في مواجهة انتخابية عالية المخاطر، برزت معركة اسطنبول كاختبار محوري لهيمنة رجب طيب أردوغان السياسية في تركيا. وستشهد الانتخابات المحلية المقبلة، الأحد، منافسة شرسة بين مرشح أردوغان، مراد كوروم، وأكرم إمام أوغلو، رئيس البلدية الحالي الذي يمثل المعارضة.

ووفقا لفاينانشال تايمز، اكتسب مراد كوروم، الذي كان ذات يوم شخصية غامضة نسبيا، قدرا كبيرا من الاهتمام في الفترة التي سبقت الانتخابات، مدفوعا بحملة حظيت بتغطية إعلامية جيدة ودعمتها وسائل الإعلام الصديقة للحكومة.

وفي الوقت نفسه، واجه أكرم إمام أوغلو، زعيم المعارضة الرئيسي والمنافس اللدود لأردوغان، انتقادات وتدقيقاً شديداً.

لا يمكن المبالغة في أهمية معركة إسطنبول. ويبلغ عدد سكانها 15.7 مليون نسمة، وتمثل المدينة معقلًا حاسمًا لأردوغان، الذي بدأ مسيرته السياسية هناك. على العكس من ذلك، بالنسبة للمعارضة، ترمز إسطنبول إلى معقل حيوي في نضالهم ضد حكم أردوغان.

لقد تركت سياسات أردوغان ذات الجذور الإسلامية علامة لا تمحى على إسطنبول، حيث شكلت هويتها وحكمها. ومع ذلك، فإن فوز إمام أوغلو غير المتوقع في عام 2019 وجه ضربة قوية لسلطة أردوغان، مما يمثل واحدة من أهم النكسات الانتخابية في فترة ولايته.

إن السباق الحالي في إسطنبول هو في الواقع بمثابة مباراة العودة بين أردوغان وإمام أوغلو، حيث سبق للأخير أن انتزع النصر في انتخابات مثيرة للجدل للغاية وشابتها اتهامات بتزوير الناخبين. وقد جعله نجاح إمام أوغلو منافساً هائلاً لحكم أردوغان، مما أكسبه اهتمام الرئيس وتدقيقه الثابتين.

بالنسبة للمعارضة المحاصرة، تحمل نتائج انتخابات اسطنبول أهمية كبيرة. إن انتصار إمام أوغلو من شأنه أن يوفر دفعة مطلوبة بشدة لمعنويات المعارضة وقدرتها على الصمود، في حين قد تؤدي الهزيمة إلى إضعاف وحدتها الممزقة بالفعل.

تدور المنافسة بين كوروم وإمام أوغلو حول قضايا حاسمة مثل الاستعداد لمواجهة الكوارث، وتطوير البنية التحتية، والنقل العام. وقد طرح كلا المرشحين خططًا طموحة لتلبية احتياجات المدينة الملحة، بما في ذلك القدرة على مقاومة الزلازل والقدرة على تحمل تكاليف السكن.

ومع اقتراب الانتخابات، تشير استطلاعات الرأي إلى سباق متقارب، حيث يتقدم إمام أوغلو بفارق ضئيل وفقًا لبعض الاستطلاعات. ومع ذلك، لا تزال النتيجة غير مؤكدة، مع احتمال تأثير الأحزاب الصغيرة على النتائج النهائية.

وفي نهاية المطاف، فإن المعركة من أجل إسطنبول تتجاوز مجرد السياسة الانتخابية. فهو يمثل لحظة محورية في رحلة تركيا الديمقراطية، مع ما يترتب على ذلك من آثار عميقة على مسار البلاد في المستقبل وقبضة أردوغان على السلطة. وبينما يستعد الناخبون للإدلاء بأصواتهم، يراقب العالم عن كثب، ويتوقع نتائج هذه المنافسة التاريخية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام أوغلو

إقرأ أيضاً:

محمد باقر قاليباف.. المرشح الأوفر حظًا لرئاسة إيران

 

 

د. هيثم مزاحم **

 

تفصلنا 17 يومًا فقط عن الانتخابات الرئاسية في إيران، وهي فترة قصيرة لتحضير المُرشحين المقبولين لحملاتهم الانتخابية بعد الإعلان عن أسمائهم يوم الأحد الماضي.

فقد حصر مجلس صيانة الدستور المنافسة على رئاسة الجمهورية بين 6 مرشحين فقط من أصل 80 مرشحًا قُبِلت طلباتهم للترشح. ومن بين المرشحين الستة المقبولين 4 مرشحين محافظين ومرشحان واحد إصلاحي وآخر مُعتدل.

أبرز المرشحين المقبولين هو رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) محمد باقر قاليباف، الذي يُعد من المحافظين، ورئيس مجلس الأمن القومي والمفاوض النووي سابقًا، سعيد جليلي الذي يُعتبر محافظًا متشددًا.

والمرشحون الآخرون في الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 يونيو في البلاد، هم المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، والمرشح المعتدل مصطفى بورمحمدي، والمرشحان المحافظان علي رضا زاكاني، وأمير حسين قاضي زاده هاشمي.

لم يكن مُفاجئًا منع مجلس الدستور مرة أخرى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد من الترشح. وأحمدي نجاد هو زعيم شعبوي كان محسوبًا على المحافظين خلال رئاسته لولايتين، وقد مُنِعَ من الترشح في دورتين انتخابيتين، بعد خلافه مع المرشد خامنئي واعتبار نفسه منتخبًا من الشعب وشرعيته لا تحتاج إلى مصادقة ولي الفقيه، فضلًا عن إيمانه بأفكار "تيار الحجتية" المؤمن بحضور الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر بينهم وتواصلهم المزعوم معه.

كما منع مجلس صيانة الدستور من الترشح رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، وهو مُرشح يعتبر مُحافظًا مُعتدلًا ويتمتع بعلاقات قوية مع الرئيس روحاني. وكانت هذه هي الانتخابات الثانية على التوالي التي يُمنع فيها لاريجاني من الترشح. ويقال إنَّ السبب هو حصول ابنته على الجنسية الأمريكية وهي تهمة ينفيها مؤكدًا أنها حصلت فقط على الإقامة خلال دراستها العليا في الطب.

كما تمَّ استبعاد كل من رئيس البنك المركزي الإيراني السابق عبد الناصر همتي، الذي ترشح لانتخابات عام 2021، وإسحاق جهانغيري، الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس روحاني.

ويُشير اختيار المرشحين الستة الذين وافق عليهم مجلس صيانة الدستور، وهو لجنة من رجال الدين والقانونيين، إلى أن النظام الإسلامي بقيادة المرشد يرغب في تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية ورفع نسبة الاقتراع، بعد أن شهدت الانتخابات الأخيرة إقبالًا منخفضًا بشكل قياسي؛ وذلك في وقت تستمر فيه التوترات بين الجمهورية الإسلامية والغرب بشأن التقدم السريع في البرنامج النووي الإيراني من جهة، واستمرار المواجهة العسكرية في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي للشهر التاسع، في ظل دعم إيران لحركات المقاومة وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وفتح جبهات المساندة لمؤازرتهما من لبنان واليمن والعراق من جهة أخرى.

كما واصل مجلس صيانة الدستور نهجه بعدم قبول ترشيح أية امرأة أو أي مرشح يدعو إلى تغيير جذري في حكم البلاد.

وبعد تحديد مجلس الدستور المرشحين المقبولين، ستبدأ حملة انتخابية قصيرة مدتها أسبوعان لانتخاب رئيس بدلًا من الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي قتل في تحطم مروحية مع وزير خارجيته وستة آخرين.

ورئيسي هو أحد تلاميذ المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وكان اسمه قد طرح ذات يوم كخليفة محتمل لخامنئي البالغ من العمر 85 عامًا.

ومن المرجح أن تتضمن الحملة الانتخابية مناظرات تلفزيونية مباشرة على هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية التي تُديرها الدولة. يقوم المرشحون كذلك بالإعلان على اللوحات الإعلانية وإلقاء خطابات لدعم برامجهم.

حتى الآن، لم يُقدم أي من المرشحين أي تفاصيل عن برامجهم، على الرغم من أنَّ الجميع وعدوا بوضع اقتصادي أفضل للبلاد التي تُعاني من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على إيران بسبب برنامجها النووي، الذي يقوم الآن بتخصيب اليورانيوم بنسبة أعلى من أي وقت مضى، في خروج عن الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف بخطة العمل المشترك الشاملة.

