أثار طلب مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وثلاثة من زعماء حركة حماس، انقساما غربيا في التعاطي مع الخطوة التي سرعان ما أثارت تفاعلت دوليا.

وفي الوقت الذي عبرت فيه أغلب العواصم الغربية عن رفضها لطلب المدعي العام، وانتقادها لـ"المساواة بين الضحية والجلاد" في إشارة لدعم القادة الإسرائيليين، وذهبت إلى حد اعتبار القرار بأنه "غير مقبول"، جاء الموقف الفرنسي ليؤكد دعمه لاستقلالية المحكمة الجنائية الدولية "ومكافحة الإفلات من العقاب في جميع الحالات.

"

ويعتقد محللون فرنسيون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن موقف باريس يتفرد عن غيره من المواقف الأوروبية التي لطالما دعمت خطوات "الجنائية الدولية" في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، في الوقت الذي وصف خبير قانوني أمريكي الوضع الراهن بالمتناقض".

من عارض قرار "الجنائية الدولية"؟

 قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن طلب المدعي العام بإصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين "أمر شائن"، موضحا أنه "لا يوجد أي تكافؤ على الإطلاق بين (موقفي) إسرائيل وحماس. أعربت ألمانيا، عن أسفها لكون قرار المدعي العام يعطي "انطباعا خاطئا بمساواة" بين الطرفين، لكنها شددت في الوقت نفسه على احترام "استقلالية" المحكمة الجنائية الدولية. أما إيطاليا، فاعتبرت أن المساواة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس "غير مقبول". والمملكة المتحدة اعتبرت كذلك أن قرار المدعي العام للجنائية الدولية باعتقال نتنياهو "غير مفيد"، مشددة على أن هذا الإجراء لا يساعد في تحقيق وقف القتال أو إخراج الرهائن أو إدخال المساعدات الإنسانية.  أما في التشيك، فقد قال رئيس وزرائها بيتر فيالا إن اقتراح المدعي العام للجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق قادة إسرائيل "أمر مروع وغير مقبول على الإطلاق". كما قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، إن "محاولة إظهار أن رئيس وزراء إسرائيل في نفس كفة زعيم حماس غير مقبول تماما".

من دعم قرار الجنائية؟

 في المقابل كان الموقف الفرنسي داعما للمحكمة الجنائية، إذ أعربت فرنسا عن دعمها لاستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، كما أدانت "المجازر المعادية للسامية التي ارتكبتها حماس"، مؤكدة تحذيرها لإسرائيل "بضرورة الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وخاصة المستوى غير المقبول للضحايا المدنيين في قطاع غزة وعدم وصول المساعدات الإنسانية بشكل كاف". وذكر أيضا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن "الجنائية الدولية" مؤسسة دولية مستقلة وإنه على جميع الدول التي صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الالتزام بتنفيذ قراراتها. كما اعتبرت الخارجية البلجيكية، أن طلب المدعي العام "خطوة مهمة للتحقيق في الوضع"، مؤكدة أن "مكافحة الإفلات من العقاب أينما وقعت الجرائم هي أولوية بالنسبة لبلجيكا". كما رحبت رئاسة جنوب أفريقيا بطلب إصدار أوامر الاعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت وثلاثة من قياديي حركة حماس "فيما يتعلق بارتكاب جرائم حرب منسوبة إليهم". وأكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، أن على الجميع مواجهة العدالة واحترام ما تقرره المحكمة الجنائية الدولية، مشددا على أن "المحكمة الجنائية الدولية وجدت لتأخذ العدالة مجراها وعلى الجميع أن يحترم قراراتها".

هل يثير الموضوع خلافا غربيا؟

من باريس، اعتبر الأكاديمي الفرنسي وأستاذ العلاقات الدولية، فرانك فارنيل، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن القرار الأخير للجنائية الدولية أثار "جدلاً وانقساماً كبيرين داخل المجتمع الدولي".

وأوضح "فارنيل" أن "تأييد فرنسا القوي لقرار المحكمة يعكس التزامها الطويل الأمد بنظام العدالة الجنائية الدولي ورغبتها المنهجية في تقديم حل دبلوماسي مختلف"، لافتا إلى أن باريس لعبت دورا محوريا في إنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998 خلال مؤتمر روما ودأبت على دعم مهمتها.

