"البادي أظلم".. هل تغيرت استراتيجية إيران في مواجهة "العدو الأول"؟
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
◄ إسرائيل ورطت نفسها مع إيران بعد قصف القنصلية في دمشق
◄ طهران اختارت النزول بنفسها إلى ساحة المواجهة دون وكلاء
◄ الاستراتيجية الإيرانية "الجديدة" تربك الحسابات الإقليمية والدولية
◄ إسرائيل في "عزلة تامة" بعد رفض أمريكا المشاركة في أي هجوم على إيران
◄ ضغوطات إقليمية ودولية على تل أبيب لعدم الرد على إيران
◄ إيران ترجح أن أمريكا "ستلجم" إسرائيل خوفًاً من الانزلاق إلى حرب إقليمية
◄ بعد "طوفان الأقصى".
. تل أبيب تتحول إلى ساحة حرب داخلية وخارجية
الرؤية- غرفة الأخبار
لأول مرة تختار إيران المُواجهة المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعدما تعرضت قنصليتها في دمشق إلى قصف أدى إلى مقتل قائدين في الحرس الثوري و5 مستشارين عسكريين آخرين، من بينهم العميد محمد رضا زاهدي أحد قادة فيلق القدس، ومساعده العميد محمد هادي حاج رحيمي.
وكان بإمكان إيران أن "تُعاقب إسرائيل"- حسب وصفها- باستهداف مصالح إسرائيلية خارج دولة الكيان، إلا أنها قررت خوض غمار المواجهة دون الاعتماد على الفصائل الموالية سواء في لبنان أو اليمن أو العراق كما جرت العادة، لتتحول سياسة طهران من "الصبر الاستراتيجي" إلى "الرد المُباشر" على أي اعتداء أو ما يسميه البعض بسياسة "البادي أظلم"، كما أنها أرادت الحفاظ على "هيبتها الدولية" كقوة إقليمية، حتى لا تتمادى إسرائيل في اعتداءاتها.
هذا القرار "الجريء" كان نتيجة لحالة من الاحتقان السياسي والعسكري في إيران، ونتيجة لانتهاء مخزون الصبر لديها على الممارسات الإسرائيلية المستندة إلى الدعم الأمريكي والغربي، إلا أن استهداف القنصلية في دمشق كان بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير".
"هذا العمل سيؤدي إلى رد حاسم من جانبنا"، "إسرائيل تتحمل تداعيات هذه الخطوة"، "نتنياهو فقد توازنه العقلي"، "إسرائيل تعلم أنها وصلت إلى نهاية الطريق"، "الكيان الصهيوني يُريد توسيع نطاق الحرب في المنطقة بهذا الهجوم، لكن مخططاته ستحبط من دون شك بحنكة وتدبير المرشد علي خامنئي"، "على إسرائيل أن تعد نفسها لرد حازم من جانب إيران لأنها اعتدت على أراضينا".. كل هذه كانت تصريحات رسمية من المسؤولين الإيرانيين عقب قصف القنصلية في الأول من أبريل الجاري، ليأتي الرد بعد 12 يوما وتحديدا في الثالث عشر من أبريل بعشرات المسيرات والصواريخ في هجوم مركب من الأراضي الإيرانية واليمنية واللبنانية والعراقية.
وضمن مؤشرات تغير السياسة الإيرانية في تعاملها مع الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، أنها أعلنت مسبقاً موعد الهجوم، وهو ما اعتبره محللون تحدياً غير مسبوق لدولة الاحتلال والولايات المتحدة والمجتمع الغربي الذي يقدم الدعم اللامتناهي لحليفتهم في الشرق الأوسط.
ووفقاً لهذه المعطيات، فإنَّ إيران خطت سياسة واستراتيجية جديدة ستتعامل بها مع إسرائيل، وذلك إذا ما حاولت الأخيرة الرد على الهجوم الإيراني.
وفي المقابل، وعلى الرغم من مشاركة عدد من "الحلفاء"- كما وصفتهم إسرائيل- في التصدي للهجوم الإيراني، إلا أن دولة الاحتلال حينما صرحت أنها سترد على هذا الهجوم، وجدت نفسها وحيدة دون مساندة دولية للهجوم على الأراضي الإيرانية أو مصالح طهران حول العالم.
وعلاوة على ذلك، تواجه إسرائيل ضغوطات دولية لعدم الرد، باعتبار أنها هي من ورطت نفسها بهذا الموقف بقصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي يعد جزءًا من أراضي إيران وفقاً للأعراف الدبلوماسية.
ولقد أبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي، الأحد، أن الولايات المتحدة لن تشارك في أي عمليات هجومية ضد إيران.
وتدرك الولايات المتحدة أن تهدئة المنطقة واستمرار تدفق البضائع والطاقة عبر ممراتها البحرية مرهون بضبط مستوى الصراع مع إيران، وهو ما تراعيه في سلوكها حيالها، كما أنه وفقا لهذه المصالح والأولويات الأمريكية، فإن اشتعال الصراع في الشرق الأوسط يشكل تهديدا لها واستنزافا لجهودها ومواردها السياسية والعسكرية بما يخدم مصالح خصومها الأهم، الصين وروسيا.
