هل ترد روسيا على هجوم موسكو في سوريا؟- تحليل
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
استبعد المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف أن تكون سوريا وجهة محتملة للرد من بلاده على الهجوم المسلح الذي نُفذ في قاعة للحفلات الموسيقية بضواحي موسكو مساء الجمعة، والذي خلف العشرات من القتلى والجرحى، وذلك على الرغم من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليته عن الهجوم الذي يعد الأكبر من نوعه في روسيا منذ بدء الحرب في أوكرانيا.
وفي حديث خاص لـ"عربي21" رجح المحلل الروسي أن ترد بلاده على الهجوم في أوكرانيا، مشيراً إلى أن كل التصريحات الرسمية الروسية بعد الهجوم تدور حول احتمال تورط أوكرانيا في تدبير الهجوم.
وكانت أوكرانيا قد نفت أي صلة لها بالهجوم، وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك عبر "تليغرام": "لنكن واضحين، أوكرانيا ليست لها أي علاقة بهذه الأحداث".
كما اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بوتين بالسعي إلى إلقاء اللوم على أوكرانيا.
لكن مع ذلك، اعتبر أونتيكوف، أن من المبكر الجزم بمكان الرد الروسي قبل انتهاء التحقيقات، وقال إن "إعلان داعش مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي لا يعني أن التنظيم هو من نفذه".
وأوضح أن "التحقيقات ستكشف الجهة التي نفذت الهجوم"، وتحديداً المعلومات حول وجود تواصل بين الجهة المنفذة للهجوم إن كانت من التنظيم، ولديها اتصالات مع أوكرانيا، معتبراً: "أن من غير الممكن معرفة مكان الرد الروسي، في سوريا أو أوكرانيا، قبل معرفة نتائج التحقيق".
والسبت أعلنت السلطات الروسية عن توقيف 11 شخصاً، بينهم المهاجمون الأربعة المشتبه فيهم، في منطقة بريانسك الواقعة عند الحدود مع أوكرانيا وبيلاروسيا، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "الأربعة المشتبه في قيامهم بالهجوم كانوا يخططون للسفر إلى أوكرانيا".
بدوره، قال الكاتب الصحفي المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد، إن من "غير الواضح بعد مكان الرد الروسي على الهجوم الإرهابي"، مستدركاً: "لكن التصريحات الروسية التي تلت الهجوم جميعها أشارت إلى عامل أوكراني، وفي الغالب الرد سيكون في أوكرانيا".
وأضاف لـ"عربي21"، "يمكن القول كذلك إن ترد روسيا في سوريا في مناطق انتشار تنظيم داعش في سوريا أي في البادية، وعلى مقربة من القواعد الأمريكية، وفي مناطق أخرى، منها إدلب التي تتحدث روسيا عن تواجد لـ"الإرهابيين" فيها".
وقال عبد الواحد، إن "الظرف الذي أوجده الهجوم يبرر ردود روسيا".
روسيا لا تحتاج الذرائع في سوريا
وتنتشر خلايا تتبع لـ"تنظيم الدولة" في البادية السورية، حيث المناطق المفتوحة والمساحات الصحراوية الشاسعة التي تعطي لأفراد التنظيم القدرة على الاختفاء، بعد الهزيمة التي لحقت بالتنظيم في آخر معاقله في قرية الباغوز عند الحدود السورية- العراقية في آذار/مارس 2019.
وتتحدث روسيا كذلك عن تواجد لـ"الإرهابيين" في إدلب التي تخضع لسيطرة "هيئة تحرير الشام" شمال غربي سوريا.
من جانبه، قال المحلل العسكري العقيد عبد الجبار العكيدي، إن روسيا لا تحتاج الذرائع لمواصلة قصف المناطق المدنية في إدلب، وأساساً هي أخذت دور طائرات النظام الممنوعة من التحليق في مناطق يتواجد بها الجيش التركي.
وأضاف لـ"عربي21" أن روسيا لم تلتزم يوماً باتفاقات التهدئة أو "خفض التصعيد"، مشككاً برواية تنظيم الدولة التي تخص تبني الهجوم.
واتهم العكيدي جهات روسية رسمية بافتعال وتدبير الهجوم، قائلاً: "لا تحتاج روسيا للذرائع في سوريا، وغالباً الهدف من كل ذلك أوكرانيا".
