صوت الناخبون السنغاليون الأحد، لاختيار رئيسهم الجديد بعد أزمة سياسية دامت سنوات وبدأت عملية فرز الأصوات. 

ويمثل هذه الاقتراع نهاية لنظام حافظ على سياسات مؤيدة للاستثمار في الدولة، التي ستصبح قريبا منتجا للنفط والغاز، لكنه لم يتمكن من الحد من الصعوبات الاقتصادية وأثار الاضطرابات في واحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارا في منطقة غرب أفريقيا التي شهدت العديد من الانقلابات.

انتهت عملية تصويت الناخبين في السنغال مساء الأحد لاختيار الرئيس الخامس للبلاد، في اقتراع مفتوح على كل الاحتمالات، تختار فيه البلاد ما بين الاستمرارية والتغيير الجذري بعد اضطرابات وأزمة سياسية مستمرة منذ ثلاث سنوات.

وأغلقت مكاتب الاقتراع رسميا في موعدها المحدد في الساعة 18،00 بالتوقيتين المحلي والعالمي قبل أن يبدأ فرز الاصوات.

وكان الناخبون وقفوا في طوابير بالعشرات أو المئات خلال اليوم الانتخابي من دون أن يصدر أي تقدير محدد لنسبة المشاركة، علما أنها بلغت 66 في المئة في 2019.

وجرت العملية الانتخابية من دون أي حوادث تذكر، في مشهد مناقض للاضطرابات التي شهدتها البلاد بعد القرار الرئاسي بإرجاء الانتخابات.

وقالت ميتا ديوب وهي تاجرة عمرها 51 عاما أمام مركز اقتراع في دكار "نجحنا أخيرا الحمد لله. لم تكن الفترة الأخيرة سهلة للسنغال التي شهدت عدة تقلبات. لكن كل هذا بات خلفنا الآن".

وعلى غرار سائر الناخبين، اختارت ميتا من بين اللوائح الانتخابية الـ19 المعروضة، وبينها لوائح مرشحَين انسحبا من السباق، وبعد الإدلاء بصوتها، غمست إصبعها في الحبر الأحمر وفق التعليمات السارية لمنع الناخبين من التصويت أكثر من مرة.

وتحدث زعيم المعارضة المناهضة للنظام عثمان سونكو الذي خاض الحملة لصالح باسيرو ديوماي فاي لأن السلطات لم تجز له خوض الانتخابات بنفسه، عن تعبئة قياسية، وخصوصا لدى الشبان الذين يعول معسكره عليهم. وأدلى سونكو بصوته في معقله زيغينشور (جنوب).

وأكد أبرز مرشحين، فاي وامادو با، "ثقتهما" بالفوز من الدورة الأولى.

من جانبه، حذر الرئيس السنغالي المنتهية ولايته ماكي سال الذي صوت مع زوجته في فاتيك (وسط غرب) من إعلان أي فوز في شكل مبكر.

ودعي نحو 7،3 ملايين ناخب الى الاختيار بين 17 مرشحا بينهم امرأة.

والمرشحان الأوفر حظا هما أمادو با (62 عاما)، رئيس الوزراء حتى قبل بضعة أسابيع والذي اختاره الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال ليخلفه، وباسيرو ديوماي فاي (43 عاما)، "مرشح تغيير النظام" و"الوحدة الأفريقية اليسارية".

وتحظى الانتخابات بمتابعة دقيقة، إذ تعتبر السنغال من أكثر الدول استقرارا في غرب أفريقيا، فيما شهدت المنطقة انقلابات. كذلك ترتبط دكار بعلاقات وثيقة مع الغرب بينما تعزز روسيا مواقعها في الجوار.

وكان مقررا أن يدلي السنغاليون بأصواتهم في 25 شباط/فبراير، لكن تأجيلا في اللحظة الأخيرة أثار أعمال عنف خلفت أربعة قتلى. وشكلت بلبلة استمرت عدة أسابيع اختبارا للديمقراطية في السنغال، إلى أن تم تحديد موعد 24 آذار/مارس.

ورغم هذا التأخير، لاحظ مراقبو الاتحاد الأوروبي أن العملية الانتخابية تجري "بهدوء وفاعلية وفي شكل منظم"، على قول رئيسة البعثة مالين بيورك. وهي المرة الأولى لا يترشح رئيس منتهية ولايته لإعادة انتخابه.

