- السائل يقول عندما تأملت تأويل سيدنا يوسف عليه السلام لرؤيا الملك وجدت أن سيدنا يوسف عليه السلام أوَّلَ السبع البقرات السمان بالسبع السنوات الخصبة وأوَّلَ السبع البقرات العجاف بالسبع السنوات العجاف لكنني لم أجد إشارة من رؤيا الملك للآية الكريمة «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» بمعنى آخر أن هذه الآية الكريمة لم أجد لها إشارة في رؤية الملك، السؤال هل هناك إشارة موجودة في رؤيا الملك لهذه الآية ولم أنتبه لها؟

إن ما ذكره الأخ السائل صحيح وفي محله، ففي هذا الجزء الذي ورد على لسان يوسف عليه السلام مخاطبا به من سأله عن تعبير ما رآه الملك «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» ليس في رؤيا الملك ما يقابله، وهذا باتفاق المفسرين، ثم ذهب جمهور أهل التفسير إلى أن هذه الزيادة التي وردت على لسانه يوسف عليه السلام كانت زيادة بوحي وإلهام من الله تبارك وتعالى ليوسف عليه السلام، فأراد أن يتبع تعبيره أو تأويله للرؤيا بتبشيرهم بما يكون عليه الحال بعد السبع العجاف، فكان ما أخبرهم به وحيا وإلهاما من عند الله تبارك وتعالى، ومن المفسرين ومنهم العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير من رأى بأن ذلك كان من لوازم نهاية سني الجدب والمحل فإن رؤيا الملك كان تأويلها بأن السبع العجاف والسنبلات السبع اليابسات هي سنوات الجدب والمحل والشدة فهي سبع سنوات، وهذا يعني أن نهاية الجدب من لازمه أن يكون بالغيث والخصب، فبشرهم يوسف عليه السلام بلازم نهاية الجدب، وهذا قول حسن أيضا.

وعلى المعهود في نواميس الله تبارك وتعالى أن يعقب الشدة رخاء وأن يأتي بعد الجدب غيث وخصب فإن يوسف عليه السلام قد بشرهم بذلك وقد كانت رؤيا الملك أن سنوات الجدب والشدة تكون سبعا وهذا ما يعنيه بطبيعة الحال، وهذا ما يعبر عنه الأصوليون وعلماء التفسير في هذا السياق باللازم أن من لوازم ذلك أن يرتفع هذا الجدب عنهم ولا يرتفع إلا بنزول الغيث وأن يكون خصبا عاما شاملا فبشرهم به يوسف عليه السلام أي لم يكن ذلك بوحي وإلهام وإنما كان من التعبير نفسه من تأويل الرؤيا نفسها. والله تعالى أعلم.

- عندما يجد الإنسان في مناماته أمثال هذه الرموز التي يتوخى أنها تعني شيئا معينا، هل هو مطالب أن يبحث عن تأويلها حتى يستبين ماذا وراءها من المعاني التي يريدها الله تعالى له، وكيف يفرق بينها وبين ما ينهى عنه من البحث عن تفسير الأحلام المزعجة؟

ما يراه النائم كما يقول أهل العلم إما أن يكون أثرًا لما يشتغل به خاطره وما يعمل فيه فكره، فيكون مهموما بأمر ما ويكون عقله مشغولا به فيرى في منامه ما يتصل بما كان عقله مشغولا به وبما كانت نفسه متعلقة به، وهذا هو غير ما يتحدث عنه من يتحدث عن الرؤى فإن الرؤى قد تكون مبشرة حاملة لمعاني خير لرائيها أو لغيره، وقد يكون فيها ما يزعج، لكنها لا علاقة لها باشتغال العقل والخاطر بالتدبر والتفكر في أمر ما، فتأتي هكذا اتفاقًا، تأتي دون مقدمات كما يقال، وهذه تنقسم إلى نوعين، فيها ما يستبشر به الإنسان فيما يرى كرؤية الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ورؤيا العلماء والصالحين والأولياء أو رؤيا مبشرات من حوادث خير تحصل للناس فهذه مبشرات، وقد يرى ما يزعجه، فقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أي ما يكرهه ويزعجه ويقلق مضجعه، أن يعمد إلى أن ينفث عن يساره ثلاثًا وأن يستعذ بالله من شر ما رأى قال: فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليقل اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت ثم قال فإنها لن تضره بإذن الله، ولذلك كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن شَكَوا إليه عليه الصلاة والسلام فأرشدهم إلى هذا الذكر قالوا: فكان الواحد منا يرى الرؤيا كالجبل ثم بعد هذا الذكر لم تكن تؤثر فيه. أما ما يرى من خير وبشارات أو ما يرى مما هو غير ذلك فلا مانع شرعًا من السؤال عن تعبيره وكذلك إذا كان هناك من هو محب له سيدعو له بالخير فلا مانع من إخباره والرؤى تتفاوت أي لا يلزم في من رأى سبع بقرات أن يكون تعبيرها بسبع سنوات، فإذا كانت سمانًا كانت سنوات خصب وإذا كانت عجافًا فهي سنوات جفاف وشدة، لا يلزم، لأنها بحسب الرائي وبحسب البيئة، وهذا علم كما تقدم في جواب سابق والتفاصيل والفروع فيه كما يقول أهل الاختصاص ذات أهمية، في التعرف على التعبير لكن لا يمكن أن يخوض في التأويل والتعبير الجاهل الذي لا دراية له ولا علم عنده وإلا فإنه يكون داخلا في وعيد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: «من أفتى مسألة أو فسَّر رؤيا بغير علم كان كمن وقع من السماء إلى الأرض فصادف بئرًا لا قعر لها ولو أنه أصاب الحق» ففي المسألة وعيد شديد، لكن أن يتطلب تعبير رؤياه مع ذكر التفاصيل فهذا هو الأصل عند أهل الاختصاص، وإن لم يجد أهل اختصاص فليدعُ ربه تبارك وتعالى أن يجعل ما رآه رؤيا خير وأن تكون مجلبة للخير دافعة عن كل ضير وأن يكتب الله تبارك وتعالى له من

ورائها البشرى والخير، والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الله تبارک وتعالى یوسف علیه السلام رؤیا الملک الله تعالى أن یکون ا کانت

إقرأ أيضاً:

فتاوى تشغل الأذهان| حكم صك الأضحية هل لها نفس ثواب نحر المضحى بنفسه؟.. حكم استعمال المحرم بالحج أو العمرة للشمسية.. هل ثواب الطواف بالأدوار العلوية مثل صحن الكعبة؟.. هل يجوز للمضحي بيع جلد الأضحية؟

فتاوى تشغل الأذهان:

حكم صك الأضحية هل لها نفس ثواب نحر المضحى بنفسه؟

حكم استعمال المحرم بالحج أو العمرة للشمسية 

هل ثواب الطواف بالأدوار العلوية مثل صحن الكعبة؟

هل يجوز للمضحي بيع جلد الأضحية؟
 

نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم المسلمين في حياتهم اليومية، نرصد أبرزها في هذا التقرير.

ما حكم صك الأُضْحِيَّة؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية. 

وقالت الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك إن صك الأضحية نوع من أنواع الوكالة، وهي جائزة في النيابة في ذبح الأُضْحِيَّة وتوزيعها، ويجب على الوكيل أن يراعي الشروط الشرعية في الأُضْحِيَّة.

ثواب صك الأضحية

قال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى: ليس من شروط الأضحية أن ينحر المسلم الأضحية بنفسه أو حتى أن يكون حاضرا لحظة نحر الأضحية، فعلى هذا يمكن أن ينحر المسلم لنفسه، كذلك يمكن أن يأتي بجزار لينحر له، أو شخص غيره لينحر عنه، وكذلك يجوز توجيه جهة رسمية للنحر له وتوزيع اللحم بدلا منه، وعلى هذا فإنه فى حالة شراء الإنسان صك الأضحية فيأخذ بهذا ثواب المضحي.

وأوضح أن الأضحية معناها هي الذبيحة التي ينحرها المسلم في أيام عيد الأضحى وهم يوم العيد والثلاثة أيام التالية له، وهي ما تسمى أيام التشريق، وتكون من الحيوان المباح للمسلم الأضحية به فى هذه الوقت.

