الهجرة والطاقة والتحديات الجيوسياسية بالبحر المتوسط تتصدر أجندة اليوم الأول لـ"فيوروميد"
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
الإطار الجيوسياسي الذي يشمل منطقة البحر الأبيض المتوسط، والتحديات الاستراتيجية والطاقة والبنية التحتية والهجرة، هي المواضيع الرئيسية لليوم الأول من مهرجان الاقتصاد الأورومتوسطي "فيوروميد" في نابولي، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
افتتح روبرتو نابوليتانو مدير "إل كوتيديانو ديل سود" و"فيوروميد" النسخة الثانية من المهرجان، الذي تستمر فعالياته حتى السبت المقبل، بالقول: “نابولي هي عاصمة البحر الأبيض المتوسط.
وخلال جلسات اليوم الأول، تحدث الرئيس التنفيذي لصندوق الودائع والقروض داريو سكانابيكو، لافتا إلى أنه "في السنوات الأخيرة، تراجع الجنوب في النمو مقارنة ببقية إيطاليا. وسيكون الجنوب سادس أكبر دولة من حيث عدد السكان في الاتحاد الأوروبي وسيشكل 22% من الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا".
قافلة توعوية عن "خطورة الهجرة غير الشرعية" بجامعة دمنهورظاهرة الهجرة
وبالنسبة للرئيس التنفيذي لصندوق الودائع والقروض، فإن ظاهرة الهجرة "تشكل مشكلة أمام تنمية جنوب إيطاليا"، الذي يمثل "المرشح الطبيعي لدور المركز اللوجستي لتدفقات التجارة بين شمال إفريقيا وأوروبا القارية".
وفي سياق التعاون الإنمائي، "يخطط صندوق الودائع والقروض لفتح مكاتب في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في أبيدجان أو داكار أو نيروبي"، على حد قول سكانابيكو.
ووفقًا لوزير الأعمال والصناعة في إيطاليا، أدولفو أورسو، فإن الجنوب "أصبح جسر التنمية لأوروبا، والطريق إلى تنمية أوروبا ولهذا السبب يجب على حكومة ميلوني الإصرار على استراتيجيات التنمية الصناعية".
وشدد أورسو على أنه "يجب أن تنمو أوروبا في العقود المقبلة بفضل الجنوب سواء من حيث طرق التجارة أو من حيث إمدادات الطاقة، فإيطاليا هي مركز الغاز الأوروبي ومركز الكهرباء في أوروبا، ومن حيث توريد المواد الخام التي تحتاجها الصناعة الأوروبية".
وأوضح لويجي فيراريس، الرئيس التنفيذي لسكك حديد إيطاليا أن الاتصال بين نابولي وباري "هو أحد الأعمال الرئيسية في الخطة الصناعية لشركة فيروفي ديلو ستاتو، التي تمولها خطة التعافي الوطني وتعزيز القدرة على الصمود الممولة من الاتحاد الاوروبي. وهذا عمل أساسي، لأنه يربط بين منطقتين مكتظتين بالسكان ولهما أهمية صناعية كبيرة، فضلا عن ربط البحر التيراني بالبحر الأدرياتيكي. وبمجرد الانتهاء من العمل، سيكون من الممكن ربط نابولي مع باري في حوالي ساعتين، وبالتالي أيضًا روما في ثلاث ساعات".
ثمن باهظ
وفي ختام الجلسة الصباحية، قال الرئيس التنفيذي لشركة ويبلد (Webuild)، بيترو ساليني: "لم تستثمر إيطاليا في البنية التحتية خلال الخمسة عشر عامًا الماضية وسندفع ثمن ذلك في المستقبل من حيث القدرة التنافسية. وحتى النمو الكبير في السياحة لا يحل مشكلة تنمية البلاد".
استقرار أفريقيا
بالنسبة للرئيس التنفيذي لشركة A2a للطاقة، ريناتو مازونتشيني، "في السنوات المقبلة سيكون لدى الجنوب بالتأكيد تكاليف طاقة أقل من شمال إيطاليا وشمال أوروبا. لقد كانت هناك قدرة مذهلة لدى أوروبا لكي تصبح مستقلة عن روسيا، كما كان هناك تغيير ملحوظ في مركز الثقل بالنسبة لإيطاليا، التي انتقلت بلا ريب إلى الجنوب".
وشدد مازونتشيني على أنه "لذلك سيكون من المنطقي نقل الصناعة إلى جنوب إيطاليا"، محذرا من أن الإغلاق الكامل لتدفقات الغاز من روسيا إلى إيطاليا "يتطلب الاستقرار في شمال إفريقيا".
وأشار إلى أن فواتير الطاقة “انخفضت بشكل ملحوظ مقارنة بما كانت عليه قبل ستة أو اثني عشر شهرا. أتصور أنهم سيكونون قادرين على الاستمرار في الانخفاض، ويجب علينا مواصلة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة"، مذكرًا بأن إيطاليا هي واحدة من أكثر الدول المركزية في العالم.
وأعلن كلاوديو فارينا، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والتكنولوجيا في شركة سنام، أن جنوب إيطاليا أصبح "موقعًا استراتيجيًا للأمن والقدرة على تحمل التكاليف واستدامة إمدادات الطاقة في البلاد"، مشددًا على أن التحول في مجال الطاقة سيكون ضروريًا لجميع التقنيات.
الهجرة تشارك في المعرض الدولي للتعليم الفني التكنولوجي والتدريب المهني "إديوتك إيجيبت"أزمة الحوثيين
وصرح لابو بيستيلي، مدير الشؤون العامة في شركة إيني: "إن الأزمة التي نشهدها في الجنوب، أزمة الحوثيين وباب المندب، تمثل مشكلة حقيقية للبحر الأبيض المتوسط، ليس بالنسبة لإمدادات الطاقة، ولكن لجميع المنتجات التي تصل من هناك. إن الطواف الأفريقي الذي يؤدي بعد ذلك مباشرة إلى الموانئ الأوروبية يتخطى البحر الأبيض المتوسط، وعندما تتوحد الطرق فإنها لا تعود في صباح اليوم التالي"، في إشارة إلى العمليات العسكرية التي يشنها الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر زعمًا بأنها ردًا على المجازر الإسرائيلية الدائرة في قطاع غزة.
أما دافيد تاباريللي، رئيس نوميسما إنيرجيا فقد أشار إلى "إن نظامنا يفتقر إلى القدرة التنافسية في مجال الطاقة. نحن ندفع ثمن الكهرباء في أوروبا وإيطاليا أكثر بكثير عندما يدفعونها في الولايات المتحدة، حيث يدفعونها أقل منا بمقدار الثلث".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجيوسياسي البنية التحتية ظاهرة الهجرة ثمن باهظ استقرار أفريقيا الرئیس التنفیذی الأبیض المتوسط جنوب إیطالیا من حیث
إقرأ أيضاً:
في عصر العزلة.. كيف يعيد الخليج وأوروبا صياغة علاقاتهما؟
الدوحة ـ تبدو العلاقات الخليجية الأوروبية في منعطف إستراتيجي جديد تدفعه التغيرات العميقة في السياسة الأميركية، وتفاقم التوترات الدولية، وتنامي الحاجة إلى أمن الطاقة، وصعود القوى المتوسطة الباحثة عن أدوار أكثر تأثيرا.
هذه المعطيات شكلت محور نقاش جلسة "العلاقات الخليجية الأوروبية في عصر العزلة الإستراتيجية" ضمن أعمال اليوم الأول لمنتدى الدوحة، حيث اتفق المشاركون على أن الطرفين باتا أكثر إدراكا لحاجتهما المتبادلة، وأن مستقبل علاقتهما لن يبنى فقط على المصالح التقليدية، بل على تعميق الحوار الإستراتيجي، وتفعيل الشراكات الثنائية والمتعددة لمواجهة عالم يزداد تعقيدا.
قال مستشار رئيس الوزراء والمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن التحولات في الإستراتيجية الأمنية الأميركية تعد نقطة انطلاق ضرورية لفهم مستقبل العلاقات بين الخليج وأوروبا، موضحا أن "واشنطن لم تعد ترى الشرق الأوسط أو أوروبا كأولوية إستراتيجية كما كان الحال سابقا، وهذا النهج سيستمر سنوات".
وأضاف أن الكتلتين الخليجية والأوروبية تشتركان في التحديات نفسها، خصوصا الإرهاب والمخاطر الأمنية العابرة للحدود، الأمر الذي يجعل الحوار الإستراتيجي بين الطرفين "ضرورة وليس خيارا"، وأكد وجود حوار قائم فعلا بين قيادات الجانبين.
وعن الوساطة وحل النزاعات، أشار الأنصاري إلى أن الطرفين قادران على العمل المشترك، مستشهدا بالاتفاق الذي أعلن عنه في كولومبيا والذي جاء بجهود مشتركة من قطر والنرويج وإسبانيا. وقال "لدينا في الخليج، وفي قطر تحديدا، إرادة سياسية وتجربة راسخة تجعلنا قادرين على لعب دور الوساطة الفاعل".
وتوقف الأنصاري عند ملف أمن الطاقة، مؤكدا أن الحرب الأوكرانية وأحداث البحر الأحمر أظهرت مدى الترابط بين أمن الخليج واستقرار الأسواق العالمية، موضحا أن الخليج، بوصفه موردا أساسيا للطاقة، يرتبط استقراره بـ"استقرار العالم وعملائنا الكبار في آسيا، وشركائنا الإستراتيجيين في أوروبا".
إعلانوأشار إلى وجود نقاش خليجي أوروبي عن الإطار التشريعي الخاص بأمن الطاقة، إلا أن أحد التحديات يكمن في غياب مستويات تقنية متينة داخل الأجهزة البيروقراطية للجانبين، رغم التواصل الجيد على مستوى القيادات. وأضاف "نحتاج إلى تقوية العلاقات الخليجية الأوروبية على مستوى العمل المؤسساتي التقني".
إعادة تشكيل النظام العالميمن جانبه، قال عضو البرلمان الألماني ونائب الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي نوربرت روتغن، إن الولايات المتحدة لم تتجه نحو "العزلة الإستراتيجية" بقدر ما تسعى إلى التحكم في غرب الكرة الأرضية والتأثير على السياسات والديمقراطية الأوروبية، موضحا أن ما نراه اليوم هو "إعادة تشكيل للنظام الدولي" مع ظهور منافسة واسعة بين القوى الكبرى، حيث تحاول روسيا العودة إلى حروب الأراضي، وتسعى الصين إلى الهيمنة في منطقة البحر الهادئ، بينما تركز واشنطن على بسط نفوذها على النصف الغربي للكرة الأرضية.
ورأى روتغن، أن هذا التحول "يفتح نافذة مهمة للتقارب بين الخليج وأوروبا"، لأن كلتيهما قوى متوسطة يمكن أن تبني مصالح مشتركة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبيئة، حتى رغم الخلافات الثقافية والتاريخية القائمة بينهما، واعتبر أن التعاون بين الجانبين يمكن أن يكون وسيلة لحل النزاعات ومرحلة ما بعد حل النزاعات، ومنها ملف إعادة إعمار سوريا.
وعدّد روتغن نقاط القوة الأوروبية، "إنها تمتلك سوقا اقتصادية هائلة، وقوة مدنية، وقدرات تقنية ضخمة، كما تمر في عملية تحول كبيرة في نموذجها في استهلاك الطاقة نحو الطاقة المتجددة، وهو ما يشكل فرصة كبرى للشراكات الخليجية الأوروبية.
وقال رئيس المجلس الاستشاري للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية باولو ماغري، إن إعادة إعمار سوريا تمثل أحد أهم الملفات القابلة للتعاون بين الخليج وأوروبا، مضيفا أن الشعور بالعزلة الذي يعيشه الطرفان من التحولات الأميركية يجب أن يستثمر للنهوض بالعلاقات.
وأوضح ماغري أن العلاقة تحتاج إلى طموح متبادل ومعرفة أعمق، وإلى كثير من التواضع، لأن الاتحاد الأوروبي يضم دولا متعددة الاتجاهات، في حين مجلس التعاون يضم عددا أقل بكثير من الدول، وهذا يتطلب العمل على شراكة متوازنة.
