نيويورك تايمز: الجواسيس الصينيون يظهرون فجأة في جميع أنحاء أوروبا
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن موجة من الاعتقالات جرت في أوروبا هذا الأسبوع لمتهمين بالتجسس لصالح الصين، وأظهرت ردا حديثا متشددا من القارة على أنشطة التجسس والتدخل السياسي من قبل بكين.
وقالت الصحيفة في تقرير لها إن هذه الاعتقالات شملت شابا بريطانيا معروفا بآرائه المتشددة ضد الصين، عمل مساعدا لعضو بارز في البرلمان البريطاني، وآخر مواطن ألماني من أصل صيني، كان مساعدا لعضو في البرلمان الأوروبي يمثل اليمين المتطرف في ألمانيا.
وفي المجموع، تم اتهام 6 أشخاص في 3 قضايا منفصلة هذا الأسبوع في أوروبا بالتجسس لصالح الصين: اثنان في بريطانيا و4 في ألمانيا.
علامات تعجب لافتة للنظروكانت قضايا التجسس في بريطانيا وألمانيا -وهي الأولى من نوعها في دولتين كانت تربطهما علاقات ودية مع بكين- بمثابة علامات تعجب لافتة للنظر.
وبعد وقت قصير من إعلان مسؤولين بريطانيين وألمان اتهام 6 من مواطنيهم بالتجسس داهمت السلطات الهولندية والبولندية يوم الأربعاء مكاتب مورد معدات أمنية صينية في إطار حملة يشنها الاتحاد الأوروبي على ما يعتبره ممارسات تجارية غير عادلة.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها المفوضية الأوروبية قانونا جديدا للدعم ضد الأجانب لإصدار أمر بمداهمة شركة صينية.
ووصفت الصحيفة هذه الاعتقالات بأنها تمثل نكسة متزايدة في أوروبا ضد النفوذ الصيني "الخبيث" في السياسة والتجارة.
وفي أوائل أبريل/نيسان الماضي، طردت السويد صحفيا صينيا كان مقيما في البلاد لمدة عقدين، قائلة إن المراسل يشكل تهديدا للأمن القومي.
أوروبا فقدت صبرها
وقالت الباحثة التشيكية إيفانا كاراسكوفا إنه بعد سنوات من المشاجرات المنتظمة حول التجارة تليها المصالحة، "فقدت أوروبا صبرها مع الصين".
وأضافت أن الصين لا يزال لديها أصدقاء ثابتون في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما المجر، في "لعبة الشطرنج متعددة الأبعاد" بين أكبر اقتصادين في العالم بعد الولايات المتحدة.
وقالت كاراسكوفا إن أوروبا انتقلت من موقف "الإنكار التام "في بعض الأوساط بشأن الخطر الذي يشكله التجسس الصيني وعمليات النفوذ إلى "اتخاذ وجهة نظر أقل غموضا، وتريد الدفاع عن المصالح الأوروبية تجاه الصين".
وأثارت الاتهامات هذا الأسبوع بأن الصين تستخدم جواسيس للدخول في العملية الديمقراطية في ألمانيا وبريطانيا والتأثير عليها، قلقا خاصا، حيث أشارت إلى توسع بكين إلى ما هو أبعد من الحيلة المعروفة بالفعل والمتعلقة بالأعمال التجارية، إلى التدخل السياسي السري، وهو أمر كان ينظر إليه سابقا على أنه تخصص روسي إلى حد كبير.
لكن وفقا لخبراء صينيين، فإن هذه الاتهامات لا تشير إلى أن بكين تكثف التجسس ولكن الدول الأوروبية كثفت ردها.
العاصفة وتغيّر المناخوكان جهاز الأمن الألماني قد حذر علنا من خطر الوثوق في الصين منذ عام 2022، عندما قال رئيس وكالة الاستخبارات المحلية، توماس هالدينوانغ، للبرلمان: "روسيا هي العاصفة، والصين هي تغير المناخ".
ومع ذلك، كانت القيادة السياسية الألمانية حتى هذا الأسبوع أكثر غموضا، إذ قام المستشار أولاف شولتز مؤخرا بزيارة دولة إلى الصين، أكبر شريك تجاري لألمانيا، لمناقشة التجارة والوصول إلى الأسواق.
لكن وزيرة الداخلية الألمانية قدمت هذا الأسبوع تقييما صريحا لأنشطة الصين. وقالت الوزيرة نانسي فايسر إنهم يدركون الخطر الكبير الذي يشكله التجسس الصيني على الأعمال والصناعة والعلوم، وينظرون عن كثب إلى هذه المخاطر والتهديدات، وأصدروا تحذيرات واضحة لرفع الوعي حتى تتم زيادة التدابير الوقائية في كل مكان.
الضجيج الخبيثوردت وزارة الخارجية الصينية برفض الاتهامات ووصفتها بأنها "افتراء وتشويه لا أساس له ضد الصين"، مطالبة ألمانيا "بوقف الضجيج الخبيث ووقف الأعمال الدرامية السياسية المناهضة للصين".
وقالت الصحيفة إنه عندما يسافر الرئيس الصيني إلى أوروبا الشهر المقبل، سيتخطى ألمانيا وبريطانيا، وبدلا من ذلك سيزور المجر وصربيا وفرنسا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات هذا الأسبوع
إقرأ أيضاً:
تحقيق :لماذا انتشرت فجأة كل هذه الأخبار الكاذبة عن المستشار الألماني ميرتس؟
برلين"د. ب. أ": انتشرت فجأة على وسائل التواصل الاجتماعي أكاذيب ملفقة عن المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس. فمن يمكن أن يكون وراءها؟ - وما الأكاذيب التي تركز عليها حاليا هذه الأخبار؟ صرح متحدث باسم الحكومة الألمانية لوكالة الأنباء الألمانية بأن الحكومة الألمانية سجلت بصورة مبدئية "تدفقا قويا للغاية من المنشورات" منذ أداء ميرتس اليمين الدستورية كمستشار. وبحسب المتحدث، تصاعدت حدة الأكاذيب مقارنة بالفترة التشريعية الماضية. وقال المتحدث: "نرصد تضليلا وتشويها للسمعة الشخصية ودعاية موجهة على العديد من القنوات".
وتنتشر على الإنترنت بشكل شبه يومي مبادرات سياسية مزعومة للمستشار، ويبدو أن الهدف منها تشويه سمعته وسمعة حزبه المسيحي الديمقراطي في السلطة الجديدة. وتدور أحدث الادعاءات الكاذبة حول خطط لفرض ضريبة مدرسية، وزيادة ساعات العمل الأسبوعية، وزيارات منزلية من جهة العمل للتحقق من صحة الإجازات المرضية للموظفين، وتطبيق مبكر لفترة الهدوء أثناء الليل. وقد تثير هذه الأخبار مشاعر سلبية، رغم أنها جميعها ملفقة تماما.
ومن بين تلك المنشورات مقطع فيديو مزيف يظهر ميرتس وهو يروج لمنتجات مالية مشبوهة. ويظهر الفيديو كما لو كان مدرجا في مقالة منشورة على الإنترنت في إحدى الصحف اليومية، لكن الفيديو والمقال مزيفان، ولم يظهرا مطلقا على موقع الصحيفة الإلكتروني.
كما رصد خبراء في معهد الحوار الاستراتيجي أخبارا كاذبة تركز على ميرتس. والمعهد منظمة مستقلة معنية - من بين أمور أخرى - بمكافحة التضليل الإعلامي. وقال المحلل لدى المعهد، بابلو ماريستاني دي لاس كاساس، إن ميرتس كمرشح للحزب المسيحي الديمقراطي كان هدفا للأخبار الكاذبة بعد انهيار الحكومة الألمانية السابقة نهاية العام الماضي. ومنذ توليه منصبه وإشارته إلى استمرار دعمه لأوكرانيا، "اشتدت حملات التضليل".
وعقب أيام قليلة من تعيين ميرتس مستشارا، انتشر فيديو على الإنترنت يروج لشائعة مفادها أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال توجهه إلى كييف رفقة ميرتس قد أخذ كيسا من الكوكايين من على طاولة مقصورة القطار ليخفيه عندما انضم إليه صحفيون لالتقاط صورة، بينما أخفى ميرتس بدوره ملعقة لتعاطي الكوكايين.
وانتشرت الشائعة كالنار في الهشيم. ومع ذلك، فإن المادة المخدرة المزعومة في المقطع لم تكن سوى منديل ورقي. وحتى قصر الإليزيه أوضح ذلك على منصة "إكس" وحذر من التلاعب المتعمد بالفيديو. وأظهرت صور عالية الدقة أن الشيء الموجود أمام ميرتس كانت عصا صغيرة لتقليب مشروب أو سيخا صغيرا للمقبلات، وليس ملعقة.
ويرى المحلل ماريستاني دي لاس كاساس أن هذه الشائعة لافتة للانتباه، "فرغم أن الادعاء لم يبد مقنعا للوهلة الأولى، فإنه انتشر بسرعة وكثافة". وأشار الخبير إلى منشور تضمن الفيديو على منصة "إكس" حصد 30 مليون مشاهدة، موضحا أن هذا يثبت أن حتى الادعاءات السخيفة قد تلقى صدى.
ولا يستبعد ماريستاني دي لاس كاساس أن تكون جهات تابعة للكرملين مصدرا محتملا لهذه الأخبار الكاذبة، موضحا أن تلك الجهات قد ترى في دعوة ميرتس القوية لمزيد من الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا تهديدا مباشرا.
ومن ناحية أخرى أشار الخبير إلى أن هناك حسابات إلكترونية يمينية متطرفة تستهدف ميرتس أيضا، وذلك فيما يتعلق بدور الحزب المسيحي الديمقراطي الذي يتزعمه ميرتس في قضية الهجرة ورفض ميرتس الدخول في ائتلاف حاكم مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي.
كما تراقب الحكومة الألمانية حملات تضليل موجهة من الخارج. وقال المتحدث باسم الحكومة إن هذه الحملات تعمل على تقويض الثقة في هيئات رسمية وتعميق صراعات اجتماعية، ما يؤدي إلى زعزعة استقرار المجتمعات المنفتحة والديمقراطية. ويتفق معه محلل معهد الحوار الاستراتيجي، ماريستاني دي لاس كاساس، قائلا: "يهدف مروجو هذه الحملات إلى تأجيج واستغلال انقسامات داخلية قائمة بالفعل أو اختلاقها من أجل تقويض الثقة في المؤسسات والعمليات الديمقراطية".
ووفقا للمتحدث باسم الحكومة، يأخذ المستشار نفسه التضليل المتداول "على محمل الجد". ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح من يقف بالضبط وراء هذه الحملات الجديدة.
ومنذ انتخابه مستشارا أصبح ميرتس هدفا رئيسيا للأخبار الكاذبة، حسبما لاحظ ماريستاني دي لاس كاساس، موضحا أن هناك حسابات كاملة على منصة "تيك توك" مخصصة لنشر معلومات مضللة عن سياساته باستخدام محتوى من إنتاج الذكاء الاصطناعي في أغلب الأحيان، مشيرا إلى أن تلك هذه الحسابات تحصد بسهولة آلاف الإعجابات والمتابعين.
ونظرا لرحيلهم عن الحكومة، يبدو أن قادة الحكومة الألمانية السابقة أصبحوا أقل عرضة لاستهداف مروجي المعلومات المضللة. كما تغيرت استراتيجية نشر الادعاءات الكاذبة. وحتى الآن يتعرض ميرتس لحملات تشويه على المستوى السياسي إلى حد كبير. في المقابل تعرض ساسة بارزون من حزب الخضر في الحكومة السابقة، مثل نائب المستشار ووزير الاقتصاد السابق روبرت هابيك ووزيرة الخارجية السابقة أنالينا بيربوك، لحملات تشويه على المستوى الشخصي أكثر.
ووفقا لمحلل معهد الحوار الاستراتيجي، اختلف تركيز حملات التضليل الموجهة ضد بيربوك ونساء أخريات اختلافا كبيرا عن تلك الموجهة ضد رجال مثل ميرتس أو هابيك، موضحا أنها استهدفت بشكل متزايد جوانب متعلقة بالجنس لدى النساء، مثل "المظهر، أو الجنس، أو الحياة الخاصة".