عندما تكون الحياة عبارة عن «مِحنة»، أو مكان مظلم يشعرنا بالوحدة، فإن مشاعرنا الإنسانية، قد تبدو كـ«جُزُرٍ منعزلة»، أو «صحراء قاحلة»، ثم نكتشف بمرور الوقت أننا في الحقيقة «منعزلون» عن الواقع البائس!
ربما تكون «الوِحْدة» تجربة شخصية وقاسية جدًا للبعض.. أو حتى الكثيرين، لكن الجميع قد ينالهم نصيب منها، بشكل أو بآخر، وإن كان لكلٍّ زاويته المختلفة، وحكايته التي عايَشَها في مرحلةٍ ما، من عمره.
في كثيرٍ من الأحايين تُروى قصص عن «العُزْلة» وآثارها النفسية والصحية والاجتماعية المدمرة، بل يمكن أن تُشَكِّل مسألة حياة أو موت.. وبالطبع لا نتحدث عن «المكان»، الذي قد يكون سببًا رئيسًا للشعور بالوحدة، رغم وجودكَ محاطًا بمَن حولك!
يقينًا، الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ولا أحد يهيم عِشْقًا بـ«العُزْلة»، كأقسى مفارقات الحياة، التي تخلق إنسانًا محطمًا وهَشًّا، يسحبه تيَّارها الجارف إلى منعطفٍ آخر من السلبية، قد تُسَمِّم حياته، وتقتله ببطء.
لعل الاكتئاب والانطواء ومشتقاتهما، مرتبطة بالوِحْدة والعُزْلة، حيث يكون الإنسان وحيدًا في حَشْدٍ من الناس، أو منعزِلًا عن أبنائه وأسرته وأصدقائه، أو في عمله.. فالأمر ليس مجرد كمْ مِنْ حولِك، ولكن ما نوعية علاقاتك بهم؟
لذلك، هناك نوعان من الوِحْدة، يُعْرَفان بالعُزْلة الاجتماعية، ويفتقران إلى دعم الروابط الوثيقة من أقرب المقربين، أو التمتع باتصال اجتماعي «صحي»، بعيدًا عن الدعم العاطفي الحقيقي.. أو المتوَقَّع.
عندما ننظر لذواتنا، يبدو أننا أصبحنا «ظاهريًا» أكثر تواصلًا من أيِّ وقتٍ مضى، مع إيقاع الحياة السريع، والتطور التكنولوجي، لكننا «فعليًا» ربما نكون أكثر وِحْدَةً وعُزْلَةً، رغم أننا «لسنا وحدنا»، بالمعنى الحرفي للكلمة!
وحيث إن الاتصال أحد الاحتياجات الأساسية المهمة للإنسان، للحفاظ على الصِّلات والروابط مع الناس، لكنه بالطبع ليس بديلًا ناجعًا للتواصل الشخصي، الذي يمكنه تخفيف الاحتقان من العُزْلة والوِحْدة، مما يعرضنا لانسحاقٍ نفسيٍّ كبير، أو انزوائنا وانعزالنا، من دون أدنى إحساس بالحاجة للتواصل مع الآخرين، حتى لو كانوا ضمن أفراد الأسرة أو الأصدقاء المقربين.. باعتبارهم «غرباء»!
لعل أصعب أنواع الوِحْدة، يكون نتيجة «الاغتراب» الاجتماعي.. أو العاطفي، لتجد نفسكَ مضطرًا للتعامل مع «مقربين»، وكأنك لم تعرفهم من قبل، فتُصاب بشتى أنواع الآلام التي يصعب علاجها.
إذن، نتيجة العُزْلة والوِحْدة قاسية وأليمة، خصوصًا عندما تدفعكَ للهروب ولو على حساب نفسك، لأن الانعزال يعني ببساطة أنْ تواجهَ مخاطرَ الحياةِ منفردًا، وفقدان الأمان والثقة في كل مَن حولك!
أخيرًا.. تظل «الوِحْدة» حالة عاطفية غير «مادية»، يمكن تفاديها بالتفاعل الإيجابي مع أشخاص «حقيقيين» يقدمون لك الحب والاهتمام، ولا يتركونك وحيدًا، أو فريسة لـ«العُزْلة»، التي تحتاج إلى أكثر من قولك «يمكنني تجاوز الأمر بسهولة»!
فصل الخطاب:
مهما رأيت من الوِحْدة أو العُزْلة جحيمًا لا يُطاق، فهما أفضل كثيرًا من الأقنعة المتعددة للبشر.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود زاهر العلاقات الاجتماعية
إقرأ أيضاً:
غزة..صرخة الحياة
محمد القعود
غزة..على مدى التاريخ وعقشها يكبر لها، في القلوب والضمائر ويمتد في كل أفق وأتجاه ،جاعلا من كل نسمة هوى، نشيدا سرمديا منيرا خالدا في العشق ،متخما،المبتدى والمنتهى..٠
***
غزة..مدينة يصلى فيها على كل الشهداء ..الشيوخ والعجزة والنساء والاطفال والرضع والرجال ممن يدافعون عن جراحها الطريه والمقاومة بكل استبسال الحجر والشجر وما على الارض من نبات وحياة.
***
غزة..هي ارض السماء..تحتضن كل الشهداء..والابطال ..من المهد وحتى الشهادة..
يولد الاطفال وهم يعرفوا ان الاباء يحملوا حق البقاء الذي هو حق تقديم التضحية كي تستمر رايتهم في سماء شاهقة المجد والعلا..
***
غزة..تفح الصدور امام العارية وتصرخ بكل كرامة :نحن هنا بلااسلحة نواجة الحديد والنار والاسلحة الحديثة دون خوف او انكسار ..!!
***
غزة..تصرخ :الموت للغزاة ..للعدوان الصهيوني واعوانه الامريك والانجليز ..التعساء اللقطاء من كل حواري المدن..
*وهاهو صراخ غزة يصعف بهم:
“تقدّموا
تقدّموا
كل سماء فوقكم جهنّمُ
وكل أرض تحتكم جهنمُ
يموت منّا الطفلُ والشيخُ
ولا يستسلمُ
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلمُ
تقدموا
تقدموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهدّدوا
وشرّدوا
ويتّموا
وهدّموا
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المبرمُ.”.
*سميح القاسم.