تحل إمارة الشارقة بمشروعها الثقافي الكبير، أول ضيف شرف عربي على معرض سالونيك الدولي للكتاب في اليونان، الذي يقام في الفترة من 16-19 مايو المقبل، مقدمة راهن وتاريخ الحراك الثقافي والإبداعي الإماراتي والعربي بمشاركة أكثر من 20 دولة، وفاتحة أمام صنّاع الكتاب ومؤسسات الترجمة والنشر والإنتاج المعرفي أفق الحوار والتعاون المشترك بأكثر من 25 فعالية متنوعة، تجمع خلالها رموز الأدب الإماراتي وأبرز المؤسسات الثقافية والأكاديمية والمعرفية.


ويأتي هذا الاحتفاء بالشارقة تقديراً لحجم مساهمتها في دعم صناعة الإنتاج المعرفي والإبداعي في المنطقة العربية، وتأثيرها في توسيع أسواق النشر العالمية بربطها المشرق مع المغرب، كما يشكل اختيار الإمارة لهذا اللقب، تقديراً لمركزيتها بين عواصم المعرفة في العالم، واستكمالاً لسلسلة تكريمات شهدتها الإمارة خلال السنوات العشر الأخيرة، حلت فيها ضيف شرف على مجموعة من أكبر المعارض الدولية، من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا مروراً بإفريقيا، وصولاً إلى المنطقة العربية وشرق آسيا.
وتقدّم الشارقة خلال مشاركتها في المعرض برنامج فعاليات شاملاً ومتكاملاً، تشترك فيه مختلف المؤسسات الثقافية والمعرفية والسياحية في الإمارة، حيث تنظم سلسلة ورش عمل، وحفلات توقيع كتب، وجلسات نقاشية وحوارية، بالإضافة إلى عروض فنية وأنشطة تعرض جماليات التراث الإماراتي الأصيل وقيمه وفنونه. حوار يكشف حجم المشترك الإنساني وحول هذا الاحتفاء، قالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب: «تؤكد هذه المناسبة أهمية التراث الثقافي المشترك وتسهم في تحفيز الحوار العالمي الهادف، ونحن فخورون بأن تكون الشارقة جسراً يربط بين الثقافات، إذ لطالما تم الاحتفاء بالإمارة باعتبارها منارة للهوية الإماراتية والعربية، وسنبقى ملتزمين بتعزيز التواصل القوي بين مختلف الثقافات».
وأضافت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي: «تتجسد أهمية مثل هذه الفعاليات في تعزيز قنوات التواصل بين العاملين في صناعة النشر ومبدعي المحتوى، كما توفر المزيد من السبل لدعم الصناعات الإبداعية، وتعزز النمو المتبادل على المستوى العالمي، ويعد الاحتفاء بالشارقة ضيف شرف معرض سالونيك الدولي للكتاب 2024 فرصة مهمة أمام المؤسسات الثقافية الإماراتية والعاملين في هذا المجال لبناء واستحداث فرص التعاون والعمل المشترك مع نظرائهم في اليونان وخارجها». تجربة عالمية في صناعة ونشر المعرفة من جانبه، قال أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب: «إن برنامج الشارقة ضيف المعرض يعكس حجم الجهود التي تقودها الإمارة برؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للنهوض بكافة مكونات الثقافة بأبعادها الاجتماعية والتراثية والمادية والتنموية؛ إذ تقدّم الإمارة نموذجاً رائداً على مستوى تنظيم معارض الكتب في العالم، وتشكِّل تجربتها محركاً لصناعة المحتوى والإنتاج المعرفي للمنطقة والعالم، على مستوى توفير البيئة المناسبة للناشرين، وتخصيص الجوائر للكتاب، واستحداث المنصات والملتقيات الدولية لتعزيز جهود وفاعلية الموزعين، والفنانين، والوكلاء الأدبيين، وغيرهم من أطراف الحراك الثقافي».
وأضاف: «نفتح في هيئة الشارقة للكتاب، بقيادة الشيخة بدور القاسمي، رئيسة مجلس إدارة الهيئة، الباب أمام مختلف المؤسسات الثقافية لتطوير علاقات عمل وتعاون مشترك، تعزز من حضور النتاج الثقافي العربي في العالم، وتستحدث للعاملين في صناعة الكتاب فرصاً جديدة، تساعدهم على النهوض بأعمالهم، وترفع حجم حصة قطاع النشر الإماراتي والعربي من سوق الكتاب العالمي». أقوال الفلاسفة لوحات فنية عربية ويونانية واحتفاء بعلم الفلسفة الذي كان حاضراً ومؤثراً في الثقافتين العربية واليونانية، تقيم هيئة الشارقة للكتاب في جناح الشارقة بالمعرض، مشروع «فلسفات...محاكاة بصرية»، وهو مشروع فني يستلهم أقوال أشهر الفلاسفة اليونانيين والعرب، الذين برعوا في التفكير والتدوين باللغتين العربية واليونانية، حيث يتشارك نخبة من الرسامين الإماراتيين واليونانيين للخروج بالمعاني والتعابير من حيز الكلمة الفلسفية إلى ألق الصورة المعبرة وسحرها وقدرتها على إحداث الأثر الباقي في النفوس، ويشارك في المشروع الفنانون الإماراتيون: ناصر نصر الله، راشد الملا، علياء الحمادي، وإلى جانبهم الفنانون اليونانيون: دانيلا ستامتيَاذي، فاسيليوس غريفاس، وأنطونيوس نيكولوبولوس. جلسات نقاشية وفعاليات وعروض حية ويتوزع برنامج الشارقة في المعرض على سلسلة جلسات نقاشية وفعاليات وعروض حية، حيث تنظم ندوة بعنوان «أدب الناشئة وتحديات المستقبل»، وتستعرض جلسة ثانية العلاقات الثقافية بين العرب والإغريق، كما تتناول في جلسة حوارية أخرى مناقشة التحديات التي تواجه القصة القصيرة في زمن الرواية، وتجمع نخبة من أبرز الشعراء الإماراتيين والعرب في أمسية شعرية تنقل روح القصيدة العربية إلى جمهور المعرض، وتتوقف عند أثر الفلسفة في الأدب العربي القديم والمعاصر.
وتشهد مشاركة الشارقة عدداً من العروض التراثية والموسيقية والإبداعية، منها ركن مخصص لرسم الحناء، وتذوق المأكولات من المطبخ الإماراتي، بالإضافة إلى ركن لحفلات توقيع الكتّاب، وللخط العربي، ومعارض للفنانين والمقتنيات الفنية لتجسد جانباً من ملامح الهوية الثقافية العربية.
ويضم وفد الشارقة المشارك تحت قيادة هيئة الشارقة للكتاب، كلاً من هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وهيئة الإنماء التجاري والسياحي، وجمعية الناشرين الإماراتيين، ومبادرة «ببلش هير»، واتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ومدينة الشارقة للنشر، ومنشورات القاسمي، وجامعة الشارقة، ومجموعة كلمات، ومؤسسة كلمات، ومعهد الشارقة للتراث، وهيئة الشارقة للآثار، وبيت الحكمة، ومجمع اللغة العربية، وكالة الشارقة الأدبية، وهيئة الشارقة للمتاحف، وجمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ، ودائرة الثقافة، والمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وجمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، ودارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشارقة هیئة الشارقة للکتاب المؤسسات الثقافیة ضیف شرف

