الشيخ عبد المجيد الزنداني.. رائد الإعجاز العلمي في القرآن الكريم .. مسيرة رجل بحجم أمة
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
سياسي وداعية إسلامي يمني، وأحد القيادات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في البلاد. ولد سنة 1942. أسس جامعة الإيمان باليمن، والهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وانشغل بتأصيل الإعجاز العلمي في النصوص الشرعية، وتفسير العديد من الظواهر الكونية من خلاله. توفي يوم 22 أبريل/نيسان 2024.
المولد والنشأة
ولد الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني سنة 1942، في قرية الظهبي بمديرية الشعر من محافظة إب، إحدى محافظات الجمهورية اليمنية، ولكن أصله من منطقة "زندان" في مديرية أرحب بمحافظة صنعاء.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الأولي في الكتّاب بمسقط رأسه، والتحق بالدراسة النظامية في عدن، ثم انتقل إلى مصر للدراسة الجامعية، فالتحق بكلية الصيدلة ودرس فيها سنتين ثم تركها بسبب اهتمامه بالعلم الشرعي، وأخذ يقرأ في علوم الشريعة، وتسنى له الالتقاء بأكابر العلماء في الأزهر الشريف.
انكب على الدراسة على علماء ومشايخ الأزهر الشريف قبل أن ينتقل إلى المملكة العربية السعودية ويلتقي كبار علمائها، من أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين، وحصل في ما بعد على شهادة الدكتوراه من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان.
وسّع مداركه من خلال المطالعة واستنطاق النصوص الشرعية ومحاولة فهمها في ضوء الحياة المعاصرة والاكتشافات العلمية، مما فتح أمامه مجال الإعجاز العلمي في القرآن الذي شكل أحد أهم انشغالاته ومجال تميزه.
الوظائف والمسؤوليات
مارس التدريس أثناء وجوده في السعودية، وتولى بعد عودته إلى اليمن وظائف ومسؤوليات مختلفة، من بينها إدارة معهد النور العلمي ووظائف تدريس في بعض مؤسسات التعليم.
وبعد إطاحة عبد الرحمن الإرياني بعبد الله السلال سنة 1967 في حركة الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، عاد الزنداني إلى صنعاء وتولى إدارة الشؤون العلمية في وزارة التربية والتعليم، وساهم في تدريس عدد من المواد العلمية كمادة الأحياء، ثم عيّن رئيسا لمكتب التوجيه والإرشاد عند إنشائه سنة 1975 قبل أن يعين في وزارة المعارف.
التجربة الفكرية
شكل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية أحد الانشغالات الأهم للزنداني، واعتبر على نطاق واسع أحد أبرز العلماء المعاصرين الذين حاولوا البرهنة على سبق القرآن في مجال الحديث عن الاكتشافات العلمية في مجالات كثيرة كالطب، وخلق الإنسان، والجيولوجيا.
وفي عام 2004 أعلن أنه اكتشف دواء لمرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز)، وذلك عن طريق خلط مستخلصات من أعشاب قال إن لها تأثيرا على الفيروسات وعلى بعض الخلايا السرطانية. وأكد أن أبحاثه في هذا المجال استغرقت 15 عاما، رافضا الكشف عن الوصفة خشية السطو عليها مما سماها "مافيات الأدوية".
ساهم في تأسيس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في المملكة العربية السعودية وترأسها بعد ذلك، وأدى خلافه مع الحكومة السعودية إلى عودته لليمن، فأسس جامعة الإيمان للعلوم الشرعية، وتواصلت مصنفاته وأبحاثه في علم الإيمان والإعجاز.
المسار السياسي
يعتبر واحدا من رموز التيار الإسلامي، وقد تأثر خلال وجوده في مصر بجماعة الإخوان المسلمين وكانت له صلات بها، مما أدى إلى اعتقاله من قبل السلطات المصرية وطرده من البلاد، ونجح مع الشيخ عبد الله الأحمر في إضافة بند إلى الدستور اليمني ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر كل التشريعات.
