الصحة العالية: اليمن يعاني أعلى مخاطر للأمراض على مستوى العالم
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
ذكرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الأحد، إن اليمن يعاني أعلى مخاطر للأمراض على مستوى العالم.
الأمم المتحدة: اليمن بحاجة إلى الدعم المستمر لتلبية الاحتياجات الإنسانية صاروخ يصيب سفينة قرب اليمن وطاقمها ينجح في إخماد الحريقجاء ذلك في بيان مقتضب عبر منصة "إكس" أوضحت فيه المنظمة أن معاناة اليمن أعلى مخاطر الأمراض على مستوى العالم، تأتي في ظل استمرار تفشي وباء الكوليرا.
في السياق ذاته، قالت المنظمة إنها تعاونت مع وزارة الصحة العامة اليمنية لإجراء تدريب على مراجعة الإجراءات المبكرة لتحسين الكشف المبكر والاستجابة السريعة، وذلك بدعم من الصندوق المركزي للاستجابة لحالة الطوارئ التابع للأمم المتحدة.
يذكر أن المنظمة الخيرية البريطانية "أوكسفام"، كانت قد حذرت في ديسمبر الماضي من الارتفاع المقلق في عدد حالات الكوليرا المسجلة في اليمن في الآونة الأخيرة، معتبرة أن ذلك يهدد بالتحول إلى وباء، إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة، وبصورة عاجلة.
وقالت المنظمة، في بيان: "في الأسابيع الأخيرة تم تسجيل حالات إصابة بالكوليرا في 6 محافظات جنوب وشرق اليمن، وكذلك في محافظتين في شمال البلاد".
وأضافت: "في الفترة ما بين 2 أكتوبر و3 ديسمبر، تم الإبلاغ عن 1336 حالة مشتبه بها، و11 حالة وفاة في جنوب البلاد".
وأشارت إلى أن "عدم توفر التقارير المتعلقة بحالات الكوليرا في عدد من المناطق، يعني أن الأرقام الفعلية من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير".
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر 2022، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة "ًأنصار الله" (الحوثيين) إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.
ويعاني البلد العربي للعام العاشر توالياً، صراعاً مستمراً على السلطة بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة "أنصار الله"، انعكست تداعياته على مختلف النواحي، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بالأسوأ على مستوى العالم.
وتسيطر جماعة "أنصار الله" منذ سبتمبر 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمال اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس 2015، عمليات عسكرية دعماً للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ 126 مليار دولار، في حين بات 80% من الشعب اليمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب الأمم المتحدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمية اليمن مساعدات إنسانية غزة على مستوى العالم الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
حرب غزة.. مقاربة لفهم استعصاء جبهة اليمن
يستمر إطلاق الصواريخ اليمنية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تعهدت حركة أنصار الله اليمنية باستمرار هجومها على “إسرائيل” ما دامت حرب الإبادة مستمرة على قطاع غزة، وذلك بالرغم من قيام الاحتلال الإسرائيلي بشنّ غارات على اليمن إحداها في 6 مايو الحالي، ألحقت أضراراً بالمطار الرئيسي في العاصمة صنعاء وأدت إلى استشهاد عدد من المدنيين اليمنيين.
وبالرغم من الضربات الأمريكية (سابقاً) والإسرائيلية المستمرة منذ مارس 2025م، وبالرغم من قوتها، والتكاليف المادية والبشرية اليمنية، من غير المتوقع أن تؤثر الضربات الجوية استراتيجياً على القوة اليمنية، أو تثني اليمنيين عن الدفاع عن أنفسهم أو عن القيام بردود أفعال عسكرية انتقامية مقابلة.
إن محاولة فهم استعصاء جبهة اليمن أمام التحالف الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة “حارس الازدهار” و”إسرائيل”، يتطلب فهماً معمقاً لتركيبة اليمن السياسية والاجتماعية والجغرافية، وكذلك لطبيعة جماعة أنصار الله الحوثية وأسلوبها في القتال، وهي على الشكل التالي:
1- الجغرافيا المعقدة:
تمتلك اليمن تضاريس جبلية معقدة تُصعّب العمليات العسكرية التقليدية وتعطي أفضلية لليمني للتخفي وتعيق فعالية الضربات الجوية التي اعتمد عليها الأمريكيون والإسرائيليون في هجومهم على اليمن. كذلك، تشكّل الجبال الوعرة والمرتفعات عوائق طبيعية تسهم في منح ميزة قتالية في الحروب كافة.
هذه التضاريس توفر غطاءً طبيعياً ممتازاً للتمركز، والانسحاب، وإعادة الانتشار، كما تعيق فعالية الطيران والاستطلاع، وهنا، يمكن أن نقول إن الأمريكي والإسرائيلي وقبلهما التحالف الدولي لم يستفيدوا من الدروس التاريخية للقتال في اليمن.
