في مساء السبت، كانت الشمس تودع شاطئ "عين جرنز" على سواحل مدينة قليبية في تونس، ونسيم البحر يحمل ضحكات الأطفال والعائلات الذين قصدوا البحر للفرح والراحة. 

كانت الطفلة مريم، ذات السنوات الثلاث، تجلس على عوامة مطاطية صغيرة، تضحك وتتأرجح بين ذراعي الماء... ولم تكن تعلم أن البحر الذي احتضنها بلطف في البداية، سيبتلعها فجأة إلى الأبد.

في لحظة واحدة، تحول المشهد من نزهة عائلية إلى كابوس، حيث انقطع الحبل الذي يربط عوامة مريم بالشاطئ، بعد أن عصفت الرياح بقوة، بلغت نحو 40 كيلومترًا في الساعة. كانت الأم تراقبها، والأب يلهو قريبًا منها، لكن الرياح كانت أسرع من كل شيء.

ركض الأب نحو البحر، قفز دون تردد، وبدأ يسبح باتجاه عوامة طفلته، متحديًا التيارات العنيفة، لكن البحر كان أقسى. 

أربعون دقيقة من السباحة المحمومة، ثم ترنح جسده المنهك، وكاد يغرق هو الآخر، فأنقذته فرق الإنقاذ، لكن مريم كانت قد اختفت، كما لو أنها ذابت في زرقة البحر.

تسابق الغواصون، فرق الحماية المدنية، الحرس البحري، وأفراد الجيش، إلى موقع الحادث. عشرون غواصًا، طائرات مسيرة، قوارب إنقاذ، وأجهزة مسح تحت الماء... جميعها شاركت في سباق ضد الزمن.

لم تكن العائلة وحدها في هذا الألم، فقد تحولت قضية مريم إلى قضية رأي عام. تصدرت صورتها منصات التواصل الاجتماعي، وتحولت إلى رمز للوحدة والقلق والحزن في كل بيت تونسي بل كل بيت عربي.

كل دقيقة كانت كالعمر. الأمل يتقلص، والموج لا يعيد شيئًا. إلى أن جاء اليوم الثالث... وجاءت الجثة.

في فجر يوم الاثنين 30 يونيو، وعلى بعد 25 كيلومترًا من موقع اختفائها، ظهرت جثة مريم الصغيرة قرب ميناء "بني خيار"، هامدة بين الصخور، كما لو أن البحر أعادها حين هدأت عاصفته.

جثمانها الصغير لم يتحمل الانتظار ولا المياه المالحة، لكن ملامحها البريئة بقيت شاهدة على اللحظة الأخيرة.

العائلة لم تصدق. الأم، التي لم تتوقف عن البكاء والدعاء، انهارت. الأب، الذي خاطر بحياته، وقف مذهولًا كأن الزمن تجمد. مريم كانت حلمًا ورديًا، اختطفه البحر في لحظة غدر.

مريم ليست الأولى التي يأخذها البحر، لكنها أصبحت أيقونة لحجم الألم الممكن من مجرد نزهة على الشاطئ.

هل كان بالإمكان إنقاذها لو كانت هناك مراقبة بحرية كافية؟ هل وفرت الدولة ما يلزم لحماية العائلات من الرياح والتيارات؟ لماذا لم يغلق الشاطئ في ظل تحذيرات الأرصاد من الطقس السيئ؟ أسئلة كثيرة يطرحها التونسيون اليوم، وتظل دون إجابة.

قصة مريم لم تنته عند البحر. هي الآن في قلوب الناس، في ذاكرة من لم يعرفوها إلا من خلال صورتها وهي تبتسم، وفي ضمير وطن لم يعتد أن يفقد أطفاله هكذا.

ربما لن تعود مريم، لكنها خلفت أثرًا يجعلنا نعيد التفكير في سلامة أطفالنا، في مسؤولياتنا، وفي هشاشة الحياة أمام لحظة واحدة من الإهمال أو الغدر الطبيعي.

طباعة شارك مريم تونس غرق

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مريم تونس غرق

إقرأ أيضاً:

خارجية النواب: 30 يونيو كانت لحظة فارقة وحاسمة في تاريخ الوطن

وصفت النائبة هناء أنيس رزق الله، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، عضو أمانة المرأة المركزية بحزب الشعب الجمهوري، ثورة 30 يونيو بأنها كانت لحظة فارقة وحاسمة في تاريخ الشعب والدولة المصرية.

وقالت عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، في بيان صحفي، بمناسبة ذكري مرور 12 عاماً علي ثورة 30 يونيو، أن هذه الثورة المجيدة هي ميلاد جديد للدولة المصرية الوطنية الحديثة.

بعد 30 يونيو .. تشريعات الحسم في مواجهة حرب الشائعات وخطاب الكراهيةمحافظ الجيزة يهنئ الرئيس بالذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيوالوفد : ثورة 30 يونيو أنقذت الوطن من مخطط كان يستهدف هويته ووحدتهالجيل: 30 يونيو أسقطت مخططات جماعة الإخوان الإرهابية واستعادت قوة الدولة


وأشارت عضو أمانة المرأة المركزية بحزب الشعب الجمهوري، إلي أن الشعب المصري العريق كان حجز الزواية في ثورة 30 يونيو التي حررت الدولة من براثن الإخوان الإرهابية. 
استعادة مؤسسات الدولة.

وأوضح النائبة هناء أنيس رزق الله، أن القيادة السياسية نجحت في استعادة الدولة ومؤسساتها من الجماعة الإرهابية، لافتة الي أن الدولة المصرية عقب مرور 12 عاماً علي ثورة 30 يونيو شهدت انجازات عريقة ومتعددة لم تشهدها الدولة قبل ذلك.


وأردفت النائبة هناء أنيس رزق الله، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن الفترة الماضية منذ ثورة 30 يونيو وحتي هذه اللحظة شهدت مصر مشاريع قومية ضخمة ومختلفة في كافة المحافظات، منوهة الي أن تلك المشاريع العملاقة وضعت مصر علي خارطة طريق المستقبل وبناء الجمهورية الجديدة.


ووصفت عضو أمانة المرأة المركزية بحزب الشعب الجمهوري، أن ثورة 30 يونيو كان تعبيراً صادقاً عن إرادة الشعب المصري الذي خرج في كافة الميادين المصرية لرفض حكم جماعة الإخوان الإرهابية، مؤكدة، أن الشعب المصري العظيم رفض اختطاف الدولة المصرية ومؤسساتها علي يد الجماعة الارهابية، متابعة، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لبي نداء الشعب المصري وتحمل المسؤلية وذلك في أدق اللحظات الصعبة التي تمر بها البلاد. 
المشروعات العملاقة في مصر

ونوهت الي أن ما تحقق خلال الـ12 عامًا الماضية في مصر لا يمكن اختزاله في أرقام أو مشروعات فقط بل يعكس واقعًا أعمق من مجرد الإنجازات المادية منوهة أن ما تحقق في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يحدث من قبل ويشمل أبعادًا متعددة تتعلق بالهوية الوطنية، والاستقرار السياسي، والتحولات الاجتماعية، والشعور العام بالثقة في الدولة والقيادة السياسية، مؤكدة أن الدولة استعادت مؤسساتها بشكل كامل وأصبح هناك حضور قوي لمؤسسات الدولة على كافة المستويات.

مصر نجحت في الحفاظ علي أمنها الداخلي والخارجي

وأوضحت أنه في ظل إقليم مليء بالصراعات، استطاعت مصر الحفاظ على أمنها الداخلي بشكل كبير، ما ساعد على جذب استثمارات وعودة النشاط الاقتصادي والسياحي تدريجيًا كما شهدت السنوات الماضية حملات إعلامية وثقافية تعزز من الانتماء الوطني، وتسليط الضوء على الهوية المصرية التاريخية والحضارية، ما ساهم في بناء حالة من الوعي الجمعي.

تشييد مشروعات قومية كبيرة

وفي سياق متصل شددت علي أن الدولة المصرية استطاعت تشييد مشروعات قومية كبيرة وعلي رأسها العاصمة الإدارية الجديدة تطوير شبكة الطرق، بالإضافة الي توسيع الرقعة الزراعية في العديد من المحافظات واستصلاح الأراضي الزراعية بصورة كبيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وفيما يخص العلاقات الخارجية أردفت قائلة: أن مصر استعادت دورها كفاعل محوري في ملفات إقليمية مهمة مثل القضية الفلسطينية، وأمن البحر الأحمر، وقضايا المياه والطاقة في أفريقيا.

طباعة شارك ثورة 30 يونيو مجلس النواب حزب الشعب الجمهوري الدولة المصرية الثورة المجيدة

مقالات مشابهة

  • فيديو يوثق لحظة العثور على جثة الطفلة التونسية مريم في البحر
  • العثور على جثمان الطفلة مريم أنيس طافية في عرض البحر.. فيديو
  • عطلة صيفية تتحول إلى مأساة .. تفاصيل غرق الطفلة التونسية مريم علي شاطئ عين غرنز
  • فيديو متداول يوثق لحظة العثور على جثة الطفلة مريم في عرض البحر
  • العثور على جثة "الطفلة مريم" في عرض البحر بمدينة بني خيار الساحلية التونسية
  • محمد البدري: 30 يونيو كانت فاصلًا حاسمًا بين الفوضى والاستقرار
  • هل غرقت في الأعماق؟.. قصة الطفلة مريم التي اختفت وسط البحر في تونس
  • خارجية النواب: 30 يونيو كانت لحظة فارقة وحاسمة في تاريخ الوطن
  • وداع مهيب لفؤاد الحميري في إسطنبول.. الأديب والشاعر الذي جمع بين الكلمة والموقف