يؤكد المرشح أمادو با أنه سيقف حاجزا بوجه "المغامرين" و"الهواة" في السياسة. وصرح خلال إدلائه بصوته مع زوجته في دكار "سنمضي قدما على طريق التحسين".

في المقابل، قدم فاي نفسه بوصفه "خيارا للقطيعة" مع النظام، وذلك خلال تصويته في قريته بغرب البلاد.

وقالت الناخبة ندييي بندا فاي (23 عاما) في دكار إن "ماكي سال قام بعمل كثير، لذا سأصوت لامادو با من أجل مواصلة العمل".

وشهدت البلاد منذ 2021 فترات من الاضطرابات نتيجة الصراع الشرس بين المعارض عثمان سونكو، مستشار المرشح ديوماي فاي، والسلطة، فضلا عن التوتر الاجتماعي والغموض الذي أبقى عليه الرئيس لفترة طويلة حول احتمال ترشحه لولاية ثالثة. واستمرت الأزمة مع تأجيل الانتخابات.

وقتل عشرات الأشخاص وأوقف المئات، ما قوض صورة البلاد، وهو ما تعتبره الحكومة ظلما.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السنغال فرز الأصوات

إقرأ أيضاً:

حديث شغور منصب الرئيس في تونس…

 المـؤكّد حاليا في تونس شيء واحد فقط: الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ومن غير المقبول أصلا أن يستمر.

مؤشرات عديدة بدأت في البروز تدريجيا متجاوزة الجدل العادي حول أداء الرئيس قيس سعيّد لتصل هذه المرة للحديث عن ضرورة رحيله لتجاوز حالة الانسداد القاتل وهو حديث لم يعد متداولا بين معارضيه فقط، خاصة في الخارج، بل اتسعت دائرته إلى أبعد من ذلك.

هذا الانتقال النوعي من انتقاد سعيّد إلى المطالبة برحيله أملته مجموعة عوامل على رأسها الوصول إلى اليأس الكامل والنهائي من إمكانية تراجع الرجل عن نهجه المنفرد في الحكم منذ انقلابه عن الدستور في يوليو 2021، إلى جانب وضعه الصحي، وأخيرا الخوف من انفلات الأمور والذهاب إلى حالة خطيرة من الفوضى أو عدم الاستقرار.

لكل ما سبق ازداد الحديث عن «شغور منصب رئيس الجمهورية» بعد أن ظل طوال أشهر من المحاذير التي يفضل الجميع تجنّب الخوض فيها علنا. لم يعد غريبا، على سبيل المثال لا الحصر، أن تجد أستاذا جامعيا في القانون الدستوري هو أمين محفوظ، الذي كان من مؤيدي سعيّد في انقلابه قبل أن يغيّر موقفه، يقول في مقابلة صحافية إنه في حال حدوث مثل هذا الشغور على رئيسة الحكومة تولي رئاسة الدولة مؤقتا إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، في حين لا يتردّد الصحافي زياد الهاني في نشر تدوينة يقول فيها إن على الجيش الوطني أن يتولى ذلك بهدف «منع حصول الفراغ في أعلى هرم الدولة، ومن ثمّ رعاية مؤتمر حوار وطني جامع»، رغم الحذر الشديد من خيار الزج بالمؤسسة العسكرية في تسيير شؤون البلاد ولو مؤقتا.

مردّ هذا الاختلاف أن دستور قيس سعيّد الذي كتبه بنفسه عام 2022، وفرضه على البلاد باستفتاء هزيل، ينص على أنه في حال حصول شغور في منصب الرئاسة يتولى رئيس المحكمة الدستورية مقاليد الأمور حتى إجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، لكن ما حصل هو أن سعيّد تعمّد عدم تشكيل هذه المحكمة إلى الآن، رغم مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تصريح وعد فيه بأنه سيفعل ذلك «في أسرع وقت ممكن»!!