2- الأساليب القتالية:
بسبب الحرب التي يخوضونها منذ عام 2015م، طوّر اليمنيون أساليبهم العسكرية التي تجعل إمكانية هزيمتهم صعبة، يمتلك اليمنيون بنية تحتية عسكرية مرنة ومنتشرة في مناطق متفرقة من الجغرافيا التي يسيطرون عليها في اليمن، ويعتمدون على التخفي، التمويه، واللامركزية القتالية والعسكرية، لذا فإن الضربات لم تؤثر على قدرتهم على إطلاق الصواريخ على تل أبيب واستهداف الطائرات الأمريكية في البحر، وإسقاط الطائرات المسيّرة بدقة.
3- العوامل المجتمعية والعقائدية:
المجتمع اليمني قبلي بطبعه، ويتمتع بتماسك اجتماعي يمنح جماعة أنصار الله الحوثية حاضنة مجتمعية يصعب اختراقها، ويمنع الاقتتال الأهلي الذي يمكن توظيفه من قبل استخبارات خارجية لإضعاف جماعة ما.
زد على ما سبق، أن اليمنيين لا يقاتلون “إسرائيل” والأمريكيين من أجل مصالح سياسية، بل يعتبرون أنفسهم في “حرب مقدسة” لنصرة فلسطين، ما يجعل المقاتل أكثر استعدادًا للتضحية، وأكثر صبرًا على المعاناة، ويعزز من قدرته على الصمود أمام الحصار والهجمات الجوية التي حصلت، والتي أضرّت بالبنية التحتية وأدّت إلى سقوط ضحايا مدنيين.
4- الدعم الخارجي:
أي جماعة مقاتلة لا تمتلك عمقاً استراتيجياً أو تتلقى دعماً خارجياً لا تستطيع أن تصمد طويلاً في مواجهة “أكبر قوة عسكرية في العالم وأكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط”، لذلك فإن الدعم الذي تتلقاه جماعة أنصار الله الحوثية من الخارج يشكّل عاملاً مساعداً في ذلك الاستعصاء، لكنه ليس العامل الحاسم.
اعتمد اليمنيون على تطوير محلي لأسلحة متقدمة، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة، مستفيدين من الهندسة العكسية للأسلحة المهرّبة واستنساخ تقنيات إيرانية وصينية، إضافة إلى تصنيع محلي للأسلحة باستخدام مواد بسيطة ومكونات تجارية متاحة.
وعليه، من المرجّح أن تستمر جبهة اليمن في إسناد غزة ودعم الفلسطينيين في الصراع مع “إسرائيل”، وذلك لعدة عوامل أهمها:
أولاً: رغبة جماعة أنصار الله في عدم التخلي عن الفلسطينيين في ظل تعرضهم لحرب إبادة. بعد تعرّض أطراف “محور المقاومة” لضربات كبرى، وفي ظل انشغال إيران بمفاوضات ملفها النووي، يبقى اليمني هو الطرف الوحيد (في المحور) القادر والراغب على دعم وإسناد غزة.
ثانياً، رغم تصاعد القصف وتدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، لا تزال جماعة أنصار الله تحظى بدعم شعبي واسع نسبياً في مناطق سيطرتها، والدليل هو التظاهرات الهائلة التي تخرج كل يوم جمعة نصرة لغزة وفلسطين لأسباب عدة أبرزها التعاطف الشعبي اليمني الواسع مع الفلسطينيين في غزة، حيث يسود الشعور بالمظلومية التاريخية، ما يعزز من تماسك القواعد الشعبية، حتى في ظل التحديات الاقتصادية والخدمية.
ثالثاً: قيام جماعة أنصار الله الحوثية باستهداف “إسرائيل”، يمنحها شرعية إضافية في نظر شريحة واسعة من المجتمع اليمني، وكذلك هم باتوا محط افتخار من قبل شرائح واسعة من الشعوب العربية التي تنظر إلى غزة بعين “العاجز” عن إيقاف حرب الإبادة.
رابعاً: هذه الجبهة تُعد منخفضة الكلفة نسبيًا لليمنيين، مقابل تكلفة عالية تتحملها “إسرائيل” سواء من ناحية أمنها القومي، أم من ناحية الهيبة الدولية، وتأثيرها في الضغوط على نتنياهو داخلياً لعقد صفقة وإنهاء حرب غزة.
هذا إضافة إلى الكلفة الاقتصادية الكبيرة على “إسرائيل” عبر توقف شركات الطيران عن الوصول إلى مطار بن غوريون، والحصار المستمر على الموانئ الإسرائيلية وقدرة اليمنيين على السيطرة على الممرات البحرية الاستراتيجية مثل البحر الأحمر وباب المندب… كل هذه الأمور تجعلها ورقة ضغط سياسية حيوية أساسية- وتقريباً وحيدة خارجياً- لإنهاء الحرب على غزة.
* أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية