المهرة.. غرق فتاة أثناء سباحتها بمياه الأمطار الراكدة في قشن
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
توفيت فتاة تبلغ من العمر 14 عاماً، عقب ممارستها السباحة مع صديقاتها في إحدى البرك المائية التي خلفتها مياه الأمطار في محافظة المهرة، شرق اليمن.
وأفادت مصادر محلية، أن فتاة لقيت حتفها غرقاً مساء السبت في إحدى البرك بمديرية قشن وسط المهرة. مشيرة إلى أن الفتاة كانت برفقة عدد من صديقاتها ويمارسن السباحة في المياه الراكدة التي تشكلت في وادي غبوري بالمديرية.
وأشارت المصادر أن الفتاة لم تستطع الخروج من الحفرة التي سقطت فيها. وعقب ذلك قام عدد من أبناء المديرية بانتشال جثتها وتسليمها لأسرتها، تمهيداً لدفنها.
وهذه الضحية الثانية التي يتم الإعلان عن غرقها جراء سيول الأمطار الناجمة عن المنخفض الجوي الذي شهدته محافظتا المهرة وحضرموت خلال الـ72 ساعة الماضية. وكانت الضحية الأولى مساء الخميس، عقب غرق شاب في العشرينات من العمر في السيول الجارفة الناجمة عن الأمطار الغزيرة.
وطالبت لجان الطوارئ في المهرة وحضرموت المواطنين بعدم السباحة في مجاري السيول والمياه الراكدة التي خلفتها الأمطار الغزيرة، وذلك حفاظاً على أرواحهم. كما طالبت أولياء الأمور بمنع أبنائهم من الاقتراب من مجاري السيول والمستنقعات والتقيد بالإجراءات الاحترازية حرصاً على سلامتهم.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
في إطار البرنامج الطارئ لإعادة إعمار المناطق المتضررة من السيول:إعادة إعمار 91 منزلًا بتكلفة 177 مليون ريال في وصاب
الثورة / يحيى الربيعي
في قرية الجرف وعزلتي بني موسى ووادي الخشب -مديرية وصاب السافل- محافظة ذمار، وبينما كانت الحياة تسير بوتيرة طبيعية، إذا بها في لحظات معدودة، تنقلب الموازين، ويُروى أن سداً قديماً لم يستطع الصمود أمام قوة المياه المتدفقة، فانفجر، مطلِقاً العنان لكتلة هائلة من المياه اجتاحت كل شيء في طريقها فهدمت المنازل، وجرفت معها الجدران، الأثاث، والممتلكات، سمع السكان أصوات الانهيار وصيحات الرعب، كانت المياه ترتفع بسرعة مخيفة، تحاصر الأسر داخل بيوتها، أو تجرفهم مع تيارها القوي.
فقد الأب ابنه، والأم طفلها، والرجل زوجته، اختلطت قصص الفقدان مع مشاهد الدمار.. كانت فرق الإنقاذ المكونة من رجال الدفاع المدني والمتطوعين الشجعان من أبناء المنطقة، يتسابقون مع الزمن لانتشال ما يمكن إنقاذه، والبحث عن المفقودين في مسارات الأودية الموحلة التي امتدت لمسافات طويلة، كل ساعة تمر كانت تزيد من قسوة المشهد، وكل جثمان يتم انتشاله كان يمزق قلوب الأهالي. ارتفع عدد الضحايا ليبلغ ثلاثين جثماناً تم العثور عليها، فيما بقي مصير آخرين مجهولاً، ابتلعتهم مياه السيول الغادرة.
لم تتوقف الكارثة عند الخسائر البشرية، بل فقدت العائلات منازلها التي كانت ملاذها الآمن، تحولت حوالي 23 منزلاً إلى أكوام من الأنقاض، وتضررت مئات المنازل الأخرى بشكل بالغ، كما جرفت السيول 4 سيارات، ودراجتين ناريتين، ومحلاً تجارياً واحداً في عزلة وادي الأخشب، فقد الفلاحون كل شيء؛ أراضيهم الزراعية التي غمرتها المياه، ومواشيهم التي جرفتها السيول. كانت الكارثة عميقة، خلفت ما بين 8 إلى 10 إصابات، وأسراً تبحث عن مفقوديها.
وسط هذه المأساة، تجلت أسمى معاني التكاتف والإخاء، هب أبناء وصاب السافل لمساعدة بعضهم البعض، غير آبهين بالمخاطر، وصلت فرق الإغاثة من محافظات أخرى، تحمل معها المساعدات وتشارك في عمليات البحث والإنقاذ، كما أعلنت السلطات المحلية المناطق المتضررة “مناطق منكوبة”، إدراكاً منها لحجم الكارثة والحاجة الماسة للمساعدة، وانطلقت نداءات استغاثة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، تناشد القلوب الرحيمة لتقديم العون للمنكوبين الذين فقدوا كل شيء.
بصيص أمل من رحم المعاناة
لم تكن الكارثة نهاية المطاف، بل كانت دافعاً للعمل والبناء. استجابة لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، والتي أكدت على ضرورة الوقوف إلى جانب المتضررين وتحويل الأزمة إلى فرصة، انطلق “البرنامج الطارئ لإعادة الإعمار”، ولم يكن الهدف مجرد إعادة بناء الجدران المنهارة، بل تمكين المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه الكوارث المستقبلية.
