انتهى عصر الفرنكوفونية بغرب إفريقيا.. هكذا تحولت النيجر ومالي وبوركينا فاسو لجيب روسي| الـCNN تعترف: هزيمة لأمريكا
تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT
اعترفت شبكة CNN الأمريكية، في تقرير لها، أن الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفائها في منطقة غرب إفريقيا تعرضوا لهزيمة كبرى على يد روسيا وميلشياتها العسكرية، وقد رصد تقريرها التحركات الروسية داخل الدول الثلاث، والتي انقلبت في 2023، على المستعمر القديم لها، والتخلص من فرنسا، وقواتها، وتحولت من دول فرنكوفونية، لتصبح جيب خاص للدب الروسي.
ويكشف تقرير الشبكة الأمريكية، أن التحركات الروسية بالدعم العسكري لجيوش الدول الثلاثة، جاء رغم تحركات واتفاقات أمريكية، نشرت بموجبها واشنطن عددا من المراقبين داخل تلك الدول، وهي الإجراءات التي أوقفت التحركات الدولية ضد الانقلابات العسكرية التي حدثت خلال العام الماضي، وكان بمثابة إعلان نجاح كبير للانقلابات التي أطاحت بالرؤساء الموالين لفرنسا.
معدات عسكرية إلى النيجر
وبحسب الشبكة الأمريكية، فقد سلمت روسيا معدات عسكرية إلى النيجر، إذ ستزود الدولة الإفريقية بأحدث جيل من أنظمة الدفاع المضادة للطائرات، وذلك حسبما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون النيجيرية الرسمية "آر تي إن" في بيان رسمي صادر عنها، وأضافت شبكة RTN أن المعدات وصلت إلى نيامي يوم الأربعاء الماضي، مع 100 مدرب عسكري روسي سيقومون بتثبيت النظام وتدريب الجنود النيجيريين على استخدامه.
وذكرت وكالة أنباء نوفوستي الروسية الرسمية في وقت مبكر من يوم الجمعة أن مدربين عسكريين روس وصلوا إلى النيجر لتدريب القوات المحلية على الحرب ضد الإرهاب، وأفاد مراسل وكالة ريا نوفوستي من مكان الحادث أن "هذا يعني أن روسيا تعود إلى أفريقيا"، مضيفًا أن قوات الناتو وصلت أيضًا إلى نيامي للحاق برحلة نقل إلى أغاديز حيث "يتواجد الآن حوالي 1100 جندي أمريكي".
وجاء وصول المدربين الروس في أعقاب محادثة هاتفية جرت مؤخراً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والجنرال النيجيري عبد الرحمن تياني في 26 مارس، حيث ناقش الزعيمان "ضمان الأمن ومكافحة الإرهاب"، ومنذ الاستيلاء على السلطة في انقلاب العام الماضي، عزز المجلس العسكري في النيجر علاقاته العسكرية مع روسيا بينما ابتعد عن الولايات المتحدة وفرنسا.
التحرك الروسي بعد الاتفاق مع واشنطن
وبحسب الشبكة الأمريكية، فقد جاء التحرك الروسي بعد اتفاق مع واشنطن، ففي الشهر الماضي، قال المجلس العسكري إنه أنهى اتفاقا مع الولايات المتحدة يسمح لأفراد عسكريين ومدنيين من وزارة الدفاع الأمريكية بالعمل في النيجر، وسحبت فرنسا، الحاكم الاستعماري السابق للنيجر، قواتها من الدولة الإفريقية في نهاية عام 2023.
كما لجأت مالي وبوركينا فاسو المجاورتان لسيطرة المجلس العسكري في النيجر إلى روسيا للحصول على الدعم العسكري، مما يعمق المخاوف الغربية بشأن نفوذ روسيا المتزايد في منطقة الساحل المضطربة في أفريقيا والتي شهدت موجة من الانقلابات والمتمردين الإسلاميين لسنوات.
"التفوق على الولايات المتحدة"
وتعليقا على تلك الأحداث، يقول المحلل السياسي مامادو ثيور إن المستعمرات الفرنسية السابقة في منطقة الساحل تعيد النظر في استراتيجياتها العسكرية، وأضاف لشبكة CNN: "ما نشهده مع مالي وبوركينا فاسو والآن النيجر هو تجديد في استراتيجيتهم العسكرية لأنهم لم يعودوا يريدون وجود جيوش غربية على أراضيهم".
ويضيف المحلل السياسي: "تحاول روسيا إظهار قدرتها على التفوق على الولايات المتحدة في أفريقيا، ويرى الروس الدول التي تمر بأزمة، ويأتون للمساعدة، وبمجرد الانتهاء من ذلك، يكون لديهم معقل هناك ويحاولون أن يكون لديهم قاعدة ويحاولون إخراج القوات السابقة، سواء كانت القوات الأمريكية أو الأوروبية أو حتى تلك التي تقع تحت راية الأمم المتحدة".
فاجنر ذات سطوة
ورغم ما أعلنته النيجر عقب إنهاء الاتفاقية العسكرية مع الولايات المتحدة، إذ وصفتها بأنها "ظالمة للغاية"، إلا أنه يتواجد المئات من مقاولي فاغنر، وهي مجموعة عسكرية روسية خاصة، في مالي ، بدعوة من المجلس العسكري في البلاد، للمساعدة في قتالها ضد المتمردين، وفي وقت سابق من هذا العام، وصلت مجموعة من الجنود الروس إلى بوركينا فاسو بعد أشهر من قيام الدولة التي يقودها المجلس العسكري بطرد القوات الفرنسية من أراضيها، وقد كان مرتزقة فاغنر قد عملوا سابقًا في جمهورية إفريقيا الوسطى (مستعمرة فرنسية سابقة أخرى) منذ عام 2018 على الأقل، حيث قاموا بتدريب الجيش المحلي ومحاربة المتمردين في الصراع المدني في البلاد.
ويقول المستشار الأمني مامادو أدجي لشبكة CNN إن دعم روسيا للنيجر ومالي وبوركينا فاسو سيكون أكثر ربحية لقادة المجلس العسكري الذين لن يتعرضوا لضغوط من الروس لضمان العودة السريعة إلى الديمقراطية، ويضيف الكولونيل السنغالي متقاعد : "حقيقة أنهم سيحصلون على دعم وحماية الروس الذين لن يشككوا في الوضع الديمقراطي لحكوماتهم العسكرية... جعلهم يقررون أن يكونوا مع الروس وليس الأمريكيين"، وقد خدم الكلونيل في السابق في مالي وبوركينا فاسو في إطار الكتلة الإقليمية لغرب أفريقيا (ECOWAS).
ونظم أنصار المجلس العسكري في النيجر احتجاجات يوم السبت للتنديد بوجود أفراد عسكريين أمريكيين ما زالوا متمركزين في البلاد، ولا يزال هناك ما يقرب من 648 عسكريًا أمريكيًا منتشرين في النيجر، وفقًا للبيت الأبيض، وقال أدجي: "النيجر ومالي وبوركينا فاسو أصبحت بالفعل في جيب الروس".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مالی وبورکینا فاسو المجلس العسکری فی الولایات المتحدة فی النیجر
إقرأ أيضاً:
العقوبات الأمريكية على السودان: ما لها وما عليها
العقوبات الأمريكية على السودان: ما لها وما عليها
محمد تورشين
أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات ضد السودان، وذلك بعد أن زعمت أن الحكومة السودانية استخدمت أسلحة كيميائية ضد المدنيين، دون أن تُحدد مكان استخدام هذه الأسلحة، أو توقيت استخدامها، أو حتى نوعيتها. وهو ما يجعل الرواية الأمريكية بحاجة إلى التدقيق، ويثير ضرورة الكشف عن جميع الحقائق المرتبطة بهذا الادعاء.
كيف اعتمدت الولايات المتحدة هذه السردية، التي تدّعي أن الحكومة السودانية استخدمت أسلحة كيميائية العام الماضي، دون وجود أي جهة مختصة تحقق ميدانياً؟ هذا يُثير تساؤلات عديدة، خاصة من الناحية الفنية والتقنية، إذ إن مسألة اكتشاف استخدام أسلحة كيميائية أو بيولوجية تتطلب أدلة ميدانية وتحقيقات متخصصة.
