تونس- قال نشطاء إن مواصلة سجن السياسيين المعتقلين في تونس منذ 14 شهرا فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة رغم انتهاء فترة الاحتفاظ القانونية القصوى، يحوّل مأساة توقيفهم إلى مرحلة جديدة عنوانها الاحتجاز القسري، بينما تؤكد أطراف أخرى أن استمرار توقيفهم ليس خارج القانون.

وكان من المفترض بحسب هيئة الدفاع عن هؤلاء المساجين أن يقع الإفراج عن جزء منهم مساء الخميس وجزء آخر مساء أمس الجمعة باعتبار أن فترة الاحتفاظ القانونية تدوم 6 أشهر مع إمكانية التمديد في فترة الاحتفاظ لفترتين أخريين، كل واحدة 4 أشهر، وفق القانون.

وكان الناطق باسم محكمة النقض الحبيب الترخاني كشف في تصريح إعلامي أن دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة النقض لم تصدر أي قرار بالإفراج عن هؤلاء المساجين. ومن المنتظر أن تعقد دائرة الاتهام جلسة يوم 2 مايو/أيار المقبل لتوجيه لائحة الاتهام لهم.

احتجاز تعسفي

وقالت المحامية بلجنة الدفاع عن السياسيين المعتقلين إسلام حمزة للجزيرة نت إن الإبقاء على المساجين الذين أمضوا كامل فترة الإيقاف التحفظي بين جدران السجن جريمة في حقهم عنوانها الاحتجاز القسري، مؤكدة أن مجلة الإجراءات الجزائية تنص بوضوح لا لبس فيه على أن فترة الاحتفاظ القصوى هي 14 شهرا.

واعتبرت أن مواصلة سجنهم ورفض إطلاق سراحهم وجوبيا بعد 14 شهرا من التحقيق يعد تعسفيا وانتهاكا لحق المعتقلين في التماس الحرية، مبينة أن قضية تشغل الرأي العام بمثل هذه الخطورة كان يفترض ألا تدوم مثل هذه الفترة، لكنها "طالت في ظل غياب محاكمة عادلة وخروقات قانونية".

وفي فبراير/شباط 2023 شنت قوات الأمن حملة مداهمات ليلية وألقت القبض على عدد من السياسيين ورجال الأعمال وتم إيداعهم السجن بتهم خطيرة تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهي التآمر على أمن الدولة والتخابر مع جهات أجنبية، لكن المعارضة اعتبرت الاتهامات باطلة للتنكيل بهم لمعارضتهم الرئيس قيس سعيد.

وقد شملت حملة الاعتقالات الناشط السياسي خيام التركي والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي والقياديين بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك ورضا بالحاج والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي.

كما شملت الاعتقالات العديد من أبرز الوجوه السياسية على غرار زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي الذي مرّ على اعتقاله سنة كاملة إضافة إلى العديد من القيادات في حزبه.

وتقول منظمات حقوقية إن محاكمة السياسيين فما يعرف بقضية التآمر طيلة 14 شهرا جرت في مناخ سياسي يتسم بهيمنة السلطة على القضاء وتفرد الرئيس قيس سعيد بالسلطة وملاحقة منتقديه من سياسيين وإعلاميين وحقوقيين ونقابيين قضائيا على قاعدة أن "المتهمين مدانون إلى أن تثبت براءتهم".

وتؤكد أن محاكمة هؤلاء السياسيين المعتقلين جرت في مناخ من المضايقات والملاحقات لعدد من القضاة الذين تم عزل بعضهم والتحقيق مع جزء آخر بهدف توظيف القضاء لأهواء السلطة، فضلا عن مضايقة وملاحقة محامي هيئة الدفاع عنهم ومنعهم من الظهور الإعلامي، والتنكيل بعائلات المعتقلين.

احتجاجات سابقة للمطالبة بالإفراج عن السجناء وتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي في الذكرى الـ13 للثورة التونسية (الأناضول) قانون الغاب

بدوره، يقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني للجزيرة نت إن السلطة الحالية تمارس حق القوة وليس قوة الحق، معتبرا أن مواصلة الإبقاء على المساجين السياسيين في قضية التآمر على أمن الدولة بعد انتهاء فترة الاحتفاظ القصوى "دليل قاطع على أننا نعيش في دولة يحكمها قانون الغاب".

