ملتقى الأزهر: الوقوف على ظاهر النصوص دون فهم معانيها ومقاصدها هدم للشريعة
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الله تعالى أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا الدين، ليقيم الحق ويحافظ على الكرامة الإنسانية، ويوجد مجالا للعدل والمساواة،كما أراد الله تعالى لهذا الدين أن يكون صالحا لكل زمان ومكان، وأن تكون هذه الشريعة سائدة بين الناس كافة، دون أن تكون قاصرة على بيئة بعينها أو جماعة بعينها أو زمن بعينه، مؤكدا أن هذا لا يتحقق إلا إذا كانت هذه الشريعة تشتمل على جملة من المقاصد المهمة التي تأخذ بيد البشرية إلى فهم مراد ربها، والوقوف على المراد من خلق الله تعالى لهم.
وبيّن الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، خلال حديثه بملتقى الأزهر، والذي عقده الجامع الأزهر اليوم بعد الانتهاء من صلاتي العشاء والتراويح، تحت عنوان " المقاصد العامه للشريعة الإسلامية "، أن المتأمل في قوله تعالى "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"، يدرك أن الله تعالى قد وضع في هذا التشريع جملة من المقاصد العامة والمقاصد الخاصة ، موضحا أن كلا النوعان يحققان المقصد الرئيس من خلقه ويدفعان به إلى الوصول إلى رضوان الله تعالى وتحقيق الهدف الرئيس للدين والمتمثل في تحقيق الصلاح في الحال والفلاح في المآل.
ونوه بأن الحديث عن المقاصد العامة يأتي لإظهار كمال هذا التشريع، وبيانا لعظمة هذا الدين، ثم تأكيد على المراد من العباد لله تبارك وتعالى، مبينا أن كل عبادة من العبادات لها مقاصد عامة تعود على المجتمع، ومقاصد خاصة تعود على الفرد، مستشهدا بقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، قائلا " هذه التقوى التي هي أمارة للإيمان وعلامة لصحيح الإسلام وبوابة للوصول إلى مقام الإحسان، لها مزية تعود على الإنسان من حيث أنها تحول بينه وبين حرمات الله، وإذا أدرك الإنسان معناها كان أبعد الناس عن إيذاء المجتمع.
من جانبه، أكد الدكتور محمود عبد الرحمن، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة، أن موضوع مقاصد الشريع موضوع خطير ومهم وحساس، حيث أنه يمثل أحد أجنحة الحفظ الثلاثة لهذا الدين، والتي أولها حفظ النص كما نزل، وهو مقصد من مقاصد البعث، وثانيها حفظ معنى النص، الذي بدونه لا توجد فائدة لفهم النص وحفظه من الـتأويل والتحريف، وثالثها حفظ مقصد النص، أي سر الحكم ومقصود الدلالة.
وحذّر الأستاذ بكلية الشريعة والقانون، من الوقوف على ظاهر النصوص دون فهم معانيها ومقاصدها، مؤكدا أن هذا السلوك فيه هدم للشريعة، لأن التعمق والتبحر في فهم النصوص وأسرارها يجعلها أمام المتفقهين في الدين نصوصا معطائة غير محصورة إلى يوم القيامة، كما يجعل النص الواحد كأنه كتاب مملوء من النصوص، وهو ما يطلق عليه علماء المقاصد بالفقه الحي، كما يسميه الإمام الزركشي ب"فقه الفقه"، مؤكدا أن هذا الفقه هو قبلة المجتهد، حيث إذا أراد أن يفتي فعليه أن يتوجه إلى فهم القصد والسر وراء هذه النصوص، والذي بدونه يشعر المجتهد أو الباحث بالضيق.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الله تعالى هذا الدین
إقرأ أيضاً:
هل عدم الخشوع في الصلاة يبطلها ويجب إعادتها؟ اعرف آراء الفقهاء
هل عدم الخشوع في الصلاة يبطلها؟ الخشوع في الصلاة ليس من أركانها، ولكنه من لوازمها فلا تبطل الصلاة بتركه، ولكن ينقص الثواب بقدر ما تفقده من خشوع.
أفتى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، بأن السرحان في الصلاة لا يبطلها، وإنما هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، ولا يجب به سجود السهو ما دام قد أتى بأركانها وواجباتها، لكنه ينقصها نقصانًا كبيرًا.
وأشار «المجمع» في إجابته عن سؤال: «هل يجب إعادة الصلاة عند السرحان وعدم الخشوع فيها؟»، إلى أنه إذا قام المسلم إلى الصلاة عليه أن يستشعر عظمة من قام بين يديه، وأن يؤمن إيمانًا كاملًا بأن الله تبارك وتعالى يعلم ما توسوس به نفسه.
وتابع: إن يحرص غاية الحرص أن يجمع قلبه على ما يقول ويفعل فى صلاته وألا يذهب بفكره وعقله يمينًا وشمالًا، وإذا حدث له ذلك، فعليه أن يتفل عن يساره ثلاثًا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم، والتفل دون البصق، حيث إن التفل هو إخراج للهواء فقط، دون غيره من البصاق».
