حاضر رغم الغياب.. طالب سعودي يرفع لافتة لصديقه المتوفى في مسيرة حفل التخرج
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
«أهدي تخرجي إلى أخي وصديقي خالد مداوي.. الذي اختاره الله إلى جواره قبل أن يكمل مشواره الدراسي».. كلمات كتبها أحد الطلاب على لافتة أثناء السير في مقدمة مسيرة حفل تخرجه، من كلية التمريض بجامعة الملك خالد، تخليدًا لزميله الذي رحل متأثرا بمرض في القلب.
مقطع الفيديو ظهر فيه أحد الطالب ياسر آل عامر رافعًا اللافتة، التي يخلد من خلالها ذكرى رحيل صديقه خالد مداوي، وسط احتفاء جميع الطلاب.
تلك اللحظات المؤثرة نشرها الإعلامي عيسى آل هادي العسيري، عبر موقع تويتر، وتحدث عنها قائلاً: إن الطلاب لم ينسوا صديقهم في تخرجهم، حيث أن زميلهم من المفترض أن يكون معهم في مسيرة تخرج طلاب كلية التمريض؛ في الحفل الذي أقيم بجامعة الملك خالد، مضيفًا أن أحد الطلاب رفع لافتة باسم صديقهم خالد عبداللطيف مداوي، ليكون معهم في مقدمة المسيرة.
سبب الرحيل المفاجئ للشابياسر آل عامر، تحدث عن بعض الذكريات التي جمعته مع صديقه الراحل، في تصريحات لموقع العربية، موضحًا أنهم تربطهم علاقة صداقة عمرها 11 عامًا، وكانا يدرسان سوياً في كلية العلوم الصحية بأبها قسم التمريض.
قاد المسيرة رغم رحيله
لم يُنسهم فرح تخرجهم وحفله وصخبه ؛ زميلهم الذي كان من المفترض أن يكون معهم في هذه المسيرة .
خريجو كلية التمريض؛ في حفل تخريج طلبة #جامعة_الملك_خالد
يرفعون صورة صديقهم الطالب
خالد عبداللطيف مداوي ؛ الذي اختاره الله إلى جواره ؛ في لفتة وفاء ليكون في… pic.twitter.com/VIFoLYZNH7
بعد الدراسة في قسم التمريض، تقدم خالد وياسر معًا في جامعة الملك خالد، وسجلا في برنامج «تجسير التمريض»، وقبل الانتهاء من البرنامج رحل الشاب في مفاجأة صادمة، بعد إصابته بمرض مفاجئ عضلة القلب وأكد الأطباء أنه بحاجة إلى زراعة قلب، ليمكث في العناية المركزة شهرا قبل الرحيل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طالب طالب سعودي طالب في السعودية جامعة الملك خالد الملک خالد
إقرأ أيضاً:
قراءة في حاضرٍ موحش وماضٍ دافئ
كانت الأسرة بالأمس نسيجًا حيًّا من التفاعل والتراحم، يظللها سقف المحبة قبل سقف الجدران، يجمعها مجلس واحد، وتلمّ شتاتها مائدة واحدة، وتؤنس لياليها أحاديث ممتدة، تشرق فيها ضحكات الآباء والأمهات وتختلط بصوت خطوات الأطفال. كان الحضور حضورًا حقيقيًا لا افتراضيًا، وكان القرب قلبًا قبل أن يكون جسدًا.
أما اليوم، فكم من بيت لا يجمع أفراده إلا اسمه وسقفه؟
غرف مغلقة، وعوالم متوازية داخل الشاشات الصغيرة، تقاطعت فيها القيم وذابت فيها الخصوصيات. كل فرد يعيش في جزيرة إلكترونية منعزلة، يتغذى على ما تبثه وسائل التواصل من أفكار وقيم وسلوكيات، كثيرٌ منها دخيل، وبعضها هدّام.
الوالدان، اللذان كانا يومًا رمزي الحضور والرعاية، صارا – في كثير من البيوت والله المستعان – جزءًا من المشكلة لا من الحل.
أحدهما غائب في مقهى واستراحة يُمارس فيه هروبه الصامت، والآخر غارق في نزهة وجمعة لا تنتهي، وكأنهما يهربان من دورٍ لم يُتقن صنعه بعد.
وإن اجتمعا في البيت، جمعهما صمتٌ ثقيل لا يُكسر إلا بصوت مقطع مضحك، وضحكاتٌ أحادية عابرة تملأ الفراغ، ضحكاتٌ قد تسمعها فتقول من غرابتها: “بسم الله الرحمن الرحيم!”
ضحكات لا تنبع من فرح، بل من فراغ داخلي… فراغ يستعيض عن المعنى بالتسلية، وعن العمق بالسطح.
وليت الأمر توقف عند الضحك…
فحتى المواضيع التي تُطرح في المجالس الأسرية لم تَعُد تدور حول الأولويات:
لا عن سلوك الأبناء، ولا عن مستقبلهم، ولا عن أخلاقهم، ولا عن همومهم النفسية، بل تحوّل محور الحديث إلى ما جاد به “الترند”، حتى كأنّ وسائل التواصل صارت المرجعية، والحديث عن القيم صار ثقيلًا.
لقد انسحب الحوار الأسري أمام زخم المحتوى الرقمي، وتحوّلت الجلسات العائلية إلى مهرجانات صامتة…
كل حاضر بجسده، وغائب بعقله وقلبه.
والسؤال المهم هل حدث تحولات جذرية في المفهوم الأسريّ؟
ربما لم يتحول بقدر ما تمّ تفريغه من محتواه. الأسرة اليوم بحاجة إلى إعادة تعريف، إلى أن يُستعاد دفء الجلوس، وصدق السؤال، وجمال القرب الحقيقي لا القرب الرقمي.
نحن بحاجة أن نعود من الغياب، من خلف الشاشات، من لهوٍ يُضحكنا ويُبكينا، ليجد الأبناء آباءً حاضرون حضورًا حقيقيًا، وتجد البيوت روحًا تسكنها، لا مجرد أجساد تتقاطع في الممرات.
الأسرة ليست مجرد سقف… هي قلبٌ ينبض، وصوتٌ يُسمع، وعينٌ ترقب، ويدٌ تمتد، فإن لم تكن كذلك، فهي مجرد جدران صامتة، مهما علت هندستها وتزيّن أثاثها.