لبنان ٢٤:
2025-07-03@12:13:16 GMT

بشارة مريم في زمن الحروب والمحن

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT

بشارة مريم في زمن الحروب والمحن

كتب أمين عام اللقاء الإسلامي - المسيحي حول سيدتنا مريم القاضي د. محمد النقري في "اللواء": 
مريم أيتها القديسة، أيتها الوليّة الصالحة المتربعة على عرش أفضل نساء العالمين، لولا شعلة محبتك وفيض إيمانك ونبض قلبك المقدّس، لولا اصطفائك وطهارتك واصطفائك من قبل خالق الأكوان، لولا دوي أنين آلامك حين المخاض في ولادة ابنك الكلمة ونفخة الروح من العليّ القدير التي بثّها في بطنك.

.. لولا صبرك وجلدك وقوة تحمّلك وصومك لفقدنا دونك المثل الأعلى والقدوة في تحمّل كيد أعدائنا أعداء اليوم وأعداء الغد والذين كانوا أعدائك أعداء الأمس.
أيتها القديسة والوليّة الصالحة لولا أمومتك التي تجمعنا وتضمّنا بحنانها، مسلمين ومسيحيين، لفقدنا كل أمل وكل رجاء في عالم يتهاوى من كل حدب وكل صوب، في عالم كثر فيه الظلم والفقر والنهب والسرقة، في زمن كثر فيه الغدر والخيانة والكذب والقهر، في زمن تضعضعت فيه قيم العائلة والطبيعة بعد أن أضافوا إليها وعليها مسمّيات دخيلة ومتهاوية أفقدتها معاني الأبوة والأمومة المجتمعة في أجمل صورها، في زمن اشتدّت فيه النكبات والحروب وحيكت المؤمرات وأبيدت شعوب بأطفالها ونسائها وشيوخها وأبريائها وأزيلت من الوجود من على أرضها وأرض أجدادها دون أن ترف للعالم جفن أو تذرف لهم دمع، في زمن قتل فيه الناس بعضَهُم بعضاً دون أن يعلم القاتِلُ لماذا قَتل ولا المقتولُ لماذا قُتَل، في هذا الزمن نكون قد أدركنا ما وصفه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام حينما أجاب أحد صحابته عما إذا فقد الناسُ عقولهَم حينئذ؟ فيجيب النبي محمد بأنه تنزع عقول أهل ذلك الزمان حتى يحسب أحدهم بأنه على شيء وليس هو على شيء.

في زمن هذا الإنقسام الأكبر : إنقسام المجتمعات على بعضها والشعوب على بعضهم والعائلات والأبناء على بعضهم البعض، بل والإنقسامات التي طالت الأحزاب والجمعيات واللقاءات ذات الأهداف الواحدة، في زمن تهاوت فيه الدولة ومؤسساتها وكأنها تساق سوقاً لتواكب خطط شيطانية لشرق أوسط جديد، تأتي هذه المناسبة الوطنية الإسلامية - المسيحية الجامعة لبشارة سيدتنا مريم لتمنحنا بصيصاً من أمل افتقدناه، وإيماناً بالله أضعناه، لتكون نسمة خير يفوح عطرها على المؤمنين بالله جميعا، بل لتكون بارقة أمل مدوية تحمل رايات الجمال والمحبة والرحمة والرجاء والإيمان والإحسان والعدل والإخاء. كل يوم لنا فيه - مسلمون ومسيحيون - بشارة من أمّنا البتول مريم، بل وفي كل يوم تطلع فيه الشمس أو يتساقط فيه المطر أو تتلبد في سمائه الزرقاء الغيوم، ينتشر فيه رجاء أمّنا البتول مريم أن يعمّ السلام على الأرض، وأن تدق أجراس الكناس ويعلو الآذان من على مآذن المساجد معلنين انتهاء محنة الإنسان لأخيه الإنسان وولادة إنسان الخير والمحبة والرحمة والرجاء.

في هذا اليوم وفي هذه المناسبة الجامعة، نأمل من اللبنانيين والمؤمنين والمجتمعين بفرحة هذا اللقاء الوطني الذي اعتدنا أن نحتفل به في كل سنة منذ 2007، والذي أعلنته الدولة عيداً وطنياً جامعاً في سنة 2010، أن يستلهموا من بشارة مريم وولادتها ومحنتها التي واكبتها في سنين حياتها، العِبَر ومفاهيم التضحية والصبر على الشدائد والإيثار والإخلاص. فإن كانت من مريم ابتدأت الرسالة التي حملها لنا السيد المسيح عيسى ابن مريم فلقد تبعتها رسالة سيدنا محمد عليهما أفضل الصلاة والسلام ليبدأ معهما التاريخ ويقصّ لنا عنواناً إعجازيا في قوة التصميم وقمة الإخلاص وتحمّل الإيذاء والسخرية من أجل إبلاغ رسالة الله، وعنوانا لمحبة البشر بعضهم لبعض.
إن كانت هذه فرحتنا مسلمين ومسيحيين بهذه المناسبة، فلتتشابك أيدينا، ولتتعانق أجسادنا، ولتتعاضد أكتافنا، ولتتلاقى صدورنا، ولتتقابل وجوهنا، ولتتناغم ألستنا، ولتبقى أنوفنا شامخة، ورؤوسنا مرتفعة، وقلوبنا متآلفة، وأقدامنا في أرض الأرز ضاربة، تجمعنا جميعاً محبتنا لسيدتنا مريم العذراء البتول وتكريمنا لابنها المسيح الحصون. في أعماق تربيتنا تجدون احتراما وإجلالاً لإنجيل يرنّم ولقرآن يجود، ترون في أعيننا صور آباء في كنيستهم قانتون عابدون ومشايخ في مساجدهم راكعون ساجدون، في مدننا وأريافنا، تسمعون أجراس الكنائس يتقارعون وأصوات المؤذنين يتناوبون، فمن مثلنا يضاهينا في عيشنا المشترك الواحد، بوركت أيها الوطن، بوركت أرضك وسمائك وشعبك. بوركت يا مريم يا سيدة نساء العالمين.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی زمن

إقرأ أيضاً:

تحصين الجامعات اليمنية في زمن الحروب السيبرانية

أ.د. خالد الحسيني

في المنظور الإسلامي، حماية المؤسسات العلمية من الاعتداءات ليست مجرد تدبير إداري، بل واجب شرعي يدخل في صيانة الضروريات الخمس، وعلى رأسها “حفظ العقل” و”حفظ الدين”، وهو ما لا يتحقق إلا بصيانة أدوات المعرفة الحديثة، وعلى رأسها الأنظمة الرقمية التي أصبحت قلب العملية التعليمية. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71]

والأخذ بالحذر في زماننا يشمل إعداد مؤسساتنا العلمية لتحصينها من الاختراق، والعبث، والتخريب، كما نحصّنها فكريًا ومنهجيًا.

في ظل الحرب السيبرانية الموازية التي رافقت النزاع الأخير، أظهرت المعركة الرقمية جانبًا خطيرًا من الحروب الحديثة، حيث أصبحت المؤسسات التعليمية ومراكز الأبحاث في مرمى الاستهداف، ليس من أجل تدميرها جسديًا، بل لضرب بنيتها المعلوماتية، وسرقة بياناتها، وزعزعة استقرارها المعرفي.

ورغم أن المواجهة التي جرت مؤخرا حدثت خارج اليمن، إلا أن الدروس المستفادة منها تمسّنا بشكل مباشر، لا سيما ونحن نعيش ظروفًا مشابهة في الهشاشة الأمنية، ضعف البنية التحتية، وغياب سياسات واضحة لحماية المؤسسات العلمية من الهجمات السيبرانية.

ما تعرّضت له مؤسسات التعليم في بعض الدول خلال الحرب السيبرانية الأخيرة، يُنبئنا نحن في اليمن بما قد يحدث إذا ما استمرت جامعاتنا مكشوفة إلكترونيًا.

ليس المطلوب أن نحاكي سباق التسلّح السيبراني، بل أن نُدرك أن المعركة اليوم لا تُخاض فقط بالبندقية، بل بالخادم Server، وكلمة المرور Password، وجدار الحماية Firewall، فلنحمي جامعاتنا، نحمي عقولنا. ولنبنِ قدراتنا الرقمية كما نبني مختبراتنا، لأن العلم إذا لم يُصن رقميًا، لن يُثمر واقعيًا.

الجامعات اليمنية مكشوفة سيبرانيًا

– تفتقر معظم الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية على حد سواء إلى أنظمة رقمية مؤمّنة أو فرق متخصصة في الحماية السيبرانية. وغالبًا ما تُدار البيانات الأكاديمية (الطلاب، النتائج، الأبحاث، الشهادات) من خلال أدوات بدائية، بعضها معرّض للاختراق أو الفقدان، سواء بسبب عدم الحماية أو ضعف التخزين.

– في ظل هذا الوضع، فإن أي نزاع أو تدخل خارجي يمكنه بسهولة أن يشلّ العملية التعليمية أو يُخرّب البنية التحتية لمؤسسة تعليمية كاملة من خلال الاستهدافات السيبرانية لمنصات وجامعات رئيسية.

الدرس السيبراني لليمن: المعرفة بحاجة لحماية إلكترونية

الحرب السيبرانية التي جرت مؤخرا لم تكن نزاعًا رقميًا فحسب، بل كشفت أن المعرفة باتت ساحة معركة، وأن من لا يمتلك أدوات الحماية الرقمية، قد يفقد أمنه التربوي والسيادي.

في اليمن، نحن أمام مسؤولية وطنية عاجلة تتمثل في:

– وضع سياسة وطنية لحماية البيانات التعليمية، ضمن استراتيجية شاملة للأمن السيبراني.

– إنشاء وحدات للأمن المعلوماتي داخل الجامعات اليمنية، مزودة بالكفاءات الفنية والتجهيزات المناسبة.

– تدريب الموظفين الأكاديميين والإداريين على كيفية التعامل مع الهجمات الإلكترونية أو الحوادث الرقمية.

– دمج مساقات ومقررات عن الأمن السيبراني ضمن برامج الحاسوب ونظم المعلومات والهندسة.

– بناء بنية تحتية رقمية مؤمنة للمنصات التعليمية الحكومية والخاصة.

 

* أستاذ هندسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT

 

 

مقالات مشابهة

  • في زمن الحروب والتقلبات.. خبير اقتصادي يكشف خارطة الاستثمار الآمن
  • تحصين الجامعات اليمنية في زمن الحروب السيبرانية
  • نيزافيسيمايا: كيف تنتهي الحروب في الشرق الأوسط؟
  • ترامب: "ماسك" كان سيضطر للعودة إلى بلده الأصلي لولا دعمنا له
  • ترامب: ماسك كان سيضطر للعودة إلى بلده الأصلي لولا دعمنا له
  • وداعًا يا مريم.. قصة الفراشة التي اختطفها البحر في تونس
  • ترامب يهاجم ماسك: لولا الدعم الحكومي لأغلق شركته وعاد لجنوب أفريقيا
  • مسرحية أشلاء صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي
  • خيري بشارة.. من سرقة كتاب وسينما إلى صانع أعظم التحولات في السينما المصرية
  • هل غرقت في الأعماق؟.. قصة الطفلة مريم التي اختفت وسط البحر في تونس