خطيب الجامع الأزهر: فريضة الحج تعيدنا إلى نقاء الطبع وسماحة الخلق
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، فضيلة الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والدعاة، والتي دار موضوعها حول «فضل الحج».
موسم الحج رحلة سنوية للتجديد الروحيوقال «الصغير»، إن موسم الحج يمثل رحلة سنوية للتجديد الروحي، حيث يعيش الحجاج تجسيدًا عمليا لدروس هذه الفريضة السمحة، ويرسخ في نفوسهم معاني عظيمة حول الشعائر الإسلامية التي شرعت من أجل إذكاء النفس البشرية، مشيرا إلى أن هذا الغرض الحقيقي من وجود هذا العالم بأكمله وهو عبادة الله سبحانه وتعالى والامتثال لأمره «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ»، لذا ونحن نذكر بفضل هذه الشعيرة التي يقطع المسلمون الأميال لأدائها تحقيقا لأمر الله، عليهم أن لا يغفلوا أيضا عن المنح التي منحها الله لهم في الطاعات الأخرى، لأن كل يوم يمر على المسلم هو بمثابة رحلة وعليه أن يستفيد منها بما ينفعه حينما يقف بين يدي الله.
وبين خطيب الجامع الأزهر أن فريضة الحج أراد فيها المولى عز وجل أن يجمع بين العبادتين المالية والبدنية، فجعلها فريضة على من استطاع ماديا وبدنيا، أي من يملك الزاد والقدرة على الوصول إلى بيت الله الحرام، وهو ما يؤكد عِظمها وعظم أجرها، لما فيها من مشقة وبذل، ورغم ما تتطلبه هذه الرحلة العظيمة إلا أنها محببة إلى القلوب، كما أنها ليست مجرد شعائر جسدية، بل هي رحلة روحية وإيمانية عميقة، تقربنا من الله وتزكي نفوسنا، تعيدنا إلى الفطرة السليمة وتحقق فينا نقاء الطبع وسماحة الخلق، كما تخصلنا من شوائب الذنوب والمعاصي.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن العبادات هي منهج فرضه الله سبحانه وتعالى لينظم سلوك المسلم، من أجل تصحيح مسار الإنسان في الدنيا بما يضمن له السعادة الأبدية في الأخرة " اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ" لهذا يجب أن لا يقتصر المسلم على مجرد أداء العبادات وإنما عليه أن يدرك الحكمة من مشروعيتها، وهذا الفهم لا يكون إلا بمطابقة السلوك والأقوال للعبادة التي فرضها الله سبحانه وتعالى من أجل تزكية عباده وتحصينهم من الانزلاق في المعاصي.
أهمية الصلوات الخمسوأكد فضيلة الدكتور حسن الصغير، على عظمة الصلوات الخمس، مشبها كل يوم بموسم جديد تتاح فيه خمس فرص عظيمة لنيل ثواب الحج والعمرة، لأنها تنهانا عن الفحشاء والمنكر، كما ورد في قوله "فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ * ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ * وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ"، كما أن صلاة بلا عمل صالح، بلا صلة رحم، بلا علاقات طيبة، بلا تحر للحلال في المأكل والمشرب، لا تعد صلاة حقيقية، لأن الصلاة الحقيقية هي التي تثمر إيمانا راسخا وأخلاقًا كريمة، وسلوكا فاضلا في جميع جوانب الحياة.
وحذر خطيب الجامع الأزهر من مغالطة شائعة، مفادها أن الحج والعمرة يمحيان الذنوب مهما كانت، وهذا أمر غير صحيح، بل إن قبول الحج والعمرة مشروط بأداء الواجبات الشرعية مع عدم التهاون في حق الله سبحانه وتعالى وحق العباد، إضافة إلى الكسب الحلال والعمل الصالح، وقد ربط الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بين طِيب المطعم وقبول الأعمال، لذا ينبغي على المسلم إن كان يريد قبول أعماله أن يحرص على طيب مطعمه، ومن عظم هدى الشرع الحكيم أنه نبهنا إلى قضية هامة أننا سنسأل عن كل شيء يوم قيامة "لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعِ خِصالٍ: عن عمرِه فيما أفناه، وعن مالِه من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن عِلمِه ماذا عمِل فيه" لذا فعلينا أن نستعد للإجابة بين يدي الله سبحانه وتعالى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: موسم الحج أكاديمية الأزهر العالمية الجامع الأزهر الأزهر الشريف خطیب الجامع الأزهر الله سبحانه وتعالى
إقرأ أيضاً:
الأزهر: استحضار الأحزان مرهق للنفس فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله
حذر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عبر صفحته الرسمية على “فيس بوك”، من التفكير فيما مضى واستحضار ما يجدد الأحزان لأنه شاق على النفس البشرية ويجعل الإنسان فى صراع داخلي.
وقال الأزهر للفتوى: “إن إرهاق النفس بالتفكير فيما مضى، واستحضار ما يجدد الأحزان، أمر شاق على النفس، قد يبعد الإنسان عن هدفه، أو يدخله في حالة صراع مع نفسه”.
واستدل بما جاء عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضّعِيفِ، وَفِي كُلِّ خَيْرُ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَز..». أخرجه مسلم.
وعلاج الضيق والهم بالقرآن من الأمور التي كشف عنها إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، وزير الأوقاف الأسبق، خلال خواطره الإيمانية حول كتاب الله تبارك وتعالى، حيث يقول: “يجب على المسلم حين يقرأ القرآن الكريم أن يتصور أنه يسمع الله يتكلم، ويلغى المتكلم الواسطة”.
ولفت “الشعراوي” في حديث له إلى أن هناك 4 أسرار في القرآن قد استنبطها الإمام جعفر الصادق، تزيل ما يعترى النفس الإنسانية من أشياء قد تفسد عليها حياتها وتكدر عليها صفاءها، منها لمن يريد الدنيا وزينتها، ومن يشعر بالغم، ولمن يخاف، ولمن مُكر به.
وأشار إلى أن الإمام الصادق قال في وصفه علاجا لمن يخاف: عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قول الله تعالى “حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ” والشاهد فى هذا قوله فيما بعد إنني سمعت الله عقبها يقول “فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ”، مشدداً : "انظروا إلى شدة صفاء الإمام جعفر فى استقبال كلام ربه حينما قال" فإني سمعت الله عقبها يقول" كأن الله يتكلم مع أنه كان يسمع من قارئ أو يقرأ هو، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن".
ونوه الشعراوي إلى أنه بذلك قد أعطى سيدنا جعفر وصفة للخوف الذى يعترى الإنسان، لأن كل ما يخيفك دون قوة الله، وما دام كل ما يخيفك دون قوة الله فأنت قولت حسبنا الله ونعم الوكيل فى مواجهة ما يخيفنى، موضحاً أن الخوف هو قلق النفس من شيء تعرف مصدره.
وفي وصفة لعلاج من يشعر بالغم، قال الإمام جعفر الصادق: وعجبت لمن اغتم ولم يفزع إلى قول الله سبحانه وتعالى"لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" فإنى سمعت الله بعقبها يقول “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ” وتلك ليست خصوصية له بل “وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ”، موضحا أن الغم كآبة النفس من أمر قد لا تعرف مصدره فهو عملية معقدة نفسية.
ولمن مكر به، قال الإمام جعفر الصادق: "وعجبت لمن مكر به -أي كاد الناس له، والإنسان لا يقوى على مواجهة كيد الناس وائتمارهم فيفزع إلى رب الناس- ولم يفزع إلى قول الله تعالى “وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ”، فإنى سمعت الله بعقبها يقول “فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا”.
وفي وصفة لمن يريد الدنيا وزينتها، قال الإمام جعفر الصادق: وعجبت لمن طلب الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قول الله “مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه”، فإني سمعت الله بعقبها يقول “إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ”.
وشدد وزير الأوقاف الأسبق، على أن هذه وصفات أربعة لما يعترى النفس الإنسانية من أشياء قد تفسد عليها حياتها وتكدر عليها صفاءها.