معرض زايد للكتاب يناقش فوائد وأضرار القصص المترجمة للأطفال
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
معرض زايد للكتاب .. شهد معرض زايد لكتب الطفل في دورته الثانية، الذي تنظمه مؤسسة زايد للتنمية والإبداع، مساء أمس الإثنين، عقد ندوة بعنوان « قصص الأطفال المترجمة.. فوائد وأضرار»، بحضور الشاعر والمترجم عاطف محمد، والكاتب مصطفي غنايم، وأدارت الندوة الإعلامية نهال علام.
من ناحيته ، قال الكاتب مصطفي غنايم: توقف معرض القاهرة الدولي لكتب الطفل والذي كان يعقد في شهر نوفمبر من كل عام، كان بمثابة إشارة للعديد من الدول العربية لسحب البساط من مصر في هذه المنطقة من تنظيم وتقديم فاعليات متعلقة بأدب الطفل، ولكن وجود معرض زايد لكتب الطفل في دورته الثانية يشير باستعادة الدور الريادي لمصر.
وتابع غنايم : نأمل في استمرار تنظيم معرض زايد بجانب استعادة معرض القاهرة الدولي لكتب الطفل، مؤكدا أن الترجمة بنوعيها جزء رئيسي ومهم في استعادة دورنا الإبداعي، فعبرها يحدث تبادل الثقافات والحضارات، والسؤال لماذا نترجم، ولمن نترجم، وكيف نترجم، وهي اسئلة رئيسية.
وعن الضوابط والالتزام الخلقي بين المترجم والنص قال غنايم: أن المؤسسات المعنية بالترجمة عليها أن تضع ضوابط وإجابات للأسئلة الثلاثة لماذا نترجم ولمن نترجم، وكيف نترجم؟، والتي عليها يجب تحديد المراحل العمرية التي يتم الترجمة لها كفئة مستهدفة، وذلك حتى لا يفقد النص قيمته.
ولفت غنايم إلى أن المحرر يلعب دور رئيس في الحذف والإضافة بما لا يخل من قيمة النص الأصلي، ويتم ذلك عبر مناقشات مطولة مع الترجمة بحذف مشاهد العنف ومشاهد الإباحية وغيرها والتي لا تناسب مع عاداتنا وتقاليدنا.
فلماذا نترجم يأتي عبر تحديد المستوى المناسب للطفل، وفهم ما يمس واقع الطفل، وللأسف لدينا نقص شديد في ترجمات الخيال العلمي، هذا الإعلان عن النقص يأخذني للإجابة عن سؤال ماذا نترجم، والمتعلق باختيار النصوص التي يمكن أن نعمل عليها، التي تتماس مع واقع الطفل وميوله واحتياجاته، لمن نترجم ؟ يؤكد غنايم: يجب علينا تحديد المرحلة العمرية للقصة المترجمة.
ومن جهته قال الشاعر والمترجم عاطف محمد إن فعل الترجمة يأخذنا إلى الإطلاع على ثقافات وحضارات الشعوب الأخرى، فعدم وجود فعل الترجمة يجعلنا في عزلة عن العالم بكل ما فيه من ثقافات.
فالاطلاع على ثقافات وشعوب أخرى غالبا ما تصبح ركيزة في تقدم وتطور الأجيال، وتعمل على تنمية الفكر والابداع.
وأشار عاطف محمد إلى أن مسؤولية البحث عن ما يفيد الطفل هي مهمة المترجمين، ونقل ذلك الخيال إلى العربية، ولفت محمد إلى أن هناك فقر شديد في الترجمة للأطفال، وأن أغلب ما يتصدرون الترجمة لهذه الشريحة بعيدين عن الطفل واهتماماته وما يشغله ولا يعيشون واقعه.
ومن جهتها أكدت الإعلامية نهال كمال علي أن فكرة الاطلاع على ثقافات الآخر هي فكرة مرتبطة بالشباب أكثر منها بالأطفال كنموذج «أليس في بلاد العجائب» وأغلب الأعمال المقدمة للأطفال يربطها تيمة ولغة واحدة تحكمها هي «الخيال».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: معرض زايد للكتاب معرض زايد لكتب الطفل ادب الطفل لکتب الطفل معرض زاید
إقرأ أيضاً:
أماني حبشي جسر الترجمة الرائق
(1)
على الرغم من عزوفها عن الأضواء وتجنبها الحديث إلى وسائل الإعلام، إلا فيما ندر، احتل اسم المترجمة الكبيرة أماني فوزي حبشي (1967-2025) موقعه بين الطبقة الأولى الممتازة من مترجمي اللغة الإيطالية وبخاصة في مضمار الأدب والنصوص الروائية. لا يمكن أن تقترح قائمة بعشرة أسماء أو حتى خمسة كبار (يترجمون من الإيطالية إلى العربية مباشرة)، ويمثلون مراجع موثوق في اختياراتهم وفي كفاءة ترجماتهم إلا وكان اسم الراحلة الكريمة أماني حبشي ضمن هذه الأسماء أو على رأس هذه القوائم.
