تغير المناخ يعبث بدوران الأرض.. والساعة قد تخسر ثانية واحدة
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
يبدو أن تأثير التغير المناخي على الكرة الأرضية لن يتوقف عند حدود ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد القطبي وما يتبعها من تغييرات في الطقس، إذ أنه قد يطال "الوقت"، لأنه "يعبث" بدوران الأرض.
وجدت دراسة نشرته مجلة نيتشر العملية أن مراقبي الوقت قد يضطرون للتفكير في حذف ثانية واحدة من ساعاتنا في غضون سنوات قليلة لأن الكوكب يدور بشكل أسرع مما كان عليه من قبل.
وأطلقت الدراسة مصطلح "الثانية الكبيسة" إشارة إلى ما قد يكون من حذف أجهزة ضبط الوقت ثانية واحدة من الساعات العالمية في العام 2029، بحسب تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس.
عالم الجيوفيزياء في معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، الباحث الرئيسي في الدراسة دنكان أغنيو قال "هذا وضع غير مسبوق وأمر كبير.. إنه ليس تغييرا كبيرا في دوران الأرض سيؤدي إلى كارثة ما أو شيء آخر، ولكنه شيء ملحوظ، إنها إشارة أخرى إلى أننا في وقت غير عادي للغاية".
وأضاف أن ذوبان الجليد عند قطبي الأرض يحد من انفجار سرعة الكوكب، إذ أن سرعة الأرض "تتسارع لأن قلبها الساخن كرة كبيرة من السائل المنصهر يعمل بطرق لا يمكن التنبؤ فيها مع اختلاف الدوامات والتدفقات".
وأشار أغنيو إلى أن النواة كانت تؤدي إلى تسارع منذ حوالي خمسة عقود لكن الذوبان السريع للجليد في القطبين منذ 1990 حجب هذا التأثير، إذا ينقل ذوبان الجليد كتلة الأرض من القطبين إلى المركز، مما يبطئ الدوران كثيرا.
ومن دون تأثير ذوبان الجليد ستحتاج الأرض إلى حذف الثانية من الساعة في عام 2026 بدلا من 2029.
مدير مرصد البحري الأميركي السابق، دينيس مكارثي قال للوكالة "نحن نتجه نحو ثانية قفزة سلبية.. إنها مسألة متى؟".
وتصف أسوشيتد برس المسألة بـ"وضع معقدة يتضمن الفيزياء وسياسات القوة العالمية وتغير المناخ والتكنولوجيا ونوعين من الوقت".
وتستغرق الأرض حوالي 24 ساعة لتدور حول محورها ويطلق عليه يوما.
وتكمن أهمية تحديد الوقت بدقة على سبيل المثال تحتاج الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي أس" ولهذا هيه تحتاج معرفة مكان وجود الأرض تحتها بدقة متناهية، حتى تتمكن من تحديد وجهتك وفقا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.
ولكن الأرض لا تدور بسرعة ثابتة تماما، إذا أن كوكبا فيما يشبه برقصة جاذبية معقدة مع القمر والشمس والمد والجزر للمحيطات، والغلاف الجوي ناهيك عن حركة باطن الكوكب.
الباحثان أغنيو وجودا ليفين وهو فيزيائي في قسم الوقت في المعهد الوطني للمعايير التكنولوجية يقولولان "منذ آلاف السنوات الأرض تتباطأ بشكل عام مع اختلاف المعدل من وقت لآخر".
ويشير مكارثي إلى أن التباطؤ في الغالب "سببه تأثير المد والجزر الناجم عن القمر".
ولم يكن هذا الأمر مهما حتى اعتماد "الساعة الذرية" كمعيار زمني رسمي منذ 55 عاما، والتي لم تتباطأ، وهو ا يعني وجود نسختين من الزمن "الفلكي والذري" ولكنها لم يتطابقا إذ انخفض التوقيت الفلكي عن التوقيت الذي بمقدار 2.5 مللي ثانية كل يوم.
