جامعة أبوظبي تطلق برنامجين متطورين للتنمية المهنية
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
أطلقت جامعة أبوظبي برنامجين متطورين للتنمية المهنية عبر “مركز التعلم الذكي” التابع لها، وهما “شهادة التطوير المهني في فنون وعلوم التدريس” و”شهادة التدريس والتعلم المعزز بالذكاء الاصطناعي”.
وتهدف هذه الخطوة إلى مواصلة الارتقاء بأساليب التدريس في جامعة أبوظبي، والإسهام في تطوير منهجية التدريس لأعضاء هيئة التدريس وصقل مهاراتهم، وبالتالي إثراء تجربة التعلم الشاملة للطلبة.
وطرح “مركز التعلم الذكي” بجامعة أبوظبي “شهادة التدريس والتعلم المعزز بالذكاء الاصطناعي” لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة و”كلية ليوا”، ويشكل هذا البرنامج المعتمد نقلة نوعية رائدة في مجال الابتكار التعليمي، إذ يعمل على رفد الهيئات التدريبية بالخبرات والأدوات اللازمة لدمج الذكاء الاصطناعي بسلسة في ممارساتها التعليمية، حيث ينطلق أعضاء هيئة التدريس، من خلال مزج الفهم النظري مع التطبيق العملي، في رحلة تطويرية لتحديث أساليب التدريس وزيادة فعاليته وتعزيز مشاركة الطلبة وتفاعلهم في العملية التعليمية على نحو أكبر.
ويزود هذا البرنامج أعضاء هيئة التدريس بالمعرفة الأساسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وإمكاناتها التطويرية المهمة في مجال التدريس والتعلم، ويساعد على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في ممارسات التدريس لتعزيز المناهج الدراسية وإثراء معارف الطلبة ومهاراتهم التحليلية وبالتالي الاستجابة للاحتياجات التعليمية المطلوبة.
كما ستتاح الفرصة لأعضاء هيئة التدريس لاستخدام التحليلات القائمة على الذكاء الاصطناعي لتقييم كفاءة التدريس ومخرجات التعلم، مع تطوير خطة تنفيذية شاملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية، وعرض استراتيجيات التدريس المبتكرة التي تعزز التعلم الأخلاقي وتشجع على أساليبه المستقلة.
في حين تقدم “شهادة التطوير المهني في فنون وعلوم التدريس” لأعضاء هيئة التدريس والإداريين ومساعدي المدرسين، ستة مواضيع شاملة تغطي الركائز الأساسية للتميز في عملية التدريس. ويهدف هذا البرنامج بما يزخر به من نظريات تمهيدية وتكامل تكنولوجي إلى تمكين المعلمين من تصميم استراتيجيات تدريس خاصة بهم، تتناسب والاحتياجات المتنوعة للطلبة في بيئة تعليمية شاملة.
ويعكف المشاركون في البرنامج، الذي تقام جلساته أسبوعياً، على التعمق في العديد من المواضيع، بما في ذلك أساليب التدريس الفاعلة وتقنيات التقييم والممارسات الأخلاقية والفهم الشامل لطرق التدريس التي تحقق أقصى قدر من الفعالية في نقل المعرفة وتعزيز التعلم لدى الطلبة.
وقال الدكتور حمد العُضابي، نائب مدير جامعة أبوظبي للشؤون الإدارية والمالية: “يأتي إطلاق “شهادة التدريس والتعلم المعزز بالذكاء الاصطناعي” في إطار التزامنا الراسخ بتوفير برامج تدريبية مميزة لأعضاء هيئة التدريس والإداريين في جامعة أبوظبي، وبالتالي دعمهم في بلوغ التميز في العملية التعليمية، وإكساب المعلمين المهارات اللازمة لتحليل الاحتياجات التعليمية وتصميم مناهج متكاملة، قائمة على الذكاء الاصطناعي، لإثراء تجربة التعلم في فصولهم الدراسية. وجامعة أبوظبي تحرص دائماً على إعطاء الأولوية لتعزيز الابتكار بين أعضاء هيئة التدريس والارتقاء بممارساتهم التعليمية والإسهام بفاعلية في تطوير القطاع التعليمي وازدهاره.”
من جانبه قال الدكتور محمد فتيحه، مدير الحرم الجامعي في العين ومدير مركز التعلم الذكي: “يمضي أعضاء هيئة التدريس والإداريون قدماً، بفضل الدعم المستمر من الإدارة العليا في جامعة أبوظبي، في تلقي الفرص التدريبية المميزة والارتقاء بمهاراتهم لتقديم تعليم عالمي رفيع المستوى، وبإطلاق هاتين الشهادتين الجديدتين في مجال التطوير المهني، نحن على ثقة بأن أعضاء هيئة التدريس سيمتلكون المعارف والمهارات اللازمة لمواكبة أحدث أساليب واتجاهات التدريس والتعلم، حيث سيؤدي دمج الذكاء الاصطناعي في الفصل الدراسي إلى تعزيز كفاءة وفعالية العملية التعليمية، وتنشأ جيل مؤهل وقادر على تسخير أحدث الابتكارات والحلول المتقدمة في مجال التعليم”.
ويهدف “مركز التعلم الذكي” بجامعة أبوظبي إلى إرساء دعائم منظومة تعليمية متميزة، وتعزيز مفهوم التعلم الشامل القائم على مبدأ “التصميم الشامل للتعلم”، ويكرس جهوده لدعم أعضاء هيئة التدريس في استخدام ممارسات التعلم والتدريس المتكامل والمرتكز على الطالب والقائم على الأدلة عبر تقديم دورات وبرامج فعالة عبر الإنترنت لكليات جامعة أبوظبي.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.