ويؤكد أن فقه القضاء لا يمدد فترة الاحتفاظ القصوى للمتهمين أكثر من 14 شهرا إلا في حالات استثنائية تتعلق على سبيل المثال بإمكانية ارتكاب خطر على المجتمع أو إخفاء معلومات مهمة في القضية، معتبرا أن السلطة الحالية داست على القانون برفض الإفراج عنهم ومواصلة الهروب للأمام.

ويرى أن رفض الإفراج عن السياسيين المعتقلين يعكس تخبطا وارتباكا من السلطة بسبب تورطها في هذا الملف بدعوى أن إطلاق سراحهم من شأنه أي يسقط سردية الرئيس القائمة على تعليق شماعة الفشل بإدارة البلاد وتحسين أوضاع التونسيين بوجود مؤامرات ضده من قبل معارضيه، كما يقول.

ويصرح "قضية بمثل هذا الحجم كان لا بد أن تتضمن فعلا ماديا قصديا لكن لم نر في قرار ختم الأبحاث في شأن المعتقلين السياسيين سوى أنهم اجتمعوا كنشطاء سياسيين في أحد المنازل للحديث عن أوضاع البلاد ورفض الانقلاب، وهو نشاط عادي يدخل في صميم العمل السياسي السلمي والقانوني".

احترام القانون

في المقابل، تقول أطراف موالية للرئيس سعيد إن استمرار توقيف السياسيين المتهمين في قضية التآمر تم في احترام القانون والإجراءات، مشيرين إلى أن الفصل 107 من مجلة الإجراءات الجزائية تنص على أنه بالإمكان التمديد في بطاقة الإيداع بالسجن حتى تبت دائرة الاتهام في القضية.

وكانت دائرة الاتهام قد أعلنت عن تأجيل جلستها إلى 2 مايو/أيار المقبل لتوجيه لائحة الاتهام لهؤلاء تحت ضغط من المحامين الذين طالبوا بتمكين المتهمين من الفترة القانونية لاستئناف التهم الموجهة لهم من قبل قاضي التحقيق في قرار ختم الأبحاث، وهي تهم تتعلق أغلبها بتكوين مجموعة إرهابية.

ويقول البعض إن التهم الموجهة إلى السياسيين الموقوفين على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة خطيرة وتمس باستقرار البلاد وتعد جريمة في حق الرئيس سعيد، الذي يعتبره أنصاره مخلِّصا للبلاد من "الإسلام السياسي والأحزاب التي حكمت معه طيلة العشرية الماضية وتسببت في دمار البلاد".

كما يتهم أنصار الرئيس سعيد هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين بتضليل الرأي العام بتشويه القضاء ونشر الافتراءات في قضية التآمر على أمن الدولة، مؤكدين أن المتهمين تعلقت بهم جملة من الجرائم الخطيرة على غرار محاولة الإطاحة بالرئيس سعيد بعد خسارة مواقعهم في السلطة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات قضیة التآمر على أمن الدولة السیاسیین المعتقلین دائرة الاتهام الدفاع عن

إقرأ أيضاً:

سفير سلطنة عُمان بتونس يشارك في فعاليات "اليوم الإعلامي" ضمن أيام طرابلس الإعلامية 2025

 

تونس - الرؤية

شارك سعادة السفير الدكتور هلال بن عبدالله السناني، سفير سلطنة عُمان لدى الجمهورية التونسية، وبرفقته المستشار زاهر بن سليمان العبري، يوم الخميس 11 ديسمبر 2025م في فعاليات اليوم الإعلامي ضمن أيام طرابلس الإعلامية 2025، وذلك تلبية لدعوة من معالي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية الليبي وليد عمار اللافي.