الحديث عن شغور منصب الرئاسة وضرورة معالجة هذه الثغرة الدستورية الخطيرة، التي تركها سعيّد متعمّدا وكأنه سيبقى رئيسا إلى الأبد، لا يعود فقط إلى ازدياد عدد المطالبين برحيل الرئيس، وإنما أيضا إلى معاينة وضعه الصحي الخطير، ليس النفسي فقط بل والجسدي كذلك، وسط تكتم رسمي عن حقيقة كل ذلك وما يشاع بين فترة وأخرى عن دخوله إلى المستشفى. المطالبة برحيله ظهرت كذلك في الشعارات التي رفعت في أكثر من مظاهرة أخيرة، بعد أن نفض الجميع اليد من إمكانية تعديل سياساته حين اتضح أنه غير مستعد أبدا لأي تراجع، أو حتى مراجعة، لاقتناعه المطلق أنه الوحيد على حق وكل من سواه خونة وعملاء.
في كل تاريخ تونس الحديث شكّل الإعلان عن إضراب عام مؤشرا بالغ الدلالة على تحوّل كبير في سير الأحداث
ما يعزز الزخم المتنامي رويدا رويدا في اتجاه رحيل قيس سعيّد نزول المركزية النقابية بثقلها معلنة عن الإضراب العام في البلاد في 21 يناير/كانون الثاني المقبل في جميع القطاعات بعد أن سجّلت في بيانها الأخير الصادر عن اجتماع هيئتها الإدارية «استمرار الاحتقان السياسي والاجتماعي وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد وإرساء منظومة استبداد منغلقة (…) وتواصل غلق أبواب الحوار ورفض التفاوض والتفرّد بالقرار والهروب إلى الأمام (..) وتنامي تدهور القدرة الشرائية للشغّالين وعموم الشعب بسبب التهاب الأسعار وغلاء المعيشة وتردّي خدمات المرافق العامة وتواصل الاحتكار وتقصّير الدولة من دورها الاجتماعي».

في كل تاريخ تونس الحديث شكّل الإعلان عن إضراب عام مؤشرا بالغ الدلالة على تحوّل كبير في سير الأحداث، سواء نُفّذ في كامل البلاد مثل 26 يناير /كانون الثاني 1978 زمن حكم الرئيس الحبيب بورقيبة، أو في بعض المحافظات الكبرى فقط مثل 14 يناير /كانون الثاني 2011 يوم مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي وانتصار الثورة. هذه المرة، يأتي هذا الإضراب العام الجديد والرئيس سعيّد فاقد لكل سند سياسي، أو شعبي واضح ومقنع، مستقويا بأجهزة الدولة لا غير. إنه يعاني عزلة سياسية واضحة، بما في ذلك بين أنصاره الأوائل ومنهم نواب برلمان تحدث بعضهم في جلسات علنية عن «الزمن السياسي» لسلطته الحاكمة، وبعضهم الآخر عن «رئيس منفصل عن الواقع»، فضلا عن تناول محيطه العائلي باعتبارهم «طرابلسية جدد» في إشارة إلى فساد أصهار الرئيس بن علي.

هذه العزلة فاقمتها عزلة دولية وبيانات تنديد خارجية، رسمية ومن منظمات حقوقية كبرى، للمحاكمات السياسية وخضوع القضاء ووضع الحريات وحقوق الإنسان. المخيف أن سعيّد لا يواجه كل ذلك إلا بمزيد من العناد والتقوقع بعد أن تلبّسته حالة غير سويّة، سبق أن عبّر عنها بعظمة لسانه حين قال إنه يشعر أنه «قادم من كوكب آخر» وإنه سيكون «أحد صانعي التغيير في العالم كله»، بل وإنه يشعر كأنه «النبي صالح في قوم ثمود»!!.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • إثيوبيا تحدد موعد انتخابات 2026 وسط تحديات
  • إقبال متزايد على لجان الانتخابات البرلمانية في دوائر محافظة الأقصر
  • السجن المؤبد لأب و15 عاما لصديقه لاتهامهما بهتك عرض طفله الأول بالبحيرة
  • حديث شغور منصب الرئيس في تونس…
  • زيلينسكي يعرب عن استعداده لتغيير التشريع لإجراء انتخابات رئاسية بعد دعوة ترامب
  • الرئيس الأوكراني: مستعدون لإجراء انتخابات
  • مع بدء جولة الإعادة لـ 30 دائرة .. القانون يحدد حالات بطلان الصوت لضمان نزاهة الانتخابات
  • السنغال: الأصدقاء وصراع الرجال حول الرئيس
  • توتر سياسي في هندوراس بعد اتهامات بسرقة الانتخابات وتدخل أمريكي
  • ترامب يهاجم أوروبا ويطالب بانتخابات رئاسية في أوكرانيا