ويشرح أغنيو أن هذا يعني أن الساعة الذرية إن كانت تشير إلى أنه منتصف الليل، سيكون بالنسبة للساعة الفلكية منتصف الليل بعد جزء من الثانية.
ولعقود من الزمن ظل علماء الفلك يحتفظون بالتوقيت العالمي والفلكي جنبا إلى جنب مع تلك الثواني الكبيسة الصغير، لكن مشغلي أنظمة الحاسوب يقولون إن هذه الإضافات ليست سهلة لجميع التقنيات الدقيقة التي يعتمد عليها العالم الآن.
ويشير علماء إلى أن حذف الثواني الكبيسة قد يسبب مشاكل لبعض الأنظمة مثل الأقمار الصناعية في روسيا التي تعتمد التوقيت الفلكي.
ويقول أغنيو إن التأثير الغريب لهذا الأمر يتمثل في طرح "ثانية كبيسة" وليس في إضافتها، ويشير مكارثي إلى أن البرامج والأنظمة مصممة لإضافة الوقت وليس طرحه.
ورغم ما جاءت به الدراسة إلا أن الفيزيائي ليفين لا يعتقد أن هناك حاجة "لقفزة سلبية للثانية" مشيرا إلى أن الاتجاه العام لتباطؤ المد والجزر كان موجودا منذ قرون، وما زال مستمرا.
وأضاف "هذه ليست عملية يكون فيها الماضي بمثابة تنبؤ جيد بالمستقبل.. أي شخص يتنبأ بالمستقبل على المدى الطويل يقف على أرض هشة للغاية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
غموض إيران النووي هل يقودها إلى بر الأمان أم يعجّل بحرب ثانية؟
مع أن الحرب بين إسرائيل وإيران وضعت أوزارها، فإن العلاقة بقيت على صفيح ساخن بعدما صعّدت طهران من غموضها النووي إثر الضربة العسكرية التي وُجهت إلى منشآتها النووية، ولم يُعرف على وجه الدقة حجم أضرارها.
وفي أحدث خطوة يرى البعض أن من شأنها زيادة الموقف غموضا وتعقيدا، أبلغ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الجهات المعنية بتنفيذ قانون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "ما لم يتم التأكد من ضمان أمن المنشآت النووية الإيرانية"، بعد إقراره برلمانيا ومصادقة مجلس صيانة الدستور.
ويفسر البعض هذه الخطوة على أنها محاولة من إيران لسحب "بساط الشفافية" في علاقتها مع وكالة الدولية، بعدما وصلت إلى قناعة بأن هذه السياسة لم تعد تجدي نفعا، كما تلوّح بورقة كانت تنازلت عنها سابقا، في إشارة إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.
وتعد هذه ورقة ضغط مهمة ضمن سياسة الغموض النووي -وفق حسن أحمديان أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة طهران- من خلال إبعاد مفتشي الوكالة الدولية عن المواقع النووية الإيرانية وفتح باب التكهنات بشأن مدى ضررها، وكذلك مصير اليورانيوم المخصب.
ويبدو أن طهران لا تأبه كثيرا للتهديدات الغربية بفرض عقوبات جديدة ولا تعطيها وزنا، حسب أحمديان، الذي كان يتحدث لبرنامج "ما وراء الخبر"، إذ تركّز على سرديتها وترفع منسوب خطاب التحدي، و"قد تغيّر عقيدتها النووية في حال لم تحصل على حقوقها النووية السلمية".
وفي سياق هذا الفهم، فإن أوروبا غير مهمة بالنسبة لإيران، وأن الأخيرة تحصر صراعها مع إسرائيل والولايات المتحدة، وأن أولويتها باتت تتمثل بضمان عدم توجيه ضربة أخرى لمنشآتها، وتثبيت الأمن، في حين يظهر الاقتصاد كقضية لاحقة.
