السماح بدخول "القفة" إلى السجون في العيد
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
قررت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج السماح، بصفة استثنائية، للنزلاء بالتوصل بقفة المؤونة من طرف ذويهم وأقربائهم وكذا أعوان التمثيل الديبلوماسي والقنصلي بالنسبة للسجناء الأجانب خلال زيارتهم لهم ابتداء من ثاني أيام العيد لمرة واحدة ولمدة أسبوع فقط، وذلك وفق برمجة زمنية معدة من طرف إدارات المؤسسات السجنية.
دأبت هذه المندوبية على استثناء الأعياد الدينية من قرار المنع النهائي لقفة المؤونة، « نظرا لما لهذه المناسبة من وقع إيجابي على نفسية النزلاء ومن دور في الحفاظ على الروابط التي تجمعهم بعائلاتهم »، وفق بلاغ صادر عن المؤسسة.
وبحسب المصدر ذاته، ستعمل المؤسسات السجنية على منح جميع التسهيلات اللازمة لنزلائها للاتصال بعائلاتهم من أجل إخبارهم بالموعد المحدد والشروط المطلوبة لإدخال المؤونة الغذائية.
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
الاستثمار في الإعلام الرقمي
حاتم الطائي
◄ الإعلام سلاح نوعي أصبح المُحرِّك لمجريات الأحداث من حولنا
◄ الحروب الإعلامية على وطننا وعلى أوطان كثيرة لا تضع أوزارها
◄ نقترح وضع خطة وطنية متكاملة لتطوير إعلامنا ترتكز 6 عناصر أساسية
يمُر العالم بتحوُّلات غير مسبوقة في جميع مجالات الحياة، ما يتطلب حالة من التيقُّظ الدائم والاستنفار الإيجابي، من أجل مُواجهة المُتغيرات والتعاطي مع التحديات، وضمان عدم التراجع إلى الوراء، إن لم يكن السعي للبقاء في المقدمة.
وفي القلب من هذه التحوُّلات، يبرُز قطاع الصحافة والإعلام بشكل عام، لا سيما وأننا نتحدث عن سلاحٍ نوعيٍّ أصبح اليوم هو المُحرِّك لمجريات الأحداث من حولنا؛ بل إن حروبًا انتصرت فيها أطرافها بسلاح الإعلام لا بالبارود والقنابل! وعندما أقول إننا أمام سلاح خطير، لا أعني بالضرورة التحذير منه؛ بل مُحاولة توظيفه ليكون سلاحًا ناعمًا، وجزءًا من القوة الناعمة للدولة، كما إنني لا أتحدثُ هُنا عن حروب إعلامية، ولكن تأهب إعلامي من أجل مُجابهة أعاصير الأباطيل التي تأتينا من الداخل أو محيطنا المُلتهب أو من وراء البحار والمحيطات. هذا التأهُّب يستلزم عدة آليات لا غنى عنها، إذا ما أردنا أن نكون في حالة استعداد للمواجهة الإعلامية، مُواجهة من أجل دفع الباطل، وترسيخ الحق.. مواجهة لضمان أنَّ الرواية الحقيقية للأحداث نسردها وفق قِيَمنا ومبادئنا وأصالتنا.. مواجهة يجب أن تخرج من شرنقة "ما لنا علاقة"، وأن تبتعد عن شعار "هدي الأمور"؛ فثمَّة أحداث لا يُمكن التعامل معها من هكذا منطلقات؛ بل يتحتَّم علينا الوقوف في وجهها بكل جسارة وجاهزية، خاصةً إذا ما ارتبط الأمر بأمننا القومي، اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا.
أقولُ ذلك والحروب الإعلامية على وطننا وعلى أوطان كثيرة لا تضع أوزارها؛ بل تزداد اشتعالًا ولهيبها يطال كل مكونات المجتمع. هي حرب وقودها وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ الأولى تستهدف الوصول إلى أكبر شريحة مُمكنة من المُتابعين، والذين يسهل "اصطيادهم" بصورة أو خبر جاذب أو فيديو يخطف الأنفاس، أما الثانية، فيتم توظيفها لإنتاج محتوى يُحقق الأهداف، مُعتمدين على تقنيات التزييف العميق بصورة أساسية، وتقنيات أخرى أصبحت تُحيي الميت وتُميت الحي، رقميًا بكل تأكيد!
ومن المؤسف أنَّ هذه التقنيات لا تستخدمها عصابات الإنترنت أو بعض المراهقين أو المُختلين عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ بل أصبحنا نرى مؤسسات إعلامية كُبرى تُنتج أعمالًا مرئية من الذكاء الاصطناعي بنسبة تصل إلى 100%! وهذا أمر بالغ الخطورة، أن نجد مؤسسة إعلامية كبرى تُنتج مقاطع مرئية تُحاكي- على سبيل المثال- اللحظات الأخيرة في حياة رئيس دولة فرَّ من دولته بعد ثورةٍ أو تمردٍ عسكري أو حتى انقلاب. ومكمن الخطورة أنَّ مثل هذه الأعمال تُرسِّخ في الذهن والذاكرة أحداثًا مُتخيَّلة على كونها حقيقية، وبمثابة تأريخ لأحداث غيَّرت مجرى حياة ملايين البشر، أو أن نجد أحدهم أيضًا يُنتج مقطعًا مصورًا بهدف السخرية والتهكُّم من الآخرين المُخالفين في الرأي والتوجُّه.
هذه الأعمال وغيرها، تُحدث بلبلةً وتشويهًا مُتعمَّدًا للواقع، وتُزوِّر الأحداث والتاريخ مع سبق الإصرار والترصُّد، من أجل تحقيق مصالح وغايات تنطوي على أجندات بعينها.. أجندات تستهدف تفتيت المُفتت، وتمزيق المُمزَّق، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية والمناطقية، وغيرها، مما يضمن لمن يتربصون بالأوطان الانقضاض عليها بعدما تكون قد سقطت بالفعل عبر حرب إعلامية شعواء.
كل ذلك يدعونا إلى التفكير العاجل والضروري، لأن نُطوِّر إعلامنا، تطويرًا يضمن تسليح صحفيينا وإعلاميينا بالأدوات اللازمة لمواكبة المُتغيِّرات، ومعرفة كيفية الرد والتعامل مع الحروب الإعلامية وكشف التزييف العميق، فلا يُمكن أن تخوض معركة أمام عدو يستخدم أحدث التقنيات الإعلامية، بينما أنت ما تزال تُمسك بالقلم والمايكروفون، ظنًا منك أنك ستنتصر لأنَّ الحق معك.. من المؤسف القول إنَّ الحق وحده دون مُمكِّنات النصر، لن يجلب هذا النصر؛ بل ربما يكون ذلك سببًا في الهزيمة النكراء!
إذن ما الحل؟!
الحل يكمُن في وضع خُطة مُتكاملة لتطوير إعلامنا العُماني، تقوم على عدة عناصر كما يلي:
إطلاق خارطة طريق من أجل التحوُّل الرقمي الشامل في الإعلام، تُنفَّذ على مدى زمني لا يتجاوز العامين. إعادة النظر في واقع المؤسسات الإعلامية القائمة، وتقديم الدعم اللازم لها ومساعدتها على الاستثمار الرقمي؛ لكي تنهض من كبوتها التي ما تزال تعاني منها بسبب الأزمات المُركَّبة التي تعرضت لها، منذ أزمة تراجع النفط في 2014 مرورًا بأزمة 2018 ثم أزمة 2020، وغيرها! تنقيح ما يُسمى بـ"الحسابات الإخبارية" التي لا طائل منها سوى مزيد من الإرباك والتشويه للمشهد العام، وتعمُّد نشر ثقافة التفاهة على حساب الجدية والمصداقية، وأن يكون الإعلام مسؤولية المؤسسات الوازِنة القادرة على إحداث الفارق بكل مهنية وكفاءة. إنشاء صندوق تطوير الإعلام، ليكون بمثابة البنك التمويلي للمؤسسات الإعلامية، يوفر الدعم المُيسَّر في أوقات الأزمات. التشجيع على إطلاق أول قناة إخبارية عُمانية للعالم، تقوم على مبادئ الإعلام الحُر والمسؤول، وتتولى تقديم إعلام دولي من وجهة النظر العُمانية، التي ترتكز على الحياد الإيجابي وعدم التَّدخل في شؤون الغير ونشر السلام والوئام في أنحاء العالم والتي تُحقق نجاحات كبيرة وتُعزز السمعة الطيبة لبلادنا. إطلاق برامج تدريب وتأهيل للكوادر الوطنية على مدار العام، والاستعانة بالخبرات الأجنبية إذا ما كان ذلك ضروريًا.ولا ريب أنَّ التحول الرقمي في المؤسسات الإعلامية، لم يعد ترفًا؛ بل بات ضرورة مهنية ومجتمعية؛ لمواكبة التطورات التقنية المتسارعة وتعزيز التفاعل مع الجمهور وتلبية احتياجاته، وتطوير الموارد والكفاءات البشرية العاملة في مؤسسات العمل الصحفي. لكنَّ هذا التحول يتطلب بالتأكيد استثمارات في المعدات الحديثة، والبرمجيات المتطورة، والبنية الأساسية الرقمية لضمان تقديم محتوى عالي الجودة وتجربة مستخدم متميزة. ومن خلال تمكين المؤسسات الصحفية والإعلامية، عبر تطبيق الخطة المقترحة، سنرى المزيد من الاستثمارات الوطنية في هذا القطاع المؤثِّر للغاية.
ونتيجة للضغوط المالية ومحدودية الموارد على المؤسسات الإعلامية في عُمان، نتيجة للتراجع الحاد في الإعلانات والاشتراكات السنوية، وارتفاع تكلفة تشغيل المؤسسات، فإنَّ الحاجة تتعاظم لإطلاق خطة طموحة لدعم هذه المؤسسات وتحفيزها على الانطلاق نحو المستقبل، الذي يجب أن تكون لنا فيه إسهامات نوعية، ترقى ومكانة سلطنة عُمان بين الأمم والتي يُشار إليها بالبنان، فمن غير المنطقي أن تحتل بلادنا مكانة كبيرة عالميًا، في عديد المجالات، مثل الدبلوماسية الفاعلة، والطاقة المتجددة واللوجستيات، وغيرها، بينما في قطاع المؤسسات الإعلامية، نظل "محلك سِرْ".
ويبقى القول.. إنَّ التحول الرقمي وما أحدثه من تغييرات جوهرية في صناعة الصحافة والإعلام، يجب أن يدفعنا إلى سرعة مواكبة هذه المُتغيرات، وتزويد القارئ والمُتابع العُماني بما يحتاجه من معرفة وإعلام، من منظور وطني مُستقل قائم على المرتكزات والثوابت العُمانية الأصيلة، بعيدًا عن استقطابات وسائل الإعلام الإقليمية والدولية.
رابط مختصر