حكم إعادة الصلاة بسبب عدم الخشوعنبه مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، على أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أن الخشوع في الصلاة ليس من أركانها، ولكنه من لوازمها فلا تبطل الصلاة بتركه، ولكن ينقص الثواب بقدر ما تفقده من خشوع.
واستشهد المركز في إجابته عن سؤال: «هل يسن إعادة الصلاة التي فقد فيها الخشوع بسبب التفكير في شيء خارجي؟»، بما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيُصَلِّي، فَمَا يُكْتَبُ لَهُ إِلاَّ عُشْرُ صَلاَتِهِ، فَالتُّسْعُ، فَالثُّمُنُ، فَالسُّبُعُ، حَتَّى تُكْتَبَ صَلاَتُهُ تَامَّةٌ».
وواصل: وذهب بعض الفقهاء إلى أن الخشوع واجب من واجبات الصلاة وتبطل الصلاة بتركه، ولكن الراجح ما ذهب إليه الجمهور بعدم بطلانها لكن على المرء أن يتحرى الخشوع في صلاته حتى يغنم منها بالأجر العظيم من الله لقوله تعالى: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)»، وأن يتدبر ما يقرأه من الآيات القرآنية.
كيفية الخشوع في الصلاةمعنى الخشوع في الصلاة هو السكون فيها، وفيه يُظهر المصلِّي التذلّلُ للهِ عزَّ وجلَّ بقلبهِ وجميع جوارحهِ، و الخشوع في الصلاة يكون بحضور القلب وانكساره بين يدي اللهِ تعالى، وكمال الخشوع في الصلاة يتحقّق بتصفية القلب من الرياء للخلق في الصلاةِ.
الخشوع في الصلاة يَكثرُ ثوابها أو يقلّ حسبما يعقل المصلّي في صلاتهِ، إضافةً إلى استشعارُ الخضوعِ والتواضعِ للهِ عزَّ وجلَّ عند ركوعهِ وسجودهِ، وأن يمتلئَ قلبهُ بتعظيمِ اللهِ عز وجلّ عند كل جزءٍ من أجزاء الصلاةِ، وأن يبتعد المُصلّي في صلاتهِ عن الأفكارِ والخواطرِ الدنيويّة، والإعراضِ عن حديثِ النفسِ ووسوسةِ الشيطانِ؛ ذلك أنّ الصلاةَ مع الغفلةِ عن الخشوعِ والخضوعِ لله عز وجل لا فائدة فيها.
كيفية الخشوع في الصلاةوضع الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء، روشتة شرعية لـ الخشوع في الصلاة، وعلاج السرحان وشرود الذهن أثناء الصلاة، من 3 أمور تُعين المسلم على الخشوع في الصلاة.
وقال «الورداني» في إجابته عن سؤال: «دائمًا ينتابني هاجس أن عبادتي غير مقبولة فماذا أفعل؟»، أن الأمر الأول الذي يساعد على الخشوع في الصلاة هو العناية بالتركيز في القراءة بتأنٍ وتدبر الآيات وليس مجرد التلفظ بها، مشيرًا إلى خطأ البعض في عدم التلفظ ولهج اللسان بتحريك الشفتين في القراء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صَلاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ».
وأضاف أن ثاني هذه الأمور: العناية بموضع النظر في مراحل الصلاة المختلفة، لافتًا إلى أن النظر أثناء الوقوف يكون إلى محل السجود، وأثناء الركوع إلى أطراف أصابع قدميك، وعند السجود يكون إلى «أرنبة» الأنف، وأخيرًا عند التشهد يكون النظر إلى طرف الإصبع المُسبحة -بحسب تعبيره-.
وتابع: ثالثًا: العناية بالأدعية التي يقولها المصلي في أثناء الركوع والسجود والقيام، مشيرًا إلى حضور قلب الداعي أثناء الدعاء، لما رواه أبو هريرةَ أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاء» رواهُ مسلم.
ونصح مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ببعض الوسائل التي تعين المسلم على الخشوع في الصلاة ومنها: أولًا: معرفة صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- من واجبات وآداب وهيئات وأدعية وأذكار، ثانيًا: وأن تحرص بعد المعرفة على التطبيق التام لها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم «صلوا كما رأيتموني أصلي».
وأضاف: ثالثًا: المجاهدة والمثابرة على الخشوع في الصلاة ولذا قال سبحانه وتعالى: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ»، رابعًا: استحضار عظمة الله تعالى وجلاله وعلوه على خلقه، وأنك تقف بين يديه عبد بين يدي سيده ومولاه.
وتابع: خامسًا: وإذا عرض لك شيء يشغلك في صلاتك فاتفل «هواء مع ريق خفيف يشبه الرذاذ» عن يسارك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، فإنه ينصرف عنك بفضل الله تعالى.
حكم الخشوع في الصلاةاختلفَ الفقهاءُ في حكم الخشوع في الصلاةِ؛ هل هي سنةٌ أم فرضٌ، أم تُعتبرُ من فضائِلها ومُكمّلاتِها: القول الأول: ذهب جمهورُ الفقهاءِ إلى أنّ الخشوعَ في الصلاةِ سُنّةٌ من سننِ الصلاةِ، بدليلِ صحةِ صلاةِ من يُفكّرُ في الصلاةِ بأمرٍ دنيويٍّ، ولم يقولوا ببطلانِ صلاةِ من فكَّر في صلاتهِ.
واستدلوا بما رواه أبو هريرة - رضي اللهُ عنهُ-: «أنَّ النبيَّ -عليه الصّلاة والسّلام- رأى رجلًا يعبثُ بلحيتهِ في الصلاةِ فقال: لو خَشعَ قلبُ هذا لخشعت جوارحُهُ»؛ وما يُفهَم من الحديث أنَّ هناكَ أفعالًا تُكرهُ في الصلاةِ لأنها تُذهبُ الخشوعََ، وعلى المصلِّي البُعدَ عنها وتجنّبها، كالعبثِ باللحيةِ أو الساعةِ، أو فرقعةُ الأصابعِ، كما يُكرهُ للمصلِّي دخول الصلاةِ وهناك ما يشغلهُ عنها، كاحتباسِ البولِ، أو الجوعِ أو العطشِ، أو حضورِ طعامٍ يشتهيهِ.
- القول الثاني: ذهب أصحاب هذا القول إلى أن الخشوع في الصلاة واجب؛ وذلك لكثرة الأدلة الصحيحة على ذلك، ومنها قوله تعالى: «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ»، وقوله –تعالى-: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ»، والخشوع الواجب في الصلاة الذي يتضمّن السكينة والتواضع في جميع أجزاء الصلاة، ولهذا كان الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- يقول في ركوعه: «اللهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سمعي وبصري، ومُخّي، وعظمي، وعصبي»، فجاء وصف النبي -عليه الصّلاة والسّلام- بالخشوع أثناء ركوعه، فيدل على سكونه وتواضعه في صلاته.
وفسر بعض العلماء قوله –تعالى-: «الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ» بأن الخشوع في القلب، وفي قول آخر: (معنى الخشوع أي: الرّهبة لله تعالى)، وقيل: عدم الالتفات في الصلاة، وغضّ البصر، والخوف من الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك أيضًا خشوع الصوت؛ فإذا كان الخشوع في الصلاة يُعتَبر عند بعض العلماء واجبًا، والذي يعني السّكون، فمن نقر في صلاته نقر الغراب لم يخشع في صلاته، وكذلك من رفع رأسه من الركوع ولم يستقرّ قبل أن ينخفض لم يسكن بفعله هذا، ومن لم يسكن في صلاته لم يخشع في ركوعه وسجوده، ومن لم يخشع في صلاته يُعتَبر آثمًا عاصيًا.
فوائد الخشوغ في الصلاة .. الصلاة أفضل العبادات التي تقرب إلى الله تعالى وذلك لما فيها من انكسار وذلك ولا يتحقق ذلك إلا بالخشوع، امتدح الله سبحانه وتعالى الخاشعين في مواضع كثيرة من القرآن منها "وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً" (الإسراء: 109)
الخشوع من صفة المؤمنين حيث قال تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ". (المؤمنون: 1-2).
الخشوع يجعل الصلاة محبوبتةً يسيرةً على المصلي: فقال الله تعالى : “واستعين في الصبر والصلاة وإنها لكبيرةٌ إلى على الخاشعين-الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم اليه راجعون” البقرة 45:46.
الخشوع في الصلاة سببٌ في نجاة العبد من النار وبالتالي دخول الجنة، كما أخبرت بذلك السنة النبوية، فقد جاء في الحديث الذي يرويه الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ.
الخشوع في الصلاة يُورّث في النفس الخوف والرهبة من الله تعالى، مما يكون له الأثر العظيم على سلوك العبد إيجابًا.
الخشوع مظهرٌ من مظاهر الإيمان.
سبب من أسباب دفع العقوبة والعذاب.
الخشوع دليلٌ على صلاح العبد، وقَبول أعماله، وطهارة قلبه وسلامته، واستقامته في أفعاله وعباداته وأخلاقه.
الأصلُ في طلبِ الخُشوعِ في الصلاةِ ما دلَّ عليهِ في القرآنِ الكريمِ والسُّنةِ النبويةِ. قالَ –تعالى- في كتابهِ العزيز: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ»؛ فالمؤمنون هم الذين يخشعون في صلاتهم، ومعنى الخشوعِ هنا: لينُ القلبِ وكف الجوارحِ.
ومن السُّنِة النبويةِ قولهُ -عليه الصّلاة والسّلام: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»؛ أي: استحقّ بفعله هذا الجنّة، وأصبحت واجبةً له.