حرب الظل
في الجهة الأخرى، لا يبدو أن إسرائيل والولايات المتحدة تستسيغان غموض إيران النووي، وقد لا تصبران كثيرا عليه، مما يفتح الباب أمام خيارات أخرى أبرزها تجدد الحرب، وتوجيه ضربات أخرى لمنشآت إيران النووية لضمان الإجهاز عليها وتبديد مخاوف تل أبيب وشكوك واشنطن.
إعلانووضعت إسرائيل مسارين للتعامل مع هذا الملف، الأول كما يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى يقود إلى اتفاق محتمل بين إيران والولايات المتحدة يمنع طهران من إعادة مشروعها النووي، والثاني أن إسرائيل لن تقف صامتة إذا كان هناك تهديد نووي إيراني، وقد تستأنف ضرباتها.
وترى إسرائيل أن القطيعة بين طهران والوكالة الدولية بمثابة "ضوء أحمر نحو بناء المشروع النووي الإيراني من جديد"، لذلك فإن مصطفى لا يستبعد لجوء إسرائيل لتطبيق ما سمّاه "النموذج اللبناني" على إيران متى رأت إسرائيل تهديدا "حتى بعد توقيع أي اتفاق".
وكانت إسرائيل قد شنت عشرات الهجمات الجوية على لبنان، استهدفت قدرات حزب الله العسكرية وقيادات بارزة فيه بحجة الدفاع عن نفسها.
وفي ضوء هذا المشهد، فإن الصراع مع إيران لم ينتهِ لكن حدته ستختلف بين فترة وأخرى، إذ ستعيد إسرائيل "حرب الظل"، ولن تتوقف عن استهداف علماء إيران ومنشآتها النووية، خاصة أن هناك رابطا بين بقاء النظام الإيراني والتهديد النووي لإسرائيل، وفق مصطفى.
لعبة خطيرة
ورغم إصرار الإدارة الأميركية على نجاح الهجمات التي نفذتها مقاتلاتها واستهدفت منشآت طهران النووية المحصنة، فإن عدم إقرار إيران بالقضاء على هذه المنشآت يثير انزعاج البيت الأبيض وربما شكوكه بالقضاء على قدرات إيران النووية.
ويظهر هذا الانزعاج جليا من تصريحات منسق البيت الأبيض السابق لشؤون منع انتشار أسلحة الدمار الشامل غاري سمور، الذي وصف الغموص النووي الإيراني بأنه "لعبة خطيرة" قد تفضي إلى عواقب "وخيمة" مثل استئناف النزاع العسكري.
ورغم إصراره على تضرر منشآت إيران النووية، فإنه قال إن طهران لا تزال تملك أكثر من 400 كيلوغرام عالي التخصيب، ولديها أجهزة طرد مركزي وخبرة فنية وتقنية تمكنها من إعادة بناء برنامجها النووي.
بدورها، أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن الضربة العسكرية أجلت المشروع النووي الإيراني عامين على أبعد تقدير.
وفي ضوء حالة عدم الوضوح هذه، تبرز تساؤلات بشأن مراقبة المواد والتجهيزات النووية في إيران، التي تندرج في إطار مسؤولية وكالة الطاقة الدولية، وهو ما يفرض على طهران اتخاذ قرار بشأن الاستمرار بالغموض النووي أو التعاون مع الوكالة.
وفي انتظار قرار طهران وحسمها مسألة التعاون مع الوكالة الدولية، يقف الغرب متأهبا، ويطلق أعينه الاستخبارية على البرنامج النووي الإيراني، ويرى سمور أن إيران "ستثير عدم يقين بشأن نواياها النووية، خاصة إنتاج أسلحة نووية" إذا رفضت التعاون مع الوكالة الدولية.
ورغم التأكيدات الأميركية بتدمير قدرات طهران النووية، فإن مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي أكد أنه من الصعب حسم حجم الضرر الذي لحق بها.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" نقلت عن دبلوماسي مطلع أن مفتشي الوكالة ما زالوا في طهران، وأن السلطات هناك لم تطلب منهم المغادرة.