يالطيف، لاشيء يثبت لنا ان الغيب وعالم الروح ومالايمكن لمسه ورؤيته وتحديد ملامحه من مشاعر، هي شريكة كاملة لكل ماهو مادي في حياتنا واجسادنا، كالصحة والمرض.

تتشارك مع الماء والهواء والغذاء تقاسم اعمارنا وتتحرك في شرايين واوردة الجسد، تتقاسمه بيتا وموئلا، تؤثر فيه المشاعر كما تفعل مائدة او رصاصة، ففي لحظة "شعور" عند منتصف ليل اربعاء، احسست اثرها بوخزة في القلب، احسستها كما احس بشرغ او عضى او ماكان من أثر، وبعد 6 ساعات كنت بين يدي طبيبة محترمة في مستشفى خليج عدن، منعتني من كل حركة وبدأت رحلة "عربيات" النقل والاسعاف، كانت قررت نقلي مباشرة الى المستشفى الالماني لولا دكتور اخر "غير محترم"، قال لها وانا ممسك بقلبي امامه: لاتحرمينا من الحالة، ساعتين ثلاث وسجل مستحقاته على الفاتوره ثم انتقلت الى مستشفى اخر، ثاني وثالث.

الحمدلله، نجوت من جلطتين متتابعتين في الشريان التاجي.. ولازلت قيد الملاحظة ممنوع من الانفعالات، ولم يكن لذلك من سبيل سوى القطيعة التامة عن الاتصال والتواصل، حتى انجز ثالث قسطرة لاعادة فتح ماتبقى من اثار ماحدث على شراين القلب، ولا يزال للحديث بقية..

ممتن لكل من مد روحي بطاقته المحبة، وسؤاله واهتمامه. واسأله المعذرة لعدم الرد والتواصل.

وكل سؤال هو روح داعمه، فارواحنا تستقوي ببعضها متجاوزة كل وحشة سببتها الاخطاء والصراعات والاطماع وغشاش الرؤى، وماهو حق او باطل من كل ذلك.

انا اليوم أحسن بكثير، غير ان الحوار لايزال حادا بين مشاعري وانفعالاتي وشرايين قلبي، حتى استكمل الدعامات.

قضى الدكتور وليد عمار، أربع ساعات ونصف يعالج اثار ذلك في محيط "قلبي"، ومنعت عناية الله وأقداره الانتقال لعملية قلب مفتوح في اخر نصف ساعه.

كان طبيبا رحيما متفهما وصبورا، قال لي: نجاتك معجزة، وسرعة تعافيك معجزة أخرى.

وسط مساعدين وممرضين اكفاء لكن هذه الكفاءة العلمية توجع كل شيء في جسد المريض.

لم يبقى وريدا في جسدي الا وبحثوا عنه، وعلموا عليه هالة داكنة، ومع ان هناك من يعمل ادواته في محيط قلبي، لكن كان هناك وجع يشتت بعضه بأيدي الفريق الطبي، وهو "يشكشك" غرزه في الايدي والاقدام وصولا الى الرقبة، ولاول مرة اعرف انه يمكن ان تغرز "كانيولة" بل اثنتين في "الرقبة"، وأساله تعالى ان لاتتكرر لي، وان يمد كل مريض موجوع بالطاقة والقوة كي يعين جسده على التحمل والاحتساب.

خطرت لي كل حوارات الاديان عن الحياة والموت، لم اشعر بالرهبة ولا بالقلق ولا فزعت اطلاقا مما قد يفعله المرض، انا قلق من الحياة التي نتصارع معها كل يوم حول أصولنا الروحية والعقلية ولاتدري نفس ماذا تكسب غدا ولا بأي حال ستتركها هذه الدنيا حين تتركها، أما الموت فهو عودة عظيمة الى "الاصول"، أو هكذا نراه جميعا، فكل معتقدات البشر تعيد اجساد موتاها للتراب.

والله وحده يعلم، اين ارواح وعقول احبائنا الذين سبقونا.. وكل مفقود حبيب لحي هنا او هناك، كان سيئا او كان صالحا.

بالموت لسنا سوى "أحياء" نحمل بعضا من روح الله، الواحد الاحد، لافضل لدعي بالدين او باللون او النسب او القدرة المادية، ولا انتقاص من مشرد محروم.

كلنا "بعض من روح الله".

وماتعجز الحياة عن تنبيهنا له او ماتورطنا به اصلا، من استعلاء على بعضنا، يحول التنوع والتعدد الالهي المدهش الى مشرط يقطع اتصالنا الجمعي بروح الله الواحد الاحد.

وهو جرح موجع للبشرية بل لكل ذي كبد رطب، اذ يفصلنا عن هذه الواحدية العظيمة ويعيد تقسيمنا وفقا لاوهام او ظروف، او بسبب اعتلال عقلي او انهيار اخلاقي.

حتى يعيدنا اليه الموت قسرا، "ذق انك انت العزيز الكريم".

فكلنا لادم وادم من تراب، كل واحد منا هو ادم وكل الحياة هي حواء وكلنا امام طريقين، اما ادراك للواحدية وصونها بالتوحيد، واما ضلال مبين يشرد الروح ويفتح ابواب الظلم والجبروت ويغرق في التفرد والفرعنة.

وكل ماناله الواحد منا من امتيازات في الحياة هي اختبار بين يدي الموت، وقد خاب من حمل ظلما.

ووحده الشرك، لايغفره الله، ويغفر مادون ذلك لمن يشاء، واخطر الشرك هو الاستعلاء وتحقير روح الله وقد تمثلت بشرا سويا، بالاف وملايين المبررات، كلها طرق للشيطان، واسوأها التي تدعي انها مفضلة دون كسب واختبار بل قبل أن تخلق، هكذا بسبب عرق او عائلة او سلاله او قدرة.

من يعجز عن ادراك ذلك، يوقفه الموت عند حده، ايا كان معنى ايمانه، واسم الهته ووصف معتقده ومايملكه من ادعاءات وامكانات.

الموت لا يترك لها كلها قيمة، بل هو عكس الحياة يحاسبك عليها كلها، ويقطعك عنها كلها الا ماكانت "عملا متقبلا"..

سرحت بعيدا، وجمعت مافي جراب الحاوي، كانما سرير المرض لم يفتح شرايين القلب وحدها بل جر معها شرايين القلم، هذا الرفيق الذي يهبه الله لخلقه حقا، فمنهم سابق بالخيرات ومنا مقتصد وبعضنا ظالم لنفسه، وعند الله وحده الخبر اليقين.

اسعد الله صباحكم

ورزقكم السلامة وايدكم بالاحتساب

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: روح الله

إقرأ أيضاً:

برلماني: مصر تقوم بدور إنساني نبيل من أجل إنهاء الحرب على قطاع غزة

أكد المهندس أحمد صبور، عضو مجلس الشيوخ، أن الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل التهدئة في قطاع غزة ووقف نزيف الدم، تكشف عن دور إنساني نبيل تتحمله مصر بوعي ومسؤولية، في وقت تراجعت فيه كثير من القوى الدولية عن القيام بأدوارها المنوطة بها، مشيرا  إلى أن ما تقوم به مصر هو معركة إنسانية تخوضها الدولة بكافة مؤسساتها، بداية من القيادة السياسية، مرورا بوزارة الخارجية، وحتى الأجهزة السيادية، بهدف حماية المدنيين وتخفيف الكارثة التي يعيشها أكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة، في ظل دمار شامل ونقص حاد في الغذاء والدواء والماء.

تسهيل دخول المساعدات إلى القطاع

وأوضح "صبور"،  أن الجهود المصرية في تسهيل دخول المساعدات إلى القطاع عبر معبر رفح منذ بداية الحرب، رغم التحديات الأمنية والمعوقات اللوجستية التي تفرضها سلطات الاحتلال، تؤكد أن القاهرة تتحرك من موقع أخلاقي وتاريخي، ولا تتوانى عن القيام بدورها، مهما كانت الضغوط، لافتا  إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان واضحا في جميع تصريحاته بأن مصر لن تقبل المساس بالقضية الفلسطينية أو القبول بأي حلول تفرض من خارج الإرادة الفلسطينية، مشيرا إلى أن مصر تتعامل مع الأزمة من منظور استراتيجي بعيد المدى، يرفض التهجير أو فرض الأمر الواقع بالقوة.

وزير الزراعة يوجه بصرف 25 ألف جنيه للمهندس المعتد.ى عليه في سوهاجصندوق مكافحة الإدمان يطلق حملات توعية في حدائق ومناطق "بديلة العشوائيات"

وأضاف عضو مجلس الشيوخ،  أن الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية المصرية في المحافل الدولية لتسليط الضوء على الانتهاكات المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين، تمثل ضغطا سياسيا مهما على المجتمع الدولي، خاصة مع تزايد الأصوات المنددة بالصمت الغربي، ما يؤكد أهمية الموقف المصري المتوازن الذي لا يساوم على المبادئ، داعيا إلى ضرورة وجود تحرك دولي عاجل لدعم المبادرات المصرية لوقف إطلاق النار، والعمل على تأمين ممرات إنسانية دائمة، وضمان تدفق المساعدات دون عراقيل، مشددا على أن التغاضي عن هذه المطالب يمثل تواطؤ غير مباشر مع الجرائم التي تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم.

مصر ستظل الدرع العربي

وشدد النائب أحمد صبور،  على أن مصر ستظل الدرع العربي المدافع عن حقوق الأشقاء، وأن دورها الإنساني في غزة سيظل علامة فارقة في سجل الشرف العربي، مشيرا إلى أن نجاح التحركات المصرية سيُسجل تاريخيا كموقف مشرف وسط عالم متخاذل، مؤكدا أن مفتاح الاستقرار بالشرق الأوسط هو تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

طباعة شارك غزة البرلمان النواب مجلس النواب اخبار البرلمان

مقالات مشابهة

  • أفضل استثمار في الحياة بلا منازع
  • رأي.. عمر حرقوص يكتب: القوة الأممية في لبنان بين اعتداءات الأهالي والرفض الإسرائيلي
  • بعد إحالته للمفتي.. الحكم على المتهم باغتيال اللواء نبيل فراج غدًا
  • صاحبة السعادة لـ تامر عاشور: نكدت على الناس كلها ورحت أتجوزت
  • لم أعد أحب نفسي ولا أحب الحياة أيضا
  • المهندس عبدالحكيم محمود الهندي يكتب : في يوم الاستقلال .. رسالة أردنية عنوانها “الإصرار
  • برلماني: مصر تقوم بدور إنساني نبيل من أجل إنهاء الحرب على قطاع غزة
  • نهى نبيل تستعرض مهارات ابنتها دانة في تصفيف الشعر.. فيديو
  • الطاهر ساتي يكتب .. هلوسات الصيّاد
  • مدير عام وزارة الصحة بغزة: اقتربنا من الموت الجماعي