أكراد وعرب وبلوش ينتظرون الفرصة.. كيف يفكر «الغرب الأمريكي- الأوروبي» في خريطة إيران؟
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
من تحت رماد الضربة الإسرائيلية لمقرات ومنشآت إيرانية، تلوح في الأفق نارٌ أخرى قد لا تُطفأ بسهولة، ممثلة في الانقسام الداخلي الذي يطرق أبواب الدولة الإيرانية ضمن مخطط يستهدف تفكيكها إلى دويلات إثنية، وطائفية.
وبينما تنشغل إيران بترميم كرامتها الاستراتيجية، لا تُخفى أصوات أقليات مهمَّشة (أكراد، بلوش، عرب الأحواز، وأذربيجان الجنوبية) ضمن سيناريوهات مطروحة لكسر الدولة الإيرانية، وتحجيم دورها في المنطقة، استغلالاً للأقليات، والأعراق التي تعاني من التهميش في الداخل الإيراني.
إيران (مليون و600 ألف كيلومتر) تتمدد على طول الساحل الشرقي للخليج العربي، وشرق العراق، عبر مساحة جيوسياسية، منحتها تنوعًا كبيرًا في الثروات الطبيعية، حيث تتمتع باحتياطي ضخم من النفط، والغاز الطبيعي، والثروات الطبيعية كالنحاس، والحديد، والليثيوم، وغيرها.
بدأت أصوات التقسيم تظهر في خلفية الصورة، حيث طالب نجل شاه إيران بدعوة قوات الأمن للانشقاق عن النظام، تلبيةً لدعوة بنيامين نتنياهو التي وجهها للمعارضين الإيرانيين بسرعة التحرك، وانتهاز الفرصة للانقلاب على النظام الذي ادعى نتنياهو بأنه في أضعف حالاته.
والدعوات للتقسيم ليست جديدة، بل إنها مخططة في خطط المفكر البريطاني- الأمريكي، برنارد لويس، مهندس خطط تقسيم دول المنطقة لصالح مخطط «إسرائيل الكبرى»، والذي ظل حتى وفاته عام 2018، يرسخ لهذا المخطط.
الخرائط التي وضعها برنارد لويس أخذت طريقها إلى العقول المفكرة في أجهزة الاستخبارات الغربية (الأمريكية- الأوروبية) بشراكة إسرائيلية، وتُعتبر دولة كردستان إيران أحد أهم الكيانات التي ترغب في الانفصال عن إيران.
المشروع الأكبر في هذا الشأن سيضم أكراد إيران، العراق، تركيا، وسوريا تحت مظلة قومية واحدة، وفق مخطط لويس. كما يعاني البلوش، الذين تمتد قبائلهم ما بين دول باكستان وأفغانستان، حيث يطالبون بإقامة جمهورية بلوشية سنية مستقلة.
في المقابل، تراود الطموحات نفسها أهالي الأحواز من الأقليات العربية التي كانت تتمتع إلى وقت قريب بالاستقلال، حتى تم ضمّها إلى إيران في عهد الشاه. وتتميز منطقة الأحواز بوفرة نفطية، حيث تُنتج نحو 80% من مجموع النفط الإيراني.
وإذا انفصلت منطقة الأحواز عن إيران، فإنها ستشكّل ضربة مميتة للاقتصاد بما تتمتع به من ثروة نفطية هائلة، فضلاً عن أن سكان الأحواز من السنة الذين يتحدثون العربية بطلاقة وينحدرون من قبائل عربية من دول مجاورة.
هناك أيضًا «أذربيجان الجنوبية»، وهم قبائل لديهم ارتباط مع دولة أذربيجان المجاورة لهم، ويطالبون بضمهم إلى اتحاد يجمعهم مع الأذريين، وهم ينتظرون اللحظة المواتية من ضعف الدولة المركزية للانفصال.
التصوّر الغربي أن تتحول طهران نفسها إلى دولة فارسية صغيرة، محاطة بمجموعة من الدول والقوميات التي تناصبها العداء، بعد أن تتشظى الدولة الأم، كما جرى لعدد من الإمبراطوريات السابقة مثل يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا، وقبلهم الاتحاد السوفيتي.