ورغم ذلك، أشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن بيان الحكومة الفرنسية بشأن المحكمة الجنائية "أثار ارتباكا وسخطا كبيرين في جميع أنحاء أوروبا".

وبين أنه يُنظر إلى الموقف الفرنسي أيضا على أنه "محاولة للمراوغة في الانتخابات الأوروبية المقبلة، حيث تتأثر الديناميكيات السياسية الداخلية بشكل كبير بالأحزاب ذات الآراء القوية حول معاداة السامية والسياسة الخارجية".

وشدد "فارنيل" على أن الردود المتباينة من فرنسا والولايات المتحدة توضح الانقسامات الجيوسياسية الأوسع نطاقا والتحديات في تحقيق سياسة دولية متماسكة في مواجهة القرارات الخلافية.

وأكد أن "فرنسا إن كانت ترغب في أن يكون لها رأي في اتفاقيات ما بعد الحرب والاتفاقات الإقليمية، فعليها معالجة هذه التناقضات أو المخاطرة بالتهميش".

"تناقض غربي"

ومن واشنطن، وصف أستاذ القانون الدولي في جامعة فيرلي ديكنسون الأميركية، غبريال صوما، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، الموقف الغربي من طلب المدعي العام للجنائية الدولية بأنه "متناقض"، مؤكدا أنه طالما دعمت العواصم الأوروبية قرارات المحكمة بيد أنها تعارض أغلبها قراراتها الآن فيما يخص الموقف من إسرائيل.

وأضاف صوما، الذي يعد عضوا بالحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب: أن "الدول الغربية ساهمت في تأسيس المحكمة الجنائية بهدف أساسي يتمثل في محاكمة المسؤولين عن الجرائم في أفريقيا الذين لا توجد محاكم وطنية بإمكان أن تحاكمهم، حيث كانت أغلب قراراتها بحق زعماء وقادة سابقين داخل القارة الأفريقية".

ووفق موقع الخارجية الفرنسية، رفعت إلى المحكمة 31 قضية بشأن 17 حالة قيد التحقيق في كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا وكينيا والسودان وليبيا وكوت ديفوار ومالي وجورجيا وبوروندي وبنغلادش وبورما وأفغانستان وفلسطين والفلبين وفنزويلا وأوكرانيا.

وأشار صوما، إلى أن الولايات المتحدة من جانبها ترفض قرارات المحكمة فيما يخص إسرائيل، مرجعا ذلك إلى "تخوفها من أن تطال أحكامها المسؤولين الأمريكيين خارج الولايات المتحدة مثل الدبلوماسيين والقادة بالجيش الأمريكي وأفراده.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات القادة الإسرائيليين المحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب ألمانيا إيطاليا المملكة المتحدة التشيك رئيس الوزراء البولندي الموقف الفرنسي مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الخارجية البلجيكية جنوب أفريقيا وزير الخارجية الأردني انقساما باريس واشنطن الموقف الغربي إسرائيل إسرائيل فلسطين المحكمة الجنائية قادة إسرائيليون حركة حماس فرنسا أميركا دول أوروبا انقسامات القادة الإسرائيليين المحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب ألمانيا إيطاليا المملكة المتحدة التشيك رئيس الوزراء البولندي الموقف الفرنسي مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الخارجية البلجيكية جنوب أفريقيا وزير الخارجية الأردني انقساما باريس واشنطن الموقف الغربي إسرائيل أخبار إسرائيل المحکمة الجنائیة الدولیة للجنائیة الدولیة طلب المدعی العام غیر مقبول على أن

إقرأ أيضاً:

تحالف الأحزاب: المزايدة على الموقف المصري مرفوضة.. والإجراءات المصرية تحكمها اعتبارات سيادية وأمنية

أعرب تحالف الأحزاب المصرية الذي ينضوي تحت لوائه نحو 42 حزبا سياسيا، عن ترحيبه بالبيان الصادر عن وزارة  الخارجية، بشأن الضوابط التنظيمية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية المحاذية لغزة، مضيفا أن مصر ترحب بكل الوفود الأجنبية وتدعم كل الجهود الدولية والشعبية المخلصة التي تهدف إلى مساندة الشعب الفلسطيني ودعم صموده، لكنها ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتجاوز القوانين أو القواعد التنظيمية المصرية الخاصة بالمناطق الحدودية.

