شبكة اخبار العراق:
2024-09-22@13:00:55 GMT

في غياب الدولة تضيع الشعوب

تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT

في غياب الدولة تضيع الشعوب

آخر تحديث: 22 ماي 2024 - 9:06 صبقلم:فاروق يوسف جاء قرار تحطيم الدولة العراقية الذي اتخذه الحاكم المدني الأميركي بول بريمر منسجما مع مبادئ وتطلعات الأحزاب الطائفية الشيعية التي وقفت مع الاحتلال. ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين بنسختها العراقية أفضل في تعاملها مع ذلك القرار الذي وضع حدا لجهود مضنية بذلتها أجيال من العراقيين في بناء تلك الدولة الحديثة.

ذلك ما كان الأميركان على دراية به وهو ما يخدم مشروعهم القاضي بتدمير العراق حاضرا ومستقبلا. فعراق من غير دولة لن تقوم له قائمة ولن يستعيد مكانته على خارطتي الشرق الأوسط والعالم العربي، ناهيك عن صورته في العالم. قد يظن البعض خطأً أن الأمر التبس علي حزبيي الإسلام السياسي بحيث تحوّل عداؤهم للنظام السياسي إلى عداء للدولة. ذلك ليس صحيحا. فالدولة باعتبارها كيانا مؤسساتيا كانت هي المقصودة كونها تتعارض مع مبدأ الحاكمية الذي أعلى الإخواني سيد قطب من شأنه وصار جزءا من المنطلقات النظرية للإخوان كما لكل الأحزاب الدينية التابعة لإيران وقبلها المرجعيات الدينية الإيرانية. وإذا ما اعتبرنا ذلك المبدأ نوعا من النفاق السياسي الذي يهدف إلى إخفاء الواقع فإن العداء للدولة يعود في حقيقته إلى أن المؤسسة الدينية تزدهر في ظل ضعف الدولة، أما حين تكون الدولة قوية فإنها تنزوي جانبا. ذلك ما حدث في مختلف العصور التي مرّت بها الدولة العربية الإسلامية. التقت المصلحة الأميركية بمبادئ جماعات الإسلام السياسي التي وجدت في الغزو الأميركي باباً تطل من خلاله على مستقبل ستكون فيه هي سيدة الموقف في النظام وفي الفوضى. وليس المقصود بالنظام هنا العودة إلى مبادئ العمل المؤسساتي بل العمل السياسي في أجواء مستقرة نسبيا. وهو ما عاشه العراق بعد سنوات طويلة من الاضطراب الذي لا تزال معادلاته ممكنة الاستعادة في أيّ لحظة. يمكن لمقتدى الصدر على سبيل المثال أن يقلب الطاولة على الجميع حين يريد ولو كانت هناك دولة لما استطاع القيام بذلك. منذ أكثر من عشرين سنة والعراق من غير دولة. وهو حدث غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث في العراق. لقد حافظ الانقلابيون في 1958 و1963 و1968 على الدولة التي كانت قائمة منذ عشرينات القرن العشرين. كانت تلك الدولة هي الحاضنة التي استطاعوا من خلالها تنفيذ مشاريعهم في الهدم والبناء على حد سواء. لم يؤثّر التقاتل الحزبي على الدولة ولم يمسّها بضرر. ظلت الدولة قائمة بعيدا عن المعدلات السياسية التي تتحكم بشكل الحكم. أما وقد سقطت الدولة فقد حل النظام السياسي محلّها. ولأنه كيان يتألف من مواد سائلة فلم يعد القانون قادرا على استيعاب تحولاته والتحكم بمساراته. حين اختفت الدولة اختفى العراق. تلك هي المعادلة التي تحلم بالوصول إليها كل تنظيمات الإسلام السياسي. ولو قُدر للإخوان المسلمين أن يستمروا في حكم مصر لكانت الدولة المصرية التي حافظ عليها النظام الجمهوري قد تم تحطيمها ولالتحقت مصر بالعراق. ولكن حركة النهضة نجحت في تدمير دولة بورقيبة في تونس. فعن طريق التخلص من دولة بن علي تم الانقضاض على الدولة المدنية التي أقامها الحبيب بن بورقيبة وحافظ عليها زين العابدين بن علي. كلما حاول الرئيس قيس سعيد العودة بتونس إلى مسار الدولة يصطدم بمظاهر الفوضى التي صار الكثيرون في غياب الدولة يعتبرونها نوعا من الديمقراطية. وما لم تكن هناك دولة فلا وجود لميزان. كان من الممكن أن تضيع مصر لو أن الإخوان استمروا في مشروع دولتهم. أما في تونس وقد تمكنت منها حركة النهضة فلم يكن من الصعب أن تضيع الدولة. لقد تم تذويبها في سياق قوانين أفرطت في تمجيد الانتقام منها بحجة المراجعة التاريخية. ما جرى يكشف عن أنه كانت هناك رغبة لتذويب دولة بورقيبة والانتهاء منها. في العراق أنهى المحتل الأميركي الدولة باعتبارها دولة صدام حسين. ذلك ما فعلته حركة النهضة حين اعتبرت الدولة التونسية دولة بن علي. المفارقة أن قيس سعيد رجل قانون وهو لا يجرؤ على مكاشفة شعبه بحقيقة أن دولتهم ماتت.الفجيعة واحدة في كل البلدان التي تعرضت لهزات اقتلعت الدولة فيها من أساسها. فلا اليمن ولا ليبيا ولا العراق ولا تونس ستتمكن من استعادة الحياة الطبيعية ما لم تبن فيها دولة جديدة على أنقاض الدولة التي هُدمت. ذلك ما يستغرق زمنا طويلا. هذا إذا توفرت الإرادة الوطنية المستقلة والحرة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: ذلک ما