اعتمد البرنامج منهجية تشاركية فريدة، تضع المجتمع في قلب عملية إعادة الإعمار، لم تكن المؤسسات تعمل بمعزل عن الناس، بل جنباً إلى جنب معهم، وتم إشراك الأهالي في كل خطوة، من تقييم الأضرار وتحديد الاحتياجات، إلى التخطيط والتنفيذ والمتابعة. كان الهدف هو كسر ثقافة الاتكالية التي قد تنمو بعد الكوارث، وتحفيز الناس على تحمل مسؤولية إعادة بناء حياتهم بأيديهم.
واجهت فرق العمل تحديات جمة، فبالإضافة إلى حجم الدمار الهائل ووعورة التضاريس التي جعلت نقل مواد البناء أمراً بالغ الصعوبة، كان هناك تحد لتغيير النظرة السائدة التي تعتمد على المساعدات الخارجية، لكن من خلال حملات التوعية والعمل الميداني الدؤوب، تمكن البرنامج من تحفيز المجتمع وتفعيل المبادرات المحلية.
الأرقام تتحدث: حجم الكارثة وإنجازات إعادة الإعمار
لتوضيح حجم الكارثة والجهود المبذولة في إعادة الإعمار بشكل أكثر دقة، التقينا بمنسق مؤسسة بنيان التنموية صالح القاسمي، والذي بدوره أوضح قصة الصمود والبناء قائلا: في وصاب السافل وحدها، تم حصر 560 متضرراً في دراسات المسح الأولية لتحديد الأسر الأشد حاجة، وأكد أنه تم الانتهاء من بناء الجدران الخارجية والداخلية لـ 38 منزلاً، وحفر وبناء الأساسات لـ 31 منزلاً، ومرحلة التوعية والمتابعة لـ 22 منزلاً، ليبلغ الإجمالي في وصاب السافل.91 منزلاً متضرراً كلياً في المديرية ضمن المرحلة الأولى لإعادة الإعمار بالمناطق المتضررة في المحافظات الثلاث.
لم تكن هذه الجهود لتتحقق لولا تكاتف الجميع، حيث بلغت مساهمة مؤسسة بنيان التنموية في وصاب السافل وحدها 10,500,000 ريال يمني، لكن المساهمة الأكبر والأكثر تأثيراً جاءت من المجتمع وفاعلي الخير الذين قدموا مبلغاً كبيراً وصل إلى 134,950,000 ريال يمني، كما ساهم الشركاء من الحكومة والقطاعين العام والخاص بمبلغ 31,750,000 ريال يمني، ليبلغ إجمالي الإنفاق في وصاب السافل وحدها 177,200,000 ريال يمني، وكل ذلك ضمن إجمالي عام للمساهمات في كافة المديريات المتضررة بلغ 340,424,000 ريال يمني.
لم تقتصر الأنشطة على البناء المباشر، فقد تم حصر 5 من فاقدي مصادر الدخل في وصاب السافل ضمن جهود تمكين المتضررين، كما تم تدريب 30 فارساً للتنمية من أبناء المديرية لتأهيل قادة مبادرات مجتمعية قادرة على قيادة جهود البناء المستقبلية، وعقدت 17 جلسة لتفعيل المشاركة المجتمعية ورفع الوعي بأهمية التطوع في إعادة الإعمار، كما تم عقد ورشة عمل واحدة لتأهيل الجمعيات المحلية وتعزيز قدراتها.
قصص صمود وولادة جديدة
من بين ركام المنازل المنهارة، بدأت تبرز قصص نجاح تبعث على الأمل، حيث تحولت الكارثة من مأساة إلى شهادة على قوة التكاتف المجتمعي، وهب أبناء المناطق لنجدة المتضررين، ووفروا لهم أرضاً بديلة آمنة، لم يكتفِ الأهالي بالخيام المؤقتة التي وفرتها الجهات الإغاثية، بل تشاركوا مع السلطة المحلية والمؤسسات الداعمة في تسوية أرض جديدة وتخطيط منازلهم المستقبلية.. عملوا جنباً إلى جنب، يحفرون الأساسات ويرفعون الجدران، مدعومين بمواد البناء التي وفرها البرنامج وفاعلو الخير، وتحولت القرى المتضررة من ركام إلى ورش عمل، يحدوها الأمل في العودة إلى حياة كريمة.
ومع كل هذه الجهود، الدمار واسع، والحاجة ماسة لاستكمال جهود إعادة الإعمار وتوفير الدعم اللازم للأسر المتضررة، ولكن رغم حجم الفاجعة، التي لا تزال آثارها بادية للعيان، تذكر بقسوة ما حدث، يظل الأمل يحدو أبناء وصاب السافل، بل ويجعلهم يتشبثون بأرضهم وبتكاتفهم، ويؤمنون بأنهم سيتجاوزون هذه المحنة بالعمل التعاوني التكافلي والمشترك بين الجهات المعنية في الحكومة والمجتمع وكل من يمد إليهم يد العون.. قصة وصاب السافل هي قصة حزن عميق، ولكنها أيضاً قصة صمود وإنسانية تتجلى في أبهى صورها في أوقات الشدائد، وقصة برنامج تحويلي يسعى لتحويل الدمار إلى بناء، والأزمة إلى فرصة للتنمية المستدامة، إنهم يواصلون رحلتهم نحو التعافي، يخطون خطوات ثابتة نحو مستقبل أكثر أمناً واستقراراً.