وأكد الأكاديمي الإيطالي ضرورة بناء العلاقة على أساس متين ومستمر بعيدا عن تقلبات السياسة الأميركية، داعيا إلى توسيع برنامج إيراسموس الأوروبي للتبادل التعليمي ليشمل دول الخليج، لتعزيز التبادل الثقافي والعلمي بين الطرفين.
برنامج إيراسموس هو برنامج ممول من الاتحاد الأوروبي لدعم التعليم والتدريب والشباب والرياضة، ويهدف لتعزيز التعاون والتفاهم الثقافي.
أما رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز صقر، فقال إن الشراكة بين الخليج وأوروبا من الملفات التي يجري العمل عليها منذ سنوات، وإن الأمن يأتي في مقدمة هذه الملفات، بما فيها التهديدات غير التقليدية، وعلى رأسها الحرب السيبرانية.
إعلانوأشار الأكاديمي السعودي إلى أن ملف الهجرة يمثل تحديا مشتركا، حيث تنقل أعداد من المهاجرين من آسيا عبر الخليج باتجاه أوروبا، موضحا أن أوروبا تعد الشريك الدفاعي الثاني لدول الخليج بعد الصين، وأن مشاركة المعلومات الاستخبارية من القضايا الحيوية للطرفين، خصوصا في ظل غياب وحدة القرار داخل الاتحاد الأوروبي.
وانتقد الموقف الأوروبي من الحرب على غزة، قائلا إن الاتحاد الأوروبي "لم يتحرك بالسرعة اللازمة لوقف ما يجري، على عكس ما حدث في أوكرانيا"، رغم أن كليهما يمثلان اعتداءات واضحة على المدنيين.
ملف الطاقةوفي حديث خاص للجزيرة نت، أكد رئيس مركز الخليج للأبحاث أن دول الخليج، باعتبارها منتجا رئيسيا للطاقة، تمتلك القدرة على سد جزء كبير من احتياجات أوروبا، الأمر الذي يفتح المجال لتعاون أوسع في الملفات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، إضافة إلى تعزيز التعاون المجتمعي أو ما يُعرف بـ "الناس للناس".
وعن قدرة أوروبا على لعب دور خارج محيطها في ظل أزماتها الداخلية، قال صقر، إن أوروبا لا تستطيع تقديم الضمانات الأمنية التي تحتاجها المنطقة، رغم كونها شريكا اقتصاديا مهماً لدول الخليج، إذ تبلغ قيمة التعاون الاقتصادي معها نحو 161 مليار دولار. وأكد أن الولايات المتحدة لا تزال الجهة ذات الدور الأكبر في ضمان الأمن الإقليمي.
وأوضح عبد العزيز صقر، أن الدور الأوروبي لم يتراجع سياسيا، فالدول الأوروبية لا تزال أعضاء فاعلة في مجلس الأمن ولها تأثير دولي، غير أن المشهد السياسي العالمي ومتغيرات السياسة الأميركية تركت تأثيرا على مجمل الأدوار الدولية، بما فيها الأوروبية.
حرب أوكرانياوعن الخلاف بين الولايات المتحدة وأوروبا في أوكرانيا، قال صقر إن دول الخليج لعبت دورا متوازنا ومسؤولا في هذا الملف، فهي ضد احتلال الأراضي بالقوة، وضد العنف، وتدعم الحوار السياسي بين الأطراف، موضحا أن دول الخليج ساندت أوكرانيا في الأمم المتحدة، وقدمت مساعدات إنسانية، وتمسكت بموقف واضح يرفض استخدام القوة في أي صراع لاحتلال أراضي الغير.
وبخصوص إعلان أوروبا وقف استيراد النفط والغاز الروسيين بحلول عام 2026، قال الأكاديمي السعودي، إن هذا التوجه يدفعها بطبيعة الحال نحو تعزيز علاقاتها الاقتصادية بدول الخليج، خصوصا في مجال الطاقة، مؤكدا أن دول الخليج يمكن أن تكون البديل الإستراتيجي لأوروبا، وتسعى فعلا إلى تطوير ما يعرف بـ "مراكز الطاقة"، بحيث تكون منصات لتخزين الطاقة وتصديرها إلى أوروبا بشكل مستدام.