الرواية الأمريكية في هذا السياق تبدو بحاجة ماسة إلى مزيد من التحقق والتدقيق، خصوصاً أن الولايات المتحدة، باعتبارها القوة العظمى التي تنصّب نفسها راعيةً لحقوق الإنسان، قد وقعت سابقاً في خطأ مشابه حين تحدثت عن امتلاك العراق لأسلحة كيميائية وبيولوجية، وهو ما لم يتم إثباته بعد غزو العراق، مما جعل الرواية الأمريكية آنذاك محطّ تندر وسخرية في الأوساط الدولية.
إن كانت الولايات المتحدة جادة في هذه الاتهامات، فكان من الأولى أن تتشاور أولاً مع الحكومة السودانية، وترسل أطقمًا من الخبراء المختصين لإجراء التحقيقات الميدانية. فآثار استخدام الأسلحة الكيميائية لا تختفي بسهولة، وتظل واضحة على الضحايا، كما حدث في سوريا، حيث كانت الأعراض والنتائج واضحة للعيان.
كذلك، كان بإمكان الولايات المتحدة أن تحرك منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وهي منظمة دولية صادقت عليها أكثر من 190 دولة، لترسل بدورها وفودًا متخصصة إلى المواقع المزعومة لتقصي الحقائق. والغريب أن التقرير الأمريكي لم يذكر حتى الآن المناطق المستهدفة بشكل دقيق، بل تحدث عن “مناطق غير مأهولة”، رغم أن آثار السلاح الكيميائي قد تمتد بسهولة إلى مناطق مأهولة مجاورة، وهو ما يثير الشكوك حول دقة هذه المزاعم.
إن هذا التقرير يبدو غير دقيق، وتبدو وراءه أبعاد سياسية خفية، خصوصًا بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على ولاية الخرطوم، حيث ظهرت بعض الأسلحة الأمريكية المتطورة التي كانت قد منحت للإمارات العربية المتحدة. هذا الظهور أثار تساؤلات داخل الإدارة الأمريكية، وبعض أعضاء الكونغرس، حول كيفية وصول هذه الأسلحة إلى السودان.
وبالتالي، يمكن أن تكون هذه القضية محاولة للتغطية على هذا الإشكال داخل الولايات المتحدة، تجنبًا للإحراج الداخلي أو العقوبات التي قد تُفرض على الإمارات لاحقًا. لذا، قد تكون بعض دوائر النفوذ ومراكز الضغط في الإدارة الأمريكية – المرتبطة بالإمارات – قد دفعت نحو تفجير هذه القضية.
التصريحات التي أدلى بها مندوب السودان لدى الأمم المتحدة بشأن هذه المسألة أثارت كذلك ردود فعل دولية، وأشارت إلى احتمال تورط أمريكي غير مباشر في الحرب الدائرة في السودان، من خلال انتهاك قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، التي تحظر إرسال الأسلحة إلى السودان.
وفي تقديري، ربما تم ذلك دون علم مباشر من الولايات المتحدة، عبر طرف ثالث مثل الإمارات، ما يضع واشنطن في موقف محرج قد يثير انتقادات واسعة. ومن ثم، يبدو أن تفجير قضية “الأسلحة الكيميائية” يهدف إلى التغطية الإعلامية على هذا الخرق الخطير.
من جهة أخرى، فإن للولايات المتحدة مصلحة في إثارة هذه القضية وفرض العقوبات، لإرسال رسالة بأنها – وإن غابت عن المشهد السوداني في الفترات السابقة – لا تزال قادرة على التأثير في مسار العمليات العسكرية والمستقبل السياسي في السودان. وبذلك تضمن واشنطن الحفاظ على مصالحها ونفوذها داخل السودان، وتقطع الطريق في الوقت ذاته على التمدد الروسي والصيني في البلاد.
وعليه، فإن هذه العقوبات تهدف إلى التأثير المباشر على الوضع السوداني، ومنع الحكومة من تجاوز النفوذ الأمريكي، أو تشكيل تحالفات خارجية لا تعتمد على واشنطن، لتظل الولايات المتحدة فاعلًا رئيسيًا في المشهد السياسي السوداني.
* باحث وكاتب سوداني في الشؤون المحلية والقضايا الافريقية
الوسومالإمارات السودان الصين العقوبات الأمريكية الولايات المتحدة روسيا سوريا محمد تورشين