خبير دولي: الاحتلال اتخذ من 7 أكتوبر حجة لزيادة الممارسات الإجرامية في غزةالأونروا: نموذج توزيع المساعدات الإسرائيلي الأمريكي في غزة يهدد الأرواحلليوم الثاني.. استمرار انقطاع الإنترنت والاتصالات الأرضية عن غزة وشمالهامساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر ما زالت مستمرة في جهود الوساطة مع قطر من أجل غزة

وقال النائب تيسير مطر، الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، رئيس حزب إرادة جيل ووكيل لجنة الصناعة في مجلس الشيوخ، إن بيان وزارة الخارجية المصرية يؤكدا مجددا على موقف مصر الثابت والمتمثل في دعم الأشقاء في فلسطين، في ظل الحرب المستمرة على قطاع غـزة، معلنا رفضه المزايدة على الموقف المصري.

وأكد الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، أن مصر على مدار التاريخ وهي تؤكد على مصر علي موقفها الثابت الداعم لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، والرافض للانتهاكات الاسرائيلية الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني، كما أنها مارست العديد من المحاولات وأجرت العديد من الاتصالات للضغط علي إسرائيل لإنهاء الحصار علي القطاع والسماح بالنفاذ الإنساني من كافة الطرق والمعابر الاسرائيلية مع القطاع.

وأشار الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية، إلى أن الالتزام بالإجراءات المصرية المنظمة لزيارة المناطق الحدودوية لغزة تحكمها اعتبارات سيادية وأمنية دقيقة تفرضها طبيعة المرحلة وخطورة الموقف في غزة، مضيفا أن بيان وزارة الخارجية جاء واضحًا للتأكيد على أن مصر لم ولن تكون حاجزًا أمام أي شخص أو جهة ترغب في التخفيف من معاناة الأشقاء في قطاع غزة، شريطة أن يضع الجميع في اعتباره الضوابط التنظيمية والإجراءات التي حددتها الدولة المصرية.

وشدد "مطر"،على ضرورة أن تحصل هذا الوفود الأجنبية  على موافقات مسبقة من الدولة المصرية وليس في إطار فرض الأمر الواقع خاصة مع تأزم الأوضاع في المنطقة، موضحا أن ذلك يتم خلال القنوات الرسمية المتبعة احترامًا للقانون المصري وحفاظًا على سلامة الجميع.

وأشار الأمين العام لتحالف الأحزاب السياسية، أن مصر لن تتخلى عن دورها في دعم القضية الفلسطينية ودورها المحوري في هذا الملف مهما كانت التحديات، مؤكدا أن مصر  تتحرك على كل المستويات لوقف العدوان على قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للأشقاء الفلسطينيين الذين يواجهون أوضاع مأساوية صعبة جراء العدوان الإسرائيلي عليهم.

طباعة شارك وزارة الخارجية تحالف الأحزاب المصرية الضوابط التنظيمية 42 حزبا سياسيا

مقالات مشابهة

  • الأردن يحيل جمعية الهلال الأخضر إلى المدعي العام.. لماذا؟
  • 5 أسئلة لفهم موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية من النووي الإيراني‎
  • رئيس اتحاد المحامين العرب يدعم موقف الخارجية المصرية بشأن زيارة الحدود مع غـزة
  • أستاذ علوم سياسية: بيان الخارجية يؤكد ثبات الموقف المصري من دعم فلسطين
  • تحالف الأحزاب: المزايدة على الموقف المصري مرفوضة.. والإجراءات المصرية تحكمها اعتبارات سيادية وأمنية
  • كاميرون يهدد المحكمة الجنائية لأجل نتنياهو.. هل يعرقل العدالة الدولية؟
  • كمال مولى يُثمّن قرار تغيير وضع فلسطين داخل منظمة العمل الدولية
  • لو عايز تشيل الأحكام الجنائية من سجلات الأمن العام.. الإدارية العليا توضح
  • بسبب نتنياهو وجالانت.. بريطانيا هددت بقطع التمويل عن "الجنائية الدولية"
  • لو دريان: لبنان أمام فرصة فريدة لاستعادة التماسك والثقة الدولية