صحيفة صدى:
2024-06-14@08:09:16 GMT

مدرسة الأمير بدر بن عبدالمحسن الأدبية

تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT

مدرسة الأمير بدر بن عبدالمحسن الأدبية

برحيل الأمير بدر بن عبدالمحسن فقدنا أحد أهم رموز الحركة الثقافية والفنية في المملكة العربية السعودية بعد ان وافته المنية في العاصمة الفرنسية باريس اثراء مرض الم به و لم يمهله الكثير تاركا خلفه حزناً وألماً في وجدان محبيه و سيرة عطرة وسجلاً حافلاً ببصمات ثابتة في تفاصيل وصفحات التاريخ الثقافي والفني للمملكة العربية السعودية.

تلك المسيرة الثقافية والفنية الممتدة لنصف قرن ما بين القلم والريشة من صعب ان تختزل فقد نالت برصانتها الأدبية والفنية نجاحات منقطعة النظير قاد بها (‘البدر’) لواء الأغنية السعودي من المحلية إلى العربية محققا مع الفنانين الثلاثة الكبار انتشارا غير مسبوق ونجاحات باهرة فضلتها على غيرها من الأغنيات في المنطقة

ان من يسترجع سيرة الأمير بدر بن عبدالمحسن يجد انه مرّ بمراحل ثرية أسهمت في تشكل المواهب الشعرية والتشكيلية حتى باتت أي قصيدة او لوحة فنية للبدر تحاكي الوجدان دون استئذان مدرسة خاصة ونهجا ابداعيا فريدا من نوعه اصبح ماركة مسجلة ‘ للبدر ‘

-ما يميز مدرسة البدر –

ان برز ما يميز هذه المدرسة الشعرية الحديثة هي القدرة على دمج صور الى حروف’ الى قصة ‘ الى نص شعري بصياغة مدهشة عنوانها الروعة والاعجاز لصناعة الأدبية

واذا ما نظرنا الى القصيدة والاغنية قبل ‘البدر ‘ كانت اعتيادية ذات افاق ضيقة و مساحة محدودة فاقدة للخيال الذي يخدم النص ويحفز العقل والفكر ويترك مساحه للفنان والملحن لكي يكون عمل اكثر جوهرية عزيزي القاريء لا يمكن ان نختزل كل القصائد في هذه المقال ولكن دعني استعرض معك عدة نصوص مغناة استثمر ‘ البدر’ كافة امكانياته الشعرية التي أسسها

وسوف ابدأ عزيزي القارئ في قصيدة صوتك يناديني التي تغنى بهاء فنان العرب محمد عبدة ولحنها بلحن من كوكب الابداع

صوتك يناديني تذكّر،

تذكّر الحلم الصغير

وجدار من طين، وحصير

وقمرا ورا الليل الضرير

لا هبّت النسمة تكسّرْ
جيتي من النسيان،
والى اخر النص

من الوهلة الأولى لقراءة هذا النص ترتسم أماملك لوحة تشكيلة فنية بمونتاج عالي واخراج احترافي ودقيق ‘ للبدر’ مستغلآ موهبة الرسم بالكتابة دامجا الواقع بالحلم والحقيقة بالخيال روعة وتصوير ابداعي اعجازي ومن ثم تصوير و تصخير للطبيعة والمراءة حيث يحاكي هذا النص المدهش قصة حب انتهت ولكنها ابتدات من جديد حينما عادة مرة أخرى ‘ ريانة العود’ تذكرة بالحب الذي حاول ان يتناساه طوال السنين ولكنه يبدأ من جديد ليبدأ هو الاخر معه وكن لم يحدث فراق في تصوير وجداني سينمائي لا يتكرر الا مع ‘ البدر

وفي قصيدة ابعتذر

ابعتذر .. عن كل شي ..
إلا الهوى .. ما للهوى عندي عذر ..