ويتفق مع العكيدي المحلل السياسي باسل المعراوي الذي يرى أن "روسيا لا تحتاج للحجج للتصعيد في إدلب"، مضيفاً لـ"عربي21": "لكن هذه المرة إن صعدت روسيا على ادلب، فإن ذلك لن يخدم توجهها نحو اتهام أوكرانيا".
وعليه، لا يعتقد المحلل بوجود أي مصلحة روسية بالرد والتصعيد في سوريا، في مناطق تواجد خلايا التنظيم أو في إدلب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية روسيا بوتين روسيا بوتين اوكرانيا هجوم موسكو المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا فی مناطق لا تحتاج فی إدلب
إقرأ أيضاً:
من ساحات القتال إلى أسواق إدلب: "الجهاديون الأجانب" يبحثون عن وطن في سوريا
يتأرجح الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بين مطرقة أمريكا وسندان المقاتلين الأجانب، المتهمين بـ"الإرهاب" من قبل بعض الأطراف، وسط قصف جوي أمريكي يستهدف فصائل لم تبايعه، ما يعمق شكوك البعض بأنه أصبح نسخة جديدة من بشار الأسد. اعلان
لم يكن أحد يتوقع قبل عام أن يُكتب لسوريا بداية جديدة بهذه السرعة. بعد أكثر من عقد من الحرب الدامية، سقط نظام بشار الأسد في غضون أسابيع، ليقفز أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم أبو محمد الجولاني، إلى موقع الرئاسة وسُمّي رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا.
لكن هذا التحوّل السياسي لم يكن ليتم لولا آلاف المقاتلين الأجانب، القادمين من أوروبا وأفريقيا وآسيا الوسطى، الذين شاركوا في القتال، ليس فقط بسلاحهم، بل بتنظيماتهم وخبراتهم القتالية. هؤلاء دخلوا سوريا تحت رايات مختلفة، أصبحوا اليوم جزءاً من الواقع الجديد، لكن وجودهم يثير تساؤلات كبيرة داخل البلاد وخارجها.
في الرياض، الشهر الماضي، وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسالة واضحة خلال لقاء مع الشرع: "إخبار الإرهابيين الأجانب بالمغادرة".
وبحسب واشنطن بوست "كانت الكلمات قاسية، لكن التنفيذ يبدو مستحيلاً. فالحكومة لا تملك مكاناً لإرسال هؤلاء الرجال إليه، ولا توجد دولة مستعدة لاستقبالهم".
بحسب تقارير متخصصة، فإن العدد الحقيقي للمدرجين على قوائم الإرهاب الدولية لا يتجاوز بضع عشرات، بينما الآلاف الآخرون لا تحمل ملفاتهم سوى أسماء غير مؤكدة أو هويات مجهولة. ودولهم الأصلية، سواء في أوروبا أو آسيا، لا تبدي أي استعداد لاستقبالهم، خوفاً من التداعيات الأمنية.
حياة بين السر والعلنفي شمال غرب سوريا، حيث تسيطر هيئة تحرير الشام، الذراع السابق للقاعدة والتي لا تزال مرتبطة بالرئيس الجديد رغم إعادة هيكلتها، يعيش هؤلاء المقاتلون حياةً بين السر والعلن.
بعضهم انخرط في المجتمع المحلي، تزوج وأنجب وبدأ عملاً بسيطاً. آخرون لا يزالون يحملون السلاح، ويترددون على المساجد والمدارس كأي مواطن سوري.
"مصطفى"، مقاتل فرنسي من أصل جزائري، يسكن في ضاحية إدلب. لم يعد يرتدي الزي العسكري، لكنه لا يفارق سلاحه. يقول لـ"واشنطن بوست" إنه مطلوب في معظم الدول الأوروبية. "العودة تعني الموت أو السجن. سأموت هنا"، يضيف بصوت هادئ.
مثله، هناك العشرات من الفرنسيين والبلجيكيين والأوكرانيين وحتى من آسيا الوسطى، الذين قضوا سنوات في سوريا، وتحولت حياتهم من القتال إلى البحث عن الاستقرار الشخصي.
Relatedاجتماع دولي حول سوريا.. المبعوث الأممي الخاص: الوضع لا يزال هشًادُمرت محالّهم وطُلب منهم دفع الجزية.. مسيحيو سوريا ضحايا انتهاكات الفصائل المتطرفةرسالة سورية لطمأنة واشنطن.. ماذا جاء فيها؟غضب متزايد.. وخيبة أمللكن ليست كل القصص مشابهة. بعض المقاتلين، خاصة الأوروبيين منهم، يشعرون بالإحباط. اتهموا الشرع بأنه خان القضية، وأنه باع المبادئ مقابل مقعد على كرسي الحكم.
