عربي21:
2025-08-02@21:11:12 GMT

الكمبيوتر حوار لن يغلب شيخه

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

هذا العنوان، يطابق واقعة عندما خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الناس، ونصحهم ألا يغالوا في مهور النساء، وبيّن لهم أن المغالاة في المهور لو كانت مكرمة في الدنيا أو الآخرة، لفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقامت إليه إحدى النساء وقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله سبحانه يقول (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا).

فأدرك عمر صواب قول المرأة وحسن استشهادها بالآية الكريمة، فرجع عن رأيه، وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر.

هنالك تهويل لأمر الذكاء الاصطناعي، بدرجة أن بعض أساطين عالم الأعمال والكمبيوتر، من بينهم أيلون ماسك صاحب شركة تيسلا للسيارات الكهربائية، وبيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة، والعالم الفيزيائي الراحل ستيف هوكينغز قالوا إن هذا النمط من الذكاء سيؤدي إلى حلول الآلات الذكية محل البشر في كافة المجالات، وهم بهذا يزعمون أن الحوار (التلميذ) قادر على التغلب على شيخه (أستاذه)، فالكمبيوتر وكل ما أتى به، من صنع الإنسان الآدمي، الذي خلقه الله في أحسن تقويم، ومكّنه في الأرض، لأنه أكثر من يعيشون عليها ذكاء وقدرة على التصرف، ومواجهة الطوارئ وإيجاد الحلول لما يطرأ من مشكلات.

الأمر الذي لا شك فيه هو أن الذكاء الاصطناعي ثورة وطفرة علمية هائلة وذات أثر بعيد وعميق، لعل أخطرها تكريس البطالة، خاصة بين شاغلي الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، مما سيؤدي إلى تكريس الفوارق الطبقية، مما سيؤدي بدوره إلى اضطرابات سياسية واجتماعية..يبدأ التهويل من أمر الذكاء الاصطناعي بالتهليل لقدراته الضخمة على هرس الأرقام وطحنها، وهذا أمر حققه العلم الحديث قبل عصر الأنترنت بكثير، وهب أنه أنتج الطحين المنشود، هل لديه أي قدر من وعي وأحاسيس وإرادة حرة وقدرة على الإبداع؟ إجراء العمليات الحسابية بسرعة ودقة باستخدام كوكتيل من الخوارزميات يختلف كثيرا عن الطريقة التي يعمل بها العقل البشري، ومهما اكتنز الكمبيوتر من أطنان من المعلومات فإنه سيظل يفتقر لـ "الخبرة الإنسانية" المتوارثة عبر القرون، وسيظل مجرد مقلد للإنسان. هل يستطيع أكثر مهندسي برامج الكمبيوتر التطبيقية ان يطوع الخوارزميات لجعل الكمبيوتر يعض على ليمونة ليحس بحموضة محتواها؟ وقد ينجح الكمبيوتر في تحليل ضائقة اقتصادية على نحو دقيق وطرح حلول لعلاجها، ولكنه لن يوصي مثلا بمنح إعانات مادية للأسر المعسرة لحين من الدهر، لأنه يفتقر إلى "الحس الإنساني".

الأمر الذي لا شك فيه هو أن الذكاء الاصطناعي ثورة وطفرة علمية هائلة وذات أثر بعيد وعميق، لعل أخطرها تكريس البطالة، خاصة بين شاغلي الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، مما سيؤدي إلى تكريس الفوارق الطبقية، مما سيؤدي بدوره إلى اضطرابات سياسية واجتماعية، وبما أن الذين يغذون الكمبيوتر بالبيانات والمعلومات يعيشون في عالم فيه الكثير من التمييز السلبي على أساس العرق والجنس (ذكورة وأنوثة) والدين، فإن مخرجات الذكاء الاصطناعي المجرد من الأحاسيس، ستكرس ذلك الضرب من التمييز في مجالات التوظيف ومنح القروض والمحاكم.

وبما أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على اتخاذ قرارات تؤثر على حياة الأفراد فعلى من تقع مسؤولية قرارات يتضرر منها الفرد أو الجماعة؟ من هي الجهة التي ينبغي أن تمارس الشفافية فيما يصدر عن الذكاء الاصطناعي بحيث لا يتم انتهاك خصوصيات الأفراد والمجتمعات؟ وهل ستربح الشركات من تعامل زبائنها مع شخوص روبوتات (آليين)، أم أن التعامل وجها لوجه بين الزبون ومسوؤلي التعامل مع الجمهور هو الأجدى، كما أثبتت التجارب والدراسات عبر القرون؟

يتحدث كثيرون عن الذكاء الاصطناعي وكأنه في طور الشرنقة، أي لم يكمل نموه، بينما واقع الأمر هو أن بلايين بني البشر ظلوا يستفيدون منه منذ عقود، بعد الطفرات التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم خلال العقود الأربعة الأخيرة، ولكن افتراض أننا على أعتاب نقلة هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب فيه الكثير من الشطح، فأن تأتي بجهاز ليقلد التفكير والفعل البشري يتطلب الكثير من الوقت والمال، فبرمجياته الصلبة والتطبيقية تتطلب التطوير المستمر، مما يجعل تكلفة الاستفادة منه باهظة لا طاقة لمعظم الدول على تكبدها، ثم ان الذكاء الاصطناعي لا ولن يملك القدرة على التفكير خارج الصندوق، لأنه يفتقر القدرة على الابداع والابتكار وسيظل أسير ما به من بيانات ومعلومات.

وما هو أخطر من كل ذلك في تقديري هو أن الركون لخدمات الذكاء الاصطناعي ليؤدي عددا من المهام ذات الطابع الرتيب، سيؤدي إلى خمول العقل والجسم البشري، وكل من يملك هاتفا ذكيا يدرك كم أضر هذا الهاتف بذاكرته، لأنه ترك للهاتف مهاما كان يقوم بها الدماغ: حفظ أرقام هواتف الآخرين والمواعيد المهمة إلخ، بل إن التصحيح التلقائي في الهواتف والكمبيوتر، يتسبب في ضعف قدرات جيل كامل على كتابة المفردات والجمل، لأن المصحح التلقائي غير معصوم من الخطأ، ويقترح على المستخدم كلمات قد لا تكون مناسبة أو حتى صحيحة، وينطلي خطؤها على كثيرين.

وقوع الأنترنت تحت سطوة الولايات المتحدة جعلها في مركز قوة تسمح بهذا وتحظر ذاك، وكل المنصات والتطبيقات التي تدر البلايين على أصحابها أمريكية (فيسبوك وتويتر/إكس، ويوتيوب وغوغل على سبيل المثال لا الحصر) وفي 13 آذار/ مارس المنصرم اصدر مجلس النواب الأمريكي قرارا بحظر تطبيق تيك-توك ذائع الصيت، إلا مفصولا من الشركة الأم وهي شركة بايت دانس الصينية، وراج في العديد من وكالات الأنباء أن السبب الرئيس للحظر، هو ان التطبيق احتشد بالمتعاطفين مع فلسطين والمستنكرين لحرب إسرائيل عليها، مما جعل اللوبي الصهيوني يحرك أراجوزاته في الكونغرس لاستصدار الحظر.

وفي هذا يقول مثل سوداني "ال ماسك القلم لا يكتب نفسه شقي" أي أن من بيده إصدار القرارات، يعمل على ضمان مصالح "نفسه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رأيه الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا رأي تطورات ذكاء اصطناعي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی سیؤدی إلى مما سیؤدی

إقرأ أيضاً:

الإمارات… الذكاء الاصطناعي من رياض الأطفال إلى الدكتوراه

شكل تسخير واستغلال مخرجات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم أحد أبرز الأولويات الإستراتيجية لدولة الإمارات التي نجحت خلال زمن قياسي في جعل الـ "AI" رفيقا أساسيا في رحلة الطالب التعليمية، من المدرسة وحتى الجامعة.
وتزخر مؤسسات التعليم العالي اليوم بأكثر من 44 برنامجا دراسيا مرتبطا بالذكاء الاصطناعي، وفقا لمكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، وفي هذا الإطار تبرز تجربة جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي التي نجحت منذ تأسيسها في أكتوبر 2019 في ترسيخ مكانتها كوجهة عالمية رائدة في مجال التعليم الجامعي والبحثي للذكاء الاصطناعي.
وتعد الجامعة اليوم واحدة من أفضل 10 جامعات في العالم في تخصصات الذكاء الاصطناعي، والرؤية الحاسوبية، وتعلم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، وعلم الروبوتات، وعلم الأحياء الحاسوبي، وفق تصنيف الجامعات في مجالات علوم الحاسوب «CSRankings».
وتقدم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي حاليا 13 برنامجا في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، تغطي مجالات متعددة تشمل الرؤية الحاسوبية، وعلم الروبوتات، والإحصاء وعلوم البيانات، ومعالجة اللغات الطبيعية، والبيولوجيا الحاسوبية، إلى جانب برنامج بكالوريوس أُطلق عام 2025 بمسارين أكاديميين هما «الأعمال» و«الهندسة».
وتحتضن الجامعة طلابا من 39 دولة، يشكل الإماراتيون منهم نحو 17%، فيما تبلغ نسبة الطالبات 31%، وقد تخرج منها أكثر من 300 طالب وطالبة بدرجات عليا، التحق 80 % منهم مباشرة بمنظومة الذكاء الاصطناعي في الدولة.
وفي إطار دعم الابتكار، أطلقت الجامعة مركز محمد بن زايد لحضانة وريادة الأعمال عام 2023، لدعم تأسيس الشركات الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي، ومن أبرز مراكز الجامعة المتخصصة معهد النماذج التأسيسية الذي يعمل على تصميم نماذج لغوية كبيرة متخصصة جديدة، وشملت مشاريعه الريادية نموذج K2 اللغوي الكبير الذي يعتمد على 65 مليار بارامتر وطورته الجامعة بالكامل، ونموذج «جيس» اللغوي الكبير الأكثر تحميلا للغة العربية، كما أنشأت مركز الذكاء الاصطناعي التكاملي ومركز الميتافيرس، وساهمت الجامعة في نشر أكثر من 1200 ورقة بحثية في مؤتمرات مرموقة، و2200 ورقة في مجلات علمية متخصصة، مما عزز من تصنيفها العالمي.
كما اتخذت العديد من الجامعات الإماراتية خطوات متسارعة لتعزيز حضور الذكاء الاصطناعي في برامجها الأكاديمية، ومنها جامعة السوربون أبوظبي التي تطرح بكالوريوس الرياضيات بتخصص علم البيانات للذكاء الاصطناعي، وجامعة أبوظبي التي تقدم بكالوريوس العلوم في الذكاء الاصطناعي، وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا التي تمنح درجة البكالوريوس في الروبوتات والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى مركز الذكاء الاصطناعي في الجامعة الأميركية بالشارقة، وكذلك برنامج بكالوريوس العلوم في الذكاء الاصطناعي في جامعة عجمان.
وفي نقلة نوعية للتعليم العام، يشهد العام الدراسي المقبل 2025 - 2026 إدراج مادة الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية للمدارس الحكومية، بدءا من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر، بهدف إعداد أجيال متمكنة من أدوات المستقبل.
وبهذه الخطوة، تصبح دولة الإمارات من أوائل الدول على مستوى العالم التي تدرج الذكاء الاصطناعي كمادة دراسية ضمن مناهج التعليم المدرسي، بهدف تزويد الطلبة بالمعارف والمهارات اللازمة لفهم مبادئ الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الحياة اليومية.
ويغطي المنهج الإماراتي 7 مجالات رئيسية تشمل المفاهيم الأساسية، والبيانات والخوارزميات، واستخدام البرمجيات، والوعي الأخلاقي، والتطبيقات الواقعية، والابتكار وتصميم المشاريع، وكذلك السياسات والارتباط المجتمعي.
وتواصل دولة الإمارات في ضوء هذه المبادرات المتكاملة ترسيخ مكانتها العالمية كدولة رائدة في تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التعليم، وصناعة جيل واع ومؤهل بالمعارف المستقبلية، وقادر على استشراف الغد وصناعته.

 

 

أخبار ذات صلة «الأرصاد» يكشف عن أقل درجة حرارة سجلت في الإمارات بدء تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي على نماذج الذكاء الاصطناعي المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي (2/5)
  • «جوجل» تطلق نموذج الذكاء الاصطناعي «Deep Think» لعموم المشتركين
  • الإمارات… الذكاء الاصطناعي من رياض الأطفال إلى الدكتوراه
  • آبل تلمح لصفقات ضخمة لتجاوز تأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي
  • المطرف: يجب التعامل مع الذكاء الاصطناعي بتوازن ووعي..فيديو
  • الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة في مكافحة التدخين الإلكتروني
  • سامسونج تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي.. تفاصيل
  • ثورة تعيد تشكيل العمران.. مدن المستقبل بهندسة الذكاء الاصطناعي
  • خالد عبد الرحمن يتعرض لموقف محرج بسبب سؤال عن الذكاء الاصطناعي.. فيديو
  • زوكربيرغ: الذكاء الاصطناعي الخارق أصبح وشيكًا