وترجح إيران أن الولايات المتحدة ستلجم إسرائيل عن أي رد غير محسوب على الضربة خوفاً من الانزلاق إلى حرب إقليمية لا تريدها واشنطن وكذلك الدول الحليفة لإسرائيل، وأرفقت ذلك بتحذيرات للولايات المتحدة في التمادي في دعم إسرائيل، كما رجحت طهران أن يسود "منطق واحدة بواحدة" بينها وبين إسرائيل، على اعتبار أن الوضع الدولي لا يحتمل حربًا شاملة أخرى في منطقة معقدة تضاف إلى الحرب في أوكرانيا وفي قطاع غزة.
وبعد عملية "طوفان الأقصى" والضربة الإيرانية، تحولت إسرائيل إلى ساحة حرب بجبهات متعددة داخلية وخارجية، ولم تعد تنعم تل أبيب بالاسترخاء الأمني، وفقد الإسرائيليون الشعور بالأمان ما دفع الكثير منهم إلى اتخاذ خيار الهروب من إسرائيل، التي باتت في نظرهم "أرض الخوف".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إيران تحّذر: أبواب الجحيم ستفتح في وجه أعدائنا
نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، صحة تقرير صحيفة “نيويورك تايمز” الذي كشف عن خطة إسرائيلية لضرب المنشآت النووية الإيرانية خلال 7 ساعات، كما نفى المكتب التقارير التي أفادت بأن نتنياهو هدد خلال محادثة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربة استباقية على المواقع النووية الإيرانية.
جاء ذلك في ظل توتر متصاعد بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الملف النووي الإيراني، وسط مخاوف أميركية وأوروبية من احتمال قيام إسرائيل بشن هجوم عسكري دون سابق إنذار، خصوصاً إذا تم التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بين واشنطن وطهران. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين أن الولايات المتحدة قد تضطر لدعم إسرائيل في حال نفذت هجوماً من هذا النوع.
وأوضحت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كلف مسؤوليه، عقب لقائه ترامب في أبريل الماضي، بإعداد خطة لضربة أصغر حجماً لا تتطلب مساعدة أمريكية، وأشارت إلى تقديرات استخباراتية أمريكية تفيد بأن إسرائيل قد تجهز لشن هجوم خلال 7 ساعات فقط، ما يتيح لنتنياهو تفادي الضغوط لإلغائه بسبب ضيق التوقيت.
من جهة أخرى، أعرب مسؤولون أمريكيون كبار عن قلقهم من تصعيد محتمل قد يعرقل الجهود الدبلوماسية، حيث نقل موقع “واللا” عن مسؤول أمريكي قوله إن الرئيس ترامب أعرب لنتنياهو عن رغبته في حل دبلوماسي مع إيران، مؤكداً أن الوقت غير مناسب لتفاقم الوضع.
وفي المقابل، أدان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التهديدات الإسرائيلية، معلناً مراسلته الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ومدير وكالة الطاقة الذرية بشأن خطر الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية السلمية، واعتبر أن هذه التهديدات تشكل خطراً على الأمن والسلام الإقليمي والدولي، مطالباً باتخاذ إجراءات فورية لحماية المنشآت النووية.
وأشار الحرس الثوري الإيراني، في بيان رسمي، إلى جاهزيته للرد الحاسم على أي عمل عدائي، حيث قال قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي: “بلدنا لن يستسلم لإرادة الآخرين السياسية، إذا أتيحت الفرصة لقوتنا الدفاعية للظهور فسيرى أعداؤنا أن أبواب الجحيم ستفتح بوجههم”، مؤكداً أن إيران مستعدة لأي سيناريو دفاعي.
وتأتي هذه التطورات وسط استمرار التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، بعد هجمات صاروخية إيرانية على الأراضي الإسرائيلية خلال العام الماضي وردود إسرائيلية محدودة، وفي ظل عودة سياسة “الضغوط القصوى” التي تتبعها الولايات المتحدة تجاه إيران منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، تفاقمت الأزمة الاقتصادية الإيرانية وارتفعت معدلات التضخم.
يذكر أن الاتفاق النووي لعام 2015، الذي وقعت عليه إيران والدول الكبرى، انهار عملياً بعد انسحاب الولايات المتحدة في 2018، ما فتح الباب أمام تصعيد التوترات في المنطقة، ومع تصاعد هذه الأزمات، يراقب المجتمع الدولي عن كثب تطورات المفاوضات الأمريكية الإيرانية التي دخلت جولتها الخامسة، وسط توقعات متباينة بين إمكانية التوصل لاتفاق دبلوماسي أو انهيار المحادثات واندلاع صراع عسكري قد يعيد رسم خريطة الأمن في الشرق الأوسط.