بعد مُضي 200 يوم على العدوان الإسرائيلي، أصبح قطاع غزة شاهدا على أشكال واسعة ومتنوعة من الانتهاكات الصارخة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق السكان المدنيين هناك، وأسفرت الحرب عن استشهاد أكثر من 34 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال.

وبالإضافة لذلك، برزت خلال تلك الحرب عشرات الشهادات التي تؤكد انتهاج الجيش الإسرائيلي سياسة الإعدام الميداني لمئات الضحايا، ودفن العشرات منهم في مقابر جماعية.

وفي حين تسلّط تلك الشهادات والمشاهد المروعة، المقبلة من غزة، الضوء على الوضع المأساوي هناك، فإنها تعيد مجددا إلى الذاكرة تاريخا طويلا من الوحشية المتجذرة في التركيبة العسكرية الإسرائيلية منذ المراحل الأولى لتأسيس "إسرائيل" وحتى الآن.

من الطنطورة إلى غزة

لم يكن قد مضى على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهر واحد، حتى فضح الوزير الإسرائيلي وعضو المجلس الوزاري المصغر آفي دختر نوايا جيش بلاده، بتكرار النكبة الفلسطينية، وما أُطلق عليه "نكبة غزة 2023″، فيما بدا لاحقا أن إسرائيل جادة بالفعل في تكرار نكبة 1948، بكل ما تخللها من عمليات تهجير قسري ومذابح وحشية، وعمليات دفن جماعي لمئات الضحايا الفلسطينيين.

شهدت أحداث النكبة عام 1948 سلسلة من المجازر الإسرائيلية المروعة بحق سكان القرى والبلدات الفلسطينية، حيث قتل المئات من المدنيين بشكل منهجي ومتعمّد في خضم سياسة التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين هناك، وقد وثقت العديد من المصادر وقوع أكثر من 100 مجزرة خلال النكبة، بينها 10 مذابح كبرى، أشهرها مذبحتا دير ياسين والطنطورة.

وطيلة العقود الماضية أثيرت مسألة سلوك العصابات الصهيونية ودفنها جثث مئات الضحايا في مقابر جماعية، ففي العامين الماضيين كشفت تحقيقات مختلفة عن حجم المذبحة التي نُفذت بحق المدنيين في قرية الطنطورة الواقعة جنوبي مدينة حيفا.

وفي نهاية مايو/أيار 1948 عندما هاجم جنود من لواء "اسكندروني" الإسرائيلي القرية التي كانت تضم 1500 شخص، ليقتلوا منهم 280 شخصا، قبل أن يتم دفنهم في مقابر جماعية، بينما جرى ترحيل بقية السكان قسرا إلى قرية مجاورة.

وقد وثقت التحقيقات بشأن المجزرة شهادات مختلفة على إجبار قوات الاحتلال العشرات من رجال الطنطورة على حفر خنادق كبيرة، لدفن جثث الضحايا فيها، قبل أن يُجهز الجنود عليهم ويدفنوهم مع الجثث في تلك المقابر الجماعية.

ليست الطنطورة مثالا وحيدا، ففي العام 2013 قادت عمليات الترميم داخل مقبرة الكزخانة التاريخية في يافا إلى الكشف مصادفة عن 6 مقابر جماعية، تضم مئات الرفات والهياكل العظمية لشهداء قُتلوا خلال حرب 1948، وثورة العام 1936.

يكشف الواقع الحالي في غزة استمرار الوحشية الإسرائيلية، من جهة المجازر التي تُرتكب بحق المدنيين، والتي أصبحت أكثر ابتكارا وقسوة، عبر عمليات القصف المكثف لمناطق قطاع غزة المختلفة، وتحويل عشرات الأبنية إلى قبور تبتلع سكّانها، أو في خضم الاجتياح البري، الذي تخللته عمليات اعتقال للعشرات قبل إعدامهم ميدانيا في عدة حوادث بأنحاء قطاع غزة.

مع تراجع قوات الاحتلال عن مناطق عملياتها العسكرية في أنحاء القطاع، تتبدى حقائق جديدة حيال الانتهاكات الواسعة بحق المدنيين، بعد اكتشاف مقابر جماعية تضم مئات المدنيين، آخرها في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، حيث تم العثور على مقبرتين جماعيتين تحويان جثث مئات الشهداء، رُجّح أنه قد جرى إعدام العشرات منهم ميدانيا، مع ترجيح وجود أكثر من 700 جثة مدفونة في مقابر جماعية في محيط المستشفى.

وقد سبق ذلك الكشف عن مقبرة جماعية في باحة مستشفى الشفاء بغزة، تضم جثث فلسطينيين كانوا يرتدون ملابس داخلية فقط، حيث جرى إعدامهم بعد اعتقالهم، فيما انتشلت طواقم الدفاع المدني الفلسطيني جثث أكثر من 300 فلسطيني في أنحاء المستشفى، جرى قتلهم خلال اقتحامه في منتصف مارس الماضي، واحتلاله لأكثر من أسبوعين.

كما تم العثور في يناير/كانون الثاني الماضي على مقبرة جماعية تضم جثامين 30 شخصا في إحدى مدارس بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، مكبلي الأيدي ومعصوبين الأعين، مما يشير إلى اعتقالهم قبل إعدامهم ميدانيا ودفن جثثهم.

من سربرنيتسا إلى غزة

في يوليو/ تموز من العام 1995 كانت مدينة سربرنيتسا البوسنية على موعد مع واحدة من أسوأ المذابح التي ارتُكبت في أوروبا أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما احتلت القوات الصربية المدينة، وأعدمت خلال أقل من أسبوعين 7 آلاف مسلم، تم دفنهم في عشرات المقابر الجماعية.

وفي حين كشفت تحقيقات المحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا السابقة وقائع عمليات الإعدام التي نفذها الجنود الصرب بحق مسلمي سربرنيتسا، حيث جرى اعتقالهم ثم تقييد أيديهم وعصب أعينهم قبل أن يتم إعدامهم ميدانيا ودفنهم في مقابر جماعية، فإن حال الضحايا في غزة ربما كان أسوأ، حيث جرى التمثيل بجثث العديد منهم، إذ عثر في المقبرتين الجماعيتين بمستشفى ناصر في خان يونس على جثث من دون رؤوس، وأجساد أخرى من دون جلود، وبعضها سُرقت أعضاؤها.

بينما في سربرنيتسا دفع اكتشاف عدد من المقابر الجماعية في وقت لاحق القوات الصربية إلى اتخاذ سلسلة من التدابير لنقل جثث الضحايا إلى "مقابر ثانوية"، في عملية كانت معقدة لكنها تهدف إلى محاولة التستر على الجريمة ونفي ارتكابها، في حين لم يعبأ الإسرائيلي بإخفاء معالم جريمته أو نفي حدوثها في غزة، عندما قام بحفر مقابر جماعية في مراكز تعليمية وصحية معروفة، في خطوة لا تعكس فقط استهانته بحجم الجريمة، وإنما اطمئنانه إلى عدم وجود عواقب حقيقية لها.

كما أظهر التدمير الممنهج لمستشفى الشفاء والصور التي نشرها الجيش لعمليات الاعتقال والإذلال للمرضى والطواقم الطبية في مستشفى ناصر النية المتعمدة للجيش الإسرائيلي لإظهار وحشيته، بهدف استعادة الردع المفقود منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن على جثث ودماء آلاف الشهداء.

التجارة بأعضاء الشهداء

بالعودة إلى الجثث المشوهة أو التي سُرقت أعضاؤها، ففي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي 2023، أكدت الجهات الحكومية في غزة التي كانت قد تسلّمت لتوها جثث 80 شهيدا قتلهم الجيش الإسرائيلي خلال عملياته البرية، قبل أن تعيد رفاتهم إلى غزة، وجود تغييرات كبيرة وعلامات سرقة أعضاء من الجثث.

لتعيد الحادثة مجددا النقاش بشأن السياسة الإسرائيلية القديمة في سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين، حيث وصفت منظمات حقوقية إسرائيل في وقت سابق بأنها مركز عالمي للاتجار غير المشروع بالأعضاء، كما يتم نزع الجلد من جثث الضحايا ليذهب إلى بنك جلدي خاص أسسه الجيش لاستخداماته في حالات مثل ضحايا الحروق.

وفي حين دأبت إسرائيل على نفي تلك التهمة أو الاعتراف المتأخر بها والإعلان عن انتهاء الممارسة منذ العام 2000، فإن الوقائع المختلفة، خاصة المرتبطة بالحرب، تذهب إلى ما هو أسوأ، لتكون مزيجا من عمليات الانتقام وسرقة الأعضاء.

إثبات جريمة الإبادة

كان قرار محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني الماضي بشأن الدعوى المرفوعة من قِبل جنوب أفريقيا ضد إسرائيل مهما ليس على صعيد الأوامر التي قررتها المحكمة فحسب، بل في إعلان المحكمة اقتناعها بارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية.

خلال شهور الحرب، تعمد الجيش الإسرائيلي ارتكاب مجموعة كبيرة من الانتهاكات التي قد ترقى إلى حد اعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فضلا عن الإبادة الجماعية، وبينما لم يعد هناك شك في ثبوت ارتكاب إسرائيل تلك الجرائم، فإن المقابر الجماعية وعمليات تحديد وفاة الضحايا كانت واحدة من الأدلة المهمة التي استندت إليها كل من المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا.

وفي الدعوى المنظورة ضد إسرائيل أمام محكمة العد الدولية، فإنه حتى موعد انعقاد المرافعات الشفهية داخل المحكمة خلال يناير الماضي، لم تكن هناك وقائع تشير إلى قيام قوات الجيش الإسرائيلي بدفن الضحايا الفلسطينيين في مقابر جماعية بعد قتلهم، فيما أن الكشف عن تلك التفاصيل المستجدة، في ظل استمرار المحكمة في السير بإجراءات الدعوى، سيكشف ربما أن حجم الجريمة ومستوى الإبادة لم يسبق له مثيل.

المقابر الجماعية في غزة تعكس تاريخا طويلا من محاولات إسرائيل سحق الفلسطينيين (الجزيرة) تاريخ من المقابر الجماعية

في عام 2022، كشف تحقيق إعلامي إسرائيلي عن وجود مقبرة جماعية لنحو 80 جنديا مصريا تعود إلى حرب العام 1967، بينهم أكثر من 20 جنديا أحرقهم الجيش الإسرائيل وهم أحياء، قبل أن يقوم بدفنهم في موقع أصبح الآن مرآب منتزه بالقرب من اللطرون غربي مدينة القدس.

وفي حين لا يختلف مصير هذه المقبرة عن المقبرة الجماعية لضحايا مجزرة الطنطورة، حيث تحول المكان لمنتجع سياسي جنوبي مدينة حيفا، فإنه يلقي الضوء على العقلية الإسرائيلية في التعامل مع ضحاياها، حيث لا يكون الدفن الجماعي للموتى مجرد حالة ضرورة، نظرا إلى مقتضيات الحرب والأسباب الصحية، وإنما في النظرة إلى العدو، سواء كان مقاتلا أم مدنيا محميا بموجب قواعد قانون الحرب.

في حين تشدد قواعد القانون الدولي الإنساني على احترام جثث الموتى، وضرورة دفنهم في مقابر فردية، إلا إذا حالت الظروف القاهرة دون ذلك، إضافة لاحترام المقابر وصيانتها وتمييزها بالكيفية المناسبة، فإن تاريخ التعامل الإسرائيلي مع الضحايا اتسم بالقسوة والوحشية، بدءا من مقابر الأرقام السرية الذي تُحتجز فيها رفات عشرات الشهداء، وصولا إلى سلوكها خلال العمليات الحربية منذ النكبة وحتى حرب غزة.