وأقيمت الفعالية تحت إشراف رئيس حكومة الوحدة الوطنية المهندس عبدالحميد الدبيبة، وبحضور عدد من وزراء الإعلام العرب، ومساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية لقطاع الاتصال والإعلام، إلى جانب سفراء معتمدين ورؤساء مؤسسات إعلامية ونخبة من الإعلاميين والخبراء العرب. وشهد الحدث عروضاً وجلسات حوارية تناولت تطوير المحتوى الإعلامي العربي وتعزيز المهنية، إضافة إلى الاستفادة من التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في تطوير صناعة الإعلام، وبحث سبل توسيع آفاق التعاون الإقليمي في هذا المجال.

وفي تصريح له بالمناسبة، أعرب سعادة السفير السناني عن سعادته بالمشاركة في النسخة الخامسة من المنتدى، مؤكداً أن الحدث يمثل محطة ثقافية وإعلامية بارزة تعكس حيوية المشهد الليبي ورغبته في الانفتاح وتعزيز التواصل مع محيطه العربي والدولي. وأضاف أن ملتقى الإعلام العربي ضمن برنامج المنتدى يشكل خطوة مهمة لإثراء الحوار المهني وإعادة تقييم الأدوات الإعلامية في ظل التطور المتسارع لوسائل الاتصال، كما يتيح فرصة لتبادل التجارب الناجحة وتعزيز الشراكات التي تدعم الاستقرار والتنمية وتنشر ثقافة الحوار والاعتدال.

وفي سياق متصل، ثمّن السفير السناني الجهود الليبية لإعادة افتتاح المتحف الوطني الليبي في 12 ديسمبر 2025م بعد إغلاق دام أربعة عشر عاماً، واصفاً الخطوة بأنها محطة نوعية في مسيرة صون التراث الليبي، ولا سيما بعد استعادة عدد من القطع الأثرية من الخارج. وأكد أن إعادة افتتاح المتحف تجسد حرص ليبيا على حماية ذاكرتها التاريخية وتعزيز حضور المتاحف كركائز للهوية الوطنية ومراكز للتلاقي الثقافي والمعرفي.

كما أشار السفير إلى أن اختتام أيام طرابلس العالمية باحتفالية وطنية في 24 ديسمبر بمناسبة ذكرى استقلال ليبيا يحمل دلالات عميقة تعكس الاعتزاز بتاريخ البلاد وتؤكد روح الوحدة والأمل بمستقبل يقوم على الاستقرار والتنمية.

وأكد سعادة السفير أن سلطنة عُمان، بقيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – تولي أهمية كبيرة لتعزيز التعاون العربي المشترك ودعم المبادرات الإعلامية والثقافية الهادفة إلى ترسيخ قيم السلام والحوار، مشيراً إلى أن مشاركة السلطنة في هذا الحدث تأتي دعماً للجهود الليبية الرامية إلى تعزيز البناء المؤسسي والنهضة الثقافية وتطوير المنظومة الإعلامية.

واختتم السفير السناني تصريحه بالتعبير عن شكره للقائمين على تنظيم أيام طرابلس العالمية، متمنياً للفعالية كل النجاح، وأن تسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الإعلامي والثقافي بين الدول العربية بما يخدم مصالح شعوبها واستقرارها.

مقالات مشابهة

  • يستمر إلى الغد.. إنذار من مركز الأرصاد بشأن أمطار الرياض
  • قتيــ.ـلان وإصابات مُتعددة.. «ترامب» حول حادث جامعة براون: «المشتبه به قيد الاحتجاز»
  • “الأحرار الفلسطينية”: العدو الصهيوني يستمر باستهداف المدنيين بذرائع واهية
  • كتائب حزب الله تهاجم مبعوث ترمب إلى العراق وتدعو السياسيين لعدم التواصل معه
  • تونس.. السجن 12 عاماً لرئيسة الحزب الحر الدستوري «عبير موسي»
  • حين يتحول الاحتجاز إلى حكم بالإعدام في مصر
  • الرئيس اللبناني: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل تشكل أولوية في المفاوضات
  • سفير سلطنة عُمان بتونس يشارك في فعاليات "اليوم الإعلامي" ضمن أيام طرابلس الإعلامية 2025
  • عون: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل أولوية بالمفاوضات
  • المراقبة الجوية في مرمى الاتهام.. أجواء أوروبا الموحدة تفشل في مواجهة تأخيرات الطيران 2025