ساهم في جهود حماية الثورة اليمنية التي قضت على الحكم الإمامي سنة 1962، وخلال عمله في وزارة التربية عمل على إحداث تفاعلات فكرية واسعة عبر استقدام عدد من كبار المفكرين العرب والمسلمين إلى اليمن، كما ساند الأفغان ضد القوات الروسية في ثمانينيات القرن العشرين.
صنفته الولايات المتحدة في لائحة المطلوبين لأجهزتها الأمنية عام 2004، واتهمته بدعم ما تسميه "الإرهاب"، وتقول إنه "الأب الروحي" لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. كما اتهمته بتمويل الإرهاب، وطلبت عام 2011 من الحكومة اليمنية اعتقاله، فيما قرر مجلس الأمن تجميد أرصدته، لكن الزنداني نفى تلك التهم وطالب الإدارة الأميركية بتقديم أدلتها للقضاء اليمني.
ساند علي عبد الله صالح في الانتخابات الرئاسية ضد مرشح تكتل أحزاب اللقاء المشترك فيصل بن شملان عام 2006. ترأس مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح.
ولما قامت الثورة اليمنية ضد علي عبد الله صالح عام 2011، ساند الزنداني الشباب الثائرين وأعلن تأييده من على منصة ساحة التغيير، وقال إن الاعتصامات صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطالب الأجهزة الأمنية بحماية المعتصمين داعيا إياهم للحفاظ على سلمية الاحتجاجات.
بعد احتلالها مدينة صنعاء، هاجم مسلحو جماعة الحوثيين في 20 مارس /آذار2015 منزل الزنداني، واعتقلوا اثنين من حراسته وعاودوا اقتحامه في بداية أبريل/نيسان 2015 بعد تأييده العملية العسكرية عاصفة الحزم التي تزعمتها المملكة العربية السعودية مدعومة بتحالف دولي ضد انقلاب الجماعة على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
المؤلفات
أثرى عبد المجيد الزنداني المكتبة العربية والإسلامية بالعديد من المؤلفات، كما أن له العديد من الأشرطة والمحاضرات التي فصل فيها مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. ومن أبرز كتبه:
تأصيل الإعجاز العلمي.
علم الإيمان.
طريق الإيمان.
نحو الإيمان.
التوحيد.
البينة العلمية في القرآن الكريم.
الوفاة
توفي الشيخ عبد المجيد الزنداني يوم الاثنين 22 أبريل/نيسان 2024 في أحد مستشفيات إسطنبول، عن سن ناهز 82 عاما.
نعاه نجله محمد بن عبد المجيد الزنداني وعلماء وهيئات إسلامية عديدة من بينها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وهيئة علماء اليمن وهيئة علماء فلسطين وهيئة علماء المسلمين في العراق.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: عبد المجید الزندانی فی القرآن الکریم عبد الله
إقرأ أيضاً:
ذكرى عيد العرش المجيد في المغرب.. ملاحم متجددة من التنمية والتحديث والبناء
طارق الحسيسن
يحتفل الشعب المغربي في الثلاثين من يوليو الجاري بالذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه الميامين، وهي مناسبة وطنية جليلة تحمل في طياتها العديد من الرموز والدلالات التي تعبر عن عمق أواصر الولاء والبيعة والتلاحم الوثيق بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الوفي، وتكريس الالتزام الراسخ بمواصلة مسارات التنمية والبناء والتحديث، وتحقيق النموذج التنموي المغربي المتميز الذي أرسى دعائمه صاحب الجلالة، نصره الله، باعث نهضة المغرب الحديث، وفق مقاربة قوامها النمو الاقتصادي المستمر والتنمية المستدامة والتضامن الاجتماعي والحكامة الجيدة.
إن تخليد هذه الذكرى الغالية لعيد العرش المجيد، يشكل لدى كل المغاربة قاطبة مناسبة للتأمل في منجزات العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهي لحظة سياسية مهمة لرسم معالم العشرية الثالثة من حكم جلالته الزاهر، والتي جعلت من إرساء الدولة الاجتماعية هدفا استراتيجيا ومحورا أساسيا لها يقوم على العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، من خلال تعزيز المكتسبات المحققة، والعمل على انتهاج النموذج التنموي الجديد وفق الرؤية الملكية المتبصرة والسديدة.
