السُفراء من منظور الشريعة الإسلامية – شروط اختيارهم
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)_ كان للسفراء، أو للرسُل كما كان يسمون في عهد النبي محمد صلي الله عليه وسلم وضع مميز، نظرًا لأهمية المهام التي كانوا يحملونها. فكان هناك شروط لاختيارهم، وأوراقًا لاعتمادهم، وقواعد لضبط القيام بالأعمال التي يكلفون بأدائها، ويتمتعون أثناء القيام بعملهم بحصانة دبلوماسية، بما يضمن لهم القيام بأعمالهم على أكمل وجه، ويحكمهم في تصرفاتهم أن يكون وفقًا لقواعد كلا من البروتوكول والإتيكيت، وبه فن المجاملة.
وكل نقطة من هذه النقاط سأتناولها بشيء من التوضيح المناسب، بداية مع شروط إختيار هؤلاء الرُسُل:
توفر العلم اللازم في السفير: كان من الشروط الواجب توافرها في السفير، توفر العلم والمعرفة اللازمين. العلم بتاريخ الأمم وخصائص الشعوب، إضافة إلى العلم بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.وكان أيضًا جزء من العلم والمعرفة اللازمين في السفير العلم بلغة البلد الموفد إليها، وللعلم أهمية بالغة وعظيمة في الإسلام.
دماثة الخلق: وما يعبر عن أهمية حسن الخلق للمسلم بشكل عام، قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم معبراً عن أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).ومن حسن الخلق احترام الكبير، والعطف على الصغير، والتبسم في وجه الغير، والتواضع.
الفطنة والكياسة: فلا بد من توفر الذكاء والقدرة على التصرف في كل المواقف. العدل: قال تعالى في سورة الأعراف( قُل أمر ربي بالقسط)، وقال النبي محمد صلي الله عليه وسلم (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين، فليعدل بينهم في لحظه، وإشارته، ومقعده، ومجلسه). الأمانة وحفظ الأسرار: فأساس عمل الدبلوماسي هو حمل أسرار الدولة وحفظها، وعكس ذلك تكون خيانة لدولته ولعمله الذي أؤتمن عليه.وقال تعالي( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)
حسن المظهر: يقول الرسول محمد (إذا ابردتم إلي بريدا فليكن حسن الوجه حسن الجسم) – أي إذا أرسلتم أحد برسالة. ويقول ابن الفراء في كتابة رسل الملوك تمام القد وعبالة الجسم حتى لا يكون قميئا ولا ضئيلا … فأعين الملوك تسبق ذوي الرداء من الرسل. الثبات الانفعالي وعدم الغضب، وهي فضيلة في غاية الاهمية للمسلم أن يتحلى بها، ففي الحديث الشريف ( لا تغضب لا تغضب) وقوله (ليس الشديد بسرعة الغضب ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب). المحافظة على كرامة المبعوث الدبلوماسي وكرامة دولته في كل معاملاته وتصرفاته.وأختتم المقال بجزء من الحوار الذي كان بين سفير النبي محمد صلي الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة مع المقوقس عظيم القبط في مصر، الذي سأل سفير النبي ( ما منع محمد إن كان نبيا، أن يدعو علي من خالفه وأخرجه من بلده؟ فكان جواب مبعوث النبي سؤالاً ( وما منع عيسى، وقد أخذه قومه ليقتلوه، أن يدعوا عليهم ويهلكهم؟ فكان رد المقوقس ( أحسنت …فأنت حكيم جاء من عند حكيم.
قائمة المراجع :
القرآن الكريم
السنة النبوية المطهرة
أبو علي حسن بن محمد بن الفراء ، كتاب رسل الملوك ومن يصلح للسفارة، تحقيق صلاح الدين المنجد، بيروت دار الكتاب الجديد.
د/ عبد العزيز كامل ، الدين والحياة، الجزء الأول، دار مطابع الشعب، القاهرة.
مجلة دعوة الحق، الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، العدد 84.
Tags: الرسلالسفير في الإسلامسفراء الإسلامالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الرسل السفير في الإسلام سفراء الإسلام
إقرأ أيضاً:
ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين.. اتبع سنة النبي وافعل هذه الأمور
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما الذي ينبغي أن يقال عند المرور على مقابر المسلمين؟ خصوصا إنني أمرُّ على المقابر كثيرًا لقربها من الطريق في بلدتي، فأرجو من فضيلتكم بيان الأذكار أو الأدعية التي تُقال عند المرور على مقابر المسلمين؟ وهل هذا خاص بالرجال؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: يُسن أن يقول المارُّ بالمقابر: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ"، وأن يدعو لهم بما يشاء من الرحمة والمغفرة وغير ذلك، وكذا يجوز له قراءة سورة الفاتحة، أو "قل هو الله أحد"، وهبة ثواب ذلك لمن في المقبرة، إذ الأمر في هذا واسع، ويستوي في ذلك الرجال والنساء.
حث الشرع الشريف على الدعاء للأموات
واشارت الى أن الشرع الشريف ندب إلى الدعاء للأموات، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ [الحشر: 10]، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا صلى على جنازة قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، والحاكم.
وقد أجمع العلماء على أن الدعاء ينفع الموتى ويصل إليهم ثوابه، ينظر: "الأذكار" للإمام النووي (ص: 164، ط. دار الفكر)، و"عمدة القاري" للإمام العيني (3/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"شرح متن الرسالة" للإمام زروق (1/ 434، ط. دار الكتب العلمية).
ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين
من السنة أن الإنسان إذا أتى قبورًا أو مرَّ عليها أن يُسلِّم على أهلها؛ لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى المقبرة، فقال: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» رواه مسلم.
ويدلَّ هذا الحديث على استحباب التسليم على أهل القبور.
قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "النوادر والزيادات" (1/ 655-656، ط. دار الغرب الإسلامي): [يَدُلُّ على التسليم على أهل القبور، ما جاء من السنة، في السَّلام على النبي عليه الصلاة والسَّلام، وأبي بكر، وعمر، مقبورين،، وقد آتى النبي صلى الله عليه وسلم قبور شهداء أحد، فسلم عليهم ودعا لهم] اهـ.
وهذا الاستحباب ليس خاصًّا بالزائر وحسب، بل إنه يشمل المار بالمقابر أيضًا، فيستحب له أن يسلم ويقول الدعاء السابق، وأن يدعو لهم بما يريد.
قال الإمام الروياني في "بحر المذهب" (2/ 602، ط. دار الكتب العلمية): [يستحب إذا اجتاز بالمقبرة أن يسلم على أهلها فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون] اهـ.
وأمر الدعاء للموتى عند المرور بمقابرهم واسع، فكما يجوز بالوارد المأثور يجوز أيضًا بشيء آخر غيره، فقد جاء عن الحسن البصري قوله: "مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ رَبَّ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ، وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنَ الدُّنْيَا وَهِيَ بِكَ مُؤْمِنَةٌ، أَدْخِلْ عَلَيْهَا رَوْحًا مِنْ عِنْدِكَ وَسَلَامًا) اسْتَغْفَرَ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ مَاتَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف".
كما يجوز لمن يمر بالمقابر قراءة "الفاتحة"، أو "قل هو الله أحد" إحدى عشرة مرة، بل ورد عن السلف أن ذلك سبب لمغفرة ذنوب للقائل بعدد من في الجبانة.
فعن أم عفيف النهدية رضي الله عنها قالت: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بايع النساء، فأخذ عليهن ألا تُحَدِّثْنَ الرَّجُل إلا مَحْرَمًا، وأَمَرَنَا أن نقرأ على مَيِّتِنا بفاتحةِ الكتاب" رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وحديث أم شريك رضي الله عنها قالت: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" رواه ابن ماجه.
وقال العلامة الجمل في "حاشيته على شرح المنهج" (2/ 210، ط. دار الفكر): [(فائدة) ورد عن السلف أن من قرأ سورة الإخلاص إحدى عشرة مرة وأهدى ثوابها لجبانة غفر له ذنوب بعدد الموتى فيها، وروى السلف عن علي رضي الله تعالى عنه أنه يعطى من الأجر بعدد الأموات] اهـ.
ويستوي في ذلك الرجال والنساء، فيجوز للمرأة أن تدعو إذا مرت بالمقابر، والأصل في ذلك ما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت: كيف أقول لهم -تعني الأموات- يا رسول الله؟ قال: «قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ» رواه مسلم.
فهذا يتوجه للمرأة التي تزور القبر، فلم يرد فرقٌ بين الرجل والمرأة في الدعاء الذي يُدعى به عند القبر.
قال العلامة ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (4/ 1255، ط. دار الفكر) معقبًا على بعض الأحاديث التي تبيح زيارة القبور: [فهذه الأحاديث بتعليلاتها تدل على أن النساء كالرجال في حكم الزيارة، إذا زرن بالشروط المعتبرة في حقهن] اهـ، ومعنى أنهن كالرجال في أصل الفعل، فهن أيضًا كالرجال فيما يترتب على هذا الفعل.
وأكدت بناءً على ذلك: أنه يُسن أن يقول المارُّ بالمقابر: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ"، وأن يدعو لهم بما يشاء من الرحمة والمغفرة وغير ذلك، وكذا يجوز له قراءة سورة الفاتحة، أو "قل هو الله أحد"، وهبة ثواب ذلك لمن في المقبرة، إذ الأمر في هذا واسع، ويستوي في ذلك الرجال والنساء.