جدعون ليفي: هناك إجراءان عاجلان يتعين على إسرائيل اتخاذهما
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
قال الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي إن أمام تل أبيب مخرجا واحدا -ولن تختاره- رغم أنه الطريقة الوحيدة لتجنب السقوط في الهاوية التي تقف على حافتها الآن، وهو أن تقول نعم للحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الماضي.
هكذا يجب أن تتصرف الدولة التي تحكمها القوانين -كما يرى الكاتب- وهذه هي الطريقة التي ينبغي لدولة تطمح إلى أن تصبح عضوا شرعيا في أسرة الأمم المتحدة أن تتصرف بها، وكان على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يعد بذلك، لتبقى أبواب الجحيم التي توشك أن تفتح على إسرائيل، مغلقة ولو لفترة وجيزة.
إن قول نعم للمحكمة، حسب ما يراه ليفي في تعليق له بصحيفة هآرتس، لن ينقذ إسرائيل من إراقة المزيد من الدماء دون طائل فحسب، بل سيوقف كرة الثلج الدولية التي تتدحرج نحوها، وسيكون إنهاء القتال في رفح والحرب برمتها، فرصة إسرائيل الأخيرة لاستعادة مكانتها الدولية قبل الحرب.
وإذا قررت إسرائيل تجاهل الأمر -وهو أمر شبه مؤكد حسب الكاتب- فإنها بذلك تعلن نفسها دولة منبوذة، ومع ذلك ستبحث عن طرق لتجاهل الأمر وتجنيد واشنطن لتقويض القانون الدولي.
أما الآن ونحن على بعد خطوة من الهاوية -كما يرى جدعون ليفي- فهناك إجراءان عاجلان يتعين على إسرائيل اتخاذهما، إنهاء الحرب وتغيير حكومتها، وهذا بالضبط ما أمرت به أكبر محكمتين في العالم، عندما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال دولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، وأمرت محكمة العدل الدولية بوقف القتال في رفح.
بيد أن إسرائيل منذ الانسحاب "المتسرع" من سيناء عام 1956، لم تذعن قط لإرادة المجتمع الدولي، وكأن العالم وقراراته لا علاقة لها بها، ولأنها منيعة ومحمية من قبل أميركا والكتاب المقدس ومركز أبحاث نووي في ديمونا، تتصرف تل أبيب دائما كما لو كان لديها ترخيص للسخرية من العالم كله، ولكن ذلك انتهى في اليوم الذي غزت فيه غزة بهذه الطريقة الوحشية التي لا رادع لها، كما يرى الكاتب.
ولتأكيد ذلك -يقول ليفي- إن رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام لم يكد ينتهي من قراءة الحكم حتى كثفت إسرائيل هجماتها على رفح، التي فر منها ما يقرب من مليون شخص إلى الشواطئ، والتي لم يبق فيها سوى مستشفى واحد يضم 8 أسرة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الهندية بانو مشتاق الحائزة بوكر: على الكاتب وصف الوردة وأشواكها
تؤمن الكاتبة الهندية والناشطة في مجال حقوق المرأة بانو مشتاق، التي نالت في مايو/أيار الماضي جائزة بوكر الأدبية الدولية، بأن الكتابة الحقيقية تستلهم من الواقع، ولو كان شديد العنف والقسوة. ومن هذا المنطلق، لم تتردد في جعل إحدى أقصوصات مجموعتها الفائزة بالمكافأة المرموقة تتناول محاولة انتحار حرقا، مشابهة لتلك التي أقدمت عليها بنفسها.
وقالت بانو، البالغة 77 عاما، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: "لا يمكن للمرء أن يكتب لمجرد وصف وردة. لا يكفي أن يقول إن لها هذا العطر وتلك البتلات وذلك اللون. عليه أيضا أن يكتب عن الأشواك. إنها مسؤوليته، وعليه أن يفعل".
في مجموعتها القصصية الفائزة بجائزة بوكر، والتي تحمل عنوان "هارت لامب" (Heart Lamp) (سراج القلب)، تتناول بانو في أقصوصاتها الـ12 القوية، جوانب من حياة نساء مسلمات يعانين توترات أسرية ومجتمعية، تحمّل بعضهن العنف المنزلي، أو ابتليت أخريات بوفاة أطفالهن، أو تعرضن للخيانة من أزواجهن.
القصص، التي كتبتها بين عامي 1990 و2023، شكلت أول عمل أدبي بلغة "الكانادا" (Kannada) (وهي اللغة التي يتحدث بها نحو 65 مليون شخص في جنوب الهند) يترجم إلى الإنجليزية، وهو ما جعل فوزها بالجائزة حدثا فارقا في تاريخ الأدب الهندي والعالمي على حد سواء.
إعلانقامت بترجمة العمل إلى الإنجليزية ديبا بهاستي، الصحفية والكاتبة من جنوب الهند، وقد وصفت لجنة التحكيم الترجمة بأنها "جذرية ومبتكرة تحدث اضطرابا في اللغة وتخلق نسيجا جديدا لتعددية الإنجليزية".
وقد نالت الجائزة مناصفة مع المؤلفة، في تكريم مزدوج للنص والترجمة، رغم الرقابة التي تعرض لها الكتاب من جانب الدوائر المحافظة في الهند، كما ذكر منظمو الجائزة، وتجاهله من قبل الجوائز الأدبية الكبرى في الدولة الآسيوية العملاقة.
نال أسلوب بانو إعجاب النقاد لما يجمعه من فكاهة ساخرة تخفي خلفها ألما عميقا وقسوة واقع شخصياتها. ووصفت لجنة تحكيم جائزة بوكر شخصيات قصصها بأنها "صور مذهلة للقدرة على الاستمرار"، مشيدة بموقفها الحازم بلا مهادنة من طغيان النظام الأبوي والطبقية والتطرف الديني على المجتمع الهندي.
واحتفت لجنة التحكيم بالمجموعة بوصفها "قصصا جميلة مليئة بالحياة، تترجم بلغة مبتكرة توسع فهمنا للترجمة والاختلاف الثقافي"، مؤكدة أن هذه القصص الحية والمؤلمة تقدم "وثيقة أخلاقية وسياسية" عن معاناة النساء المسلمات في جنوب الهند.
وتنتمي بانو المولودة عام 1948 إلى عائلة مسلمة، لكنها تلقت تعليمها بلغة الكانادا لا بالأردية، اللغة الثقافية التقليدية لمسلمي الهند. وبعد أن بدأت حياتها المهنية في مجالي الصحافة والتعليم، عملت لاحقا في المحاماة، وناضلت بصفتها الحقوقية ضد الأصولية وغياب العدالة الاجتماعي.
أما حياتها الخاصة، فلم تكن أقل قسوة من قصصها. فقد تزوجت بعد قصة حب، لكنها شعرت لاحقا بالاختناق بسبب القيود المفروضة عليها. وقد قالت "لم يكن يُسمح لي بنشاطات فكرية (…) وبالكتابة".
إعلانحتى وصلت بها المعاناة النفسية إلى محاولة إحراق نفسها في أواخر العشرينيات من عمرها، وهرع زوجها إليها مع ابنتهما البالغة 3 أشهر، واسترجعت هذه اللحظة قائلة: "وضع زوجي ابنتنا الصغيرة عند قدمي، وجعلني أركز انتباهي إليها، وعانقني، ثم ضمني إليه، وبهذه الطريقة تمكن من ثنيي عن الانتحار".
وفي أقصوصتها، تستلهم الكاتبة هذه اللحظة، إذ تكون الطفلة هي صاحبة الفضل في إنقاذ أمها. وعن هذا التقاطع بين السيرة الذاتية والخيال، تقول بانو: "شيء من شخصية الكاتب ينعكس في مؤلفاته، سواء بوعي أو من دون وعي".
اليوم، تمتلئ جدران منزل بانو في بلدة حسان الصغيرة جنوب الهند بالشهادات والجوائز، وآخرها جائزة بوكر التي تسلمتها في لندن، والتي تصفها بأنها غيرت حياتها "بشكل إيجابي"، مع أنها شكت مما تفرضه هذه الشهرة من عبء عليها.
وتستقبل الكاتبة الكثير من الزوار، لكنها قالت بأسف "لم يعد لدي وقت للكتابة التي تشعرني بمتعة وارتياح كبيرين".
وشددت بانو مشتاق على أن شخصياتها ليست خاصة ببلد بعينه أو مجتمع بذاته، بل تنطبق على كل زمان ومكان. وقالت "في كل مكان، تعاني النساء هذا النوع من القمع والاستغلال والسلطة الأبوية. المرأة هي المرأة، في كل مكان من العالم".
مع ذلك، لا تنوي بانو التوقف عن الكتابة، حتى لو لم تحظ أعمالها دائما بإعجاب من تكتب عنهن أو لأجلهن. وتقول: "الكاتب دائما مؤيد للشعب".
وتتألف مجموعة بانو مشتاق من 12 قصة قصيرة، كتبت بأسلوب سردي يتميز بالحيوية والعاطفة اللاذعة، وترسم صورا عميقة لحياة نساء وفتيات يعشن في مجتمعات أبوية محافظة. وتدور القصص حول أمهات، وجدات، وأطفال أذكياء، وأزواج مهزوزين، ومشايخ ساخرين، وإخوة متسلطين، وسط واقع تحكمه قيود اجتماعية ودينية صارمة.
إعلانوجاء تتويج "سراج القلب" في وقت يشهد فيه الهند توترات متزايدة حول قضايا الحريات الفردية وحقوق الأقليات. ويعد فوز هذا العمل المكتوب بلغة محلية ومن منظور امرأة مسلمة تحديا صريحا للهامشية الثقافية السائدة في البلاد، ورسالة دعم للغات الأصلية والمهمشة.
جدير بالذكر أن بانو مشتاق تنتمي إلى الجيل الذي انخرط في حركة "باندايا ساهيتيا" (الأدب الاحتجاجي) في السبعينيات والثمانينيات في جنوب غرب الهند. وهي واحدة من النساء القلائل اللواتي برزن في هذه الحركة التي انتقدت النظام الطبقي والاجتماعي الهندوسي، وأبرزت أصوات المنبوذين (الداليت) والمسلمين.
وإلى جانب عملها محامية وناشطة نسوية، ألفت 6 مجموعات قصصية، ورواية واحدة، ومجموعة مقالات، وديوان شعر، جميعها بلغة الكانادا. كما حازت جوائز كبرى منها جائزة أكاديمية كارناتاكا ساهيتيا وجائزة دانا تشينتاماني أتيمابي.
وقد عبرت عن رؤيتها الأدبية بقولها: "قصصي تدور حول النساء، كيف يطالب الدين والمجتمع والسياسة بالطاعة العمياء منهن، وبذلك، يلحقون بهن قسوة غير إنسانية. لا أجري أبحاثا مستفيضة، قلبي هو مجال دراستي".
ومع هذا الفوز، دخلت لغة الكانادا ولأول مرة إلى المحفل الأدبي العالمي، ليصبح "سراج القلب" شهادة ثقافية وأدبية نادرة في مشهد الأدب العالمي الذي طالما هيمنت عليه أصوات المركز الثقافي الغربي.