اقرأ أيضاً«مصر للطيران» تسير غدًا 22 رحلة جوية لعودة حجاج بيت الله الحرام
مرتبات شهر يونيو 2025.. موعد الصرف وتطبيق الزيادة الجديدة
«شعبة المصدرين»: الحرب الإيرانية الإسرائيلية تؤثر على الاقتصاد العالمي.. ومصر قادرة على استيعاب تداعياتها
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل ترامب إيران نتنياهو الحرب بين إسرائيل وإيران الغرب الأمريكي الأوروبي
إقرأ أيضاً:
بكين تتحدى الغرب.. الصين تدعم إيران وترفض الهجوم الإسرائيلي
أعربت الصين، السبت، عن دعمها الصريح لإيران في مواجهة الهجمات الإسرائيلية، منددة بما وصفته بـ"الانتهاك الصارخ" للقانون الدولي.
وأكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، أن بكين "تدعم طهران في الدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة، وضمان أمن وسلامة شعبها"، بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية الصينية.
وفي الوقت ذاته، شدد وانغ في مكالمة منفصلة مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، على أن "أفعال إسرائيل تنتهك بشدة المعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية"، مشيراً إلى أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على منشآت نووية إيرانية "تشكل سابقة خطرة قد تكون تداعياتها كارثية".
وتأتي هذه التصريحات الصينية في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة حالة من الغليان بعد الضربات الإسرائيلية التي طالت مواقع إيرانية حساسة، وردود الفعل الإيرانية الغاضبة التي شملت تهديدات باستهداف قواعد وسفن غربية في حال تدخلت عسكرياً لصالح إسرائيل.
وبحسب بيان ثانٍ للخارجية الصينية، أعرب وانغ يي خلال اتصاله بالوزير الإسرائيلي عن رفض بكين استخدام القوة، مؤكداً أن "القوة لا يمكن أن ترسي سلاماً دائماً"، مضيفاً أن "الوسائل الدبلوماسية في ما يتصل بملف إيران النووي لم تُستنفد بعد، وما زال هناك أمل بحل سلمي".
كما شدد على أن بلاده مستعدة للعب "دور بنّاء" في احتواء التصعيد، داعياً جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب الانزلاق نحو مواجهة أوسع قد تجر المنطقة والعالم إلى حرب شاملة.
وتحتفظ الصين بعلاقات استراتيجية واقتصادية وثيقة مع إيران، حيث تُعدّ أكبر مستورد لنفطها، في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على طهران. وفي المقابل، تتبنى بكين موقفاً حذرًا تجاه إسرائيل، على الرغم من العلاقات التجارية المتنامية بين الجانبين.
ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي الصيني في ظل تصاعد المواقف الدولية، إذ نقلت تقارير غربية أن بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا تدرس خيارات دعم إسرائيل عسكرياً، في وقت حذرت فيه إيران من أن أي تدخل غربي سيقابل بردّ مباشر على قواعده المنتشرة في الشرق الأوسط.
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة، بدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، أسمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم "استباقي" وجاء بتوجيهات من المستوى السياسي، فيما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العملية "غير المسبوقة" تهدف إلى "ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية الأخرى".
وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، بلغ عدد موجاتها حتى الآن ستة، ما أدى – بحسب وسائل إعلام عبرية – إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة 172 آخرين بجروح متفاوتة، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن "حدث خطير جدا" في تل أبيب، عقب قصف إيراني استهدف موقعا استراتيجيا، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بسبب الرقابة العسكرية الصارمة وتعليمات التعتيم المفروضة من قبل الجيش.
والهجوم الإسرائيلي الحالي على إيران يعد الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا واضحا من "حرب الظل" التي كانت تديرها تل أبيب ضد طهران عبر التفجيرات والاغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح يتجاوز ما شهده الشرق الأوسط منذ سنوات.