عند قراءة هذه نص او غنائه ستجد انه تحول الى فلم سينمائي رومانسي جسد به فنان العرب دور البطولة بذلك الصوت الذي لايشيخ و الحن العميق الى مشاهدة مليئة بالأحاسيس والوجدانيات والاثارة والتشويق مع كل *كوبلية* للأغنية التي كانت عبارة عن مشاهد سينمائية لقصة كان بهاء الندم في كثير من المواضع للقصيدة ومحاولات للاعتذار المتكررة لنيل الرضى ولدمح الخطاء حتى ولو كان ذلك بالجحود الى ان
تمنى ان ذلك الحب لم يكن ليرتاح من الندم وذلك عندما قال”” ليت الهوى وانتي … كذب …

اما قصيدة على الميهاف التي تغنى بهاء الموسيقار وسفير الحزن عبادي الجوهر

على آخر تراب الأرض،
أحس أن المسافة شبر،
في صدري ندم جبار.
تصورتك في شامة ليل،
على خد السما الزرقا،
زحام، والدنيا سهرانة،
أحد نازل، وأحد يرقى،
وأحد مثلك يخاف من البلل، والطين،

تجد الكثير من المشاهد سينمائية المدهشة لذلك النص الفلسفي المليء بروح الحزن والخوف والندم بصوت سفير الحزن عبادي الجوهر الذي صاغ أروع لحن للقصيدة من خلال ايجادة للمساحه السينمائية الكافية لتعبير عن للمشاهد درامية التي جسدها ‘البدر ‘
وفق افضل تمكين للقصيدة

وفي قصيدة ليله تمرين التي تغنى بهاء صوت الأرض طلال مداح صوته الدافئ والمعبر بكل حنان وحب

ليلة تمرّين،
عطرك السافر فضح ورد البساتين
وكثر الكلام
صحيح جرحتي الظلام،
بالخد وبنور الجبين

يحاكي هذا النص كل معاني الحب و الفلسفة الرومانسية حيث شكل ‘البدر ‘ ثنائيّة بين البشر والطبيعة محاكيا جمال المراءة بالطبيعة بل وتغلبها حتى انه استطاع ان يجعل من تعذيبهاء وجفوتهاء -عذبة – برومانسية هائلة جعلت من هذه القصيدة رائعة من رواع الشعر الغنائي

وفي الاعمال الوطنية لا يمكن ان نتجاوز أروع واجمل عمل غنائي للوطن الا وهو فوق هام السحب
فوق هام السحب وإن كنتي ثرى
فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى
عزك لقدّام وأمجادك ورا
وإن حكى فيك حسادك ترى
ما درينا بهرج حسادك أبد
أنتي ما مثلك بها الدنيا بلد

حيث يعد هذا العمل يعد حالة إبداعية حيث يعبر عن مشاعر كل مواطن سعودي لهذا الوطن العظيم ويشكل لناء في تفاصيله حاله استثنائية إبداعية تعيش في كل زمن ومع كل جيل حتى باتت هذه الاغنية هي المرادفة لنشيدنا الوطني لتشاركنا في كل مناسبتنا الوطنية ولذلك نالت اشادة الملك فهد والملك سلمان وقال عنها الأمير خالد الفيصل لو لم يكتب’ البدر ‘الا هذه النص لكفا ، وقس على هذا النص الكثير من نصوص الوطنية والعاطفية التي استخدم بهاء ‘ البدر ‘ هذه الأدوات التي ميزته وجعلت من كل قصائده ذات مدلولا عميق ومؤثر وتستطيع ان تجعل منها لوحة تشكيلية او فلم سينمائي لاحتوائها مشاهد عميقة من خلال القدرة على الوصف المدهش والرهيب.

ولذلك تمت ترجمة الكثير من قصائد لأمير بدر بن عبدالمحسن الى اللغتين الإنجليزية والفرنسية كما عرضت لوحاته في عدة معارض أهمها معرض لليونيسكو في باريس بسته وثلاثين لوحة تشكيلية.

وتم تكرمة في عديد من المناسبات ويأتي أهمها تكريمُ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – بمنحه وشاحَ الملك عبد العزيز، تعبيراً عن تقدير الوطن والمواطنين لإسهاماته الأدبية.

الأمير بدر بن عبدالمحسن هو مؤسس المدرسة. الشعرية الحديثة وسيضل دائما في قلوبنا وتاريخنا ومهما كتبنا لن نوفيه حقة ولكن من واجبنا لنذكره فنشكره كونه من أسس الشعر الحداثي الفلسفي هذه النهج الذي ينهل منه الكثير.

وفي الختام
رحم الله صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن وأسكنه فسيح جناته وعزاؤنا للقيادة الرشيدة وللأسرة المالكة كافة والشعب السعودي الكريم.

 

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: الأمیر بدر بن عبدالمحسن هذا النص

إقرأ أيضاً:

الحياة مدرسة

#الحياة_مدرسة د. #هاشم_غرايبه

تقول الحكاية الرمزية، أنه كان لملك ثلاثة وزراء يديرون شؤون البلاد، ورأى يوما أن يمتحن إخلاصهم ويعرف طبيعتهم، فجاء بهم معا، وأعطى كلا منهم كيسا كبيرا، وطلب منهم أن يملؤوه بما يختارونه من ثمار حديقة القصر، على أن يقوم كل واحد منهم بذلك شخصياً، ومنعهم من استخدام أحد، وأمهلهم لذلك يوما كاملا.
أخذوا أكياسهم منذ الصباح وبدأوا بتنفيذ المهمة، اهتم الأول بانتقاء أفضل الثمار ولم يترك صنفا إلا وجمع منه أفضله حتى ملأ الكيس تماما.
أما الثاني فقد استسخف المهمة ولم يبذل أي جهد في انتقاء الثمار، بل جمع منها في ساعة ما كان في متناوله من الجيد والرديء، وقضى بقية النهار مستلقيا في ظل شجرة.
فيما الثالث قال لنفسه ماذا أراد الملك من هذه الثمار؟ لا شك أنه لن يتناولها ولن ينظر لما في الكيس، لذلك ملأه بالأعشاب وأوراق الأشجار، ووضع فوقها حبات من التفاح.
في المساء سلموا أكياسهم للملك، الذي أعاد كل كيس لصاحبه وقال للحراس احبسوا هؤلاء الثلاثة كل في غرفة لمدة شهر، ولا تقدموا لأي منهم طعاما إلا ما كان في كيسه.
فأما الأول فقد تدبر أمره ففرز الثمار، ووزعها على فترة الشهر وبدأ بالسريعة التلف، وكفته، فعاد الى عمله، وأما الثاني فقد تلف معظمها وبالكاد بقي على قيد الحياة لكنه خرج مهزولا مريضا فاستغني عن خدماته، وأما الثالث فقد مات قبل انقضاء الشهر.
مغزى هذه القصة هي مصداق للحديث الشريف: ” لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه”.
بعد تقدم معارف الإنسان، اكتشف أن الدوافع لأي تصرف يتصرفه، يأتي بناء على محركين أساسيين، أحدهما قاهر لا يملك له دفعا ولا تبديلا، وهو أمر تتحكم به الفطرة الأساسية التي زود بها كل كائن حي، سماها الإنسان (الغريزة)، وعرف أنه فعل لا إرادي غير خاضع لتحكيم العقل، ولا لمؤثر خارجي، مرتبط بالحاجات الأساسية، وهي الحفاظ على البقاء، والحفاظ على النوع.
أما المحرك الثاني فهو المصلحة، وهو خاضع لإرادة الشخص وفق تقييم العقل، ولذلك فهو مختص بالإنسان، ويميزه عن باقي الكائنات الحية الأخرى، غير أنه مرتبط أساسا بالنوازع الفطرية الأساسية والمتفرعة من الأنانية وحب الذات، والتي هي لازمة لتحقيق دافع الحفاظ على البقاء، كما يتفرع منها محبة الأبناء والنسل التي هي لازمة لحاجة الحفاظ على النوع.
لذا فإن المحركين كليهما هما بالأساس لتحقيق نفع الفرد.
بعد تقدم الإنسان الى درجة أعلى، توصل الى إدراك الفارق الهائل بينه وبين الكائنات الأخرى، فتحول الى تركيم معارفه والبناء عليها، مما أسس ما عرف فيما بعد بالمنجز الحضاري، والذي كان من ضمنه محاولات فهم علة الوجود بعموميته، ورسالة الإنسان ودوره في ذلك.
من هنا بدأ بالتمييز بين أفعال الإنسان ذاته، فيعظم من تلك التي تؤثر إيجابيا في الموجودات، والتي تقدم النفع للآخرين وليس للذات فقط بعد أن اكتشف أنها هي الفارق الأساسي بين الإنسان وباقي الحيوانات.
كوّن ذلك منظومة خُلُقية سميت: الأخلاق الحميدة، أصبحت قيما تربوية من أجل تربية النشء الجديد عليها، بهدف صلاح المجتمع، ومجموع المبادئ التي رسختها في النفس دعيت: الضمير.
هكذا أصبح لدينا محرك ثالث يدفع المرء باتجاه السلوك العادل، الذي يوازن بين المصلحة الذاتية والمصلحة العامة.
لكن هذا المحرك ظل ضعيفا أمام الشهوات والمصلحة الذاتية، فعززه الخالق المدبر بمحرك رابع هو الدين ليعيد التوازن، وجعل الدافع فيه نحو فعل الخير مرتكزا على عنصرين: أحدهما ذاتي نابع من الإيمان بوجود خالق يراقب ويحاسب، وخارجي مبني على الترغيب بالمكافأة على سلوكات تنتج الخير للغير، والترهيب بالعقاب على أفعال الشر.
ولأن المحرك الرابع هو الأعظم تأثيرا، لذلك لم يلتفت الأشرار والطامعون إلا إليه، ولم يحاربوا سواه، فانتظم البشر في كل العصور، فسطاطين: أخياراً أوأشراراً.. بحسب موقفهم من الدين.
والوزراء الثلاثة يمثلون الطبيعة البشرية.
من كانوا من طبيعة الوزير الأول اتبعوا الدين وعاشوا متصالحين مع ذاتهم فطبقوا لمنهج الله.
والوزيرالثاني تمثل أغلب الناس الذين يميلون الى الراحة والتمتع بملذات الحياة ولا يلتفنون الى عواقب ذلك.
أما الوزير الثالث فهو يمثل الذين أذهبوا طيباتهم فما ربحت تجارتهم.

مقالات مشابهة

  • مسؤول إسرائيلي سابق: حماس مدرسة في التفاوض
  • إدانة 10 مستثمرين بمخالفة نظام السوق المالية وإلزامهم ومستثمرة أخرى بدفع 101.7 مليون ريال وسجن أحدهم
  • شيئاً من الجنون وقريباً من اليقين- الإبحار في عوالم الدين والحداثة
  • مشروع الرئيس الأرجنتيني الإصلاحي يحصل على ضوء أخضر في مجلس الشيوخ
  • سر الندبة الشهيرة للأمير ويليام
  • جلسة حوارية تناقش إشكاليات التلقي في الشعر العربي
  • الكويت تغيّر اتجاهها بعد القرارات الأخيرة.. ما مدى الاهتمام الأمريكي؟
  • إسرائيل وضيوف نيرون.. ننشر النص الكامل لكلمة الصحفي كريس هيدجيز بعد فوزه بجائزة توفيق دياب الكبرى
  • الحياة مدرسة
  • ولي العهد الأمير مولاي الحسن يعطي انطلاقة أشغال إنجاز أكبر محطة تحلية مياه البحر بإفريقيا