وجهت المقاومة الفلسطينية ضربات موجعة للاحتلال الإسرائيلي، من خلال عمليات وصفها محللون وخبراء عسكريون تحدثوا لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟" بأنها نوعية وتعزز حالة التصدع والانكسار داخل إسرائيل.

ونفذت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسرايا القدس -الجناح العسكري لـ حركة الجهاد الإسلامي– الجمعة عدة هجمات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينتي رفح (جنوبي القطاع) وغزة، في المقابل اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل 4 جنود من لواء ناحال.

وأقرت هيئة البث الإسرائيلية اليوم الجمعة أنه تم إطلاق 15 صاروخا من رفح على بئر السبع ومحيطها.

وفي تعليقه على العمليات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن هذه العمليات تعكس طريقة إدارة المقاومة للمعركة مع جيش الاحتلال، قائلا إنها توحي بالعودة إلى اليوم الأول من الاجتياح البري في المنطقة الشمالية من قطاع غزة.

وبعثت المقاومة من خلال عملياتها -يضيف الدويري- برسائل واضحة تحمل مضامين متعددة، الأولى موجهة للداخل الإسرائيلي مفادها أن قيادتكم لم تقوض قدرات حركة حماس وبقية الفصائل بعد أشهر من الحرب، والثانية موجهة للجيش الإسرائيلي وتحديدا رئيس الأركان هرتسي هاليفي، لتخبرهم أنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم.

ويؤكد الدويري أن المقاومة الفلسطينية ما تزال تقاتل في المناطق التي دخلها جيش الاحتلال قبل 6 أشهر، وكتائبها في رفح هي أكثر قدرة وجاهزية للقتال، وهو ما أثبتته من خلال العمليات التي نفذتها -الجمعة- بإطلاق صواريخ من مسافة 40 كيلومترا، مؤكدا أنها قادرة على أن تطلق صواريخ بمدى 60 إلى 75 كيلومترا.

ووفق الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، فإن عمليات المقاومة تعزز السجال الداخلي في إسرائيل، والذي يقول إن الحرب على غزة استنفدت كل الإمكانيات العسكرية، وإن إسرائيل لا تملك أي بدائل عسكرية أخرى من أجل تحقيق أهدافها، وهي أخفقت فيها عسكريا وإستراتيجيا.

المقاومة لم تمس بسوء

وبينما صور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عمليته العسكرية في رفح بأنها المخرج الوحيد لأزماته ولفشله العسكري والسياسي، تفاجأ اليوم بالزخم العملياتي للمقاومة في غزة، كما يقول المحلل السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، حيث أوقعت كتائب القسام جزءا كبيرا من القوات الإسرائيلية في كمائن مركبة، بضربات دقيقة وموجعة وهي لم تصل بعد إلى شارع صلاح الدين.

وأبطلت عمليات كتائب القسام مزاعم نتنياهو من أنه قضى أو حيّد القدرة الصاروخية للمقاومة وأن مدن الداخل لم تعد عرضة لهذه الصواريخ، وقال زياد إن إطلاق المقاومة لصواريخ من قلب رفح ومن مدن أخرى يعطي دلالة على أنها قادرة على زيادة زخم الصواريخ التي تطلقها باتجاه البلدات الإسرائيلية وإيصالها لمديات أخرى.

وخلص إلى أن ما يحدث فوق الميدان من مشاهد القنص وتفجير الآليات والتحرك في الأنفاق، يؤكد أن المقاومة لم تخدش أو تمس بسوء، وهو أمر يعزز من اليأس الإسرائيلي.

وحول علاقة ما يجري في الميدان بالمفاوضات بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أشار المحلل السياسي والإستراتيجي إلى أن نتنياهو يريد صفقة تخلص الأسرى الإسرائيليين وتمنحه فترة هدوء لحل مشاكله دون إنهاء الحرب، في حين أن المقاومة تريد صفقة تفضي إلى نهاية الحرب، أي هناك فارق كبير بين التصورين.

وفي نظر الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند، فهناك قناعة لدى الإسرائيليين بأن المفاوضات هي آخر فرصة لاستعادة أسراهم، وأن العملية العسكرية في رفح سوف تنهي هذا الملف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المقاومة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

تقدير استراتيجي: سيناريوهات لمستقبل السلطة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى

جاءت معركة "طوفان الأقصى" بوصفها لحظة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية، إذ فرضت واقعاً جديداً على مجمل البيئة السياسية في فلسطين، وجعلت من مستقبل السلطة الفلسطينية سؤالاً مفتوحاً على احتمالات متعددة، بعضها وجودي.

في هذا السياق، نشر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تقديراً استراتيجياً مهماً، أعدّه الباحثان الغزيّان وائل عبد الحميد المبحوح وربيع أمين أبو حطب، يتناول مستقبل السلطة الفلسطينية في ضوء تداعيات هذه المعركة التاريخية، ويستقرأ خمسة سيناريوهات رئيسية قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة.

السيناريو الأول: استمرار الوضع الراهن (الجمود والانقسام)

يرجّح هذا السيناريو بقاء السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي في الضفة الغربية، مع بقاء حركة حماس على إدارة غزة، ما يعني استمرار الانقسام السياسي والجغرافي، في ظل عجز النظام السياسي الفلسطيني عن التجدد أو الإصلاح.

فرص التحقق: عالية على المدى القريب، لكنها مهددة بانفجارات داخلية وتغيرات خارجية تجعلها هشة وغير مستدامة.

السيناريو الثاني: عودة السلطة إلى غزة بعد الحرب

ينطوي على إعادة هيمنة السلطة الفلسطينية (برئاسة رام الله) على قطاع غزة، كما كان الحال قبل انتخابات 2006، ما يعني إنهاء حكم حماس لغزة، سواء بترتيب دولي أو بضغط إقليمي.

فرص التحقق: منخفضة، ما لم تحدث صفقة شاملة تنص على إعادة ترتيب البيت الفلسطيني بإجماع وطني، وهو ما لا تتيحه المعادلات الحالية.

السيناريو الثالث: تفكيك السلطة وعودة الاحتلال المباشر

يناقش احتمال قيام الاحتلال الإسرائيلي بحل السلطة الفلسطينية، وإعادة السيطرة المباشرة على الضفة الغربية وربما غزة، ضمن مشروع ضمّ واسع، مترافق مع تهجير قسري وتغيير ديموغرافي.

تضع معركة "طوفان الأقصى" الفلسطينيين أمام لحظة الحقيقة: فإما الانخراط في مشروع وطني جامع يعيد بناء النظام السياسي الفلسطيني على أساس الشراكة والمقاومة، أو الانزلاق إلى مشاريع التصفية والتفكيك التي تخدم الاحتلال. وبين هذه وتلك، يبقى قرار الفلسطينيين أنفسهم هو الحاسم في تحديد السيناريو الذي سيغدو واقعاً.فرص التحقق: تتصاعد في ظل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، لكنها تصطدم بمعيقات دولية وميدانية، كما أنها قد تشعل انتفاضة فلسطينية شاملة.

السيناريو الرابع: إلحاق غزة بمصر والضفة بالأردن

يقوم هذا السيناريو على فكرة تصفية القضية الفلسطينية من خلال فصل الجغرافيا وتوزيعها: غزة تُلحق إدارياً أو أمنياً بمصر، والضفة تُربط بالأردن، في إعادة تدوير لمشاريع قديمة.

فرص التحقق: ضعيفة حالياً، لكنها مطروحة في كواليس بعض المفاوضات وتزداد في ظل العجز عن بلورة مشروع فلسطيني موحد.

السيناريو الخامس: إصلاح شامل أو بناء نظام سياسي جديد

يتضمن هذا السيناريو إمّا إصلاح السلطة الفلسطينية الحالية عبر دمج كل الفصائل في نظام ديمقراطي تشاركي، أو إنشاء نظام سياسي فلسطيني جديد برعاية إقليمية ودولية، دون إقصاء، يقود مرحلة ما بعد الحرب.

فرص التحقق: متوسطة، وتزداد في حال تشكّلت جبهة فلسطينية موحدة تدير معركتي الحرب والسياسة معاً، وتفرض حضورها كقوة شرعية أمام المجتمع الدولي.

العوامل المرجّحة أو المعيقة للسيناريوهات

يستعرض التقدير مجموعة من المحددات الجوهرية التي تعزز أو تُضعف فرص تحقق هذه السيناريوهات، أبرزها:

ـ قدرة حركة حماس على التكيّف مع الوقائع السياسية والإنسانية في غزة، واستمرار حضورها المقاوم والسياسي.

ـ موقف الحاضنة الشعبية في غزة تجاه المقاومة بعد المجازر والتدمير والتهديد بالتهجير.

ـ التدخل الدولي في إنهاء الحرب وفرض تسوية سياسية أو إنسانية.

ـ الوضع الداخلي في إسرائيل وتماسك الحكومة اليمينية، ومدى ضغط المعارضة والشارع الإسرائيلي.

ـ مدى استعداد السلطة الفلسطينية للإصلاح الحقيقي ومواجهة واقعها المأزوم.

ـ تطورات الجبهة الشمالية (حزب الله) وسقوط نظام الأسد أو تغير أولويات النظام السوري.

التوصيات: نحو جبهة وطنية لمواجهة المرحلة

أوصى التقدير الاستراتيجي بعدد من الخطوات السياسية الملحة، أبرزها:

ـ اعتبار مستقبل غزة والضفة شأناً فلسطينياً خالصاً، ورفض أي مشاريع خارجية لتفتيت الجغرافيا أو الهوية.

ـ تشكيل جبهة وطنية موحدة تقود عمليات الحرب والتهدئة على قاعدة التشاركية ورفض الإقصاء.

ـ تعزيز ثقافة المواطنة والمشاركة السياسية في صفوف الحركات والفصائل.

ـ رفض تجريم المقاومة بكل أشكالها، ودعمها سياسياً وشعبياً.

التحرك نحو تجريم الاحتلال دولياً ومعاقبته على جرائمه في غزة، والسعي لوقف الحرب والتهجير.

تضع معركة "طوفان الأقصى" الفلسطينيين أمام لحظة الحقيقة: فإما الانخراط في مشروع وطني جامع يعيد بناء النظام السياسي الفلسطيني على أساس الشراكة والمقاومة، أو الانزلاق إلى مشاريع التصفية والتفكيك التي تخدم الاحتلال. وبين هذه وتلك، يبقى قرار الفلسطينيين أنفسهم هو الحاسم في تحديد السيناريو الذي سيغدو واقعاً.

مقالات مشابهة

  • لليوم الثاني على التوالي.. المقاومة الفلسطينية تنفذ كمينا مركبا للاحتلال في غزة
  • أحمد موسى: إسرائيل تصعّد داخل إيران وتستهدف العلماء.. والخاسر الأكبر هو القضية الفلسطينية
  • مدير الإعلام العسكري: الجيش في حالة “الإنذار القصوى”
  • إعلام غربي: طهران لم تتوقع شدة الهجوم الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر
  • تقدير استراتيجي: سيناريوهات لمستقبل السلطة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى
  • إيران تكشف عن حالة محطة “فوردو” النووية بعد القصف الإسرائيلي
  • مراسل القاهرة الإخبارية: الأجواء اللبنانية تشهد عبور عشرات الصواريخ بين إسرائيل وإيران
  • خبراء: الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية الإيرانية تبدو محدودة
  • تنظيم التصحيح: العدوان الصهيوني على إيران محاولة لثنيها عن دعم المقاومة الفلسطينية
  • أميركا تجري عمليات تنقل وتغييرات لعتادها العسكري في المنطقة