توقيف مؤثرة كاميرونية وسط خيم المهاجرين الأفارقة يثير ضجة في تونس
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
ألقت السطات التونسية القبض على المؤثرة الكاميرونية كلارا فوي أثناء تواجدها في خيمة مع مهاجرين أفارقة بمزارع الزيتون في منطقة العامرة بولاية صفاقس جنوب الصحراء.
ونقلت صحيفة "الشروق أون لاين" الإلكترونية المحلية عن مصدر مسؤول (لم يذكر اسمه) قوله إنه تم القبض على امرأة تحمل جنسية إحدى الدول الأفريقية، من قبل وحدات الحرس الوطني مشتبه فيها.
وأوضح المصدر ذاته، أن أعمال البحث والتحري التي باشرتها المصالح الأمنية إثر توفر معلومات أولية في هذا الشأن أسفرت عن تحديد هوية المذكورة والقبض عليها.
وأكد حسام الدين الجبالي الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للحرس الوطني، في تصريح للقناة التونسية الرسمية، أن النيابة العامة بصفاقس أذنت بإيقاف المهاجرة من أفريقيا جنوب الصحراء، كلارا فوي، لمدة 48 ساعة.
وأوضح الجبالي أن المدعوة "كلارا فوي" كانت تعيش في إحدى الدول العربية براحة تامة قبل أن تنتشر شائعات عن تواجدها في إحدى المزارع الفلاحية بجهة صفاقس، مبرزا أنه بالتنسيق مع الجهات المختصة ثبت عدم دخولها إلى تونس بشكل رسمي سواء برا أو جوا.
وأكد هشام بن عايد المحامي العام لدى المحكمة الابتدائية بصفاقس، في تصريح أمس الاثنين 29 أبريل/نيسان 2024 لإذاعة "ديوان إف إم"، أنه تم إلقاء القبض على المؤثرة الكاميرونية وفتح تحقيق في موضوعها لمعرفة حقيقة أسباب وجودها في تونس.
Tunisia – Migration: What is rich Cameroonian doing on farm in Sfax? And how did she enter the country? https://t.co/yAYDVzgL3t
— Tunisie Numérique (@TUNumerique) April 30, 2024
وبدأت القضية بنشر بعض مقاطع الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر كلارا فوي تعيش في أحد مخيمات المهاجرين في جنوب الصحراء الكبرى.
ولا يعرف الكثير عن المؤثرة الكاميرونية، بخلاف أنها شخصية ترتدي العديد من القبعات ويتابعها عشرات الآلاف من المشتركين على منصات التواصل الاجتماعي إنستغرام وتيك توك وهي تعيش حياة ثرية.
وغالبا ما تشارك الشابة صورها في دبي أو كندا أو حتى إيطاليا، حيث تكون أحيانا ممرضة، وأحيانا عارضة أزياء، وأحيانا مغنية.
وأثار تواجد كلارا بين المهاجرين غير الشرعيين ونشرها بانتظام مقاطع فيديو من هذه المخيمات المؤقتة فضول الكثير من التونسيين لمعرفة السبب الحقيقي لتواجدها بهذه الأماكن.
وفي يوليو/تموز 2023، أظهرت مقاطع فيديو -انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي- مشاهد صادمة لمهاجرين وسط الصحراء، عثر حرس الحدود الليبي عليهم وهم منهكون من العطش وفي حالة من الإعياء الشديد.
2/1 فيديوهان صادمان جديدان – تم تصويرهما مساء أمس السبت 22 يوليو – للاجئين أفارقة مُبعدين من #تونس في اتجاه الحدود مع #ليبيا يصرخون من العطش والخوف الذي أنهكهم في صحراء قاحلة لا ترحم،يحاولون مقاومة لهيب الحرارة لكنهم ينهارون في النهاية من الإعياء بعد مشيهم مسافات طويلة. pic.twitter.com/3Qm1l3fxXV
— أحمد خليفة ???????? (@ahmad_khalifa78) July 23, 2023
ونشر علي والي، أحد منتسبي اللواء 19 التابع لحرس الحدود الليبي، مشاهد مؤثرة لبعض المهاجرين الأفارقة، كانت السلطات التونسية أبعدتهم إلى الحدود الليبية، حسب قوله.
وأظهر الفيديو لحظات اقتراب عناصر الحرس الليبي من مهاجرة سقطت على الأرض، وبدأت في الصراخ بشكل مؤثر بسبب معاناتها العطش، حتى بادر عناصر حرس الحدود بمنحها الماء سريعًا.
قبلها بأيام، وثق مقطع فيديو انتشر على منصات التواصل الاجتماعي لحظة بكاء مهاجر أفريقي غير نظامي حزنا على زوجته التي ضاعت في الصحراء على الحدود بين تونس وليبيا.
موت الأم وابنتها كان بسبب شدة العطش
المقدم شوقي نصر رئيس مكتب الإعلام بجهاز حرس الحدود التابع لوزارةالداخلية بحكومة الدبيبة تحدث للزميل خليفة السنوسي منتج الأخبار في فريق الجزيرة مباشر #ليبيا عن تفاصيل العثور على اللاجئةالإفريقية التي وجدت ميتةمع ابنتها على الحدودالليبية التونسية pic.twitter.com/5UroEJq0jX
— أحمد خليفة ???????? (@ahmad_khalifa78) July 20, 2023
كذلك تداول ناشطون صورة لجثة مهاجرة أفريقية مع ابنها كانا قد لقيا حتفهما في المنطقة الحدودية الواقعة بين ليبيا وتونس.
ويعاني مهاجرون أفارقة غير نظاميين أوضاعا إنسانية صعبة على الحدود التونسية الليبية، وذلك بعد طردهم من منازلهم عقب اشتباكات بينهم وبين مواطنين تونسيين بمحافظة صفاقس (جنوب) على خلفية مقتل شاب تونسي.
وفي يوليو/تموز، شرعت السلطات التونسية في نقل نحو 400 من المهاجرين الأفارقة الموجودين على الخط الفاصل مع ليبيا إلى مراكز إيواء داخل محافظتي مدنين وتطاوين الجنوبيتين، وفق ناشطين حقوقيين وإعلام محلي.
وأعلنت الرئاسة التونسية توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي حول "الشراكة الإستراتيجية والشاملة" بين الجانبين في مجالات، بينها تعزيز التجارة ومكافحة الهجرة غير النظامية بقيمة تزيد على 750 مليون يورو (نحو 834 مليون دولار).
ونددت منظمات دولية بتدهور حقوق المهاجرين الأفارقة، مستنكرة حملات الاعتقالات العنيفة والطرد القسري التي يواجهونها رغم أن "جزءا منهم مسجلون لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أو لهم وضع قانوني في تونس".
ودعت السلطات التونسية إلى التدخل العاجل لوضع حد لعمليات الإعادة القسرية التعسفية وغير القانونية، وضمان الرعاية اللازمة والكريمة لهؤلاء الأشخاص، والسماح للمنظمات الإنسانية بالتدخل لتقديم مساعدات الإغاثة والرعاية الطبية لهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات المهاجرین الأفارقة التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
الدانمارك ثاني أسعد بلد يهجّر المهاجرين بقوة قانون الغيتو
وقد سلطت حلقة (2025/5/28) من برنامج "مواطنون درجة ثانية" الضوء على المفارقة الصارخة بين صورة الدانمارك النموذجية وواقع المواطنين من أصول غير غربية المهددين بالتهجير القسري من أحيائهم.
وبدأت هذه المشكلة منذ عقود، حيث شهدت الدانمارك موجة هجرة عمالية كبيرة في الخمسينيات والستينيات، مما أدى لاستقرار المهاجرين في مناطق سكنية ميسورة التكلفة.
ومع مرور الوقت، تزايدت القيود على هذه المناطق، ففي عام 2010، شرعت الحكومة قانونا للسكن أطلقت فيه مصطلح "الغيتو" على الأحياء ذات الأغلبية المهاجرة، معرفة إياها بأنها المناطق التي تتجاوز فيها نسبة السكان غير الغربيين 50%، مع معدل بطالة 40% على الأقل.
ولم تكتفِ السلطات بهذا الإجراء، بل زادت القيود صرامة عام 2018 عندما أقرت حكومة رئيس الوزراء السابق لارس لوكه راسموسن 22 قانونا تهدف لهدم أحياء الغيتو بالكامل بحلول 2030 ونقل سكانها إلى مناطق متفرقة.
وتنفيذا لهذه الخطة، بدأت الحكومة فعليا بهدم ألف وحدة سكنية في حي فولسموسة الواقع في مدينة أودنسه، مما يعني ترحيل ألف عائلة قسرا.
ولم يتوقف الأمر عند ترحيل السكان فحسب، بل تم تصنيف هذه المناطق بتقسيم المواطنين أنفسهم، حيث تقسم الحكومة الدانماركية العالم إلى دول غربية (الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية وأستراليا) وأخرى غير غربية.
إعلانونتيجة لهذا التقسيم، فإن كل من كان أحد والديه من دولة "غير غربية" يُصنف رسميا كـ"دانماركي غير غربي" حتى لو ولد في الدانمارك وحمل جنسيتها.
وفي مواجهة هذا الواقع القاسي، تروي العائلات المتضررة قصص معاناتها بكلمات مؤثرة: "الناس تختفي وراء بعض، والأطفال تتساءل: لماذا ننتقل؟ نحن مبسوطون في منطقتنا".
ويشرح متضرر آخر معاناته بقوله "عندما تتخيل أنك عشت مع أشخاص سنوات، فعلا شيء قاس، بيتك الذي سكنته عمرك، حياتك الاجتماعية، أهلك، عائلتك، صعب جدا".
وللتعمق أكثر في هذه المأساة الإنسانية، قابل فريق البرنامج عائلة فلسطينية هي آخر من تبقى في إحدى البنايات المحكوم عليها بالهدم، حيث يقول لؤي بإصرار "قالوا لي ممكن الآن ننتقل على بناء آخر، أنا قلت لهم لا، أنا مبسوط، أنا عايش هنا".
سخط شعبي
لم تمر هذه القوانين مرور الكرام، فقد أثارت سخطا شعبيا وتظاهرات في الشارع الدانماركي، كما دفعت بالمتضررين للجوء إلى القضاء.
وفي هذا السياق، يقول أحد المحامين المعنيين بالطعن ضد القانون: "إذا فزنا بهذا الموضوع في المحكمة الأوروبية، فالمتضررون يمكنهم طلب تعويضات".
وتأكيدا لخطورة هذه السياسات، يشير تقرير المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن استخدام مصطلح "الغيتو" يخلق تصورا خاطئا، خاصة أن الأبحاث أظهرت أن قلة فقط من الأشخاص غير دانماركيي الأصل يفضلون العيش في أحياء ذات غالبية من خلفيات مشابهة.
ورغم خطورة القضية وتداعياتها الإنسانية، حاول فريق البرنامج التواصل مع مسؤولين حكوميين، إلا أنهم جميعا رفضوا بذريعة وجود قضية في المحكمة الأوروبية.
ومن المفارقة فقد كان الوحيد الذي تحدث مع "مواطن من الدرجة الثانية" هو السياسي اليميني راسموس بالودان -المعروف بإساءاته للإسلام- والذي صرح بوضوح أن الحل من وجهة نظره هو ليس توزيع المهاجرين في البلد، بل ترحيلهم من الدانمارك نهائيا.
إعلانجدير بالذكر أن مشكلة التمييز السكاني لا تقتصر على الدانمارك فحسب، بل تتجاوزها لتشمل أنحاء أوروبا، وهو ما تظهره حادثة حريق برج غرينفيل في لندن وأحداث ضواحي باريس المتكررة.
ورغم "التمييز المؤسسي"، فإن هذه الأحياء المهمشة خرج منها شخصيات بارزة استطاعت أن تترك بصمة مؤثرة في مختلف المجالات، وهو أمر يتعارض مع الادعاءات العنصرية حول إمكانيات سكان هذه المناطق وقدراتهم.
الصادق البديري28/5/2025