يقول أحد هؤلاء: "الجولاني يهاجمنا من الأرض، وأمريكا من السماء"، في إشارة إلى الحملات العسكرية المستمرة ضد الفصائل الجهادية التي لم تبايع الحكومة الجديدة.
ويضيف: "نحن لم نقاتل كل هذه السنوات لنرى حكومة تحكمنا بنفس الطريقة التي حكم بها الأسد، فقط بأسماء مختلفة".
الأمر الذي يزيد الأمور تعقيداً هو استمرار أعمال العنف الطائفي التي تُنسب إلى بعض الفصائل الجهادية. وتشير تقارير من جماعات المراقبة إلى أن مقاتلين أجانب شاركوا في عمليات سابقة استهدفت أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين.
هذه الانتهاكات تهدد عملية الانتقال السياسي الهشة التي تحاول الحكومة الجديدة بناءها، وتجعل من الصعب عليها تقديم نفسها كقوة شاملة وموحّدة لكل السوريين.
على الجانب الآخر، يرى محللون أن الحل الوحيد هو دمج هؤلاء المقاتلين في الجيش النظامي الجديد، أو فرض معايير واضحة لسلوكهم، ومنعهم من التحريض الطائفي أو تنفيذ عمليات خارج الحدود. لكن العملية تسير ببطء، والخلافات داخلية وخارجية تعرقل أي تقدم.
ويقول جيروم دريفون، خبير شؤون الجهاد في مجموعة الأزمات الدولية: "الحكومة تحاول عزلهم، لكن من هم الإرهابيون حقاً؟ فقط عشرات من المقاتلين مصنفون دولياً، بينما البقية ليس لديهم هوية واضحة، ودولهم لا تريد استقبالهم".
حتى إن رجال الدين الجهاديين بدأوا يعتبرون هؤلاء المقاتلين "عبئاً"، وتنبأوا بأن الشرع قد يتخلص منهم بمجرد تعزيز واقعه السياسي والأمني، وفق ما نقلت عنه "واشنطن بوست".
"لا أريد العودة"في زوايا خفية من شوارع إدلب، حيث تسيطر الحكومة الجديدة، يعيش المقاتلون الأجانب حياةً غامضة. بعضهم يمشي بين المدنيين كأن شيئاً لم يكن، وآخرون لا يزالون يرتدون الزي العسكري، والبعض منهم يتجول بحرية داخل المساجد والمحال التجارية، دون أن يُسأل عنهم أحد.
لكن الحديث إليهم ليس سهلاً. فمع أوامر صارمة من الحكومة الجديدة بعدم التحدث إلى الإعلام، يحتاج الوصول إليهم إلى تفاهم محلي، وضمانات بعدم الكشف عن هوياتهم.
في سوق صغير بقلب إدلب، التقت الصحيفة برجل من آسيا الوسطى. يتحدث العربية بطلاقة، كأنه ولد وترعرع في سوريا، وليس شخصاً قضى ثماني سنوات فقط بين أهلها.
يرفض الكشف عن هويته، لكنه لم يخفِ حقيقة وجوده: "جئت إلى هنا للقتال"، وكأنه يسترجع ذكرى قديمة لا يريد العودة إليها، ويضيف: "لكن الحياة غيّرتني. تزوجت، أنجبت، وأصبحت أعمل هنا. لم تعد سوريا بلداً غريباً عليّ".
وعند سؤاله إن كان يفكر في العودة إلى موطن أجداده، يجيب: "لا أعرف إن كانت بلادي تريدني أم لا، لكنني لا أريد العودة. أصبحنا جزءاً من هذا المجتمع، حتى لو كان البعض لا يحب وجودنا".
ويضيف وهو يشير إلى المارة من حوله: "الجميع يعرف من أين نحن، لكن لا أحد يسأل. كلنا هنا نبحث عن حياة جديدة، حتى وإن جاء بعضنا بسلاح في يده".
وفي ظل غياب حلول واضحة، يبقى هؤلاء المقاتلون واقفين على خط موازٍ بين البقاء والرفض، بين ولاء مشكوك فيه وتهديد مستمر، بينما تستمر سوريا في البحث عن طريقها نحو الاستقرار.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة