عربي21:
2025-06-03@13:39:36 GMT

الكمبيوتر حوار لن يغلب شيخه

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

هذا العنوان، يطابق واقعة عندما خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الناس، ونصحهم ألا يغالوا في مهور النساء، وبيّن لهم أن المغالاة في المهور لو كانت مكرمة في الدنيا أو الآخرة، لفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقامت إليه إحدى النساء وقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله سبحانه يقول (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا).

فأدرك عمر صواب قول المرأة وحسن استشهادها بالآية الكريمة، فرجع عن رأيه، وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر.

هنالك تهويل لأمر الذكاء الاصطناعي، بدرجة أن بعض أساطين عالم الأعمال والكمبيوتر، من بينهم أيلون ماسك صاحب شركة تيسلا للسيارات الكهربائية، وبيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة، والعالم الفيزيائي الراحل ستيف هوكينغز قالوا إن هذا النمط من الذكاء سيؤدي إلى حلول الآلات الذكية محل البشر في كافة المجالات، وهم بهذا يزعمون أن الحوار (التلميذ) قادر على التغلب على شيخه (أستاذه)، فالكمبيوتر وكل ما أتى به، من صنع الإنسان الآدمي، الذي خلقه الله في أحسن تقويم، ومكّنه في الأرض، لأنه أكثر من يعيشون عليها ذكاء وقدرة على التصرف، ومواجهة الطوارئ وإيجاد الحلول لما يطرأ من مشكلات.

الأمر الذي لا شك فيه هو أن الذكاء الاصطناعي ثورة وطفرة علمية هائلة وذات أثر بعيد وعميق، لعل أخطرها تكريس البطالة، خاصة بين شاغلي الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، مما سيؤدي إلى تكريس الفوارق الطبقية، مما سيؤدي بدوره إلى اضطرابات سياسية واجتماعية..يبدأ التهويل من أمر الذكاء الاصطناعي بالتهليل لقدراته الضخمة على هرس الأرقام وطحنها، وهذا أمر حققه العلم الحديث قبل عصر الأنترنت بكثير، وهب أنه أنتج الطحين المنشود، هل لديه أي قدر من وعي وأحاسيس وإرادة حرة وقدرة على الإبداع؟ إجراء العمليات الحسابية بسرعة ودقة باستخدام كوكتيل من الخوارزميات يختلف كثيرا عن الطريقة التي يعمل بها العقل البشري، ومهما اكتنز الكمبيوتر من أطنان من المعلومات فإنه سيظل يفتقر لـ "الخبرة الإنسانية" المتوارثة عبر القرون، وسيظل مجرد مقلد للإنسان. هل يستطيع أكثر مهندسي برامج الكمبيوتر التطبيقية ان يطوع الخوارزميات لجعل الكمبيوتر يعض على ليمونة ليحس بحموضة محتواها؟ وقد ينجح الكمبيوتر في تحليل ضائقة اقتصادية على نحو دقيق وطرح حلول لعلاجها، ولكنه لن يوصي مثلا بمنح إعانات مادية للأسر المعسرة لحين من الدهر، لأنه يفتقر إلى "الحس الإنساني".

الأمر الذي لا شك فيه هو أن الذكاء الاصطناعي ثورة وطفرة علمية هائلة وذات أثر بعيد وعميق، لعل أخطرها تكريس البطالة، خاصة بين شاغلي الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، مما سيؤدي إلى تكريس الفوارق الطبقية، مما سيؤدي بدوره إلى اضطرابات سياسية واجتماعية، وبما أن الذين يغذون الكمبيوتر بالبيانات والمعلومات يعيشون في عالم فيه الكثير من التمييز السلبي على أساس العرق والجنس (ذكورة وأنوثة) والدين، فإن مخرجات الذكاء الاصطناعي المجرد من الأحاسيس، ستكرس ذلك الضرب من التمييز في مجالات التوظيف ومنح القروض والمحاكم.

وبما أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على اتخاذ قرارات تؤثر على حياة الأفراد فعلى من تقع مسؤولية قرارات يتضرر منها الفرد أو الجماعة؟ من هي الجهة التي ينبغي أن تمارس الشفافية فيما يصدر عن الذكاء الاصطناعي بحيث لا يتم انتهاك خصوصيات الأفراد والمجتمعات؟ وهل ستربح الشركات من تعامل زبائنها مع شخوص روبوتات (آليين)، أم أن التعامل وجها لوجه بين الزبون ومسوؤلي التعامل مع الجمهور هو الأجدى، كما أثبتت التجارب والدراسات عبر القرون؟

يتحدث كثيرون عن الذكاء الاصطناعي وكأنه في طور الشرنقة، أي لم يكمل نموه، بينما واقع الأمر هو أن بلايين بني البشر ظلوا يستفيدون منه منذ عقود، بعد الطفرات التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم خلال العقود الأربعة الأخيرة، ولكن افتراض أننا على أعتاب نقلة هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب فيه الكثير من الشطح، فأن تأتي بجهاز ليقلد التفكير والفعل البشري يتطلب الكثير من الوقت والمال، فبرمجياته الصلبة والتطبيقية تتطلب التطوير المستمر، مما يجعل تكلفة الاستفادة منه باهظة لا طاقة لمعظم الدول على تكبدها، ثم ان الذكاء الاصطناعي لا ولن يملك القدرة على التفكير خارج الصندوق، لأنه يفتقر القدرة على الابداع والابتكار وسيظل أسير ما به من بيانات ومعلومات.

وما هو أخطر من كل ذلك في تقديري هو أن الركون لخدمات الذكاء الاصطناعي ليؤدي عددا من المهام ذات الطابع الرتيب، سيؤدي إلى خمول العقل والجسم البشري، وكل من يملك هاتفا ذكيا يدرك كم أضر هذا الهاتف بذاكرته، لأنه ترك للهاتف مهاما كان يقوم بها الدماغ: حفظ أرقام هواتف الآخرين والمواعيد المهمة إلخ، بل إن التصحيح التلقائي في الهواتف والكمبيوتر، يتسبب في ضعف قدرات جيل كامل على كتابة المفردات والجمل، لأن المصحح التلقائي غير معصوم من الخطأ، ويقترح على المستخدم كلمات قد لا تكون مناسبة أو حتى صحيحة، وينطلي خطؤها على كثيرين.

وقوع الأنترنت تحت سطوة الولايات المتحدة جعلها في مركز قوة تسمح بهذا وتحظر ذاك، وكل المنصات والتطبيقات التي تدر البلايين على أصحابها أمريكية (فيسبوك وتويتر/إكس، ويوتيوب وغوغل على سبيل المثال لا الحصر) وفي 13 آذار/ مارس المنصرم اصدر مجلس النواب الأمريكي قرارا بحظر تطبيق تيك-توك ذائع الصيت، إلا مفصولا من الشركة الأم وهي شركة بايت دانس الصينية، وراج في العديد من وكالات الأنباء أن السبب الرئيس للحظر، هو ان التطبيق احتشد بالمتعاطفين مع فلسطين والمستنكرين لحرب إسرائيل عليها، مما جعل اللوبي الصهيوني يحرك أراجوزاته في الكونغرس لاستصدار الحظر.