فجعنا خبر رحيلها الأسبوع الماضي عن 58 عامًا، وهي في ذروة نشاطها وتألقها، وقد قدمت للعربية لغة وثقافة ما يزيد على الثلاثين كتابا من روائع الأدب الإيطالي والفكر الإيطالي الحديث والمعاصر، واستطاعت بجهدها ودأبها وتمكنها أن تؤكد قيمة "المترجم المحترف" فيما يقدِّمه من نصوص، اختيارا وترجمة ومراجعة.. إلخ ما هو معروف عن المترجمين الكبار الأكفاء.
أفضل المترجمين، من تصير أسماؤهم علامة مميزة و"ماركة مسجلة" على الجودة والقيمة واحترام قارئه.. واسم أماني فوزي حبشي صار علامة جودة مؤكدة على أي ترجمة منشورة من الإيطالية إلى العربية؛ وهي من المترجمات اللائي نجحن باقتدار في حفر اسمها بحروف من نور في سجل الجسور المعرفية والثقافية الإنسانية؛ وأعتبرها جسرا من جسور الترجمات الإبداعية الرائقة.
(2)
المترجمة أماني فوزي حبشي لمن لا يعرفها، وعلى وجازة وشح المادة التعريفية المتاحة عنها؛ مترجمة وأكاديمية مصرية قديرة، نالت درجة الدكتوراه في الأدب الإيطالي (2002) عن أطروحتها «في مسرح كارلو جولدوني» من كلية الألسن جامعة عين شمس.
وقد ساهمَت المترجمة الراحلة في نقل روائع الأدب الإيطالي الحديث والمعاصر إلى اللغة العربية؛ حيث عكفت على ترجمة العديد من الأعمال الإيطالية المتميِّزة، ولعل أبرزها «ثلاثية أسلافنا» للكاتب الإيطالي الشهير إيتالو كالفينو: «البارون ساكن الأشجار»، و«الفسكونت المشطور»، و«فارس بلا وجود»؛ كما ترجمت أيضا بعض أعمال الكاتبة الإيطالية سوزان تامارو؛ مثل: «اذهب حيث يَقودك قلبك»، و«القلب السمين»، و«لوزيتو»، و«اقفز يا بارت».. هذا بالإضافة إلى عديد الأعمال الأخرى؛ مثل: «بندول فوكو»، و«إيزابيلا وثلاث سُفن ومحتال»، و«القبعة ذات الأجراس».
وقد حازت الدكتورة أماني حبشي الكثيرَ من الجوائز الرفيعة، منها: الجائزة الوطنية في الترجمة من وزارة الثقافة الإيطالية عن مُجمَل ترجماتها من الإيطالية عام 2002، ووسام فارس من الحكومة الإيطالية عام 2003 عن إسهاماتها في مجال الترجمة عموما، وعن ترجماتها إلى اللغة العربية بالأخص.
خلال السنوات الخمس الأخيرة، احتلت أماني حبشي مكانة رفيعة جدا في أوساط القراء من محبي الأدب الإيطالي والثقافة الإيطالية، ومثل توقيعها على أي ترجمة جديدة "صك الجودة" و"براند الثقة"، وحققت المعادلة الصعبة التي يتمناها أي مترجم أصيل؛ الجمع بين جودة المحتوى ودقته ومستواه وقبول القراء وذيوع الترجمة وانتشارها وصولا إلى احتلالها مراكز متقدمة فيما عرف بقوائم الأكثر مبيعا..
بعض ترجمات أماني حبشي طبعت مرارا منها ما تجاوز الطبعات الأربع والطبعات الخمس، وصار اسمها علامة على جودة الأعمال والنصوص المترجمة من الإيطالية.. عدد قليل من المترجمين عن اللغات الأخرى حاز هذه المكانة وهذه الثقة.. (مثلًا؛ القدير أنور إبراهيم عن الروسية، ومحسن فرجاني عن الصينية، وسمير جريس عن الألمانية، هذه مجرد أمثلة فقط).
(3)
من بين أهم ما ميز اختيارات أماني حبشي قدرتها على الإنصات إلى المشترك الإنساني في الوقت الذي تظهر فيه ملامح الحياة الإيطالية وخصوصيتها وفرادتها، اختيارات يمكن وصفها "بواقعية رومانسية شاعرية" إن جاز هذا الجمع، سأتوقف عند عملين من الأعمال التي ترجمتها أماني حبشي في الأعوام الثلاثة الأخيرة؛ لأدلل على ما أقصده بالمشترك الإنساني (المشاعر الإنسانية التي لا تتغير مهما تغير الزمان أو المكان) وفي الوقت نفسه إبراز الخصوصية الإيطالية في الحياة والسلوك والمواقف المختلفة..
«المُعَادة»؛ بضم الميم وفتح العين، عنوان غريب وغير مألوف في عناوين الروايات، وهو عبارة عن صيغة اشتقاقية من الفعل "أُعيد" المبني للمجهول؛ بمعنى "من تمت إعادته أو تمت إعادتها". نص روائي يدور حول فتاة في الثالثة عشرة من العمر، لا يُعرف لها اسمًا إلا لارمينوتا (المُعَادة)، تكتشف أن مَنْ عاشت معهما ليسا والديها الحقيقيين، وأن عليها العيش مع والديها البيولوجيين من الآن فصاعدًا. وما إن تصل إلى شقّة عائلتها المتهالكة، حتى تكتشف عالمًا غارقًا في الفقر والبؤس. هذه هي الأجواء التي تدور فيها الرواية التي ترجمتها أماني حبشي للأديبة الإيطالية دوناتيلّا دي بيترانطونيو.
أما النص الثاني؛ فبعنوان «بورغو سود» للكاتبة الإيطالية ذاتها، وفيه تُلحق دوناتيلا دي بيترانطونيو هذه الرواية بروايتها سالفة الذكر «المُعادة»، بأسلوبٍ حيوي شاعري تصّور فيه الرابطة المضطربة والمتناقضة بين الأختين، ومشاعر الحب المضطربة والمتباينة. الحب في مقابل الخيانة، والهجر، والانسحاب إلى الداخل، والأسرار المدمرة.
ولم تقتصر جهود المترجمة الراحلة على تقديم الترجمات الرائقة والرائعة عن الإيطالية فقط، بل كانت معنية جدا بتدعيم جهود الترجمة من الإيطالية إلى العربية، وقد كان لها نشاط بارز في السنوات الأخيرة في الاهتمام بتوثيق نشاط الترجمة من الإيطالية إلى العربية بالتعاون مع بعض المترجمين الآخرين والمهتمين بذلك، وكان أبرز ما عرفته منها في هذه الدائرة اشتغالها على مشروع طموح لتأسيس قاعدة بيانات كاملة للترجمات التي أنجزت من الإيطالية إلى العربية (وإن كانت لم تحدد بالدقة المدى الزمني الذي يشتغل في إطار المشروع، وهل سيحدد بمدى قصير أم ممتد ويعود بجذوره لبواكير الترجمات عن الإيطالية في العصر الحديث).
(4)
وفي هذا السياق كشفت لي في حوار بيننا (ضمن سلسلة حوارات مع كبار المترجمين في العالم العربي) قبل أربع سنوات، أنها باتت تعتقد أن الوضع حاليًا بالنسبة للترجمة من الإيطالية أفضل بكثيرٍ من الفترة التي بدأتْ فيها العمل في الترجمة في عقد التسعينيات من القرن الماضي.
كشفت لي أماني حبشي أن الأوضاع الآن (2021/ 2022) باتت أفضل بكثير من حيث نوعية الأعمال وجودة الترجمات؛ وأصبح الآن في الساحة بالإضافة إلى المترجمين القدامى في العالم العربي (المخضرمين)، أسماء كثيرة جديدة، وبدأت دور النشر في مصر والعالم العربي، تهتم كثيرا بالترجمة عن الإيطالية؛ سواء بترجمة "كلاسيكيات الأدب الإيطالي" أم "الأعمال الحديثة"، وقد صارحتني بأنها هذا يعود في المقام الأول إلى معارض الكتب، وإلى نشاط المسؤولين عن الحقوق في دور النشر الإيطالية، والطريقة التي يحاولون بها بكل الطرق تسويق الأعمال الحديثة. هذا بالإضافة إلى زيادة عدد دور النشر في الفترة الأخيرة، وبالتأكيد ساهمت وسائل التواصل الحديثة في انتشار الترجمات بصورة أكبر. وعندما سألتها عمن تذكر من الأسماء الجديدة والواعدة في الترجمة عن الإيطالية، قالت لي:
تحضرني هنا أسماء كثيرة، ولكن حتى لا أنسى أحدًا سأدعو المهتمين للاطلاع على صفحة "المقهى الثقافي الإيطالي"، والتي فيها نحاول أنا، والزميل معاوية عبد المجيد، تأسيس قاعدة بيانات للترجمات من الإيطالية إلى العربية، سواء ما تم بالفعل، أو مواكبة ما يحدث على الساحة في الوقت الحالي، ومن خلالها يمكن التعرف على العديد من الأسماء الجديدة التي بدأت تبرز مؤخرًا على الساحة، بالإضافة طبعًا للأسماء المعروفة بالفعل.
ولكن لا توجد مقارنة بالفعل، فالعديد من دور النشر الآن تهتم بالأعمال من اللغات المختلفة، ونالت اللغة الإيطالية حظها أيضًا من هذا الاهتمام. يكفي متابعة الكتب المطبوعة هذا العام، على الرغم من الجائحة لتقييم هذا الأمر. ولكن بالتأكيد، بالمقارنة باللغة الإنجليزية، فما زلنا نحتاج إلى مزيد من الجهد..
أخيرًا.. تبقى السيرة والأعمال الرائعة أطول من عمر أصحابها.. التحية والسلام لروح المترجمة القديرة.