تأتي السياسة الإسرائيلية القائمة على انتهاك حرمة الأموات والشهداء، في سياق سلوك أوسع كان ممتدا على مدار عقود طويلة من الاحتلال، لكنه أصبح أكثر وضوحا خلال الحرب على غزة، والمتمثل في ترسخ فكرة العداء المطلق للطرف الآخر، والرغبة الجامحة في الحط من كرامته، وصولا إلى امتهان شرفه العسكري في حالة المقاتلين، بخلاف ما تحض عليه اتفاقية جنيف والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ومن ثم نزع أي سياق اجتماعي أو سياسي أو تاريخي عنهم.

إن عمليات الإعدام الميداني ودفن الشهداء في مقابر جماعية لا تمثل عرَضا من أعراض النزاع، وإنما هي انعكاس لتاريخ طويل من القمع المنهجي -كما ذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش في يناير/كانون الثاني الماضي- ومحاولات سحق الفلسطينيين وتجريدهم من إنسانيتهم بأشنع الطرق والأساليب.

تعيد الحرب على قطاع غزة التذكير بتاريخ طويل من الاضطهاد الذي مارسته إسرائيل بحق الفلسطينيين، عبر الامتهان الصارخ لكرامتهم وتجاهل حقوقهم الأساسية، وأهمها الحق في الحياة، فيما لا تزال الإبادة الجماعية بحق السكان تتجسد بجملة واسعة ومتجددة من الأفعال، التي تهدف إلى إهلاك المجتمع الفلسطيني جزئيا أو كليا على المستويين المادي والمعنوي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المقابر الجماعیة الجیش الإسرائیلی فی مقابر جماعیة جماعیة فی قطاع غزة أکثر من وفی حین فی غزة قبل أن فی حین

إقرأ أيضاً:

دليلك لتربية طفل بعقلية رائد الأعمال

في عالم تتسارع فيه التغيرات وتتزايد فيه التحديات، لم تعد الشهادات الأكاديمية وحدها كفيلة بضمان مستقبل مهني ناجح لأبنائنا. بات من الضروري تزويدهم بمهارات تتجاوز حدود التعليم المدرسي التقليدي، ليتمكنوا من خلق الفرص بأنفسهم، بعقلية مبادرة لا تكتفي بانتظار الفرص، ولا تستسلم لقوالب سوق العمل الجامدة.

ليس المطلوب أن نحول الطفل إلى رجل أعمال صغير، أو أن نسلبه براءة الطفولة، بل أن نمنحه أدوات الحياة: روح المبادرة، والقدرة على مواجهة التحديات، وتعلم الدروس من الفشل، واكتساب المرونة. فهذه المهارات لم تعد ترفاً، بل ضرورة لمواجهة تعقيدات الحياة الحديثة، مهنيا وشخصيا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دراسة: نقص فيتامين "د" لدى الأمهات يرفع خطر التوحد وفرط الحركة للرضعlist 2 of 2التربية البطيئة.. فن تنشئة الأبناء بهدوء وثقةend of list بيئة آمنة للتجربة والتعلم من الأخطاء

الخطوة الأولى نحو تنشئة طفل مستقل ومبادر تبدأ بخلق بيئة آمنة تشجع على التجربة، وتحتوي الفشل دون توبيخ أو لوم. عندما يتحول الخطأ إلى فرصة للحوار والتحليل، يصبح مساحة للتعلم والنمو. شارك طفلك في مناقشة أسباب النجاح أو الإخفاق بعد كل تجربة، مهما بدت بسيطة، فذلك يعزز لديه التفكير التحليلي، ويغرس فيه مهارات التكيف والمرونة في مواجهة التحديات.