وتابع شلبي أن الشرع الحنيف أجاز للمضحي أن يخرج الأضحية كاملا عنه سواء كان هذا عند نحره لنفسه أو عن الغير وكذلك يجوز تفويض أي جهة موثوق لها أو جمعية خيرية لتوزيع الأضحية كاملا عنه على الفقراء والمساكين.

هل صحكوك الأضحية لها نفس ثواب النحر؟

رد الدكتور محمد كمال أمين الفتوى بدار الإفتاء، على سؤال بشأن صكوك الأضاحي، قائلا :"الأضحية سنة عن النبي، والصكوك لا تؤثر في الثواب، ولا حرج فيه، وتأخذ ثواب الأضحية كامل لانك وكلت إنسان عنك".

صك الأضحية عبارة عن عقد شراء للأضحية وعقد توكيل بالنحر، وهذا جائز شرعًا

وأضاف الدكتور محمد كمال أمين الفتوى بدار الأفتاء، ان الصك نوع من أنواع الوكالة وهي جائزة في النيابة عن الذابح في الأضحية. 

وتابع الدكتور محمد كمال أمين الفتوى بدار الأفتاء، على سؤال بشأن صكوك الأضاحي، أن صك الأضحية عبارة عن عقد شراء للأضحية وعقد توكيل بالذبح، وهذا جائز شرعًا إذا روعيت شروطه.

وتابع الدكتور محمد كمال أمين الفتوى بدار الأفتاء، أن الاضحية سنة للقادر عليه والذي لا يقدر عليه ليس عليه أي مشكلة ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

حكم تقديم السعي بين الصفا والمروة على الطواف في الحج والعمرةأعظم فرصة للعتق من النار والمغفرة.. اغتنم خير أيام الدنياحكم الجمع بين طواف الإفاضة والوداع.. دار الإفتاء تجيبهل فضل العشر من ذي الحجة في النهار فقط ؟

هل ثواب الطواف بالأدوار العلوية مثل صحن الكعبة

ما حكم طواف الحاج بالأدوار العلوية أثناء أدائه المناسك؟ وهل سيكون له نفس أجر طوافه بصحن الكعبة؟ سؤال أجاب مركز الأزهر العالمي عن سؤال:  عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية. 

وقال عبر صفحته على فيس بوك: إنه للحاجِّ أن يطوف بالأدوار العلوية أثناء أدائه المناسك، وله من الأجر مثل مَن طاف في صحن الطَّواف حول الكعبة مباشرة، ويُباح له الٱستراحة أثناء الطَّواف والسعي عند الحاجة إلىٰ ذلك؛ لِكِبَرِ سِنِّه أو الإرهاق الشَّديد، ويُثاب علىٰ ترك التَّزاحم صيانةً للحُجَّاج والمعتمرين.

هل يجوز للمضحي بيع جلد الأضحية؟
 

هل يجوز للمضحي بيع جلد الأضحية؟.. سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.

وأجاب الأزهر للفتوى عبر موقعه الرسمى على فيس بوك عن السؤال قائلا: إنه يجوز للمضحي أن ينتفع بجلد الأضحية كما يشاء؛ لما روي أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها اتخذت من جلد أضحيتها سقاء. أخرجه أحمد في مسنده.

ولكنها أوضحت أنه لا يجوز بيع جلد الأضحية عند الجمهور؛ لأن الأضحية بالذبح تعينت لله تعالى بجميع أجزائها، وما تعين لله لم يجز أخذ العوض عنه بما في ذلك الجلد.

حكم استعمال المحرم بالحج أو العمرة للشمسية

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم استعمال المحرم للشمسية؟ فقد كنت محرمًا، ومن شدة الحرِّ كنت استخدم شمسية أثناء المناسك، فاعترض عليَّ أحد الأشخاص بقوله: إن ذلك لا يجوز؛ لأن فيه تغطية للرأس، وهو ممَّا لا ينبغي للمُحرم فعله. فما صحّة هذا الكلام؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: أنه لا مانعَ شرعًا من استظلال المحرم بمظلة الرأس (الشمسية) توقّيًا من أشعة الشمس وحرارتها ما دام أنها لا تلامس الرأس، ولا حرج عليه في ذلك، ولا تلزمه الفدية، ولا يدخل ذلك في النهي الوارد عن تغطية الرجل رأسه وهو مُحْرِمٌ؛ وأمَّا قول المعترض على ذلك؛ فهو موافق لما ذهب إليه بعض الفقهاء، ومع ذلك لا يجوز له الاعتراض على أمرٍ قد ورد فيه اختلاف؛ لما تقرَّر في قواعد الفقه من أنه "لا إنكار في المختلف فيه، وإنما الإنكار في المُجمَع عليه"؛ وحيث لم يرد إجماع في المسألة فإنَّ الإنكار يُعدُّ تضييقًا لما فيه توسعة في الشرع.

حكم استعمال المحرم للشمسية

المُحرِم: هو مَن أهَّل بالحج أو العمرة، وعلى المُحرم محظوراتٌ عليه ألَّا يفعلها، ومن هذه المحظورات: أن يسترَ المُحرمُ رأسه أو بعضه؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لبس العمائم والبرانس، وذلك فيما رواه الإمامان البخاري ومسلم في "الصحيحين" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، ما يلبس المُحْرِم من الثياب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ، وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ».

والاستظلال من الشمس للمُحرم توقّيًا من أشعةِ الشمس وحرارتها بشيء يتبع المُحرم؛ كالتظلّل بنحو شيء يرفعه على رأسه كما في مسألتنا: أمرٌ اختلف في حكمه الفقهاء؛ حيث ذهب إلى جوازه الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة في إحدى الروايتين اختارها الإمام الخرقي، ووافقهم في ذلك بعض المحققين من المالكية؛ كالشيخ العلامة خليل بن إسحاق، وهو المختار للفتوى.

قال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 349، ط. دار الكتاب الإسلامي) في ذكر محظورات الإحرام: [(قوله: وستر الوجه والرأس) أي: وَاجْتَنِبْ تَغْطِيَتَهُمَا.. والمراد بستر الرأس: تغطيتها بما يُغطى به عادة؛ كالثوب، احترازًا عن شيء لا يغطى به عادةً؛ كالعدل، وَالطَّبَقِ، وَالْإِجَّانَةِ] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 547، ط. دار الفكر) فيما يحظر على المحرم فِعلُه: [(أو ستر رأسه) بمعتاد: إما بحمل إجانة أو عدل فلا شيء عليه] اهـ.

وقال الشيخ خليل المالكي في "التوضيح" (3/ 75، ط. مركز نجيبويه) فيما يُباح للمحرم: [وله أن يرفع فوق رأسه شيئًا يقيه من المطر.. وليس له أن يضعه على رأسه من شدة الحر انتهى. والأقرب: جواز ذلك؛ لما في مسلم وأبي داود والنسائي عن أم الحصين رضي الله عنها قالت: "حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا، وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرُ رَفعَ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ"] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 267-268، ط. دار الفكر): [مذهبنا: أنه يجوز للمحرم أن يستظل في المحمل بما شاء راكبًا ونازلًا، وبه قال أبو حنيفة.. دليلنا: حديث أم الحصين رضي الله عنها.. ولأنه لا يُسَمَّى لِبْسًا] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 490، ط. دار الكتب العلمية): [وفي تظليل المحمل روايتان.. الثانية: له أن يتظلل؛ لأنه ليس بمباشرٍ للرأسِ، أشبَهَ الخيمة، وله أن يتظلل بثوب على عود؛ لما رَوَت أمُّ الحصين رضي الله عنها.. ولا بأس بالتظلل بالخيمة والسقف والشجرة وأشباه ذلك؛ لأنه لا يلازمه، أشبَهَ ظل الجبال والحيطان] اهـ.

وقال أيضًا في "المغني" (3/ 287، ط. مكتبة القاهرة) معلّلًا الرواية المُجَوّزة للاستظلال: [لأنَّ ما حَلَّ للحَلالِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ، إلا ما قامَ على تحريمهِ دليلٌ.. وظاهر كلام أحمد: أنه إنما كره ذلك كراهة تنزيه؛ لوقوع الخلاف فيه، وقول ابن عمر رضي الله عنهما، ولم ير ذلك حرامًا، ولا موجبًا لفدية.. وهو اختيار الخرقي؛ لأنه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالبًا، فأشبه ما لو ستره بشيءٍ يلاقيه] اهـ.

الدليل على جواز استعمال المحرم للشمسية
واستدلوا على ذلك: بحديث أُمِّ الْحُصَيْنِ رضي الله عنها قَالَتْ: "حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ" رواه الإمام مسلم في "الصحيح".

فدلالة الحديث واضحة في أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد اطَّلَع على فعلِ بلالٍ رضي الله عنه وهو يستتر من حرِّ الشَّمسِ بثوبهِ ولم ينهه، ولم يأمره بالفدية، فدلَّ على جواز الاستظلال بالمظلة (الشمسية) التي لا تلامس الرأس، وما في معناها ممَّا هو من قبيل المنفصل التابع الذي يستظل به المحرم من الحر؛ كالثوب إذا رفعه فوق رأسه، وكالمحمل.

قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (9/ 46، ط. دار إحياء التراث العربي): [فِيهِ جَوَازُ تَظْلِيلِ الْمُحْرِمِ عَلَى رَأْسِهِ بِثَوْبٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ؛ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ نَازِلًا] اهـ.

وقال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (5/ 12، ط. دار الحديث): [قَوْلُهُ: (يَسْتُرُهُ مِنْ الْحَرِّ)، وَكَذَا قَوْلُهُ: (يُظِلُّهُ مِنْ الشَّمْسِ)؛ فِيهِ جَوَازُ تَظْلِيلِ الْمُحْرِمِ عَلَى رَأْسِهِ بِثَوْبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ مَحْمِلٍ وَغَيْرِهِ] اهـ.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا مانعَ شرعًا من استظلال المُحرِم بمظلة الرأس (الشمسية) توقّيًا من أشعة الشمس وحرارتها، ولا حرج عليه في ذلك، ولا تلزمه الفدية، ولا يدخل ذلك في النهي الوارد عن تغطية الرجل رأسه وهو مُحْرِمٌ؛ وأما قول المعترض عليك في ذلك فهو موافق لما ذهب إليه بعض الفقهاء، ومع ذلك لا يجوز له الاعتراض على أمرٍ قد ورد فيه اختلاف؛ لما تقرّر في قواعد الفقه من أنه "لا إنكار في المختلف فيه، وإنما الإنكار في المُجمَع عليه"؛ وحيث لم يرد إجماع في المسألة فإنَّ الإنكار يُعدُّ تضييقًا لا وجه له.

طباعة شارك صك الأضحية ثواب صك الأضحية حكم صك الأضحية حكم استعمال المحرم بالحج أو العمرة للشمسية هل ثواب الطواف بالأدوار العلوية مثل صحن الكعبة هل يجوز للمضحي بيع جلد الأضحية حكم استعمال المحرم للشمسية

مقالات مشابهة

  • رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني
  • بالصور.. سلام عابس الوجه عند بري
  • هل الدعاء بعد التلبية مستجاب في الحج والعمرة .. المفتي يجيب
  • ضبط 873 اعتداء على قناة الملك عبد الله وتوفير 226 ألف متر مكعب من المياه
  • المفتي: الحصول على تصريح من شروط “استطاعة الحج”
  • خطرفات وثغرات في رؤيا الحكيم المنامية
  • ثبات نبي الله إبراهيم عليه السلام في مواجهة الطاغوت : قراءة في المحاضرة الثالثة للسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ضمن سلسلة دروس القصص القرآني
  • فتاوى تشغل الأذهان| حكم صك الأضحية هل لها نفس ثواب نحر المضحى بنفسه؟.. حكم استعمال المحرم بالحج أو العمرة للشمسية.. هل ثواب الطواف بالأدوار العلوية مثل صحن الكعبة؟.. هل يجوز للمضحي بيع جلد الأضحية؟
  • أورتاغوس قريباً في لبنان... وهذا ما ستُركّز عليه
  • حين كذّب الكيزان رؤيا الحكيم!