وفي هذا يقول مثل سوداني "ال ماسك القلم لا يكتب نفسه شقي" أي أن من بيده إصدار القرارات، يعمل على ضمان مصالح "نفسه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رأيه الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا رأي تطورات ذكاء اصطناعي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی سیؤدی إلى مما سیؤدی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي والروبوتات الطبية في خدمة الحجاج

تستقبل السعودية تستقبل نحو 1.8 مليون حاج هذا العام مع استعدادات مكثفة تشمل أكثر من 40 جهة حكومية و250 ألف موظف، في ظل تحديات ارتفاع الحرارة. وتعتمد المملكة بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الحشود وإدارة الخدمات. اعلان

مع اقتراب انطلاقمناسك الحج في الرابع من يونيو/حزيران الجاري، استقبلت مكة المكرمة أكثر من 1.3 مليون حاج، وسط استعدادات سعودية مشددة تهدف إلى تأمين موسم حج منظم وآمن. وقد سخّرت المملكة إمكاناتها التنظيمية والتقنية كافة، مع التركيز بشكل بارز على تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة الحشود وتقديم الخدمات.

ومن المنتظر أن يصل عدد الحجاج هذا العام إلى نحو 1.8 مليون حاج من مختلف أنحاء العالم، في وقت تواجه فيه السعوديةتحدّي ارتفاع درجات الحرارة، ما استدعى رفع مستوى الجاهزية عبر أكثر من 40 جهة حكومية، يدعمها نحو 250 ألف موظف ومقدم خدمة.

Relatedالسعودية تعلن تفاصيل البروتوكول الصحي خلال موسم الحج .. ما أبرزها؟لأول مرة.. السعودية تدشن "التاكسي الجوي" في موسم الحجشاهد: التجهيزات الأمنية في مكة المكرمة استعدادا لبدء موسم الحج

ووفق ما أعلنه وزير الحج والعمرة توفيق الربيعة، فقد تم توسيع المساحات المظللة في المشاعر المقدسة بما يقارب 50 ألف متر مربع، إلى جانب نشر مئات وحدات التبريد، وتفعيل الطواقم الطبية لضمان الاستجابة الفورية لأي طارئ صحي.

ويحتل الذكاء الاصطناعي موقعاً محورياً في إدارة الحج هذا العام، حيث تعتمد الجهات المعنية على أنظمة متطورة لتحليل الصور والبيانات، باستخدام كاميرات ذكية وطائرات مسيّرة، بما يتيح مراقبة حركة الحشود لحظة بلحظة، وتوجيه التدخلات الميدانية بدقة وسرعة. وتندرج هذه التقنيات ضمن برامج "رؤية السعودية 2030"، لا سيما برنامجي "تحول القطاع الصحي" و"خدمة ضيوف الرحمن".

وفي المجال الطبي، أعلنت السعودية عن تدشين مشروع "الروبوت الجراحي" خلال موسم الحج، وهو من أبرز التقنيات المتقدمة لإجراء العمليات الدقيقة والمعقدة في تخصصات جراحة الصدر، والمسالك البولية، وأورام الرحم، والأمعاء، والمستقيم. ويتميّز الروبوت بدقة عالية تقلل الحاجة للتدخل الجراحي المباشر، ويُدار من قبل جراحين سعوديين مؤهلين، ما يسهم في تقليص فترة التعافي، وتعزيز سلامة المرضى، ورفع كفاءة الخدمات الصحية المقدّمة.

كما كشفت وزارة الصحة عن تدشين جهاز الأشعة المتقدمة PET-CT، ويمثل نقلة نوعية في تقنيات التصوير الطبي الحديثة المعتمدة خلال موسم الحج.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • من الإعلام إلى صناديق الاقتراع.. الذكاء الاصطناعي تحت المجهر في ورشة «بصيرة»
  • الذكاء الاصطناعي والروبوتات الطبية في خدمة الحجاج
  • لا للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأحكام الشرعية بماليزيا
  • فيلم «الرمز 8».. الذكاء الاصطناعي يشعل الصراع بين ذوي القدرات الخارقة
  • هل يصبح الخليج قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي؟
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف
  • هل يُعلن الذكاء الاصطناعي نهاية الفأرة ولوحة المفاتيح؟
  • بعد حصولها على جائزتين دوليتين: فَيّ المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
  • بعد حصولها على جائزتين دوليتين: في المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يعزز دقة التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة