عبدالله أبو ضيف (نيويورك، القاهرة)

أكد السفير رياض منصور، الممثل الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، أن قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة تاريخي، وفي غاية الأهمية، لاسيما وأنه أول قرار ينص صراحة على وقف إطلاق النار داخل أعلى مؤسسة أممية، وهي مجلس الأمن الدولي.
وتبنى مجلس الأمن الدولي، أمس الأول، قراراً يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج عن جميع الرهائن بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت.


وأيد أعضاء المجلس الأربعة عشر المتبقون القرار الذي اقترحه الأعضاء العشرة المنتخبون. وعلا صوت التصفيق في قاعة المجلس بعد معرفة نتيجة التصويت.
وذكر مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة لـ«الاتحاد» أن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة هو مطلب عربي وعالمي على أعلى المستويات، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع بعد السابع من أكتوبر الماضي، وعملت العديد من الدول العربية، وفي مقدمتها الإمارات خلال عضويتها في مجلس الأمن، على إقراره والمساعدة في إيصال الصوت الفلسطيني.
وأشار الممثل الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، إلى أن الجهود الآن سواء للدول المقدمة للقرار أو المجموعة العربية والإسلامية في الأمم المتحدة، ستتركز على تنفيذ القرار فوراً، لوقف سقوط المدنيين، حيث يساعد وقف القتل في إنقاذ حياة الأبرياء، ويفتح المجال لمساعدات إنسانية وفق احتياجات جميع سكان غزة، ويفتح الباب لعودة النازحين لديارهم.
واعتبر السفير الفلسطيني أن قرار مجلس الأمن الحالي غير مسيس تماماً، ومن القرارات القليلة التي تصدر ضد إسرائيل وعملياتها العسكرية داخل قطاع غزة، أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واعتبر القرار امتداداً للقرار الذي نجحت الإمارات في اعتماده بمجلس الأمن، نهاية العام الماضي، والذي نص صراحة على ضرورة دخول مزيد من المساعدات الإنسانية، وعدم منعها بأي وجه من الوجوه.

أخبار ذات صلة «طيور الخير» تنفذ الإسقاط الـ15 للمساعدات الإنسانية والإغاثية على شمال غزة «الأونروا»: رصيدنا يكفي لتشغيل عملياتنا حتى نهاية مايو

وشدد على ضرورة التكاتف الدولي خلال الفترة المقبلة لوقف إطلاق النار، وتنفيذ القرار الدولي الصادر من أعلى سلطة دولية، لاسيما مع تمرير القرار بإجماع دولي غير مسبوق يؤكد على الوضع الإنساني الصعب الذي يعاني منه قطاع غزة وحياة المدنيين الصعبة هناك.
من جهته، قال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، على وسائل التواصل الاجتماعي: «لا بد من تنفيذ هذا القرار.. والفشل في ذلك لن يغتفر».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي للصحفيين «تصويتنا لا يمثل، وأكرر لا يمثل، تغيراً في سياستنا... لم يتغير شيء في سياستنا.. لا شيء».
ومع اقتراب شبح المجاعة في غزة ووسط تزايد الضغوط الدولية لفرض هدنة في الحرب التي أسفرت عن مقتل نحو 32 ألف فلسطيني، بحسب تقديرات السلطات الصحية الفلسطينية، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، للسماح لمجلس الأمن بالمطالبة بوقف لإطلاق النار على الفور في شهر رمضان الذي ينتهي بعد أسبوعين.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأمم المتحدة فلسطين إسرائيل غزة مجلس الأمن الدولي رياض منصور الأمم المتحدة مجلس الأمن قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال في القانون الدولي: بين الإرهاب والعنصرية وأزمة الضمير الدولي

يشكّل الاحتلال أحد أخطر انتهاكات القانون الدولي، لما ينطوي عليه من حرمان شعبٍ بأكمله من حقوقه الأساسية، وفي مقدمتها حق تقرير المصير. وتُعدّ القضية الفلسطينية المثال الأبرز والأطول زمنًا لهذا الاحتلال، الذي اتسم بطابع استيطاني عنصري، بلغ حد الاقتلاع القسري لشعبٍ من أرضه لصالح إحلال سكان أجانب. ووسط صمت دولي طال أمده، بدأ الضمير العالمي بالاستيقاظ تدريجياً، ما يُحتّم على السياسات الدولية، خاصة الأوروبية والأمريكية، أن تتغيّر وتواكب متطلبات العدالة الدولية.

أولاً: الاحتلال كجريمة وفق القانون الدولي
تُصنف اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 سياسات الاحتلال والاستيطان والتهجير القسري بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وحين يتحول الاحتلال إلى مشروع لإلغاء الوجود الوطني والثقافي لشعب، فإنه يُلامس حدود جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد) كما عرّفتها الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري لعام 1973.

ثانياً: قرار محكمة العدل الدولية 2024
مثّل قرار محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024 محطة قانونية مفصلية في تكريس الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية، إذ أكد بوضوح أن:

الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، جميعها أراضٍ محتلة بموجب القانون الدولي.
 
استمرار الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأراضي يُشكّل انتهاكًا فاضحًا لحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير.

وطالبت المحكمة في قرارها بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي دون قيد أو شرط، وهو ما يُلزم الدول الأطراف بعدم تقديم أي دعم لإدامة هذا الاحتلال.

 وقد أعاد هذا القرار التذكير بالمبادئ الأساسية التي أقرتها الأمم المتحدة منذ نشأتها، والتي لطالما تجاهلتها السياسات الغربية المزدوجة المعايير.

ثالثاً: قرارات الشرعية الدولية وحق الفلسطينيين في الدولة
إلى جانب فتوى المحكمة، فإن الشرعية الدولية قد أكدت عبر عشرات القرارات على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وعلى رأسها:

القرار 181 (قرار التقسيم – 1947)، الذي نص على إنشاء دولتين: يهودية وعربية، وهو ما لم يُنفذ إلا لصالح طرف واحد، بينما حُرم الفلسطينيون من دولتهم حتى اللحظة.
 القرار 242 (1967)، الذي دعا إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة.
 القرار 338 (1973)، الذي أكد وجوب تنفيذ القرار 242.
 القرار 2334 (2016)، الذي نصّ بوضوح على عدم شرعية الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، واعتبره عقبة رئيسية أمام تحقيق حل الدولتين.

 كل هذه القرارات تعكس إجماعًا قانونيًا وأخلاقيًا دوليًا حول الحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها الحق في تقرير المصير، وإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

رابعاً: أزمة الضمير الدولي وضرورة التحول في السياسات الغربية
 رغم هذا السجل الحافل بالقرارات الدولية، إلا أن السياسات الغربية – خصوصًا الأمريكية والأوروبية – استمرت لعقود في دعم الاحتلال، سياسيًا وعسكريًا، وتجاهلت أبسط الحقوق الفلسطينية.

ومع ذلك، بدأت مؤشرات اليقظة تظهر في أوساط الرأي العام الغربي، خصوصًا بعد الجرائم المتواصلة في قطاع غزة، وتزايد الضغوط الشعبية في أوروبا والولايات المتحدة لمحاسبة إسرائيل، وفرض العقوبات على الشركات المتورطة في المستوطنات.

إن هذا الوعي الأخلاقي الناشئ يجب أن يُترجم إلى تحول ملموس في نمط السياسة الأوروبية والدولية، من خلال:

 1. الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 دون مواربة.
 2. دعم تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن، بما في ذلك العمل على إنهاء الاحتلال فعليًا.
 3. فرض عقوبات قانونية على الاستيطان والاحتلال، على غرار ما فُرض على أنظمة الفصل العنصري سابقًا.
 4. وقف التواطؤ الغربي مع انتهاكات إسرائيل، سواء في الأمم المتحدة أو في صفقات السلاح والدعم اللوجستي.

ونخلص للقول إن العدالة ليست موقفًا أخلاقيًا فحسب، بل هي التزام قانوني دولي. والسكوت عن الاحتلال الإسرائيلي، في ظل هذا السجل من القرارات والفتاوى الدولية، يُعد تواطؤًا وإخلالاً بمنظومة القانون الدولي.

 إن قرار محكمة العدل الدولية لعام 2024 شكّل فرصة تاريخية أمام العالم لإعادة ضبط البوصلة، واستعادة جوهر القانون الدولي، والاعتراف بأن الاحتلال هو أبشع أشكال الإرهاب المنظم والعنصرية المعاصرة. وعلى السياسات الغربية أن تتجاوز ازدواجية المعايير، وأن تنحاز إلى العدالة، ليس بالكلمات، بل بالأفعال والإجراءات الرادعة، فذلك وحده ما يُمهّد الطريق لتحقيق سلامٍ عادلٍ وشاملٍ ومستدام في المنطقة.

الدستور الأردنية

مقالات مشابهة

  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة يعتمد قرارين لصالح فلسطين
  • لماذا تلوح بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين.. وما تأثير ذلك على علاقتها بأمريكا؟
  • إعلان نيويورك: إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين وأهمية الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة
  • “إعلان نيويورك”: إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين ومنحها عضوية كاملة بالأمم المتحدة
  • الرئيس السيسي يُثمن إعلان بريطانيا الاعتراف بـ دولة فلسطين
  • مسئول أممي: الوضع في غزة كارثي وإسرائيل تتجاهل القانون الدولي
  • مجموعة “أ3+” تطالب المجتمع الدولي بوضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية
  • الاحتلال في القانون الدولي: بين الإرهاب والعنصرية وأزمة الضمير الدولي
  • ممثل النرويج بالأمم المتحدة: 50 دولة من بينها فرنسا تدعم قيام دولة فلسطينية
  • وزير الخارجية يشارك في المؤتمر الدولي للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين