رُغم امتدادها على مساحة شاسعة.. لم عَلِقت الهند بمنطقة زمنية واحدة؟ وما تأثير ذلك على السكان؟
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من ناحية التوقيت، تسبق الهند نيويورك بـ 9 ساعات و 30 دقيقة، وتسبق لندن بـ5 ساعات و 30 دقيقة، وتسبقها طوكيو بـ3 ساعات و 30 دقيقة.
لأكثر من قرن من الزمان، ظلت ساعات الهند رسميًا أدنى من الساعة الكاملة في حساب أي فارق زمني بينها وبين معظم الدول.
ورُغم أنّها جزء من مجموعة صغيرة من الدول والأقاليم التي تشترك في فجوة الـ30 دقيقة، ضمنًا إيران، وميانمار، وأجزاء من أستراليا، فإنّ الهند ربما تكون الاستثناء الأبعد ترجيحًا.
تمتد الدولة الشاسعة جغرافيًا والواقعة في جنوب آسيا عبر ما يمكن أن يشكل في العادة منطقتين زمنيتين، لكن ما يثير إحباط بعض المجموعات هي كونها تتمسك بإعدادات الوقت غير التقليدية، وترفض الانفصال عن نظام له ماض معقّد للغاية.
يعود تاريخ المنطقة الزمنية المزاحة بنصف ساعة في الهند إلى الحكم الاستعماري للبلاد، والعصر الذي كانت فيه البواخر والقطارات الأسرع من أي وقت مضى تُقلّص المسافات بين العالم.
حتى القرن الـ19، كانت الهند، إسوة بمعظم الأماكن في جميع أنحاء العالم، تعمل في أوقات محلية للغاية، تختلف في كثير من الأحيان ليس فقط بين مدينة وأخرى، بل بين قرية وأخرى. لكن شركة الهند الشرقية (East India Company) لعبت دورًا رئيسيًا في الخلفية، وهي منظمة تجارية قاسية وقوية مملوكة لبريطانيا، وسيطرت تدريجيًا على أجزاء كبيرة من شبه القارة الهندية.
كانت شركة الهند الشرقية تدير أحد المراصد الأولى في آسيا بمدراس (المعروفة الآن باسم تشيناي) بحلول عام 1792. وبعد عقد من الزمن، أعلن أول عالم فلك رسمي في هذا المرصد أن وقت مدينة مدراس هو "أساس التوقيت الهندي القياسي".
ومع ذلك، استغرق تطبيقه بضعة عقود، مع ظهور القاطرات التي تعمل بالطاقة البخارية والمصالح التجارية لشركة الهند الشرقية.
وقال غوف غوردون، أحد كبار الباحثين في القانون الدولي العام بجامعة أمستردام: "كانت للسكك الحديدية تأثير هائل على القوى الاستعمارية".
ومن ثم أضاف: "قبل أن تفوز السكك الحديدية بالمنافسة على توقيت مدراس، كانت المنافسة بين المدينتين القويتين بومباي وكولكاتا. لكن هذه المعركة لم تدم طويلا".
وفي الوقت ذاته، أدت نقاشات مماثلة في جميع أنحاء العالم، مدفوعة بالحاجة إلى تحسين تنسيق السفر بالسكك الحديدية عبر القارات وتحسين الملاحة البحرية، إلى إنشاء أول مناطق زمنية دولية في مؤتمر عُقِد في العاصمة الأمريكية واشنطن، بعام 1884.
وتمركزت هذه المناطق حول خط "غرينتش ميريديان"، وهو خط الطول الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب عبر مرصد غرينتش في لندن. المناطق الزمنية الواقعة إلى الشرق من خط الطول عادة ما تكون متأخرة عن توقيت غرينتش (GMT) مع وجود زيادات بالساعة.
لقد استغرق الأمر بعض الوقت حتى يتم اعتماد هذا النظام عالميًا. في الهند، كان الناس لا يزالون يتجادلون حول توقيت مدراس. ورغم اعتماد السكك الحديدية في البلاد لهذا التوقيت، إلا أنها واجهت معارضة كبيرة من قبل العمال والمجتمعات المحلية غير الراغبة بفرض توقيتات جديدة صارمة عليهم.
وشرح غوردون: "هناك مجال أقل للمناورة لأن إيقاعات عملك لم تعد مرتبطة برئيسك في الشارع، أو جرس الكنيسة، أو الأشخاص العشرين الآخرين الذين تذهب للعمل معهم. بل أن الأمر يتحدد الآن من خلال خط السكة الحديد الذي يصل مرة واحدة في اليوم".
في نهاية المطاف، تم تكريس توقيت مدراس على الصعيد الوطني بحلول عام 1905، ولم يتبق سوى معاقل قليلة.
شهدت بداية القرن الـ20 بعض الضغط من الجمعيات العلمية لإجراء معايرة توقيت الهند مع توقيت غرينتش.
اقترحت الجمعية الملكية في لندن منطقتين زمنيتين للهند تتمتع بزيادات بالساعة من توقيت غرينتش، كما أنّها اقترحت تقدم شرق البلاد بست ساعات من توقيت غرينتش، وتقدم غرب البلاد بخمس ساعات.
لكن الحكومة الاستعمارية رفضت هذه التوصية، واختارت توقيتًا موحدًا يقع في المنتصف تمامًا، أي قبل خمس ساعات ونصف من توقيت غرينتش.
يقول غوردون: "يبدو لي هذا الأمر نموذجًا للعقلية الاستعمارية".
وهكذا، في عام 1906، قدم حكام الهند البريطانيون ما يعرف الآن بالتوقيت الهندي الرسمي.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: ساعات توقیت غرینتش توقیت ا
إقرأ أيضاً:
بحث سبل التعاون السوري التركي في مجال النقل والسكك الحديدية
دمشق-سانا
بحث المدير العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، أسامة حداد مع القنصل التركي في حلب هاكان جينكيز، سبل تعزيز التعاون بين سوريا وتركيا في مجال النقل والسكك الحديدية.
وتناول اللقاء الذي عقد في مبنى المؤسسة آليات تبادل الخبرات والتكنولوجيا الحديثة في مجال السكك الحديدية، وسط توقعات بتوقيع اتفاقيات تعاون في المستقبل القريب، تشمل مجالات التأهيل الفني والتدريب، وتقديم الدعم التقني عبر تنظيم زيارات ميدانية وتدريبية للكوادر السورية في تركيا.
وخلال اللقاء بين حداد أن هذه الخطوة تأتي في سياق مساعٍ متبادلة لتحسين العلاقات الاقتصادية بين سوريا وتركيا، بعد سنوات من التراجع في التبادل التجاري ومشاريع التعاون الإقليمي، مشيراً إلى أن شبكات السكك الحديدية تعد أحد أبرز القطاعات الحيوية التي تأثرت بالحرب في سوريا، حيث تعرضت بنى تحتية واسعة للدمار أو التوقف عن العمل.
ويواجه قطاع النقل السككي في سوريا، وفق حداد، تحديات كبيرة تشمل نقص التمويل، والحاجة إلى إعادة تأهيل مسارات وخطوط السكك، وتأمين القطارات والمعدات الحديثة، إضافة إلى الحاجة لتأهيل الكوادر البشرية التي هجّرتها ظروف الحرب أو أدت إلى تراجع الخبرات.
بدوره، أكد الجانب التركي استعداده للمساهمة في دعم جهود سوريا لإعادة تأهيل وتطوير شبكة النقل السككي، بما يعزز من كفاءة النقل، ويساهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
يشار إلى أن الجهات المعنية في سوريا تعوّل في الوقت الحالي على التعاون الإقليمي والدولي لإعادة تفعيل هذا القطاع الحيوي، باعتباره ركيزة أساسية في حركة نقل البضائع والركاب، وعنصراً داعماً لتسهيل التجارة وتحقيق التنمية المستدامة.
تابعوا أخبار سانا على