حكى الأديب أحمد القرملاوى الحائز على جائزة كتارا فى الرواية والشيخ زايد فى الأدب لـ«الوفد».. بدأتُ التدرب على صوم رمضان خلال النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضى. كنتُ بالكاد فى الخامسة أو السادسة من عمرى، وكان شهر الصوم يحِلُّ آنذاك خلال أشهر الصيف، حيث القيظ والعطش الشديد الذى يجعلنا نبتكر الوسائل التى نتحايل بها على الأمر، فنكثر من المضمضة والغرغرة لنسمح للقليل من الماء بالتسرب عبر حلوقنا الجافة، أو نرشف الماء مُتظاهرين بالنسيان، ثم نكمل الصيام بحُجَّة أن الله قد أنسانا الصوم حتى يُطعمنا ويسقينا.
وأذكر أنى صوَّرتُ هذه المناسبة الاستثنائية فى بواكير قصصى القصيرة والتى ضمَّتها مجموعتى القصصية الأولى «أول عباس»، حيث تجتمع العائلة فى بيت الجدة لصناعة «الكعك»، فتُشرف النساء على نَخْلِ الدقيق وإذابة السمْن وإعداد «رائحة الكعك» والسمسم، فيما يتولَّى الأولاد حَمْلَ الطبلية الثقيلة إلى وسط الصالة وإعداد طبلية أخرى صغيرة للأطفال لكى يُشاركوا الكبار فى «نقش الكعك» بـ«المنقاش» المعدنى، فى مباراة أخرى جانبية تلعب أثناءها العمَّات دَوْرَ لجنة تحكيم «النقْش على الكعك». أما الرجال فيتقدَّمون فى مرحلة لاحقة إلى الحَلَبَة المُعَدَّة فوق الطبلية الكبيرة، وهناك يتبارزون فى «بَسِّ العجين» بأقوى ما لديهم ويُباهون بعضلاتهم التى تبرز من طول البَسِّ.
ومع توالى السنوات، تراجع شهر رمضان فصار يحِلُّ فى فصل الربيع، وتراجَعَت معه فُرَصُ حضورى لهذه المناسبة السعيدة مع سائر أطفال العائلة، إذ رحلتُ مع أسرتى إلى الكويت فى منتصف الثمانينيات وصرتُ أحضر لمصر أثناء الإجازة الصيفية فقط، فلا أعايش أجواء شهر رمضان كما عهِدتُها قبل سفرى، لكنْ ظلَّت ذكرى اجتماع «الكعك» ماثلةً فى ذاكرتى بروائحها الزكية ومذاقاتها الشهية، ومبارياتها الجانبية التى تتيح المتعة للجميع.
ومع طول التأمل والرغبة فى الإمساك باللحظة، شقَّت هذه الذكرى طريقها إلى الورق، فدوَّنتُها فى قصة «صورة فوق الأريكة» ونسجتُ حولها حكايةً تُسائل الموت وتُواجه الفناء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مجموعة قصصية الصوم
إقرأ أيضاً:
مي فاروق في أمسية استثنائية بالأوبرا | الأول من يونيو
فى سياق تحضيرات دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام لحفل الفنانة مى فاروق المقام فى التاسعة مساء الأحد الأول من يونيو على المسرح الكبير اكد قائد الحفل المايسترو الدكتور مصطفى حلمى أنه جارى إجراء بروفات مكثفة لضمان تقديم أداء متكامل .
وأشار إلى أن البرنامج يضم مجموعة فريدة من المؤلفات الغنائية الشهيرة التى تعبر عن اصالة الطرب العربى ، وتابع أن مى فاروق تمتلك صوتاً مميزاً يجمع بين القوة والإحساس ويتيح تقديم أعمال تجمع اشكال التراث الموسيقى العربي والروح المعاصرة ، موضحا أن التعاون معها يخلق فرصة لإعادة إحياء الألحان الخالدة بأسلوب إبداعي.
يشار إلى أن المطربة مى فاروق والمايسترو مصطفى حلمى أعدا مجموعة من المفاجآت الفنية التى تجمع بين الاعمال الغنائية الكلاسيكية وعدد من اعمالها الجماهيرية الخاصة فى أمسية استثنائية .