرة نت، 13/11/2021.
ـ الموقع الإلكتروني لبلدة السموع.
ـ موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ علي سعادة، "معركة السموع.. أثارت انتقادات عالمية ومهدت لحرب 1967"، عربي21، 14/11/2020.