أسباب الاحتفال بذكرى أبوالحسن الشاذلي الجمعة الأخيرة من شوال لأول مرة
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
أدى علماء الأزهر وشيوخ التصوف صلاة الجمعة بمسجد الإمام أبي الحسن الشاذلي بقرية الشيخ الشاذلي بوادي حميثرة بمحافظة البحر الأحمر، ضمن احتفال البيت المحمدي للتصوف بذكرى انتقاله التي توافق الجمعة الأخيرة من شوال وذلك برعاية المشيخة العامة للطرق الصوفية
تلا خطبة الجمعة كلمة للدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر أكد فيها على أهمية ذكرى الصالحين والاقتداء بأعمالهم التي ترشد لحسن الأخلاق، والقرب من الله، كما ستتضمن الاحتفالية كلمة للدكتور محمد مهنا أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وخادم البيت المحمدي وفقرات الإنشاد للشيخ ياسين التهامي، بحضور لفيف من كبار السادة العلماء: فضيلة الشيخ عبدالعزيز الشهاوي - شيخ الشافعية بالأزهر الشريف، وفضيلة الشيخ محمد زكي بداري - الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وفضيلة القارئ الشيخ عيد حسن - القارئ باتحاد الإذاعة والتليفزيون
يذكر أن هذه الاحتفالية تقام للمرة الأولى في موعدها الرسمي الجمعة الأخيرة من شهر شوال بناء على توصيات مؤتمر البيت المحمدي للتصوف الذي أقيم العام الماضي ( ذكرى انتقال الإمام أبي الحسن الشاذلي) بإشراف الدكتور محمد مهنا والتي أقرتها مشيخة الطرق الصوفية، حيث كانت تقام قبل ذلك أثناء مواعيد الحج ويحدث بها ماليس في التصوف من تجاوزات.
وأوضح الدكتور إبراهيم الصوفي أمين الدعوة بالبيت المحمدي أن كل عملٍ يعود على المجتمع الإسلامي بالخير، ولا يخالفُ نصًا صريحًا في الدين، ولا معلومًا من الدين بالضرورة لا يمنعه الإسلام؛ ومن هذه الأعمال إحياء ذكريات الصالحين، والأصل فيها هو الاعتبار بسيرة صاحب الذكرى، والانتفاع بذكراه، وقد بسط العلماءُ الأدلة على مشروعية إحياء مثل هذه الذكريات.
وفي مقدمتهم الإمام أبي الحسن علي بن عبدالجبار الشاذلي المولود عام 593 هـ، فقد اعتاد المصريون إحياء ذكراه في كل عامٍ نشرًا للقدوة الصالحة، وتبصيرًا بما كان عليه الإمام الشاذلي من العلم بالله تعالى والمعرفة والنفوذ إليه، غير أنهم خلطوا هذا الاحتفال بشيء مما يعاب على التصوف وأهله، وهو إحيائهم للذكرى في العشر الأوائل من ذي الحجة مما يكون سببًا لكثير من الانتقادات والاتهامات التي توجه زورًا وبهتانًا للتصوف وأهله، ظنًا منهم أن هذا هو وقت انتقال الإمام الشاذلي رضي الله عنه، والحق أن المؤرخين اتفقوا على أن الشيخ أبي الحسن الشاذلي رحمه الله لقي ربه في طريقه إلى الحج حيث ثقل عليه المرض في وادي حميثرة من صحراء عيذاب حيث كانت طريق الحجاج قديمًا، لكنهم اختلفوا في تحديد يوم وفاته على أقوال منها:
1 ) قال "صاحبُ المفاخر العلية في المآثر الشاذلية"،ما نصه:" وكانت وفاته رضي الله عنه في شهر شوال عام ستة وخمسين وستمائة". أهـ
2 ) قال" صاحب طبقات الشاذلية الكبرى" أبي علي الحسن بن محمد بن قاسم الفاسي المتوفى سنة 1347هـ، ما نصه :" ومات بصحراء عيذاب قاصدًا الحج، فدُفِن هناك في ذي القعدة سنة ست وخمسين وست مائة".
3 ) قال "صاحب جمهرة الأولياء وأعلام أهل التصوف" السيد محمود أبو الفيض المنوفي، ما نصه:" ومات بصحراء عيذاب وهو قاصد الحج فدفن هناك في ذي القعدة سنة 656 هـ". أهـ
4 ) قال صاحب كتاب" أبو الحسن الشاذلي عصره-تاريخه- علومه- تصوفه" الشيخ علي سالم عمار، ما نصه:" ويتفق الجميع ومعهم السيد أبي المحاسن القاوقجي أن وفاته كانت سنة 656 هـ بشهر شوال إبان سفره لأداء فريضة الحج". هـ
وقد أشار تحقيق الإمام محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية إلى ذلك فقال الإمام محمد زكي إبراهيم:" وفي شهر شوال سنة ستمائة وست وخمسين هجرية، سافر إلى الحج بعد عيد الفطر، عن طريق (قوص)، كما كانت العادة وقتئذ سالكًا( صحراء عيذاب) فمرض في الطريق حتى وصل وادي (حميثرة) وكانت ليلة الجمعة الأخيرة من شهر شوال، فثقل عليه المرض، فجمع أبناءه ورجاله وأوصاهم بالدعوة، واستخلف عليهم الشيخ( أبا العباس المرسي) وبات ليلته تلك يذكر الله إلى أن كان وقت السحر سكن، فظنوا أنه قد نام، فحركوه فوجدوه قد انتقل إلى الرفيق الأعلى".
ويقول أيضًا عن الاحتفال بذكراه:" رأى المسئولون أنه من المستحسن-لأسباب شتى- أن يكون الاحتفال بذكراه في مناسبة وفاة الشيخ أي في ليلة الجمعة الأخيرة من شوال ( على أرجح الأقوال). وبذل المسئولون في هذا الشأن جهودًا غير محدودة، والمرجو بمضي الوقت والتعود، مع الإلحاح في البيان والتبصير أن يتحقق الاحتفال في الوقت المطلوب، والأسلوب السليم". أهـ
لذا رغب البيت المحمدي في إحياء ذكرى الإمام أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه وأرضاه في هذا الوقت الذي يناسب وقت انتقاله؛ رغبة في تبصير الناس بالحق، وكفاحًا لما ينتشر من بدع ومناكر يُرمى بها التصوف جهلًا وبهتانًا.
ويشار إلى أن أبا الحسن الشاذلي ينتهي نسبه إلى الإمام " الحسن بن علي " ، وقد ولد عام 593 ه بقرية ( غمارة ) المغربية القريبة من مدينة ( سبتة ) ، وتلقى علومه الإبتدائية على شيوخها، ثم تاقت نفسه وهو صبيٌّ يدرس إلى سلوك طريق القوم فاتجه إلى أبي عبد الله بن أبي الحسن بن حرازم، وتلقى منه مبادىء الطريق الصحيح بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان قد رحل إلى تونس ، وتلقى على شيوخها جميع العلوم الدينية ، وتفوق فيها حتى كانت له الرياسة على رجالها . . وكان الشيخ يطلب ( القطب ) بالعراق فأخبره أبو الفتح أن القطب في بلاده ؛ فرجع الشيخ إلى المغرب وبحث حتى اجتمع بالقطب سيدي الشيخ ( أبي محمد عبد السلام بن مشيش ) الشريف الحسيني بتطوان، ثم ارتحل إلى شمال إفريقية ، وسكن بها بلدًا تسمى ( شاذلة ) بتونس وإليها ينسب، ثم رحل إلى الإسكندرية وأقام بها وقد توفي الشيخ الشاذلي وهو في طريقه إلى الحجاز بصحراء ( حُمَيْثَرَة عيذاب ) بين الصعيد والقصير عام ( 656 هـ ) ومسجده وضريحه معروف يُزار من طريق قنا وأسوان رضي الله عنه .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجمعة الأخیرة من البیت المحمدی رضی الله عنه شهر شوال
إقرأ أيضاً:
هل يعتبر موتى حوادث الطرق من الشهداء؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: هل يعتبر موتى حوادث الطرق من الشهداء؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: الشخص الذي يموت في حوادث الطرق والسير وبسبب الإصابات الناجمة عنها معدودٌ من شهداء الآخرة، وذلك بشرط عدم التفريط في الاحتراز باتخاذ وسائل الوقاية والأمان المقررة، وعدم الزج بنفسه في الحادث بقصد التخلص من الحياة، وإلا فأمره مفوضٌ إلى مولاه عزَّ وجلَّ.
فضل الشهادة في الإسلام
امتنَّ الله تعالى على الأمة المحمدية بتعدُّد أسباب الشهادة وكثرة خصالها وعلو منازلها وتفاوت درجاتها رحمةً وتفضلًا على مَن اختصهم بها وجعلهم مِن أهلها؛ فعن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ» أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه -واللفظ له-.
بيان أسباب الشهادة والمراد بشهيد الآخرة
قد وردت جملة كبيرة من الأحاديث والآثار في بيان أسباب الشهادة وذِكْرها، منها: ما جاء في حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سأل من كان حاضرًا وقت وفاة عبد الله بن ثابت رضي الله عنه: «مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟» قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: «الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد -واللفظ له-، وأبو داود والنسائي.
واتفقت كلمة العلماء وشراح السُّنَّة النبوية المطهرة على أن المراد بـ"الشهادة" الواردة في هذا الحديث الشريف وأمثاله من الأحاديث والآثار ما أطلق على صاحبها "شهيد الآخرة"، بمعنى أن الذي مات بأحد هذه الموتات المذكورات له مثل أجر الشهيد في الآخرة فقط، فهو كالشهيد حقيقةً عند الله تعالى في وُفور الأجر وعظيم الثواب دون أن تجري عليه أحكام الشهيد حقيقةً في الدنيا، ولهذا يُغسَّل ويُكفَّن كسائر الموتى.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال العلماء: المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم] اهـ.
وقال الحافظ بدر الدين العَينِي في "شرح سنن أبي داود" (6/ 29، ط. مكتبة الرشد): [هؤلاء كالشهداء حقيقةً عند الله تعالى في وُفور الأجر، ولهذا يُغسَّلون ويُكفَّنون كسائر الموتى، بخلاف الشهيد الحقيقي، وهو الذي قُتل ظلمًا، ولم تجب بقتله دية، أو وُجد في المعركة قتيلًا] اهـ.
هل يعتبر من يموت بحوادث الطريق من الشهداء؟
تدور أسباب الشهادة الواردة في الأحاديث على تنوعها حول معنى واحد، وهو المرض مع شدة فيه أو كثرة ألم، مع ظهور تحرُّز الأشخاص المصابين بها قبل موتهم من خلال اتباع أساليب الأمان وعدم الإهمال في أسباب وأدوات الوقاية من خطر الإصابة قبل حدوثها، وخصوصًا في حالات الغرق أو الحرق أو الهدم، وإلا لحقهم إثم التقصير في التحرز.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقد قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفَضُّل الله تعالى بسبب شِدَّتها وكثرة ألَمِهَا] اهـ.
ويتحقق هذا المعنى في حالات وفيات حوادث الطرق والسير سواء كانت الوفاة على الفور من وقوع الحادث أو حال تطور الإصابة الناجمة عن الحادث؛ وذلك لأن المُشاهدة تقضي بأن المتوفَّين بسبب ذلك أن الحادث أصابهم بقضاء الله وقدره ولم يلقوا بأنفسهم فيه على سبيل القصد والتخلص من الحياة، ولم يُفَرطوا في التحرز باتخاذ وسائل الأمان، وهذا بحسب الغالب، ومن ثَمَّ فلا تخلو -في الجملة- حالة من حالاتها من وجود سبب من أسباب الشهادة الواردة في السُّنَّة النبوية المطهرة؛ بل قد تجتمع في بعض الأحوال، فيُزاد في الأجر والثواب على تعدد الأسباب وتنوع الخصال؛ فـ"كلُّ مَن كثر أسباب شهادته زِيدَ له في فتح أبواب سعادته" كما قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 1132، ط. دار الفكر).
وهذا كله مشروط بكون هذا الشخص المتوفَّى قد أصابه الحادث بقضاء الله وقدره ولم يُلقِ بنفسه فيه على سبيل التخلص من الحياة، ولم يُفَرط في التحرز عنه باتخاذ وسائل الوقاية والأمان ومعايير السلامة المقررة في هذا الشأن.وأكدت بناءً على ذلك: ان الشخص الذي يموت في حوادث الطرق والسير وبسبب الإصابات الناجمة عنها معدودٌ من شهداء الآخرة، وذلك بشرط عدم التفريط في الاحتراز باتخاذ وسائل الوقاية والأمان المقررة، وعدم الزج بنفسه في الحادث بقصد التخلص من الحياة، وإلا فأمره مفوضٌ إلى مولاه عزَّ وجلَّ.