من هم المرشحون الستة؟

1-محمد باقر قاليباف:

يظل المرشح الأبرز هو محمد باقر قاليباف، 62 عامًا، وهو عمدة سابق لطهران وله علاقات وثيقة مع حرس الثورة الإسلامية المؤسسة العسكرية – الأمنية الأكثر نفوذًا في البلاد. ومع ذلك، يتهم البعض قاليباف، بأنه بصفته جنرالًا سابقًا في حرس الثورة، كان جزءًا من حملة قمع عنيفة ضد طلاب الجامعات الإيرانية في عام 1999 وعام 2003 أثناء خدمته كرئيس للشرطة.

وترشح قاليباف للرئاسة في عامي 2005 و2013 من دون أن يتمكن من الفوز. وانسحب من الحملة الرئاسية لعام 2017 لدعم إبراهيم رئيسي في أول محاولة فاشلة للسباق الرئاسي. فاز رئيسي في انتخابات 2021، التي شهدت أدنى نسبة مشاركة على الإطلاق في الانتخابات الرئاسية في إيران.

وتولى قاليباف عددًا من المناصب العسكرية أبرزها قائد سلاح الجو في حرس الثورة الإسلامية من 1997 وحتى 2000. كما شغل منصب رئيس الشرطة الإيرانية في الفترة من 2000 – 2005.

وانتُخِبَ قاليباف عمدة طهران من قبل المجلس البلدي للعاصمة خلفًا لمحمود أحمدي نجاد الذي ترك المنصب بعد انتخابه رئيسًا، وشغل قاليباف المنصب لمدة 12 عامًا.

كان مرشحًا في الانتخابات الرئاسية عام 2013 لكنه خسر أمام حسن روحاني وحلَّ في المرتبة الثانية بـنحو ستة ملايين صوت.

والرجل حاصل على الدكتوراه في الجغرافيا السياسية. ويشغل حاليًا منصب رئيس البرلمان،؛ حيث أُعيد انتخابه لولاية جديدة في مايو الماضي.

وألقى المرشد علي خامنئي خطابًا الأسبوع الماضي أشار فيه إلى صفات، ظهّرها أنصار قاليباف باعتبارها إشارة محتملة إلى دعم المرشد الأعلى لرئيس البرلمان. لكن المرشد ومساعديه يؤكدون على الدوام بأنه لا يدعم أي مرشح علنًا ولا يكشف عن تصويته السري لأي مرشح كان.

2- سعيد جليلي:

أحد المرشحين البارزين هو المرشح المتشدد سعيد جليلي، كبير المفاوضين النوويين سابقًا، ويعرف بولائه الشديد لمؤسسات الجمهورية الإسلامية، وهو قريب من المرشد خامنئي.

وُلِدَ جليلي عام 1965 في مدينة مشهد. ودرس في جامعة العلوم والصناعة في طهران، وحصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الإمام صادق، وهو يتقن اللغتين الإنجليزية والعربية. وقطع دراسته للمشاركة في الحرب العراقية - الإيرانية (1980-1988) وأصيب في ساقه اليمنى إصابة بالغة.

وتولى جليلي في عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني بين عامي 1989-1997 منصب ملحق دبلوماسي في أميركا الشمالية وهو في سن الـ24. ثم تولى دائرة شؤون أوروبا وأميركا بوزارة الخارجية ثم رئاسة دائرة التفتيش فيها بين عامي 2001 و2005. وعين لاحقًا نائبًا لوزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأميركية. ثم عين عام 2007 أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، ومكلفًا بالمفاوضات مع الدول الكبرى حول البرنامج النووي. وترشح للرئاسة في عام 2013، وسجل للترشح في انتخابات 2021 قبل أن ينسحب لدعم المرشح إبراهيم رئيسي.

3- مسعود بيزشكيان:

هو المرشح الإصلاحي الوحيد بين المرشحين الستة، ولا يُنظر إليه على أنه يتمتع بفرص كبيرة، إلا في حال حشد التيار الإصلاحي قوته وتحالف مع تيار الاعتدال، وهو أمر مستبعد بسبب تشتت قوى التيارين وخلافاتهما.

وبيزشكيان نائب عن مدينة تبريز في البرلمان، وكان نائبًا أيضًا في الدورتين الثامنة والتاسعة للبرلمان. وفي الولاية العاشرة شغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس، وتولى منصب وزير الصحة والعلاج في الحكومة الثامنة.

4- علي رضا زاكاني:

سياسي محافظ من مواليد طهران عام 1965، ويشغل حاليا منصب عمدة طهران. وهو طبيب حاصل على شهادة في الطب النووي وشغل منصب رئيس منظمة "الباسيج" الطلابية. وانتخب نائبًا عن مدينة طهران في الدورات السابعة والثامنة والتاسعة لمجلس الشورى كما كان نائبًا عن مدينة قم في الدورة الحادية عشرة. وشغل منصب رئيس اللجنة البرلمانية للاتفاق النووي وترأس مركز البحوث في مجلس الشورى الإسلامي سابقًا.

وترشح في 3 دورات سابقة للانتخابات الرئاسية، وفي عامي 2013 و2017، وتم استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور لكنه انسحب في دورة انتخابات 2021 لصالح الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.

5-أمير حسين قاضي زاده:

طبيب وسياسي مُحافِظ، ولد عام 1971 وانتخب نائبًا في مجلس الشورى الإسلامي عن مدينة مشهد في الدورات الثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة، وهو عضو في جبهة ثبات الثورة الإسلامية، إحدى أكثر الأحزاب الإيرانية تشددًا، والمتحدث الرسمي باسمها. وفي عام 2021، ترشّح لانتخابات الرئاسة الإيرانية، التي فاز بها رئيسي وحلّ في المركز الأخير بحصوله على أقل من مليون صوت.

6- مصطفى بور محمدي:

أما المرشح مصطفى بور محمدي فهو رجل دين ومحامٍ وسياسي إيراني. كان وزير العدل في الدورة الأولى لحكومة الرئيس روحاني في فترة ما بين 15 أغسطس 2013 حتى 20 أغسطس 2017. وهو يعتبر مرشحًا عن تيار المعتدلين بزعامة روحاني.

ولا شك أنَّ حصر مجلس صيانة الدستور الترشح للرئاسة بين ستة مرشحين، بينهم مرشحان محافظان بارزان، ومرشحان محافظان ضعيفان يتوقع أن ينسحبا لمصلحة أحد المرشحين المحافظين، ومرشحان معتدلان مغموران، هدفه منح قاليباف أو جليلي الأفضلية من جهة، ورفع نسبة الاقتراع من خلال تحفيز الإصلاحيين والمعتدلين على المشاركة بسبب وجود مرشحًين من تياريهما.

فالنظام الإسلامي يريد استمرار المسار المحافظ الذي سلكه الرئيس الراحل رئيسي، من جهة التوافق التام مع المرشد خامنئي، والعلاقة الوثيقة بحرس الثورة الإسلامية من جهة أخرى. وهذان الشرطان لا يتحققان إلا بوجود رئيس محافظ على علاقة قوية بالمرشد وحرس الثورة، على غرار قاليباف وجليلي. وإذا انحصرت المواجهة في الدورة الثانية بين قاليباق وجليلي فإن الأول سيفوز بسبب احتمال صب الإصلاحيين والمعتدلين أصواتهم لمصلحته كي يمنعوا فوز جليلي الذي يعتبر متشددًا للغاية، بينما يتمتع قاليباف بعلاقات جيدة مع المعتدلين.

** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ملك الأردن: كارثة غزة اختبار لضميرنا.. وإنسانيتنا على المحك
  • يوسف ضياء الخالدي.. مؤسس بلدية القدس
  • محمد باقر قاليباف.. المرشح الأوفر حظًا لرئاسة إيران
  • من يخلف أردوغان؟.. أبرز الشخصيات المحتمل تنافسها على رئاسة تركيا
  • المرتضى استقبل رئيس بلدية طرابلس وتداول معه شؤونًا عامة
  • رئيس أذربيجان يزور تركيا
  • نجاد ولاريجاني خارج السباق.. إيران تجيز ستة مرشحين لانتخابات الرئاسة
  • المرتضى استقبل رئيس بلدية طرابلس وتداول معه في شؤون عامة
  • بعد نجاحه في كوبرا.. محمد إمام يخوض السباق الرمضاني المقبل بمسلسل من إنتاج مها سليم
  • زعيم حزب الجيد منزعج من لقاء أكشنار مع أردوغان