إقرأ أيضاً:

معرض طهران الدولي للكتاب

 

كنت في إيران خلال ما سلف من أيام ضمن وفد يمني ثقافي لحضور فعاليات معرض طهران الدولي للكتاب في دورته الخامسة والثلاثين، وفد تم اختيار اليمن كضيف شرف للمعرض بعد عقد ونيف من الحصار الثقافي الذي تفرضه قوى العدوان على اليمن، وكانت مشاركة اليمن ذات تفرد وتميز وتفاعل كبير على المستوى الرسمي أو الدبلوماسي أو الشعبي.
زار جناح اليمن كل المسؤولين من أعلى هرم السلطة من القيادة الثورية الإيرانية إلى السلطة التنفيذية بدءا من رئيسها المرحوم إبراهيم رئيسي إلى أدنى هرم السلطة فضلا عن التفاعل الشعبي الكبير من أفراد المجتمع في عمومه والمجتمع الثقافي في خصوصه، وكانت مواقف اليمن الكبيرة من حرب الإبادة المشتعل أوارها في فلسطين حاضرة في أذهان الناس الكل يبدي تقديره وإعجابه بالقيادة الثورية اليمنية والكثير يحمل الوفد التحايا الصادقة لقائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك الحوثي .
ما أدهشنا خلال الرحلة التي استمرت ثلاثة عشر يوما هو المكانة الكبيرة التي يحتلها اليمني في مشاعر الناس بعد موقف اليمن من حرب الإبادة في فلسطين وحدثنا الكثير من المغتربين عن حجم التحول في التعامل معهم في مختلف دول العالم، ومثل ذلك شكل مصدر عزة وفخر لكل يمني غيور على كرامة الأمة ومقدساتها ومقدراتها، كما أن القيادة الثورية تحتل مكانة كبيرة في قلوب الشرفاء في كل بقاع العالم, الكل يريد أن يعرف عنها الكثير، عرفنا ذلك من خلال السؤال المكثف لكل من يزور جناح اليمن في معرض طهران الدولي للكتاب سواء كان من ايران أو من غيرها .
كانت السفارة بطهران قد ترجمت عددا من الكتب إلى الفارسية والعدد نفد منذ اليوم الأول لتعطش الناس إلى معرفة كل شيء في اليمن وعن اليمن، وخاصة عن القيادة الفتية التي لفتت أنظار العالم إليها، وبدا لنا أن القارئ الإيراني كان متعطشا كي يقرأ الكثير عن اليمن عن تاريخه، وحضارته، وثقافته، وعن مشهده الثقافي، وهو الأمر الذي يضعنا أمام مسؤولية كبيرة في قابل الأيام حتى نكون عند مستوى ظن الناس بنا .
السؤال الذي كان يتكرر دائما على لسان كل مسؤول إيراني يزور المعرض من أعلى الهرم إلى أدناه هو :
ما هو حجم التفاعل الثقافي والأدبي في اليمن المؤازر لموقف اليمن من فلسطين ؟
لم نكن نحمل سوى ديوان ” لستم وحدكم ” الذي طبعته هيئة الكتاب بصنعاء بالتعاون مع هيئة الأوقاف والذي تضمن عددا كبيرا من القصائد الفصحى لشعراء اليمن – طبع في ثلاثة أجزاء – وحين نخبرهم بذلك نقرأ الدهشة على وجوههم, ويباركون الخطوة، ويتمنون المزيد، ويسدون النصائح في ضرورة التكامل في تسجيل موقف اليمن المشرف من فلسطين في المستويات المتعددة، ويعللون ذلك الحرص من واقع تجربتهم، فهم يقولون : من المهم أن تقرأ الأجيال كل شيء حتى لا يخونون تاريخهم في المستقبل ولا يفرطون بالتضحيات .
ايران دولة كبيرة وقوية وبنيتها الثقافية أكثر اتساعا مما نتخيل، فهي تطبع خلال العام ما يزيد عن مليون عنوان في مختلف العلوم والفنون والآداب، وتطبع هيئة الكتاب وحدها في العام مئة وعشرين الفا من العناوين في مختلف الفنون والمجالات، وكل فرد من مواطنيها يحمل بطافة اشتراك في مكتبتها الوطنية، ولديها مكتبة أطفال كبرى تستفيد من التقنيات المعاصرة، والطفل في ايران معني بشراء كتاب من كتب الأطفال بمعدل كتاب كل شهر، ولابد أن يخبر معلمته أو مدرسته عن قيامه بشراء الكتاب، فالوعي يبدأ مع النشأة ومتزامنا معه، وعلاقة الشخص بالكتاب عندهم علاقة عضوية لا يمكن الفصل بينهما .
إيران لا تعيش بمعزل عن العالم، ففي خلال العام المنصرم – وفق كلام رئيس هيئة الكتاب الإيراني السيد علي رمضاني – قاموا بترجمة خمسة وعشرين الف عنوان وطبع كل ذلك العدد وأصبح متداولا، وهو عدد كبير كما نرى، فالعلوم والمعارف حالة إنسانية تكاملية ويمكن للدول الاستفادة من تجارب الآخرين والإضافة إليها، فالحضارة الأوروبية المعاصرة لم تقم إلا على أكتاف الحضارة الإسلامية من خلال الاستشراق والترجمة وهي حركة ثقافية بدأت في عصر النهضة الأوروبية .
كان معرض طهران كبيرا ومتسعا من حيث عدد دور النشر المشاركة فيه سواء الإيراني أو غير الإيراني، كما أن حجم التفاعل الجماهيري كان كبيرا جدا، وحركة التداول كبيرة تفوق المتوقع، وهناك عشرات القنوات التلفزيونية والإذاعية التي صممت لها استديوهات في المعرض لنقل كل التفاصيل التي تدور في المعرض، وشكل المعرض حدثا ثقافيا كبيرا أدهش الكثير من الذين زاروا الكثير من معارض الكتاب الدولية، كما أن الأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض لم تتوقف على مدار الساعة في أربع قاعات مخصصة لذلك فضلا عن العروض المسرحية للأطفال والكبار والمسرح الصامت كان حاضرا .
في ايران تجربة ثقافية رائدة وبنية ثقافية كبيرة ولذلك حارت القوى المعادية للنظام الإيراني في اختراقها أو القدرة في تفكيك هويتها الثقافية أو الحضارية أو النيل من نظامها السياسي، فالوعي ركيزة أساسية لبقاء أي نظام في العالم، والكتاب والاهتمام به من أهم الأدوات في الزمن المعاصر .

مقالات مشابهة

  • صحيفة صينية: «أبوظبي الدولي للكتاب» الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط
  • معرض طهران الدولي للكتاب
  • رئيس جامعة القاهرة يهنئ حاكم الشارقة لفوزه بجائزة النيل للمبدعين
  • سلطان القاسمي يحصد جائزة النيل لـ«المبدعين العرب»
  • «أبوظبي للغة العربية» يرسخ التعاون مع الصين في قطاع النشر والصناعات الإبداعية
  • بإشراف هيئة الأدب والنشر والترجمة.. المملكة ضيف شرف معرض بكين الدولي للكتاب 2024
  • رئيس جامعة القاهرة يهنئ حاكم الشارقة لفوزه بجائزة النيل للمبدعين العرب
  • رئيس جامعة القاهرة يهنئ الشيخ سلطان القاسمى حاكم الشارقة لفوزه بجائزة النيل للمبدعين العرب
  • متحف بيت الشيخ سعيد بن حمد القاسمي ينظم معرض رسائل متبادلة
  • حاكم الشارقة يعتمد المرحلة الجديدة من خطة تأمين العلاج الطبي لمواطني الإمارة