على الصعيد الدبلوماسي، تواصل المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الإسهام الفاعل والمؤثر في القضايا الإقليمية والدولية، وفق رؤية ملكية سامية سديدة، مبنية على الحوار وحسن الجوار واحترام سيادة الدول ودعم الأمن والسلم الدوليين وتكريس التعاون الدولي وترقية حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا الإطار، فإن المغرب يعمل جاهدا، منذ سنوات، من أجل تفعيل الاتحاد المغاربي، وتعزيز العمل العربي المشترك، والدفاع عن القضايا المصيرية للأمتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في إطار حل الدولتين ووفقا للمرجعيات الأممية ذات الصلة. كما إن التوجه الإفريقي أضحى محددا ثابتا واستراتيجيا في السياسة الخارجية المغربية، والتي بفضل ديناميتها، حققت نتائج مهمة على مستوى دعم التنمية في عدد من البلدان الإفريقية، وفق قاعدة الكسب المشترك والمنفعة المتبادلة، والتنمية الجماعية المستدامة للقارة، وهو ما تمت بلورته فعليا وعلى أرض الواقع من خلال المبادرة الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس -نصره الله- لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، وفق رؤية ملكية سامية طموحة ومبتكرة.
وفيما يخص واقع العلاقات المغربية العمانية وآفاقها، لا بد من التذكير أن هذه العلاقات الأخوية المتينة والراسخة والمتميزة بين البلدين الشقيقين والقائمة على الثقة المتبادلة والتعاون والتنسيق المثمر والبناء والتضامن المتواصل، عرفت وستعرف مزيدا من التقدم والتطوير إلى آفاق أرحب، في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة لقائدي البلدين المبجلين صاحب الجلالة الملك محمد السادس -نصره الله، وأخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه، والذي نتمنى لجلالته بهذه المناسبة السداد والتوفيق في قيادة الشعب العماني الشقيق نحو مزيد من التقدم والازدهار والرخاء.
وفي هذا الصدد، ينبغي التذكير أن العلاقات المغربية العمانية، تعززت خلال الفترة الأخيرة بالتوقيع -بمناسبة انعقاد الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية العمانية بمسقط بتاريخ 13 أبريل 2025، برئاسة معالي وزيري خارجية البلدين الشقيقين- على عدد من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم شملت العديد من القطاعات الحيوية والمهمة، كالرياضة والرقمنة وتبادل الخبرات بين وزارتي العدل بالبلدين ومجال الطاقة المتجددة والمجال السياحي والاعتراف بالشهادات الصادرة بموجب أحكام الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب والإجازة والخفارة للملاحين لعام 1978 وتعديلاتها، إضافة إلى استمرار التشاور والتنسيق على مختلف المستويات بين مسؤولي البلدين الشقيقين، من أجل إبرام اتفاقيات جديدة تخص مجالات تعاون أخرى كالتعاون الأمني والعسكري وغيرها، فضلا عما تعرفه العلاقات الثقافية والعلمية من زخم متميز.
ويظل الطموح قائما للدفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين إلى مستويات أرحب، خاصة في ظل توفر كل الظروف المواتية لتحقيق ذلك من موقع استراتيجي متميز، ومؤهلات اقتصادية كبيرة، وبيئة استثمارية جاذبة، فضلا عن وجود إطار قانوني غني يغطي كافة مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين.
وفي الختام، أغتنم هذه المناسبة لأتقدم إلى كافة أفراد الجالية المغربية المقيمة بسلطنة عمان، بأحر التهاني بهذه المناسبة الغالية، وأتمنى لهم مزيدا من التقدم والنجاح، كما لا يفوتني أن أعبِّر عن جزيل الشكر وعظيم الامتنان والتقدير العالي لكل المؤسسات والهيئات الرسمية والخاصة بهذه الأرض الطيبة المعطاء، التي أبت إلا أن تعبر لنا عن تهانيها بالذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد.
** سفير صاحب الجلالة ملك المغرب، عميد السلك الدبلوماسي