قنابل مغلفة بورق الديمقراطية
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
شيدت الصين سورها العظيم وكانت تظن انه حصنها الحصين لدرء هجمات الغزاة ومنع اللصوص والجواسيس من التسلل، والحفاظ على إمبراطوريتهم من الانهيار. .
كان السور بطول 21 كيلومترا، وبارتفاع 8 أمتار. لكن المؤامرات والانهيارات التي عصفت بالصين جاءتها من داخل البيت الصيني. وهذا ما كانت تخشاه معظم الإمبراطوريات العظمى.
خذ على سبيل المثال الإمبريالية الأمريكية التي تمتلك الآن اقوى الأساطيل البحرية والجوية وتبسط نفوذها على مئات القواعد الحربية في كل القارات، لكن تماسك ولاياتها بات عرضة للتفكك، وقد انطلقت شرارة الانهيار الاولى من داخل ولاية تكساس التي طالبت بالانفصال. ثم ان عرشها نفسه صار منذ سنوات بيد المجانين والمعتوهين ومرضى الزهايمر. .
اما في العراق الذي استورد ديمقراطيته منهم بعد الغزو المدعوم عربيا وإسلاميا. فكان شعبه يظن ان ديمقراطيته المستوردة هي التي ستوفر له الحماية والحصانة، وهي التي تمنحه القاعدة الصلبة للانطلاق نحو الفضاءات المستقبلية الرحبة. لكنه اكتشف في الوقت الضائع ان السلطة التشريعية والرقابية التي يمثلها البرلمان باتت ممزقة ومنقسمة على نفسها. .
فقبل بضعة ايام وقف البرلمانيون وقفتهم الحماسية المشهودة للتنديد بسياسة احدى شركات التمويل الذاتي، فأطلقوا بياناتهم الديمقراطية المتفجرة بالغضب، وطالبوا بالتحقيق والتحري والتدقيق والتفتيش عن العقود المشبوهة. ثم فوجئ الناس بقيام وفد برلماني آخر بزيارة رمضانية لمقر تلك الشركة المتهمة، فأثنوا على حسن أداءها، وثمنوا جهودها، ثم توالت التناقضات التي ادهشت الناس، ورسمت مليون علامة استفهام حول قنابل البرلمان المغلفة بالديمقراطية. .
والطامة الكبرى انك ترى وتسمع الاعترافات الموثقة بالصوت والصورة عن السرقات والاختلاسات، وعن صفقات نهب المليارات هنا وهناك. ثم ترى الذين اعترفوا يتمتعون بحرية الطيور والعصافير، ويتصدرون المشهد السياسي. ويتربعون باسم الديمقراطية في صدارة المجالس الاجتماعية والدينية. بينما تنطلق أفواج القوات المقنعة والمدرعة لتنفيذ مداهماتها الليلية من اجل إلقاء القبض على (عبود اسكيبة) و (عدنان ابو ليطة) و (ارزوقي كوبرى) بتهمة نشر المحتوى الفارغ على صفحات منصات التواصل. .
المؤسف له اننا نرزح اليوم تحت وطأة الديمقراطية المغلفة بالولاءات الحزبية التي تمنح عناصرها الحصانة المطلقة، ونقبع تحت ديمقراطية الدكاكين الاقتصادية التي أنتجتها المحاصصات السياسية. ناهيك عن الديمقراطية العشائرية والقومية والطائفية والمناطقية. .
كلمة اخيرة: الديمقراطية في العراق عبارة عن ديكورات، وإن طُبقت فبطريقة مشوهة أو منقوصة. ويراها البعض على شكل قنابل موقوتة لكنها مغلفة بأوراق الأوهام. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
غباشي: إيران تمتلك مواد تكفي لصنع 10 قنابل نووية.. والانسحاب من الرقابة لم يكن مفاجئًا
علق الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، على قرار إيران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدًا أنه كان يتوقع هذه الخطوة بنسبة تصل إلى 90%، وهو ما تحقق بالفعل بمصادقة الرئيس الإيراني على القرار.
وأوضح غباشي في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن هذا الموقف الإيراني له انعكاسات استراتيجية كبيرة على مجمل أوضاع منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، مؤكدًا أن طهران اتخذت هذا القرار في ضوء قناعتها بأن مفتشي الوكالة يعملون لحساب الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأشار إلى أن إيران لا تنوي التراجع عن نسب التخصيب المرتفعة التي وصلت إليها، ولا عن القدرات النووية التي حققتها مؤخرًا، مؤكداً أنها تدرك أن واشنطن وتل أبيب قد استنفدوا خياراتهم في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، لا سيما بعد الضربة الإسرائيلية التي نُسبت إلى دعم أمريكي مباشر أو غير مباشر.
وأضاف غباشي أن تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين تؤكد أن إيران الآن هي الطرف الذي يمتلك قرار النهاية في هذا الملف، بعدما فتحت إسرائيل وأمريكا "باب المواجهة" من الأساس.
وأكد أن هذا التحدي بالغ الخطورة، لكنه يرى أن إيران تمتلك من مقومات الصمود ما يجعلها قادرة على الاستمرار، وهو ما يُربك الحسابات الأمريكية والإسرائيلية، خاصة أن أي تراجع إيراني مرهون بشروط لا تقبل بها طهران.
تابع: "نحن الآن أقرب إلى سيناريو كوريا الشمالية من أي وقت مضى"، موضحًا أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أن إيران تمتلك كمية مخصبة من اليورانيوم تكفي لإنتاج ما بين 7 إلى 10 قنابل نووية، حسب تقديرات بعض المفتشين الدوليين.
كما أوضح أن نسبة التخصيب التي وصلت إليها إيران حاليًا تبلغ 60%، وهي قابلة للوصول إلى 90% خلال فترة زمنية قصيرة، ما يمنحها قدرة كبيرة على امتلاك السلاح النووي، مؤكدًا أن الكميات المخزنة تتراوح بين 325 إلى 500 كيلوغرام، وهي مخفية تمامًا، ومن المستحيل أن تكشف إيران عنها.
وشدد غباشي على أن أي محاولة لإشراك أطراف ثالثة في الرقابة على هذه القدرات مرفوضة تمامًا من الجانب الإيراني، ما يعني أن طهران باتت أقرب من أي وقت مضى إلى إجراء تجربة نووية فعلية أو امتلاك سلاح نووي بشكل نهائي.