إقرأ أيضاً:

ما الدول التي عارضت قرارا أمميا يطالب إسرائيل بإنهاء الاحتلال؟

بينما يتواصل ترحيب دول ومنظمات عربية وإسلامية بالقرار التاريخي الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ويطالب إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية خلال 12 شهرا، بحث العديد من القراء عن الدول التي عارضت القرار.

القرار الذي تقدمت به دولة فلسطين واعتمد بأغلبية 124 صوتا مقابل اعتراض 14 دولة وامتناع 43 دولة أخرى عن التصويت، نص على مطالبة إسرائيل بإنهاء "وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة" خلال 12 شهرا.

واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن التصويت الإيجابي لأكثر من ثلثي الدول الأعضاء للأمم المتحدة هو استفتاء على إجماع دولي بأن الاحتلال يجب أن ينتهي وأن ممارسات وجرائم الاحتلال يجب أن تتوقف، وأن يسحب قواته، ومن ضمنها المستوطنون.

وكان مشروع القرار الذي قدمته دولة فلسطين يهدف إلى تأييد الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز الماضي للمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وتفكيك المستوطنات ومنظومتها غير القانونية وجدار الفصل العنصري وإجلاء جميع المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس المحتلة.

دول مؤيدة

وبطبيعة الحال فقد كانت الدول العربية والإسلامية من بين الدول الـ124 التي أيدت القرار، ومعها دول مهمة مثل الصين وروسيا وفرنسا والبرازيل والنرويج وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وأيرلندا وكوريا الشمالية والمكسيك.

ممتنعون عن التصويت

وتصدرت بريطانيا وألمانيا أبرز الدول التي امتنعت عن التصويت ومعهما كندا وأستراليا وإيطاليا وهولندا وبولندا والسويد والنمسا والدانمارك وسويسرا وأوكرانيا.

معارضو القرار

أما الدول الـ14 التي صوتت ضد القرار فتصدرتها إسرائيل والولايات المتحدة ومعهما الأرجنتين والتشيك والمجر ومالاوي وباراغواي، إضافة إلى عدة دول متناهية الصغر هي ميكرونيزيا وفيجي وناورو وبالاو وتونغا وتوفالو وبابوا غينيا الجديدة.

مقالات مشابهة

  • عضو بـ«النواب»: مواجهة التطرف ضرورة للحفاظ على قوة المجتمع وازدهاره
  • النائب أيمن محسب: التطرف خطوة أولى نحو انتشار العنف والإرهاب بالمجتمع ومواجهته "ضرورة"
  • شلوف: الوضع السياسي في ليبيا انتقل إلى مرحلة “سياسة عضّ الأصابع”
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض أهدافا فوق الجولان كانت آتية من العراق
  • مصر أول دولة أفريقية تستضيف المنتدى الحضري العالمي بعد غياب 20 عاما
  • كيف تتعاطى حركات الإسلام السياسي مع سياسات توظيف الأنظمة لها؟
  • روسيا تضيف 47 دولة على قائمة الدول التي تفرض قيما هدامة غير تقليدية
  • ما الدول التي عارضت قرارا أمميا يطالب “إسرائيل” بإنهاء الاحتلال؟
  • ما الدول التي عارضت قرارا أمميا يطالب إسرائيل بإنهاء الاحتلال؟
  • مدبولي: مصر كانت تعتمد على جزء من الطاقات التقليدية في الإنتاج المحلي