التعامل الإيجابي مع الفشل يحوله إلى فرصة للنمو والتعلم ويعزز التفكير التحليلي لدى الطفل (شترستوك) ادمج المهارات الريادية في تفاصيل الحياة اليومية:

ليس المطلوب أن يقرأ طفلك كتب الإدارة أو يحضر دورات في التفاوض، بل أن يعيش هذه المهارات من خلال مواقف يومية بسيطة. فمثلا:

إعلان التفاوض على مصروفه اليومي يعلمه فن الإقناع. مشاركته في تنظيم حفل عيد ميلاده تمنحه فرصة لتعلم التخطيط، وتحديد الأولويات، وإدارة الميزانية. تعامله مع الخلافات البسيطة مع أقرانه يساعده على تنمية ذكائه العاطفي ومهارات حل النزاعات. تنمية الوعي المالي:

ابدأ مبكرا في تعليم طفلك المبادئ المالية الأساسية، فكلما تعرف على هذه المفاهيم في سن صغيرة، زادت قدرته على اتخاذ قرارات مالية واعية في المستقبل. علمه كيف يكسب المال، وكيف ينفق بذكاء، وما الفرق بين الاحتياجات والرغبات، وكيف يمكن توزيع المال على بنود الميزانية المختلفة.

اشرح له منذ الصغر أن المال لا يأتي بسهولة، وأن كسبه يتطلب جهدا وعملا، حتى لا يترسخ في ذهنه التصور الخيالي بأن المال "يأتي من السماء" أو من "ماكينة الصراف الآلي" بلا مقابل.

ابدأ بمنحه مصروفا منتظما، أسبوعيا أو شهريًا، وعلمه كيف يُقسمه بين الادخار والإنفاق. وامنحه الفرصة للمشاركة في بعض القرارات المالية العائلية مثل التخطيط لميزانية الشهر، أو الادخار لرحلة صيفية. هذه التجارب تمنحه فهما عمليا لمبادئ الإدارة المالية واتخاذ القرار.

ومع مرور الوقت، وسع إدراكه لمفاهيم الادخار والاستثمار. ابدأ بحصالة بسيطة، ثم طورها إلى حساب بنكي باسمه، وناقش معه بشكل مبسط كيف يمكن تنمية المال واستثماره عبر وسائل مختلفة تناسب عمره.

مواقف بسيطة كالتفاوض على المصروف أو تنظيم حفلة تعلم الطفل مهارات إدارية وحياتية مهمة (شترستوك) الفشل ليس نهاية العالم

أعد تعريف الفشل في وعي طفلك، فهو ليس دليلا على العجز أو نهاية التجربة، وإنما هو خطوة ومرحلة في مسار التعلم. فالفشل لا يعني الهزيمة، لكنه علامة على اكتساب خبرة جديدة. احرص على مشاركة قصص ملهمة لشخصيات واقعية ناجحة، عانت في بداية حياتها من التعثر والفشل لكنها نجحت في النهاية في تحقيق أهدافها، لكي يشهد بشكل عملي كيفية التغلب على العثرات والنهوض من جديد.

إعلان اللعب الحر والخيال الإبداعي

كل الأفكار الريادية بدأت من فكرة خيالية ومبتكرة، وهو ما يعني أن الخيال النشط هو واحد من أهم المهارات التي يحتاجها الطفل. وفر لطفلك وقتا كافيا للعب الحرب غير الموجه، الذي يسمح له بفتح باب الخيال واستكشاف العالم. جهز له مساحات إبداعية تحتوي ألعابا مثل المكعبات والميكانو، وأدوات الرسم والأنشطة الفنية.

وشجعه دائما على طرح الأسئلة مهما بدت غريبة، وكذلك شجعه على البحث عن الإجابات، وتطوير إجابات وحلول غير تقليدية ومبتكرة، حيث يعزز ذلك من التفكير النقدي والمرونة الذهنية لديه.

مهارات العرض والإقناع

لا يقتصر النجاح في عالم الأعمال على امتلاك فكرة مبتكرة، لكنه يمتد ليشمل القدرة على عرضها على الآخرين وإقناعهم بها. ولتنمية مهارات التعبير والإقناع عند طفلك احرص على تشجيعه على التعبير عن آرائه ووجهة نظره واستمع إليه مهما اختلفت مع ما يخبرك به. شجعه أيضا على تمثيل القصص أو أداء عروض بسيطة أمام العائلة والأصدقاء، حتى تعزز ثقته بنفسه، ومهارات التواصل الفعال لديه.

القدرة على حل المشكلات بطرق مبتكرة

شجع طفلك على التعامل مع التحديات بطرق مبدع، استخدم العصف الذهني، واطرح عليه سيناريوهات مختلفة للمواقف اليومية التي تواجهه، وشجعه على طرح حلول خارج الصندوق، كي تعزز من قدرته على الاستقلال والتفكير النقدي والمرونة.

تقدير الوقت والالتزام

إدارة الوقت واحدة من أهم مهارات رائد الأعمال، احرص على أن يتعلم طفلك كيف يحدد أولوياته وأهدافه، وكيف يضع جداول زمنية بسيطة ليومه، احرص على وجود روتين يومي للصباح وما بعد العودة من المدرسة وقبل النوم. سوف يساعده ذلك على فهم وإدارة الوقت بفاعلية.

الخيال الإبداعي ضروري لغرس التفكير الابتكاري، ويتطور من خلال اللعب غير الموجه والأنشطة الفنية (شترستوك) روح القيادة والعمل الجماعي

يحتاج طفلك لتعلم مهارات العمل الجماعي، وفهم ما يتعلق بالقيادة من واجبات ومسؤوليات مثل التحفيز والقدرة على التنظيم والتخطيط. احرص على أن يشارك في الأنشطة الجماعية مثل مشاريع المدرسة أو الرياضات الجماعية أو الأعمال التطوعية. يساعده ذلك على تعلم التنسيق بين المهام، وتقاسم الأدوار مع الآخرين واحترام وجهات النظر المختلفة.

إعلان القدوة الحسنة تبدأ من المنزل:

لست بحاجة لأن تكون رائد أعمال لتكون قدوة لطفلك، فتصرفاتك اليومية، كإدارة المال وتنظيم الوقت وطريقة التعامل مع التحديات، تشكل نموذجا حيا يتعلم منه.

حين يراك تعيد ترتيب ميزانيتك، أو تتعامل مع الفشل كفرصة للتعلم، فأنت تمنحه دروسا عملية لا تُنسى.

وحرصك على التعلم المستمر والتأقلم مع التغيرات يعلمه أن التعلم لا يتوقف، وأن المرونة والتطور من سمات الناجحين.

لا تجعل من طفلك مشروعا

تذكر أن تربية عقلية ريادية لدي الطفل لا تعني أن تحوله إلى مشروع أو أن تحمله عبء أحلامك المؤجلة. ليس الهدف هو تحويل طفلك إلى مليونير صغير وإنما احترام إيقاعه، وتربية إنسان قادر على اتخاذ قرارات مستقلة، ينهض حين يسقط، كي يكون قادرا على التحكم في مساره العملي لا سجينا له.

مقالات مشابهة

  • لماذا تستعرض إسرائيل حجم المساعدات العسكرية الأمريكية المقدرة بـ 940 سفينة؟
  • 600 يوم على الإبادة الجماعية في غزة .. واقع كارثي يفضح إجرام إسرائيل
  • جريح في الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت سيارة في العباسية
  • 300 كاتب بالفرنسية بينهم فائزان بنوبل يدينون الإبادة الجماعية ويدعون لعقوبات على إسرائيل
  • 300 كاتب فرنسي: ما يجري في غزة بـ "إبادة جماعية" ويجب معاقبة إسرائيل
  • “الأورومتوسطي”: “إسرائيل” مستمرة في فرض المجاعة كسلاح إبادة جماعية
  • 300 كاتب فرنكوفوني ينددون بـ"الإبادة الجماعية" في غزة ويدعون لفرض عقوبات على إسرائيل
  • 800 قانوني بريطاني يطالبون بعقوبات على إسرائيل.. خطر الإبادة الجماعية حقيقي
  • 800 محام وقاض بريطاني يطالبون ستارمر بفرض عقوبات على إسرائيل ويتهمونها بـ"الإبادة الجماعية" في غزة
  • دليلك لتربية طفل بعقلية رائد الأعمال